الجمعة، 25 سبتمبر 2015

قصة حاج تغرب 20 عاماً عن زوجته.. لتستشهد أمام عينيه


... الوداع الأخير ...
زوجتي رحلت ولم تنهِ مراسم الحج 
زوجتي رحلت أمام عيني، ولم ترَ أولادها الثلاثة.
"هذا ليس حجي الأول، لكنه سيكون الأخير



يتوسد الحاج البنغلاديشي محمد بلال «جداراً أبيض» في مستشفى منى الجسر، وإحرامه الأبيض يلتف حوله يواسيه في حجم الألم الذي يتضح من عيونه الغارقة بالحزن والدموع التي لا تتوقف. ينظر في عيون المارة، يخاطب أبناء جلدته ويتساءل، هل رأيتم زوجتي؟ أنا لا أراها، أنا أبحث عنها في كل مكان، لقد وعدتني أنها ستكون معي في كل لحظاتي، أرجوكم ابحثوا عنها، أريد أن أراها، لكن صديقه عبدالعليم، يطبطب على كتفيه، يحتضنه، يبكيان معاً، يخاطبه بآيات قرآنية تدل على الصبر وحسن العاقبة حتى يستعيد أنفاسه مجدداً ويبدأ بالهدوء، لكنه يواصل البكاء.
فيما يبدأ بالحديث مع من حوله، زوجتي رحلت ولم تنهِ مراسم الحج، زوجتي رحلت أمام عيني، ولم ترَ أولادها الثلاثة.
يعمل بلال في السعودية منذ أكثر من ربع قرن، في محل للملابس في الظهران الجنوب جنوبي السعودية، يقول: «إنه طوال ٢٠ عاماً عمل لتستطيع زوجته أن تقوم بأداء مناسك الحج هذا العام، وأضاف: «إن زوجتي كانت بحالة إيمانية لا توصف، كانت سعيدة جداً على أداء المناسك، ودعت أولادها الثلاثة وأودعنهم لدى عائلتنا في بنغلاديش، كان عناقها الأخير معهم، وكأنها تعلم أن هذه الرحلة ستكون ذهاباً فقط من دون عودة».
يقول محمد: «إن الحادثة وقعت في الساعة السابعة ونصف صباحاً، عندما انتهيت أنا وزوجتي من رمي الجمرات وكنا متهجين للخروج من منطقة المشاعر، لكننا دخلنا شارع ٢٠٤، فتفاجأنا بوجود أفواج متضادة في الشارع ذاته، حاولنا الهرب إلا أن التدافع كان عنيفاً جداً، سقطت وسقطت معها، وسقط فوقنا العديد من الحجاج المتدافعين، استطعت القيام مرهقاً نتيجة الحروق التي أصابتني من درجة حرارة الأرض، وقمت بالصراخ أنقذوا زوجتي، زوجتي تموت، إلا أن الجميع كان مشغولاً بنفسه، حاولت انتشالها، من فوق الجثث والأجساد التي اعتلتها، لكني لم أستطع إلا بعد فوات الأوان»، موضحاً أنه شاهد زوجته تتلو الشاهدتين وسبابتها اليمنى وعيناها شاخصتان نحو السماء، وفارقت الحياة. 
وقال بلال: «إن ما يضمد ألم الفراق وصعوبة هذا الموقف أن زوجتي ستدفن في أطهر البقاع، وستلقى ربها وهي شهيدة توفيت بإحرامها شاخصة إليه وراغبة في رضاه».
وعند سؤاله عن وضعه الصحي، قال بلال: «لقد تعرضت إلى حروق كبيرة في جسدي في يدي ورجلي، وكذلك في ظهري ووجهي، نتيجة حرارة الأرض، وتم نقلي إلى مستشفى الجسر وحصلت على العلاج الموقت، لكنني هنا بانتظار أن أرى زوجتي وأودعها الوداع الأخير».

في الجارديان: 
"هذا ليس حجي الأول، لكنه سيكون الأخير"


تناولت جميع الصحف البريطانية الصادرة صباح الجمعة كارثة التدافع في مكة التي أودت بحياة المئات، إلى جانب الشأن السوري واليمني والإرهاب، من بين القضايا الشرق أوسطية.
ففي صحيفة الغارديان يكتب إيان بلاك محرر شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة مقالا بعنوان "هذا ليس حجي الأول لكنه سيكون الأخير".
يستهل الكاتب مقاله بالقول إن ما حدث في مكة يطرح اسئلة جدية حول مسألة التنظيم وسلامة الحجاج ومدى أهلية السلطات السعودية لضمانهما.
ومع مشاركة مليوني حاج سنويا في أداء شعائر الحج لم يكن غريبا أن يكون الاكتظاظ أحد أسباب ما حدث بالأمس.
كان أثر الحادث مضاعفا لأنه تلا حادثا آخر وقع قبل أيام، حيث سقطت رافعة وأودت بحياة أكثر من مئة شخص.
الاكتظاظ، وازدهار أعمال البناء وضعف التنظيم والاستجابة لأوضاع الطوارئ، كلها ساهمت في حادث الأمس.
وذكر بعض المراقبين أيضا غياب الوعي المدني وثقافة المحاسبة.
ويقول عالم الأديان إيان ريدر إن الحج من الشعائر القديمة، وكان كثير من الحجاج يفقدون حياتهم نتيجة الأمراض وقطاع الطرق والإجهاد، وما زالت حياة الحجاج مهددة في الوقت الراهن لأسباب أخرى.
وشهدت أعداد الحجاج الذين يتوجهون إلى مكة ارتفاعا مفاجئا منذ ارتفاع أسعار النفط عام 1973، وقد سجلت السعودية 85584 شخصا أدوا مناسك الحج عام 1920، بينما بلغ هذا العدد 1.7 مليون عام 2012.
ومن المخاطر التي تواجه الحجاج في الوقت الراهن الإرهاب والتدافع في الأنفاق والممرات المؤدية إلى جسر الجمرات حيث يقوم الحجاج برمي الجمرات، بالإضافة إلى مخاطر ارتفاع درجة الحرارة والأمراض.




ليست هناك تعليقات: