الجمعة، 1 مايو 2015

مسرحية لعبة الشعب.. مشهد المحلل.



لقد قام الطرطور بدور “البرفان” أو “المحلل” مهما تظاهر بالنوم أو كان نائمًا فعلًا فإنه يقع تحت طائلة القانون والحساب والعقاب، لقد ارتكب جريمته الكبرى 
 حينمــا قبل أن يكــون أداة انقلابيـــة. 
بالحقائق .. السيسي صهيوني مزروع في مصر ..


مسرحية لعبة الشعب ... مشهد المحلل
 مشهد الشرعنة الزائف والعزوف الجماهيرى الفاضح
في مشاهد متراكمة لمشهد مركب كان هناك “الممثل” المنقلب القائم بالدور الرئيس، و”المحلل” الغطاء الذى لعب الدور الأكبر في التعمية والتعتيم على إبراز ماحدث كانقلاب فاجر، و”الكومبارس” الذي تحرك ليقوم بدور مرسوم فى مسرحية الانتخابات الرئاسية الهزلية، سنتفحص هذه المشاهد مليًّا واحد بعد الآخر، لتوضح الدور الأخس الذى قام به كل منهم فى مسرحية لعبة الشعب أو التلاعب به.
كان المنقلب حريصًا على اتقان مشهد الانقلاب بحيث لا يخرج فى شكل انقلاب عسكرى مباشر كما يحدث فى البلاد الإفريقية أو كما هو معروف من الأشكال التقليدية الجرئية للانقلابات العسكرية فى التاريخ المعاصر، ومن ثم فقد حرص على أن يخرج المشهد عائمًا غائمًا مختلطًا شبه شعبي شبه ديني شبه مدني شبه شبابي والأهم شبه قضائي بحيث يتفرق الانقلاب فى نهاية المطاف بين هذه المكونات جميعًا، وأهمها مرفق أو مكون القضاء الذى يفترض فيه أن يكون حصن الدفاع الأخير للدفاع عن الحقوق والحريات وإرادة الأمة.
نجح المنقلب في استقطاب رموز أكبر الهئيات القضائية للعب دور المحلل القانوني في نسف ما فات من ترتيبيات دستورية شرعية (رئيس-برلمان-دستور)، وتفصيل ما يأتي من ترتيبيات قانونية ودستورية غير شريعة، وقف رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار حامد عبد الله بجوار قيادات الجيش ورجال الدين فى مشهد إعلان الانقلاب العسكري على فى 3 يوليو يبارك الانقلاب ويتمنّى التوفيق لقادة الجيش في المرحلة القادمة وفقًا لكلمته التي ستظل مسجلة للتاريخ، وفي اليوم التالي 4 يوليو وقف المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية ليؤدى اليمين القانونية كرئيس للجمهورية أما مكامل قضاتها فى أجواء احتفالية تنفيذًا لتكليف قائد الجيش فى اليوم السابق.
استمرت فترة تعيين المستشار عدلي منصور فى منصب الرئاسة لمدة 11 شهر أصدر خلالها عشرات القوانين (147 قرار بقانون)، كان من ضمنها عدد من القوانين التى لا يمكن أن تصدر عن قاضٍ مبتدىء أو مشرع حديث عهد بالتشريع، فما بالك أن تصدر من رئيس هئية قضائية كبرى منوط بها الفصل فى دستورية القوانين، أصدر الرجل عدد من القوانين المتعلقة بتقييد الحريات العامة وشرعنة الظلم والفساد الاستبداد، وهو ما يدعو للتساؤل، كيف لقاضٍ يمثل أكبر هئية قضائية في مصر أن يصدر مثل هذه القوانين التى لو عرضت عليه كرئيس للمحكمة لأصدر حكمًا بعدم دستوريتها؟ كيف لقاضٍ حين يمتلك سلطة التشريع أن يشرع مثل هذه القوانين التى سيحكم من خلالها قضاة مصر كلها؟..

أول هذه القوانين التى أصدرها القاضي الرئيس (قانون الحبس الاحتياطي المفتوح) فى 25 سبتمبر 2013 ،حيث أجرى المستشار تعديلًا تشريعيًّا على قانون الإجراءات الجنائية يقضي بتحرير محكمتي النقض والجنايات من قيود مدة الحبس الاحتياطي للمتهم إذا تعلق الأمر بعقوبة الإعدام أو المؤبد، وينص التعديل التشريعي على أنه يجوز للمحكمتين أن تأمرا بحبس المتهم احتياطيًّا لمدة 45 يومًا قابلة للتجديد، للمحكوم عليهم بالإعدام أو السجن المؤبد، ودون تحديد سقف زمني أقصى، ويشكل هذا التعديل أساسًا مهمًا في تسييس منظومة النيابة العامة ومنظومة القضاء ككل، فصرنا نسمع عن آلاف المعارضين محبوسين احتياطيًّا لمدة تزيد عن عام ونصف وهي سوابق لم تحدث في تاريخ القضاء المصري.
تلا ذلك إصدار عدد من القوانين مثل قانون (تنظيم –منع) التظاهرفى 24 نوفمبر 2013، والذى قيد الحق فى التظاهر إلى أبعد الحدود ووضع عقوبات مغلظة على المخالفين كما يسمح للشرطة بالتعامل شبه المطلق مع المتظاهرين بكل الوسائل بما فيها الرصاص الحي وهو ما أثار جدلًا كبيرًا وانتقادات واسعة لازالت مستمرة حتى الآن، اللطيف أن نظام الانقلاب ما برح يروج لنفسه بوصف الثورة والاستجابة للمتظاهرين فى 30 يونيو فى مواجهة من يصفون فعله بالانقلاب العسكرى فإذا به يلغى التظاهر ويغلق الميادين بعد ذلك.
** ثالث هذه القوانين الخطيرة، قانون تحصين عقود المستثمرين، في 22 أبريل 2014 والذى يلغي حق المواطنين فى متابعة أموالهم العامة حيث يمنعهم من الطعن على عقود الاستثمار المبرمة بين الدولة والمستثمرين وهو ما آثار جدلًا واسعًا مازال مستمرًا حتى الآن وهناك دعوى مرفوعة أمام المحكمة الدستورية ضد هذا القانون لمخالفته الدستور ولا ندرى كيف ستحكم فيها ومن أصدرها هو رئيسها الذى عاد إليها مجددا بعد انتهاء تكليفه بالرئاسة.
رابع هذه القوانين الخطيرة هو قانون المناقصات بالأمر المباشر في 12 سبتمبر 2013 والذى يحرر الهئيات الحكومية من التقيد بإجراءات المزايدات والمناقصات فى عمليات البيع والشراء، وهذا القرار يفتح الباب للفساد ويقتل المنافسة ويضيع على المؤسسات الحكومية فرص مختلفة فى تلقي عروض أعلى أو أقل لتنفيذ مشروعاتها، ولا ندري كيف أصدر القاضب هذه التعديل بالذات خاصة وأن أحكام الإدارية العليا والقضاء الإدارى السابقة قد استقرت على رفض قانون الأمر المباشر منذ صدور حكم بطلان عقد “مدينتى” عام 2010، وكان السبب الرئيسي لأحكام بطلان عقود بيع الأراضي بالأمر المباشر للأغراض السكنية أو الزراعية أو السياحية هو عدم اتباع الإجراءات المقررة فى هذا القانون، بإجراء مزايدة علنية شفافة على الأراضى محل البيع، باعتبار أن قانون المزايدات هو الشريعة الحاكمة الوحيدة لبيع أراضى وممتلكات الدولة، ويعلو فوق القوانين الخاصة لهذه الهيئات.
هكذا قام “المحلل”بدور مهم فى حرث الأرض للانقلاب سواء فى شرعنة وجوده أو فى تفصيل ما يلزم من قوانين وتشريعات لضمان استمراره فى قمع الشعب المصري، وياليت الرجل اكتفى بهذا القدر من الممارسات التي لا تنساها الأجيال الحاضرة والقادمة شعبًا وقضاة وسيأتي اليوم الذى يحاسبونهم وغيره على ما اقترفوه فى حق هذا الشعب، لم يكتف الرجل بذلك بل عاد إلى منصبه مجددًا ليكمل دورا يبدو أنه لم يكتمل بعد، فما أصدره يحتاج إلى تحصين من المؤسسة التي تفصل فى دستورية القوانين.
كثيرًا ما ثارت التساؤلات حول الدور السياسي الذى لعبته المحكمة الدستورية في الفترة الانتقالية الأولى (العلاقة مع المجلس العسكرى وقرار حل مجلس الشعب 2012 كمثال) وصولًا لعهد الرئيس مرسي ودورها فى تعطيله وعرقلته بأشكال مختلفة، وهو موضوع لا يتسع المجال لذكره للوقوف على الأدوار السياسية للمحكمة الدستورية منذ الثورة وحتى الآن، لكن على كل حال فقد أكدت المحكمة هذه الشكوك بنفسها عندما اختارت التورط فى عالم السياسة من أوسع أبوابه بمشاركة رئيس المجلس الأعلى للقضاء فى مشهد الانقلاب وقبول تعيين رئيسها فى منصب رئيس الجمهورية من قبل وزير الدفاع، ولذا فإن استخدم مصطلح “الدور السياسي” فى تناول الشأن القضائى فى مصر ما بعد 3 يوليو لا يأت من فراع وإنما بناء على عشرات المؤشرات التي تؤكد أن القضاء المصري بمعظم هيئاته صار طرفًا فى المشهد المسيس بامتياز على الأقل منذ 3 يوليو وهو ما لم يعد يخفى على أحد.
لقد فطن الانقلابيون فى توريط أكبر مرافق القضاء فى المشهد (رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس المحكمة الدستورية) بما يعني شل منظومة القضاء المصري بأكمله وبكل مكوناته عن إمكانية اصدار أى حكم يدين أى طرف من الأطراف الحاكمةبعد 3 يوليو، ذلك أن القاضي الذي تُعرض عليه قضية ضد ما قام به قادة الجيش في مصر من انقلاب على السلطة الحاكمة، كيف يستطيع أن يحكم في مطابقة تلك الإجراءات للدستور أو مخالفتها له إذا كانت هذه السلطة الجديدة أوصلت رئيس المحكمة الدستورية العليا إلى سدة الحكم، وبالتالي لن يقتصر دور القاضي على إصدار حكم في مجرد نزاع قانوني فقط، ولكنه ينظر قضية تخص رئيس أعلى المحاكم في مصر، وأعضاء جمعيتها العمومية الذين وافقوا على خرق الدستور وتولي رئيسهم رئاسة النظام الجديد.
إنه مشهد “المحلل” الذى قبل أن يقوم به رئيس المحكمة الدستورية، سخر منه الناس، وبدا فى صوره وكأنه يغط فى نوم عميق، ولكن إذا أردت عن لائحة الجرائم التى ارتكبها فى حق الدستور والتشريعات والقوانين، والدور الذى قام عليه يدبج للظلم ويمكن للفساد، يكرس لبيئة البطش والقمع، يفعل أو يؤمر بذلك سيان فقد قام بدور “البرفان” أو “المحلل”، مهما تظاهر بالنوم أو كان نائمًا فعلًا فإنه يقع تحت طائلة القانون والحساب والعقاب، لقد ارتكب جريمته الكبرى حينما قبل أن يكون أداة انقلابية ليس فقط على الرئيس المنتخب ولكن على الدستور بقبول تعطيله وقد كانت حمايته والحفاظ عليه جوهر وظيفته.. ستحاسب حتما على خيانتك للأمانة وعلى النظر للدستور بكل استهانة.

بالحقائق ... السيسي صهيوني مزروع في مصر 



ليست هناك تعليقات: