السبت، 8 أغسطس 2015

على خطي القذافي .. السيسي يستنسخ مأساة «نهر ليبيا العظيم» فيديو.



"النهر الصناعي العظيم في ليبيا.تفريعة قناة السويس في مصر" 
مشروعان يكشفان أوجه التشابه بين معمر القذافي و السيسي،
.الترويج لمشروعات عملاقة لا جدوى اقتصادية من ورائها.



ففي حين أقام السيسي في مصر حفلا ضخما بمناسبة افتتاح تفريعة جديدة لقناة السويس تبلغ مساحتها 35 كم وبتكلفة 8 مليارات دولار، وأحاط الافتتاح بحملة إعلامية ضخمة ووعود براقة، بمساهمة المشروع بتوفير مليون فرصة عمل للشباب، وإحداث نقلة هائلة بالاقتصاد المصري، سبقه "القذافي" في بداية الثمانينات بالإعلان عن مشروع ضخم عرف باسم "النهر الصناعي العظيم" بتكلفة ضخمة، وأقام له احتفالية ضخمة لافتتاحه في بداية التسعينات بمشاركة فرق موسيقية مصرية.
 *النهر الصناعي العظيم في عام 1983، 
وبموجب القانون رقم (11) الصادر عن مؤتمر الشعب العام بتاريخ 3/10/1983، أُنشئ جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي العظيم، والذي انبثقت منه اللجنة الفنية لإعداد واستغلال مياه النهر الصناعي العظيم للمرحلة الأولى والمرحلة الثانية، بهدف الاستفادة من المخزون الجوفي الهائل الموجود بمكامن المياه بقلب الصحراء، من خلال أكبر منظومة لنقل المياه من الصحراء إلى المناطق الساحلية الخصبة عبر أنابيب ضخمة مدفونة بباطن الأرض، لتشكل بذلك أضخم شبكة ري صناعية في العالم عرفها الإنسان، وأكبر مشروع هندسي مدني في وقتنا الحاضر. ووفقا للموقع الرسمي للمشروع– حينها– فإن فوائد وعائدات المشروع تتمثل في تمكن الشعب الليبيي من تحقيق الإكتفاء الذاتي في عدد كبير من السلع الزراعية الاستراتيجية الهامة، والتي تستورد أكثر من (50%) منها في الوقت الحاضر، وتصدير الفائض من الإنتاج من المحاصيل الأخرى. واعتمد تمويل المشروع على الخزينة العامة مباشرة، وأصدر القذافي أوامره بالإنفاق بسخاء على هذا المشروع، ففي حين كانت اعتمادات وميزانيات التعليم والصحة والضمان تتأخر، كانت اعتمادات النهر الصناعي مفتوحة ومرنة دائما، ولكن زيادة في الإيلام ولكي يشعر الليبيون بأنـهم يحفرون قبورهم وقبور أبنائهم بأيديهم، أمر القذافي بفرض ضرائب ورسوم متعددة على الخدمات العامة، مثل استخراج جوازات السفر والتذاكر وبعض السلع وغيرها من الخدمات، تصرف عائداتـها لصالح النهر الصناعي.
 وبلغت الميزانية التقديرية الإجمالية للمشروع حوالي سبعة وعشرين بليون دولار، أما الميزانية التقديرية للمرحلة الأولى والثانية فقد بلغت خمسة 10 بلايين دولار، أما الميزانية الحقيقية فلم يعلن عنها أبدا، وكان من المفروض أن يتم الإعلان عنها عند انعقاد مؤتمر الشعب العام السنوي، وأن تكون في متناول المؤتمرات الشعبية الصغيرة، ليطلع الشعب عليها ويقرر ما يكون بشأنـها حسب نظرية الحل النهائي لمشكلة الديمقراطية في الكتاب الأخضر، وفي تقدير المراقبين فإنـها تجاوزت الميزانية التقديرية كثيرا؛ نظرا للتدخلات وللتغييرات المستمرة التي يأمر القذافي بإجرائها كلما تفقد المشروع، وللصعوبات التي واجهت التنفيذ، ولعمليات الاختلاس الرهيبة التي تمت في هذه الأثناء.


* الأذرع الإعـــلامية 
 وكتبت جريدة الفجر الجديد (الرسمية) في عددها الصادر بتاريخ 13/9/1983م بالخط العريض أن "قائد الثورة يطرح الخطوط الأساسية لمشروع النهر الصناعي العظيم"، وأن "المشروع سيمكن من نقل خمسة ملايين متر مكعب من المياه الجوفية وري 185 ألف هكتار وتربية مليوني رأس من الغنم وربع مليون رأس أبقار، وإنتاج 750 ألف طن حبوب، وإقامة 37 ألف مزرعة"، وأن مؤتمر الشعب العام قد عقد جلسة طارئة لمناقشة المشروع، وكالعادة فقد انتهت الجلسة الطارئة بالإجماع التام على المشروع، ووصف الأمين العام للمؤتمر المشروع بأنه حضاري.
 وبدأت أبواق النظام منذ ذلك التاريخ- عاما بعد عام- تنفخ فيه بوصفه أنه إنجاز عظيم لصالح الشعب العظيم من تفكير وإلهام القائد العظيم، وأن الصحراء ظلت قرونا طويلة بدون ماء، فلما جاء القائد الملهم استخرج لها الماء بفضل الفكر الثوري، وأنه الأعجوبة الثامنة والحل النهائي لمشكلة المياه في ليبيا، كما هو الحل النهائي لمشكلة الديمقراطية، وأن طول الأنابيب المستخدمة فيه تدور على الأرض مائة وستا وعشرين مرة، وأن الشعب الليبي لن يحتاج للمطر في المستقبل، وتم الاستهزاء بصلاة الاستسقاء، إضافة للشعارات التي سبق الإشارة إليها عند الحديث عن المشاريع الزراعية الفاشلة.
 * توقف المشروع إلا أن المشروع الذي أُنفقت عليه كل هذه الأموال، واعتُبر أكبر مشروع صناعي في العالم بدأ يعاني من مشكلات بعد حوالي عشر سنوات من بداية تشغيله، فبعد انتهاء المرحلة الأولى في 30/8/1991م بفترة وجيزة ظهرت عدة مشاكل، كان أهمها مشكلة تشقق الأنابيب، وتم استدعاء عدد كبير من الخبراء والشركات العالمية المتخصصة للتفتيش، أما أهم مشاكل المرحلة الثانية فهي مشكلة صدأ معظم مضخات المياه التي تكفل تدفق المياه بشكل مستمر؛ هذه المضخات تم شراؤها من شركة دنمركية متخصصة وبتكلفة عالية جدا، وحذرت الشركة من الاستخدام الزائد لمادة الكلور الذي يستخدم في تنقية المياه، إلا أن إدارة تشغيل وصيانة النهر الصناعي لم تلق بالا لذلك التحذير، وقامت بتكليف مجموعة من العمال بتفريغ كميات الكلور في الآبار دون إشراف فني، مما أدى إلى صدأ وتلف تلك المضخات.
 ثم حدثت مشكلة أخرى وهي عندما حصل تآكل في أنابيب إحدى مناطق الجنوب نتيجة للتربة والملوحة العالية، أدى إلى تسرب المياه في المنطقة دون أن يستطيع المهندسون السيطرة عليها، إلى حد أن طفحت المياه بتلك المنطقة، ونظرا لوجود عيب بالتصميم أصلا، حيث إنه لا توجد محابس موزعة بشكل جيد على طول خط الأنابيب، بحيث يتم منع تدفق المياه في حالة حصول أي عطل، فاضطر القائمون على المشروع إلى توقيف تدفق المياه من منبعها، وتزامن هذا مع احتفال دعا له عدد من الضيوف ليروا إنجازات الثورة، فاضطروا لإلغاء البرنامج.
 وعلي الرغم من تحذير الخبراء من خطورة المشروع وغيره من المشروعات المائية في ليبيا، وعدم وجود دراسات جدوي لها، إلا أن القذافي عمل بعكسها تماما، فبالأمر العسكري والقرار الفردي المطلق من قبل القذافي، بدأ العمل بإنشاء المشاريع الزراعية الكبرى- التي لا تستند على أساس علمي ولا عملي سوى القرار الثوري- وهذه المشاريع هي؛ مشروع الكفرة والسرير، ومشروع سهل جفارة، ومشروع الجبل الأخضر، ومشروع الجبل الغربي، دفعة واحدة أوائل السبعينات، وأطلق القذافي يد أتباعه في هذه المشاريع، ورصدت لها الميزانيات الضخمة التي كانت فرصة عظيمة لهم لينهبوا ويثروا من ورائها، وكانت الآلة الإعلامية القذافية تصور للناس أن هذه المشاريع سوف تحقق تلك الأهداف المرجوة، وأنـهم سيقومون بالتصدير قريبا!!. وكانت النتيجة أن ضاعت تلك المشاريع الكبرى وتساقطت سريعا؛ الواحد تلو الآخر وبدون مقدمات، وبدون الحاجة للتوضيح أو التفسير، فقد تمت سرقة ونـهب الميزانيات المرصودة للمشاريع، واستنـزفت المياه الجوفية، وصفيت إدارات المشاريع وأغلقت مكاتبها، ومحي اسمها من دعايات التلفزيون والكتب المدرسية، ونسيها النظام أو تناساها، وانتهى الحديث عنها إلا بالكناية والتورية المعقدة.
 *التنصل من المشروع
 وفى عام 1992م، قال القذافي في إحدى خطاباته: إن مياه النهر الصناعي لا تكفي، وأن الليبيين في المستقبل سيموتون بالعطش، وأن الحل النهائي لهم هو الهجرة إلى البلاد التي بـها مصادر المياه مثل مصر وتشاد، وأنه سيمنح كل عائلة تقرر الهجرة من البلاد عشرة آلاف دولار باعتبارها حصتها من النفط، بل قال: إن وجود العرب في شمال إفريقيا كان غلطة تاريخية، وأن دول المغرب العربي ليس لها مستقبل، وستكون هناك كوارث على هذه الشعوب أساسها العطش. وبعد 30 عاما ونيف عاد السيسي مرتديا بدلته العسكرية ليشق تفريعة قناة السويس عبر اليخت الملكي "المحروسة" على وقع احتفالات ضخمة تتطابق مع التى تبناها القذافي أحد أساتذة الحكم العسكري فى العالم العربي والتلميذ النجيب للراحل جمال عبدالناصر، لينتظر المصريون بشغف ثمار المشروع القومي العملاق الذى التهم مليارات الدولارات، ولسان حالهم يسأل الليبيين ما جنيتم من النهر العظيم؟.




؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: