الاثنين، 28 سبتمبر 2015

مواسم الكتابــة عن الإخــوان ..



من يجد في نفسه القدرة على الفعل 
فليتقــدم الصفــوف 
لا نجاح لهذه الثورة مع استمرار فكر الإقصاء والاستبعاد والدعوة للتراجع ولا يطــالب غيره بالتراجـــع، 



بين الحين والآخر تتسارع موجات الكتابة عن "الإخوان المسلمين"، صعوداً وهبوطاً، إما تحليلاً أو تقييماً أو نقداً أو تجريماً أو مرضاً في بعض الأحيان.
ويتصدي للكتابة في كثير من الأحيان إما متخصصون في شؤون الحركات الإسلامية، وبالتالي يتحدثون من واقع خبرة علمية وفكرية تؤهلهم لذلك، ولذا تأتي كتاباتهم متمايزة، وشديدة التأثير ومحلاً للاهتمام والتقدير.
وفي أحيان ثانية، يتصدي للكتابة ناشطون سياسيون، يغلبهم هواهم السياسي وتحيزاتهم المسبقة، فتأتي الكتابة مغلفة بالانتماءات والصور الذهنية المسبقة. وفي أحيان ثالثة، يتصدي للكتابة، مغمورن يعتقدون أن مجرد الكتابة عن الإخوان، سلباً أو إيجاباً، ستكون سبيلاً للشهرة والانتشار. وفي أحيان رابعة، يتصدى للكتابة، مدفعون من آخرين، سواء كان الدفع من جهات أمنية أو مخابراتية أو سياسية، فلا تستشعر لما يكتبون قيمة، لأنهم يمكن أن يكتبون الشيء ونقيضه، والأمر وعكسه إذا تغير الطالب، وفي هذه الحالة يصدق القول "بئس الطالب والمطلوب".
وأياً كانت هوية من يكتبون، فإن هذا لا يعني أن هذه الكتابات فارغة المضمون، بل على العكس تماماً هو ما يجب أن يكون، من المتابع والمحلل الحريص على التدقيق، لأن لكل كلمة تُكتب أو مقالة رأي تُنشر أهميتها، وتتزايد هذه الأهمية بقيمة من كتب من ناحية، والموقع الذي نشر فيه ما كتب من ناحية ثانية، ومضمون وجودة ما كتب من ناحية ثالثة.
ومن هنا تأتي أهمية الوقوف على بعض الكتابات وتحليلها لاستخلاص الدروس منها، والوقوف على أبعادها ودلالاتها، وارتباط هذه الأبعاد وتلك الدلالات بتوقيت نشر هذه الكتابات.
الدعــوة للتراجــع
ففي إطار نقد (وليس تقييم) الممارسات الإخوانية خلال السنوات الأربع التي تلت ثورة 25 يناير بصفة عامة، والفترة التي تلت الانقلاب العسكري بصفة خاصة، تعددت المطالبات للإخوان بالتراجع والسماح لغيرهم بتصدر المشهد، والتخلي عن مقعد القيادة، والتخلي عن فكرة أنهم الأكبر حجماً والأكثر انتشاراً والأعلي تأثيراً والأكثر بالقدرات البشرية والمادية؛ ولكن في نفس الوقت الذي تتم فيه المطالبة بالتراجع تتم مطالبة الإخوان بأن يكون الرافعة التي يصعد عليها الجميع، ممن يفتقدون لما يمتلكه الإخوان.
يتصور البعض أن من سيصعدون على رافعة الإخوان هم الأمهر سياسياً والأذكي إعلامياً والأنشط حقوقياً والأكفأ اقتصادياً والأجدر دبلوماسياً، ولكنهم يحتاجون الإخوان ليكونوا أقرب للعضلات، ولما لا والإخوان، في منظور هؤلاء لايملكون شيئاً من هذا، ويجب أن يكونوا العضلات وغيرهم العقل، بل إن البعض تجاوز وطالب الإخوان أن يكونوا هم الحشود والرعاع والعبيد التي تضحي بالدماء والأرواح حتي يصعد السادة الجدد، تحت مسميات براقة يتم التسويق لها، من قبيل "تجديد الدماء"، "تجديد القيادة"، "الاصطفاف الثوري".
ولكن هنا يثار السؤال المهم: إذا كان غير الإخوان هم الأمهر سياسياً والأذكي إعلامياً والأنشط حقوقياً والأكفأ اقتصادياً والأجدر دبلوماسياً.. لماذا لم يتقدموا لحمل راية الثورة؟ ماذا حققوا بهذه القدرات الفذة خلال السنوات الماضية؟ لماذا لم يصطفوا ويتحركوا بعيداً عن الإخوان إذا كانوا بهذا القدرات، وإذا كان الإخوان في تصوراتهم الذهنية بهذا السوء في كل شيء في القيادة والتنظيم والممارسة، لماذا الإصرار على الاعتماد عليهم والاصطفاف معهم؟
تحفظــات على بعض القيـــادات
ابتداءً أُقر مع كثيرين بأن هناك العديد من التحفظات على بعض قيادات الإخوان، وعلى بعض إدارتهم للمشهد منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، وعلى الكثير من الممارسات التي قاموا بها والتي انعكست بالفعل سلبياً على تطورات المشهد.
ولن أقول أن التحفظات على غيرهم أكبر، ولكن دائما أقول أنهم يتحملون العبء الأكبر، لأنهم الفصيل الأكبر، وكان عليهم الرهان الأكبر، ولكن السؤال: هل كان أى تيار سياسي في مصر بما فيهم الإخوان يملك القدرة على وقف ما تعرضت له الثورة المصرية من قوى الثورة المضادة الداخلية والإقليمية والدولية؟ هل كان هناك من يملك القدرة على حماية الثورة من عصابة العسكر ومن يقف خلفها في الداخل والخارج؟ هل هناك من القوى التي تم وصفها بالثورية، من لم يتم العبث به من جانب الأذرع الأمنية والمخابراتية والإعلامية والسياسية والدينية الداعمة للعصابة العسكرية؟
لا مجال الآن لتوجيه النقد واللوم والتجريح والتقزيم والبكاء على اللبن المسكوب والرثاء على أطلال ما فات، والنواح على مظلوميات ماضية أو حاضرة، ليس بيننا أنبياء، وليس بيننا قديسون، بل العكس هو الصحيح، فكثيرون بيننا انتهازيون، حاقدون، مُغيبون، فاسدون، للعصابة داعمون، بإرادتهم أو بغير إرادتهم، عن قصد أو عن غير قصد، وفي كل الحالات هم سيئون، لأن من يدعم مجرم، بأى شكل، هو شريك له في جريمته.
والأسوأ من هؤلاء جميعاً من يدرك قيمة الإخوان، وأهمية الحفاظ عليهم، ولكنه يعمل على تفتيتهم من الداخل، وتضخيم خلافاتهم، ومحاولة توسيع الفجوة بين تياراتهم الداخلية، والمناداة بتعدد الكيانات والتنظيمات والمؤسسات السياسية المتنافسة داخل الصف الإخواني.
وهؤلاء الدعاة الجدد لما يسمي بتطوير الإخوان، ينقسمون بين عدة تيارات أو فصائل:
أولـهـــا: حسنوا النية الذين يتمنون حُسن إدارة الاختلاف داخل الجماعة، وأن التعددية يمكن أن تكون سبيلاً للتطوير والتفعيل وزيادة الكفاءة والمرونة في التعاطي مع الأحداث الراهنة وما تفرضه من تحديات.
ثانيهــــا: سيئوا النية: الذين يرددون كلمات حق عن التطوير والتفعيل؛ ولكنهم يريدون بها باطل، وهو التفتيت والتقسيم وشرذمة الجماعة، وتدمير التنظيم حتى لا يكون لدى الإخوان، كفصيل سياسي، ما يتباهون به عن الفصائل الأخرى التي لا تمتلك ما يمتلكه الإخوان.
ثالثهــا: المُضَللون: الذين يركبون الموجة الصاعدة من الهجوم على الإخوان دون وعي أو إدراك لحقيقة الصراع، ومن يقف خلفه، ومن يديره، ولا يدركون حقيقة القضية ليس فقط في مصر ولكن في المنطقة العربية والعالم الإسلامي.
محاولات اخوانية لتوحيد الصف
ولهؤلاء وهؤلاء أقول، لقد كنت شاهدا بشكل شخصي ومباشر على عشرات المحاولات التي قام بها الإخوان لتوحيد الصف بين القوى الثورية خلال العامين الماضيين بعد الانقلاب العسكري، وكنت شاهداً على عشرات التنازلات التي قدموها ليتقدم الكثيرون، وكنت شاهداً على عشرات المحاولات الابتزازية التي قام بها المتلحفون بالثورية في مواجهة الإخوان، وكنت شاهداً على عشرات الجهود الفكرية والعلمية والعملية التي قام بها الإخوان من أجل مراجعة جذرية للقيادة والتنظيم والممارسة وإعادة تقييم المواقف من الجميع، داخل مصر وخارجها، وكنت شاهداً على مدى حرص الإخوان على حقن دماء كل المصريين، وعلى قدرات وثروات هذا الوطن، يقيناً منهم أن عصابة العسكر لا محالة زائلة، وستكون مصر في حاجة إلى كل أبنائها لإعادة بنائها. وستكون مصر في حاجة إلى كل قدراتها وثرواتها حتى لا يعبث أحد بإرادتها وعزتها وكرامتها، حاضراً أو مستقبلاً.
البعض يستهل الهجوم دون وعي أو دون معرفة .. البعض يستسهل التحليل دون معلومات .. البعض يستسهل التشخيص دون تقديم العلاج .. البعض يغالي في التنظير والتحليل دون تقديم رؤى عملية قابلة للتنفيذ، وكل هذا مقبول لأن هناك فروقا طبيعية بين الجميع في المهارات والقدرات والإمكانات سواء الفكرية أو العملية.
ولكن مع إدراكنا لطبيعة هذه الفروق البشرية، فإن ما يجب أن يُفكر فيه الجميع الآن، هو ماذا بعد؟ ما هو الطريق نحو المستقبل؟ كيف نتجاوز كل ما سبق؟ كيف نتخطي كل هذه التحديات والتمايزات دون إقصاء أو تشويه أو تهميش لأي فصيل وطني حقيقي، وليس من يتاجرون بقضايا الوطن وآلامه وآماله؟
لن أقف عند طرح التساؤلات، وفقط؛ ولكن أقول أن هناك عشرات الأوراق والدراسات والتقديرات والتحليلات التي قام عليها باحثون متخصصون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والاجتماعية والإعلامية، لحاضر مصر ومستقبلها، فقط تنتظر من يتبناها وينتقل بها من مجال الفكر إلى مجال الحركة.
فمن يجد في نفسه القدرة على الفعل فليتقدم الصفوف .. ولا يطالب غيره بالتراجع، لأنه لا نجاح لهذه الثورة مع استمرار فكر الإقصاء والاستبعاد والدعوة للتراجع، وانتظار البعض من يجهزون له كرسي القيادة والزعامة والسيادة، ويكتفون بدور العبيد، سواء كانوا عبيداً للحقل أو عبيداً للمنزل، المهم أن يبقوا عبيداً لأن هناك من الأمهر سياسياً والأذكي إعلامياً والأنشط حقوقياً والأكفأ اقتصادياً والأجدر دبلوماسياً.. لأن هناك من يعتقدون أنهم خلقوا للقيادة والقيادة فقط وعلى العبيد التراجع

●●●●



●●●●●●●●
المتحدث الرسمي للمجلس الثوري المصري
 يحدد موقف المجلس من دعوات تستهدف "إجهاض الثورة"





ليست هناك تعليقات: