الجمعة، 22 مايو 2015

دروس السيسي لزعماء العالم عن الديمقراطية .. فيديو



النفاق السياسي والرغبة في إرضاء الزعيم بأي صورة 
إبعاد الكفاءات المهمة والنادرة
التى لا تعرف النفاق السياسي أو التزلف أو طأطأة الرأس
 الديمقراطية السياسية وحقوق الإنسان والحريات العامة 
 ليست مطروحة على أي أولوية للسيسى حاليا


صابر مشهور: يا رب مصر تكون مثل العراق وسوريا 
قبل أن يحولها العسكر للبنان كما يخططون



عندما التقى عبد الفتاح السيسي بوزير الخارجية النمساوي الشاب "سباستيان كورتس" ، نقلت الصحف المصرية عن المتحدث باسم الرئاسة ما يشبه "الدروس" التي أملاها السيسي على الوزير "الخواجة" بداية من إفهامه أن حقوق الإنسان ليست مجرد حقوق سياسية أو حريات عامة ، وإنما هي حقوق اجتماعية واقتصادية بالمقام الأول ، كما شرح للوزير النمساوي "الجاهل" أن هناك فوارق حضارية بين مصر والنمسا ، في إشارة إلى أن حقوق الإنسان وضماناتها ومفاهيم الديمقراطية لا تستوي عند "الإنسان" هنا وهناك ، ونبهه إلى ضرورة مراعاة الاختلاف الحضاري والثقافي بين الشعوب .
 هذا المشهد ، وذلك البيان ، تستطيع أن تقرأه في مناسبات عديدة سابقة في أعقاب زيارات مسئولين وقادة ورؤساء ووزراء غربيين ، حتى ليخيل لي أحيانا أن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية لديه ورقة ثابتة "ماستر" يقرأ نصها الحرفي في كل مناسبة مشابهة ، بدون أي تجديد أو تغيير أو حتى إضافة ، وتبدو فيها دائما صورة السيسي كالحكيم السياسي المحنك والذي يعطي الدروس لساسة العالم الكبار الجهلة بمفهوم الديمقراطية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية ، وطبيعة الاختلاف بين الثقافات والحضارات ومفهوم حقوق الإنسان ، دون أدنى اعتبار ـ من المتحدث الرسمي ـ لاحترام عقل المراقب الدولي ، وليس المحلي ، فهم لا يحترمون المحلي عادة ، وأنه من الصعب أن تسوق لهم في الخارج صورة "الجنرال العسكري" القائد العام للجيش المصري قبل عدة أشهر وهو يعطي دروسا سياسية لزعماء العالم في الديمقراطية وحقوق الإنسان وشرح ما استبهم عليهم فيها .
 الرسالة الأساسية التي نخرج بها من مثل هذا التصريحات ، ويخرج العالم المتابع لأحوالنا من تكرارها ، أن فكرة الديمقراطية السياسية وحقوق الإنسان والحريات العامة ليست مطروحة على أي أولوية للرئيس المصري حاليا ، وإلى أمد غير معروف ، وكل ما يشغله كيف يمكنه تحقيق إصلاح اقتصادي واجتماعي ، وهذا مضر جدا بصورة الدولة المصرية الحالية لدى الخارج ، لو كانوا يعلمون ، غير أن هذا التكرار يكشف عن أزمة وعي لدى القيادة السياسية الجديدة في مصر بطبيعة الترابط بين مكونات النهوض وشروط التنمية ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والإنسانية ، فالنهوض هو منظومة وليست عملا جزئيا منتزعا من سياق عام ، وعلى سبيل المثال ، فأنت لا يمكنك أن تحقق نهضة اقتصادية إلا إذا كانت هناك شفافية في اختيار القيادات التنفيذية الكفؤ والمتجردة للصالح العام والقادرة ، وتلك الشفافية لا يمكن تحقيقها في ظل مناخ سياسي يقوم على النفاق السياسي والرغبة في إرضاء الزعيم بأي صورة ، وإبعاد الكفاءات المهمة والنادرة إذا كانت لا تعرف النفاق السياسي أو التزلف أو طأطأة الرأس ، ولا يتم توزير إلا من أثبت ولاءه وليست كفاءته ، ومن يجيد فنون التزلف ، وبالتالي تتراكم الإخفاقات ويتراكم الفشل وتتحول البلاد إلى بيئة طاردة للإبداع والكفاءة ، وتتحول أفكار التنمية والنهوض إلى نكت ومسخرة ، على النحو الذي عرفته مصر في أكثر من موقف من مثل نظرية العلاج بصباع الكفتة ، وهو ما يسميه العامة أفكار "الفنكوش" ، ولا أعرف إن كان أحد من مستشاري السيسي قد أخبره أن وزير خارجية النمسا الذي يجلس أمامه الآن هو شاب لا يتجاوز الثامنة والعشرين من عمره ، ولكن الإرادة الشعبية في انتخابات حرة فاز بها حزبه ـ وليست الأجهزة السيادية ـ هي التي أوصلته إلى هذا المنصب ، وأنه لهذا السبب تنجح في النمسا خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، بينما تفشل دائما في مصر ، رغم كل الخطب العصماء للزعماء .
 أيضا ، لا يمكنك تحقيق إصلاح اجتماعي واقتصادي بدون وجود منظومة رقابية حقيقية مستقلة ، من برلمان شعبي حقيقي منتخب وأجهزة لها استقلاليتها وتعمل باحتراف بعيدا عن التوجيه السياسي السلطوي ، تستطيع أن تضبط أي انحراف وتوجه البوصلة باستمرار وتحاكم أي مسؤول إن اقتضى الأمر ، وهذا كله لا يمكن تحقيقه في ظل دولة الرجل الواحد أو حتى المؤسسة الواحدة ، لأن معايير الولاء "والعشيرة" تحكم كل شيء ، في الثواب والعقاب والاختيار . أيضا لا يمكن تحقيق منظومة حقوق اجتماعية واقتصادية في ظل حقوق إنسان غائبة تجعل المواطن مهمشا وضعيفا أمام آلة الدولة ودولابها الضخم ، ويتحول المواطن إلى ما يشبه المتفرج في مباريات الكرة ، يشجع اللعبة الحلوة من المدرجات لأن "الملعب" ليس له ، دون أي قدرة على المشاركة ، ولا تتولد لديه أي طاقات للعطاء أو الإبداع والتفاني فضلا عن التضحية ، وإذا كان "الإنسان" هو محور التنمية وأداتها وطاقتها الخلاقة ، فإن البديهة أن كرامة هذا الإنسان وحريته وإرادته السياسية التي تشعره أنه "مواطن" وأنه صاحب هذا البلد ومقدراته ، هي الشرط لنجاح أي تنمية اقتصادية ستبنى على أكتافه بالأساس ، وغيابها يعني انهيار كل شيء وإحباط كل جهد . ما تكرر من أفكار لدى السيسي في مفهوم الحقوق وتكاملها ، خطير بالفعل ، وليس أمرا بسيطا ، إنه يعني ـ ببساطة ـ أننا نسير في الطريق الخطأ ، والذي لن يوصلنا إلا إلى مزيد من التخبط والتيه والانهيار .

كلمة الرئيس التركي " رجب طيب أردوغان "
والمشروعات التنموية بتركيا





ليست هناك تعليقات: