الاثنين، 29 ديسمبر 2014

دولة الأسياد والعبيد هل يَحِقّ لنا أن نحلم فيديو.



هل يَحِقّ لنا أن نحلم 
 من يلجأ للقتل للوصول للحكم،
 سيتمسك بالقتل منهاجا للاحتفاظ بالحكم.



"لقد قالت مصر كلمتها، وصوتت لدستور جديد في يناير 2014، وكان التصويت بنسبة تاريخية، فقد أيده 98% من المصوتين".
هكذا قالوا لنا، وهكذا أكل المصريون (البالوظة)، وظن كثير من المصريين أنهم أصبحوا في دولة قانون، وأن لديهم مرجعية ما تفصل بينهم اسمها الدستور، ولكن هيهات، فقد بني البنيان كله على باطل، فكيف بعد أن ألقيت بأصوات المصريين في سلة المهملات تقيم دستورا يحترم أصواتهم؟
من يلغي الانتخابات لا يمكن أن يحترم الانتخابات، ومن يعطل الدساتير، لا يمكن أن يحكم بالدساتير، من يلجأ للقتل للوصول للحكم، سيتمسك بالقتل منهاجا للاحتفاظ بالحكم.
انه دستور السيسي، تم بعد انقلابه، وعلى عينه كتب، وعلى أساسه انتخب، وبه أصبح رئيسا للجمهورية، وعلى احترامه والعمل به أقسم، ولكن الغريب أن نجد أن أول وأكبر أعداء هذا الدستور هو السيسي نفسه !
عزيزي القارئ ... اقرأ هذه السطور معي :
(هل يَحِقّ لنا أن نحلم بتطبيق الالتزام الدستورى الخاص بنشر إقرار الذمة المالية للمسؤول الأول فى الدولة (رئيس الجمهورية)؟ وهو الالتزام الذى أتَعَجّبُ حقيقةً من عدم تنفيذه حتى الآن.
فالمادة (145) من دستور جمهورية مصر العربية المُقّر فى 18 يناير 2014 بموافقة 98.1% من المُستفتين والذى أصبح مُلزماً لجميع المصريين، هى مادةٌ بالغة الروعة والاحترام .. تُشرّف اللجنةَ التى صاغتها والشعبَ الذى وافق عليها .. أدعو الجميع لإعادة قراءتها كاملةً .. لكن ما يُهمنا هنا ما جاء فى سطرها الثامن نصّاً: (يتعيّن على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمةٍ ماليةٍ عند توّلِيه المنصب، وعند تَرْكِه، وفى نهاية كل عام، ويُنشر الإقرار فى الجريدة الرسمية) .. الأمرُ واضحٌ ومُحدّدٌ .. وقد مضى أكثر من ستة شهور على تولّى الرئيس الحالى منصبه (8 يونيو 2014) ودَخَلْنا فى النصف الأخير من العام الرئاسى الأول، دون أن يتم نشر إقرار بداية الفترة الرئاسية (وهو نفسه إقرار بداية العام الأول) .. وهى مخالفةٌ دستوريةٌ غير مُبرّرةٍ بالمرة .. فمعلومٌ للكافة أن الرجل مٍن أسرةٍ ثريّةٍ مِن قبل توليّه المنصب الرئاسى .. وقد أقدَم الرجلُ (مشكوراً) على عدة خطواتٍ طيبةٍ أَلزَمَ بها نفسَه دون أن يُلزِمَه أحد .. فقد أعلن فى شهره الأول عن تبرعه لصندوق (تحيا مصر) بنصف راتبه الشهرى الذى جعله حداً أقصى، وهو ما يعنى عملياً أن عدداً كبيراً من كبار موظفى الدولة أصبح دخلُهم الشهرى أكبر من دخل رئيس الجمهورية .. ثم أعلن عن تبرعه بنصف ثروته بما فيها إرثه عن والده لنفس الصندوق، مُبادراً بذلك أيضاً دون أن يُلزمه أحد .. لكنه لم يُفصح عن قيمة هذه الثروة التى تبرّع بنصفها .. وهو ما فسرّه البعض بأنه يريد أن يكون تبرّعه خالصاً لوجه الله لا رياء فيه .. حسناً، هذا فيما يخُصُ الصدقةَ الشخصية التى يُفضَّلُ ألا تعرف شِمالُ المرء ما أنفقت يمينُه، أما إقرار الذمة المالية للرئيس فهو إلزامٌ دستورىٌ يجب أن تعرفه أَيْمُن (جمع يمين) وأَشْمُل (جمع شِمال) التسعين مليون مصرى.


أرجو ألا يخرج علينا أحدُ الدِبَبَة قائلاً إن نشر الذمة المالية للرئيس سيستغله الإخوان للتشهير بمفرداتها .. الحقيقةُ أن العكس هو الصحيح، أى أن عدم النشر هو الذى سيُتخذ مادةً للتشهير .. ثم إن مَنْ يُرد التشهير سيُشهّر فى كل حال .. أو يصرخ فى وجهنا أحدُهم بأن مصر فى حربٍ ضد الإرهاب، وأن هذا ليس وقت إثارة مثل هذه الموضوعات بينما جنودنا يُستشهدون كل يوم .. الحقيقةُ أن هذا هو وقتُه بالضبط .. فإن مصر لن تنتصر فى أى حربٍ على أى جبهةٍ إلا بمزيدٍ من الانضباط الديمقراطى والالتزام والمراقبة والمحاسبة .. والدماء الزكيّة التى تُراقُ لا تُبذَلُ إلا مِن أجل الحِفاظ على دولةٍ تُعلى مِن شأن هذه القِيَم ..  ثم إننى أعود وأُكرر وأذكّر بأن الأمرَ واجبٌ دستورىٌ لا اختيار فيه ولا يجوز المجادلة والتبرير بشأنه .. وإلا عُدنا إلى أيامٍ كان الدستور فيها مُجرّد وُريقاتٍ لا قيمة لها، والحاكم لا يُسألُ عما يفعل .. أيامٍ بيعت فيها شركاتُ القطاع العام مثلاً فى وجود مادةٍ فى الدستور تمنع ذلك بتاتاً! (لا أعادها الله من أيام).
هو إلزامٌ دستورىٌ إجبارىٌ وليس اختيارياً .. ولا بد أن هناك مسؤولاً محدداً فى ديوان الرئاسة أو فى أجهزة الدولة المختلفة بمن فيهم حضور مؤتمر رئيس الوزراء، يدخل فى اختصاصه تذكير الرئيس باستحقاقاته الدستورية فى توقيتاتها ومتابعة تنفيذها، وإلا وَجَبَت محاسبته "محاسبة المسؤول إذا قصّر.. أو الرئيس إذا امتنع).
هذا ليس كلامي، بل هو اقتباس من مقالة الأخ الكريم المهندس يحيى حسين عبدالهادي، وكما يلاحظ القارئ فإنه كلام مهذب، رقيق، ليس فيه أي تلميحات بانحراف، بل العكس هو الصحيح، إنه كلام يوغل في حسن الظن، ويبالغ في افتراض البراءة وطيب النوايا، إنه كلام رجل شريف، لم يسرق، بل قاوم السرقة من المال العام ودفع الثمن مرا، إنه كلام رجل من "معسكر السيسي"، وليس كلام أحد الإخوان، إنه كلام رجل عسكري سابق، يعتز بشرفه العسكري وخلفيته العسكرية، وبالتالي لا مجال لاعتباره متربصا أو حاقدا، أو شاعرا موتورا !

فمـــاذا كـــــانت النتيجــــة؟
بمنتهى البساطة لقد منعت جريدة اليوم السابع المقالة
ولم تسمح بها أصلا !
صديقي يحيى حسين يضعني على قائمة مراسلاته
فوصلتني هذه الرسالة بهذه المقالة الممنوعة
 في الوقت الذي كنت أنوي فيه الكتابة
عن هذا الموضوع، فقلت لا بد أن أستشهد بها.

والحقيقة أن الأمر في مصر لا يجري بهذا الشكل، ومسألة الدستور والقانون واللوائح والأعراف والتقاليد ... الخ، هذه الشكليات ... لا تهم السيد رئيس جمهورية الأمر الواقع، ولا تهم سائر رؤساء مصر الذين أتوا بانتخابات مزورة، فهؤلاء يتصرفون على أنهم أسياد، وأن المصريين عبيد لديهم، وتصرفاتهم تدل على ذلك.
على سبيل المثال ... لقد وافق السيد عبدالفتاح السيسي على التنازل عن حقول غاز مصرية لصالح إسرائيل وقبرص واليونان، حقول الغازل تلك (في البحر الأبيض المتوسط) تستطيع أن تنقل مصر نقلة اقتصادية لا مثيل لها، فهي مخزون ضخم، في وقت يتزايد فيه الطلب على الغاز في العالم كله، وبالتالي لا يمكن أن نتوقع منه أن يقدم لنا إقرار ذمة مالية !
وبدلا من الدخول في معركة قضائية مع هذه الدول (لن أقول حربا)، وجدناه يتودد لها، فيعمل لإرضاء إسرائيل ليل نهار، ويستقبل رؤساء اليونان وقبرص (المفلسين) كاستقبال الخديوي إسماعيل للملكة "أوجيني" !!!
قضية حقول الغاز التي أهدتها الحكومة لأعداءنا منظورة أمام القضاء، وأولى جلساتها ستكون في مجلس الدولة في العشرين من يناير القادم، ويترافع فيها بالنيابة عن الشعب المصري الفارس الوطني العظيم سعادة السفير إبراهيم يسري، ذلك الرمز الذي حصل للمصريين على حكم عدم جواز تصدير الغاز لإسرائيل في عهد المخلوع مبارك.
(تفاصيل قصة حقول الغاز عبارة عن قصة عار على نظام كامل، وسأحكيها بالتفصيل في الجزء الثاني من المقالة في الأسبوع القادم بإذن الله).
كل ما ذكرته يثبت أن السبب الحقيقي لعدم نشر كبار المسؤولين لأي إقرارات ذمة مالية (وأولهم رئيس الجمهورية طبعا) هو أننا نعيش في دولة الأسياد والعبيد، وإذا أردتم أن من المسؤولين أن ينشروا إقرارات ذمتهم المالية فأسقطوا هذا النظام، وأقيموا نظاما آخر ينتخب فيه كل المسؤولين، ولا سيد فيه إلا الشعب.
نحن لا نعرف ما ينبغي أن نعرفه عن مرتبات قادة الجيش، ولا السادة الوزراء، ولا السادة رؤساء الشركات القابضة، ولا السادة رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات في شركات الدولة، نحن لا نعرف كثيرا من المعلومات الهامة في ميزانية مصر أصلا، ولن نعرف شيئا عن كل هذه الأمور إلا حين تسقط دولة الأسياد والعبيد.
أما إذا سألني أحد "متى يأتي ذلك اليوم؟"، فالجواب بسيط : لقد جاء هذا اليوم بالفعل، وتأكد أن هذا النظام قد سقط منذ زمن، وما يفعله هذا النظام الآن مجرد "حلاوة روح"، ونحن بصدد إنهاء إجراءات الدفن، واستخراج شهادة الوفاة، وهذا أمر سيستغرق بعض الوقت (بمقياس الشعوب)، أي بضعة أشهر ... أو بضع سنوات ... لا فرق ... فالنتيجة واحدة !
عيشوا أيامكم الأخيرة في فساد تام كما تعودتم، وتأكدوا أن الحساب قريب، ولتتأكد كل الدول التي تظن أن بإمكانها أن تبتلع موارد مصر من خلال نظام مؤقت زائل أنها تراهن رهانا خاسرا، وأن الشعب المصري ليس مسؤولا عن أي نظام يشتري التورماي.
كلمة للجزيرة مباشر مصر :
هذه القناة كانت تنفق آلاف الدولارات يوميا لكي تغري الضيوف المعارضين لتوجهها بالظهور فيها، في الوقت الذي أنفق الإعلام المصري مليارات الدولارات لكي يطمس ويمسح أي أثر لأي رأي معارض.
هذه القناة التي أظهرت ما يجري في أعماق قرى ونجوع مصر، بينما الإعلام المصري يتجاهل ويكذب ويزور ما يجري في أكبر الشوارع والميادين (مثل تظاهرة 29 نوفمبرالماضي).
هذه القناة التي حققت سبقا خلف سبق من داخل دهاليز الدولة العميقة، حتى عرّت المستبد أمام العالم كله، بينما الإعلام المصري يعتبر إذاعة مكالمات شخصية لسياسيين وناشطين انتصارا استراتيجيا على الإرهاب.
هذه القناة التي قدمت تضحيات عظمى في سبيل إظهار الحقيقة، فقتل من قتل، وجرح من جرح، وسجن من سجن، واعتقل من اعتقل، بينما الإعلام المصري يحاول إلصاق تهمة قتل الصحفيين الذين قتلتهم الدولة بالإخوان المسلمين.
وبعد كل ذلك يتهمونها بعدم الحياد !
تحية لكل العاملين في قناة الجزيرة مباشر مصر ... لقد قدمتم مثالا عظيما للاحترام والاحتراف ... وتأكدوا أن دوركم مستمر، وأنكم اليوم في منعطف، ولستم في نهاية الطريق.
تحية لكل إعلامي حر وقف في وجه أقذر نظام استبدادي في تاريخ مصر ... أقول لكم جميعا : الثورة مستمرة، والنصر قريب، ولا فرق لدينا إن فتحت قناة أو أغلقت قناة !
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
عبدالرحمن يوسف




؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: