الثلاثاء، 30 يونيو 2015

اللحظات الأخيرة التي صنعت من مرسي زعيما وكشفت قيادة أمريكا لانقلاب العسكر .. فيديو



مرسي من رئيس إلى زعيم 
 ملهــم لكل الثورات ولكل الأحــرار فى العــالم 


لو كــان تمن الحفــاظ على الشـرعية هـو حيـــاتي 
فأنا مستعد أن أبذل ذلك رخيصا حسبة لله وحده 


قبل الانقلاب بساعات كان القصر الرئاسي كرة نار ملتهبة بالصراعات المكتومة؛ بين جناح العسكر الذي كان قد اتخذ قراره السري بعمل انقلاب عسكري كما خطط بغطاء شعبي مزيف ومصطنع في حقيقته؛ وبين الشرعية المتمثلة في الرئيس مرسي، وبإلقاء الرئيس مرسي لخطابه الأخير الرسمي قبل الانقلاب بساعات في الثاني من يوليو وقعت واقعة الانقلاب الذي زلزل أركان القصر ومصر بعدها وجرى ما جرى من أحداث دموية لم يتخيلها أحد. وبقراءة متأنية لخطاب الرئيس مرسي سيرى أي منصف أن مرسي قد قدم فيه خلاصة فكره ونظرته للأحداث وتعريضه تلميحا لما تم مساومته عليه ورفضه لتلك المساومات من أجل الحفاظ على الشرعية وآليات الديمقراطية التي أراد ترسيخها في الدولة المصرية، وأرى أن خطاب مرسي هذا وارتجاله فيه الذي حمل الاختيار الأصعب والتاريخي قد أسقط تماما مقولة إن الرئيس يتخذ القرارات بعد الاجتماع مع مكتب الإرشاد وأن المرشد هو الذي يدير البلاد؛ وهذا الكلام الذي روجه الإعلام عن عمد وبتوجيه واضح، كما حولت تلك اللحظات التاريخية العصيبة مرسي من رئيس إلى زعيم ورمز للأمة بعد أن اختار ما يعلم أنه من الممكن أن يتم قتله فورا بعدها وضحى بكل ما عرضه عليه العسكر للتنازل عن السلطة وإعادة مصر لما كانت عليه قبل الثورة من حكم الفرعون دون أية مقاومة وإعلان استسلام الشعب ورئيسه لدولة الفساد الكبرى. ولكن الرئيس الزعيم وقف ليخاطب الشعب ويعلنها مدوية أن انحيازه للشرعية ليس اختيارا؛ بل هو التكليف الذي كلفه الشعب به؛ ولن يخذل الشعب الذي انتخبه أو يخون الأمانة التي حمله إياها. 
 والعجيب أن الأغبياء ومرتزقة الإعلام قد عابوا على الرئيس مرسي وسخروا منه لتكراره لكلمة الشرعية في خطابه لمرات عديدة أحصوها له وكأنهم يبرهنون على أنها كلمة لا تروق لهم، فهم قد جبلوا على العبودية وسماع ألفاظ القهر والاستعباد للعق أحذية الحكام والاستمتاع بخطب يكرر فيها الحاكم عبارات أنا فعلت كذا.. وأنا سويت كذا.. أنا أنا أنا .. دون أن تزعجهم تكرار كلمات الفرعونية من سيدهم الديكتاتور رغم أنها عبارات فارغة وأحاديث عن إنجازات تقال كحواديت على الورق؛ ولا علاقة لها بالواقع. ورغم أن الخطاب حمل في طياته عمق التعبير عن الشرعية؛ إلا أنهم لم يلتفتوا للمعنى؛ وتباروا في إحصاء عدد تكرار الكلمة التي تزعج أسماعهم. وقد بدأ مرسي خطابه للشعب بـ"شعب مصر العظيم .. يا صاحب ثورة 25 يناير" ليذكر الشعب أنه ذلك الشعب الثائر الذي ولد من جديد؛ والذي لا يجب أن يسمح لأحد أن يعيده للخلف؛ وإلى ما قبل الثورة؛ وهكذا قال بالفعل في تفاصيل خطابه التاريخي الذي قال فيه صراحة عدة أمور أعتقد أنها تحتاج لإلقاء الضوء عليها لمحاولة فهم ما حدث بدقة. * ألمح مرسي في خطابه أنه كان من الممكن لو أراد أن يساير الأمور ويظل في موقعه بلا أي مشكلات أن يساير القوى الكبرى ويسمع الكلام؛ وأنه يواجه القوى الكبرى ودولة الفساد مع الشعب المصري الذي انتخبه رئيسا. 
 فقال في إحدى فقرات خطابه: (أسهل حاجة إنك تمشي في الركب تسمع الكلام وخلاص.. لأ.. لأ دي ثورة 25 يناير دي ثورة الحرية مش ثورة جياع.. دي ثورة امتلاك الإرادة. لابد أن تمتلك مصر إرادتها فلا يملي عليها أحد أبدا إرادتها ولا تسيرها أي قوة أبدا رغما عنها أيا كان مصدر هذه القوة). 
 هذا نص كلام الرئيس؛ وأعتقد جازما أن تلميحه للقوى الخارجية التي تريد أن تسير مصر حسب أمرها وإرادتها التي شعرت أنها تنسلخ منها رويدا رويدا بسبب سياسات مرسي التي تريد أن تنقل مصر من التبعية إلى امتلاك الإرادة لا يخرج بتاتا عن الولايات المتحدة الأمريكية؛ وأعتقد أن رسالة التحدي قد وصلت من مرسي إليها بصورة رسمية ونهائية في هذا الخطاب التاريخي الذي تلاه تفعيل الانقلاب العسكري بصورة نهائية وباتة في اليوم التالي مباشرة ومواجهة أي ردة فعل للشعب الذي خرج ليؤيد الرئيس بالميادين. 
 * أعتقد أن الفقرة التي حملت جملة الرئيس الشهيرة والتي غزلت ببراعة من خيط الحرية ولا تصدر إلا من ثائر عظيم وزعيم حقيقي؛ والتي يقول فيهـــا: (ثورة 25 يناير وتحقيق أهدافها كاملة والحفاظ على الشرعية .. تمن الحفاظ على الشرعية ... تمن الحفاظ عليها حياتي .. حياتي أنا .. أنا عايز أحافظ على حياتكوا كلكوا.. أنا عايز أحافظ على البنات .. هايبقوا أمهات المستقبل اللي بيعلموا أولادهم إن آباءهم وأجدادهم كانوا رجالا.. لا يقبلون الضيم ولا ينزلون أبدا على رأي الفسدة ولا يعطون الدنية أبدا من وطنهم أو شرعيتهم أو دينهم)، أعتقد أنها فقرة تحتاج لمزيد من التأمل والإدراك لكل كلمة بها، وخاصة أنها قيلت بصوت جهوري يحمل في طياته الإصرار والغضب في آن واحد من رئيس الجمهورية. 
 ويجب أن نتساءل: ترى ما الدنية التي عرضت على الرئيس مرسي والتي لم يقبلها لكي يتنازل عن الحكم ويترك هؤلاء الفسدة يستولون على الحكم بغير انقلاب وبتسليم مفتاح منه. 
 من المؤكد إذن أن الرئيس قد عرض عليه كل ما يشتهيه أي طامع من مميزات فوق الحفاظ على حياته بالطبع وعدم الوقوع في مغبة المجهول الذي من الممكن جدا أن يكون بالقتل .. لكن الرئيس البطل بحق والصامد بحق الرجل الأسطورة بموقفه التاريخي المذهل وضع رقبته تحت نصل السكين تماما وصرخ في وجه الجميع بأنه لن يقبل الضيم ولن ينزل على رأي الفسدة ليضيء التاريخ المصري والله بأحرف من نور ستتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل مهما حاول مزيفو التاريخ أن يهيلوا التراب عليها. 
 لقد تحول في لحظات قائل تلك العبارات الفذة والتي اختار فيها سيف الفسدة أن يوضع فوق رقبته عن أن يتنازل عما يراه حقا وألا يتنازل عن الثورة التي استرد فيها الشعب إنسانيته نفسها من حكم الطغاة. تحول مرسي سريعا من رئيس إلى زعيم ملهم لكل الثورات ولكل الأحرار في الأرض الذين لا يبيعون الفكرة بكنوز الدنيا ولا يفرطون في الأمانة مهما كان حجم التحديات أو المخاطر ولو وصلت إلى بذل الحياة نفسها والتي جاءت على لسانه صريحة في فقرة أخرى قال فيها: (لو كان تمن الحفاظ على الشرعية هو حياتي فأنا مستعد أن أبذل ذلك رخيصا حسبة لله وحده). 
 أسأل الله أن يجازي عنا هذا الرجل العظيم في زمن عز فيه الرجال خير الجزاء لقد أصبح لنا زعيما ورمزا اسمه محمد مرسي.. وآن للشعب أن يسترده ويسترد ثورته.



ليست هناك تعليقات: