الخميس، 18 يونيو 2015

السيناريو المصري الذي يرعب السيسي..



المجلس العسكري يدرك جيدًا أن أي ثورة جديدة 
لن تتوقف حتى الإطاحة برأس المجلس العسكري.


ما الذي يجري في مصر؟ 
هل سيتم إعدام مرسي؟ 
ما الذي يعنيه تخلي داعمي الانقلاب عن السيسي؟ 
ما الذي تعنيه التدهورات السياسية والأمنية والاقتصادية في الفترة الأخيرة؟ 
الإجابة على هذه الأسئلة 
تعطي تصورًا عن سيناريو مصر المستقبل. 
في ظني أن السيسي قد انتهى، 
وأن سقوطه هو مسألة وقت فقط؛ فكل المؤشرات في الداخل والخارج تؤكد هذه الحقيقة.  

في الداخل، هناك غضب وزخم شعبي واسع يتنامى يوميًا، والمظاهرات والدعوات للاعتصامات تعود إلى الشارع المصري. كما أن الراصد يلحظ أن شريحة كبيرة ممن أيدوا السيسي في انقلابه قد “انقلبوا” عليه بعد أن أثبت فشلًا ذريعًا في تحسين ظروف عيشهم. قيادة المجلس العسكري تهتز بفعل الخلافات التي كشفت عنها تقارير غربية. الجيش المصري لم يعد يعرف لماذا يتواجد بكثافة داخل مصر وليس على الحدود. تململ القيادات الوسطى في الجيش يكشفه إبعاد عدد غير قليل منهم. الوضع الاقتصادي من سيئ إلى أسوأ. الملاحقات الأمنية ضد الناشطين والمعارضين من غير الإخوان تزداد شراسة. الأزهر والقضاء فقدا شعبيتهما واحترامهما. مؤسسات الدولة باتت مكروهة. وأي شرعية تبقى حين يكره الناس مؤسسات الدولة؟
في الخارج، هناك محاصرة للنظام. الكثير من الدول وجدت نفسها محرجة أمام الرأي العام وتُفضِّل أن لا يزورها السيسي. السيسي مرتعب من الملاحقات القانونية التي يتم التحضير لها لتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية التي قد تضع اسمه جنبًا إلى جنب مع اسم الفريق عمر البشير وباقي المجرمين الدوليين المطلوبين. هناك تلطيش مستمر للوفود الرسمية المصرية في الخارج من قِبل الناشطين الذين بدأ حجمهم يكبر شيئًا فشيئًا.
فيما يخص الدول الداعمة للانقلاب، بات واضحًا أن السعودية نفضت يدها من النظام المصري بعد أن حاول ابتزازها في موضوع حرب الحوثيين، والضغط عليها من زاوية دعمه نظام بشَّار ، كما أن موقف السعودية قد “انقلب” بالكامل على موقف الحكم السابق الذي كان يرى أن خطر الإخوان المسلمين هو أكثر ما يتهدد النظام السعودي وليس خطر إيران التي حاصرته بوكلائها من الشمال والجنوب!
أتى الملك سلمان برؤية مغايرة تمامًا عن رؤية سلفه، وبجرأة فائقة عازمة على قطع اليد الإيرانية في اليمن وسوريا. السعودية كما هو واضح بعد عاصفة الحزم لم تعد في حاجة لنظام السيسي الذي لم يستطع أن يحمي نفسه في سيناء، فقطعًا لن يستطيع أن يحمي الآخرين. دع عنك التسريبات الهاتفية التي تكلم فيها السيسي كلامًا قبيحًا عن الحكومات الخليجية.
السعودية اليوم تقود قاطرة العرب، والملك سلمان عازم على ترتيب البيت العربي، والإخوان في الاستراتيجية السعودية الجديدة هم جزء من هذا البيت العربي، والسعودية تدرك جيدًا أنَّها قادرة على احتواء الإخوان المسلمين مهما اختلفت معهم.
مــا الذي يعنيـــه هـــذا؟
يعني أن السعودية لن تدفع لنظام السيسي، وإذا دفعت فلن يكون مجانيًا.
ويعني أن السعودية في انتظار تحرك المجلس العسكري لاختيار بديل مقبول يمكن المراهنة عليه.
حين شعرت الإمارات الأكثر التصاقًا ودعمًا للسيسي بهذه الرغبة السعودية بدأ الحديث عن أحمد شفيق الذي يعيش في الإمارات تحت كنف حكومة أبوظبي كخيار بديل عن السيسي، لمنع السعودية من طرح عودة مرسي على الطاولة.
وبعدها خرجت إلى العلن رسالة يوسف ندا العضو الإخواني المهم الذي كشف أن هناك ترتيبات وتنسيقًا بين قيادات ورموز في الخارج وفي داخل الجيش لإحداث تغيير كبير. وكل المؤشرات تتكلم عن تغيير في رأس الهرم.
أمريكا كعادتها تضع رجلًا مع النظام ورجلًا مع المعارضة، وأمريكا كما يعلم الكثيرون تُفضِّل حكم الجيش، وقد دعمت السيسي بعد تردد رغم أن دستورها يمنع دعم الانقلابات العسكرية. لكننا اليوم نلحظ أن خطابها بات أكثر حدة في نقد السيسي مما يكشف عن قناعة بأن السيسي راحل، وأن الخيار الأفضل لها هو ترطيب الأجواء مع جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة التي أثبتت قدرة وحنكة وقوة في إدارة الصراع مع النظام. بالإضافة إلى أن الأمريكان باتوا في حاجة ماسة إلى حليف إسلامي معتدل في حربها ضد الإسلام الجهادي، وهي الحرب التي باتت تمثل للأمريكان أهمية كبرى في المنطقة.
والغرب لا يختلف في هذا عن أمريكا؛ فهو يعلم أن حربه ضد داعش أو القاعدة خاسرة، ما لم يتم دعمه بطرف إسلامي معتدل.
وسط كل هذه المؤشرات أتى خبر الحكم بإعدام مرسي ليتوج مأزق السيسي، الذي تكشف مثل هذه المواقف والقرارات عن ضعفه السياسي المريع!
لماذا يُحكم على مرسي الآن، ولماذا لم يحكم بإعدامه حين كان الانقلاب في قمة انتشائه؟
السيسي يحكم على مرسي بالإعدام لأنه يريد التخلص من آخر المواقع “الشرعية” ممثلة في مرسي، الرئيس “الشرعي”؛ فالسيسي قد سيطر على كل شيء بدءًا من القضاء وانتهاءً بالإعلام مرورًا بالجيش -نسبيًا- والأزهر والداخلية، ولم يبق مثيرًا لصداعه “دوليًا” غير تواجد مرسي “حيًا”. السيسي يريد أن يوقف رهان الداخل والخارج على عودة مرسي إلى الأبد. قد يعدم السيسي الرئيس مرسي، لكن ذلك سيكون المسمار الأخير في نعشه؛ لأن الداخل سينتفض بشكل هادر، والخارج سيعلن قطيعة ومحاصرة كبيرة لنظامه، وسيجعل من مرسي شهيدًا وأيقونة نضال تاريخية.

إذًا مـــــــا الحـــــــل؟
لا يملك السيسي أي حل، حتى الساعة..
 الحل هو في يد المجلس العسكري الذي لم يسمح بإعدام مرسي بعد الانقلاب خشية تفاقم الأوضاع، ولحنكة المجلس السياسية التي وضعت كافة السيناريوهات على الطاولة، ومنها إعادة مرسي في حال شعر قادة المجلس العسكري بخطر شديد.
الخطر الشديد هو تحرك الشارع مرة أخرى؛ فالمجلس العسكري يدرك جيدًا أن أي ثورة جديدة لن تتوقف حتى الإطاحة برأس المجلس العسكري.
في رأيي المتواضع أن ما سيحدث هو الآتي، والله أعلم:
سيزداد الزخم الشعبي نموًا، وستزداد الضغوط الدولية على نظام السيسي، وسينزل الناس للشارع، وسيدرك المجلس العسكري ضرورة إزاحة السيسي لامتصاص الغضب داخليًا وخارجيًا، وكي يعود الدعم الخليجي بالذات، وسيتم إعادة الرئيس مرسي بشكل صوري ليُعلن عن استقالته ودعوته لانتخابات رئاسية مبكرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.



ليست هناك تعليقات: