الثلاثاء، 27 يناير 2015

رسالة من " سلطان الحرية " إلى " سلطان الطاغية "..



"سلطـــــان الحـــرية" 
كم أنت ضعيف ياسلطان الطاغية
 أمـــام "سلطان" الحــــرية الغـــــالية؟!.


بالأمس القريب قُتلت "سندس" ذات السابعة عشر ربيعا في الإسكندرية، وبالأمس أيضا قُتلت "شيماء الصباغ" على مشارف ميدان التحرير، الإنقلاب يقنص البنات والسيدات في محاولة منه ليوجه رسالة إلى حرائر مصر من كل لون إلى كل من يقول "لا" لهذا البطش والطغيان،"لا" لهذا الغصب والاستبداد، "لا" لقاتل الإنسانية والإنسان،رسالة الإنقلاب لكل هؤلاء ليس "لكم" أو "لكن" عند الانقلاب ومنظومته إلا القتل والقنص، إنهم يوجهون رسالتهم برصاصات الغدر التي يرسلونها لكل الحرائر محاولين ترويعهن وتخويفهن من أن يخرجن في صدر مظاهرات يصدعن فيها بمطالب الثورة؛ "سندس" و"شيماء"؛ لم تكونا إلا حرائر في صف الشهيدات، قد يبدأ "بسالي زهران" ويمر ب "حبيبة" و"أسماء" ولا ينتهي ب "سندس" و"شيماء".
ماذا يريد الإنقلاب أن يوجه من رسائل من خلال الطاغية الذي يتربع على عرشه، يوجه رسالة للجميع حينما يطلق "تحيا مصر" ولكنه في حقيقة الأمر لا يعني بمصر إلا ذاته المنتفخة وشخصه المتسلط، وسطوة الطاغية ينشر ذلك في كل مكان ،يقول "أنا الدولة .. والدولة أنا" هو مصر التي لا تحيا إلا به، وتموت من غيره إنها حال المستبد، هو مصر إذن التي تحيا، وليمت من يمت ويحيا هو فـ"تحيا مصر"؛ هذا المنطق الغريب من طاغية كئيب وقع علينا كالصاعقة بعد انقلاب عصيب يجعل الدنيا تتمركز حوله رغم أنه لا يملك الأدوات أو الملكات فخطابه هزل وفعله عبث، وكلامه لا معنى له ولا هدف، تلك هي الرسالة التي يوجهها سلطان الطاغية المنقلب.
إلا أن هذه الرسائل حينما تُكتب بسيفه بدم أحمر يسيل من الناس ،لا يراعي في النفوس إلًا ولا ذمة، يقتل مستحلا، ويعتقل مستخفا، بل هو يمارس القتل بكل أشكاله، ومنه القتل البطئ يمارسه بدم بارد بعد أن مارس القتل الفوري والسريع في ميادين مصر، هذه المرة يقتل "سلطان الحرية"؛ "محمد سلطان"، الذي أتم سنة كاملة في إضرابه عن الطعام، ليعلن بامتناعه عن طعامه صوت الحرية ويقول بأعلى صوته "لا"، محتجا معتقلا مضربا، فحتى لو فاضت روحه فإنه يقول "لا" للطاغية، وسلطان الطاغية لا يتحمل فيرغى ويزبد، ثم ويقول: ذلوه، وأكسروه حتى لو مات فدعوه.
سلطان الطاغية يوجه أقبح رسالة لكل الأحرار، إنه لا يرضى أن يكون تحت ظل طغيانه من  يشعر بالحرية أو يتكلم عن الحرية أو يتنفس بحرية، إنه لا يريد إلا العبيد الذين يسبحون بحمده، فإذا طالب بالقتل فوضوه، وإذا قتل قالوا إنه المحق صاحب الحق فسوغوه، وإذا اعتقل قالوا إنه يدافع عن أمن مصر وحياضها وأقروه؛ بدت هذه "الأسطوانة العبدة" المشروخة يطلقها سحرة الإفك الإعلامي يتحدثون بما يملى عليهم إنها أذرعه التي تحول همسه إلى أفعال، وتحول كلامه إلى اعتقال، وتمكن لأفعاله فتجعلها قتل وخنق وحرق يمارسه بدم بارد، وتتفقد أحلامه وأوهامه فتروجها له ،يقلبون الحال بقبح المقال فهم فى النهاية أصحاب البراءة وأن الذين تجرأوا وقالوا "لا" هم أصحاب الندامة، يستحقون منه القتل  والسحل والسجن والاعتقال، لقد تجرأوا على مقام سلطان الطاغية وقالوا له "لا"، فامتشق سيفه وأسال دم الناس بكل استخفاف ومن غير ورع لا يهدف إلا شيوع الخضوع والفزع.
إلا أن "سلطان الحرية" يوجه له رسالة كاملة غير منقوصة ،جامعة مانعة، يصدع بها ليعبر عن حق هذه الأمة في كرامتها وحريتها وعيشها الكريم وعدلها المقيم، يقول إن أبناء مصر يستحقون كل ذلك بل هو من صميم حقهم، إلا أن الطاغية يقف بمجده الشخصي وحلمه المرضى ووهمه النفسى لا يطلب إلا الدم، إنه يتقوى بإهدار دم الناس ويجعله غذاء استبداده وعلامة عظمته وما هو كذلك، إنه في حقيقة الأمر لا يعبر إلا عن مستبد طاغية يساعده سدنة الكذب وحملة المباخر وكلاب الحراسة وسحرة الإفك، يتلمسون نظرته لينفذوا رغبته وما هو في مراده وما في مكنونه وسره.
- سلطان الحرية يحتج ويضرب رغم اعتقاله ليقدم رسالة للإنسانية، منذ متى كان الطاغية إلا "نمرودًا"، يدعى أنه "يُحيي ويُميت"؟، إن هؤلاء الذين استشهدوا "أحياء" أما "القاتل الظالم" فهو الذي مات، مات في حس الإنسانية وذاكرتها، مات فيه الإنسان، ظن أنه بجبروته ينازع خالق الخلق ولكنه لا يدرك أنه من بقية الخلق، يَرد عليه كل قوانين الضعف مهما كان قويا باطشا، ومن هنا فإن الضعيف الذي يحمل رسالة سلطان الحرية يصدع بها في وجهه فتخيفه وترعبه إنه لا يزال يملك الإرادة ،إنه لا يزال يتدثر بثوب العزة والكرامة، إنه يخاف من تحريره وحريته لأنه ينطق كلمة الحرية وهو مسجون، ولذلك لا يملك الطاغية من ضعفه إلا أن يقول لسُجانه : لا تحرروه بل إلى الموت دعوه، يساعده فى ذلك قاض، لا يُرجى عدله، بل هو أداة ظلم الطاغية وجوره.
- رسالة سلطان الحرية تقول "لا" هذه الكلمة التى تُقلق سلطان الطاغية وتزلزله وتؤكد أن من جملة الناس بعض أُناس يعرفون معنى الكرامة فيحفظونها، ومعنى الحرية فيحمونها، ومعنى الأمانة فيحملونها، إن الصنف الذي يطغى هو من أخس خلق الله، لأنه يخرج عن حد الكرامة الإنسانية لأنه يهدف إلى سحق كرامة غيره، وإن النفس التي تخضع هي من أحط خلق الله لأنها تخنع فتسحق ذاتها بعد أن كرّمها الله وتُستعبد رغم أن الله قد حررها وجعلها عزيزة تحمل الأمانة فتتقدم إلى أفضل مكانة لمعنى ومغزى الكرامة "أحسن تقويم".
- نظرت إلى صورة "سلطان الحرية" وقد ضمر جسده النحيل معلنا احتجاجه والامتناع عن طعامه، فيتصور الطاغية أنه بانكماش جسده قد خضع، ولكنه يعلن وفي كل نَفَس أنه حر كريم لا يخضع ولا يخنع، مهما طغى ذلك المستبد وتكبر وتجبر، لأن من معاني الحرية أن ندفع الثمن من أجلها ونقدم التكلفة لصيانتها وحفظها، وثمن الحرية كبير، لكن على الطاغية أن يعلم أن هذا الذي يتحدى بكرامة وعزة وحرية فينكمش جسده ليس إلا معنى الامتداد لكل معاني الحرية في كامل الإنسانية ويحمل كل معانى الغضب والمقاومة فى النفس البشرية، يؤكد بها أنه يحمل معنى الرسالة الإنسانية يصدع بها في وجه الطاغية المتجبر فيستضعفه فيزلزل كيانه ويقول أن السلطان ما هو إلا في خيالنا فإن همشته توارى وإن استحضرته وهولت من مكانته وحجمه احتل عليك كيانك وامتلكك عبدا خانعا تفقد كل يوم درجة من درجات إنسانيتك وحريتك، التي ليس لها من جوهر إلا معنى كرامتك ومغزى رسالتك.
- ياسلطان الطاغية قتلت البعض وأهدرت دماءهم واستخففت بحرمة نفوسهم ثم استسهلت حبس الناس واعتقالهم معتقدا أن ذلك قوة لك ومنعة منك، لا والله إنك ضعف من ضعفك وغدر من غدرك وأمر لا تستحق به مكانة أو كرامة فإذا خنع الإنسان فقد كرامته وإذا طغى وتجبر فقد عزته وشرفه، إنها المعادلة التي يتدافع فيها خطابان؛ خطب الحرية المكين، وخطاب الطاغية المهين، لا مكان لظلم طاغية أو تجبُر مستبد ولكن المكانة والمكان، لإنسان ملك الإرادة وحرية الكيان وامتدت يده دائما ليشيد رسالة عمران.
- مالك أيها الطاغية؟!، لا تقدم إلا رسالة الخراب عنوانها القتل وأوسطها الاعتقال، وأولها أن تنشر كل خوف وترويع؟ ، معتقدا أن ذلك كله هو عملية تطويع للنفس الإنسانية الأبية، تعتقد أنك تشكل بذلك مسيرة القطيع وأنت لا تعلم أن هؤلاء الذين يحملون الرسالة ويقدرون الأمانة، ويضحون بالنفس الإنسانية رخيصة حتى لا تكون مهانة، يعرفون مسؤولية الإنسان عن كرامة الإنسانية، وعزة الإنسان تكون في عزة كيانه ووطنه وأمته.
أيها الطاغية في يوم لن تجد سلطانك، ولن تجد قوتك وجبروتك وطغيانك ولن ينفعك ظلمك أو ظلم سدنتك وأعوانك، اعرف أيها الطاغية حينما تستكبر على ضعيف لا يرضى بطعام ذل فاعلم أنها نهايتك، اعلم أن هذا الضعيف ثورة قادمة، ثورة في نفوس شباب قادر على تقديم الكلفة العالية والتضحية الغالية، واعلم أن نهايتك محتومة حينما تمارس هذا الجبروت وتفعل فعل الطاغوت، اعرف أن النهاية قادمة، وفي هذا الوقت لا تلقى على من خدعوك باللائمة، لأنهم نافقوك ولم ينصحوك، ترويج فعلك وسوء عملك ليس إلا من صنعة العبيد الذين يتلمسون رغباتك وشهواتك ولا يقدمون لك إلا أحلامك ووهمك ، كم أنت ضعيف ياسلطان الطاغية أمام "سلطان" الحرية الغالية؟!....
سيف الدين عبدالفتاح


ليست هناك تعليقات: