إمـــا خوفـــــاً او شـــراكةً أو تواطـــؤاً
... ملعــون في كل كتـــاب يا عـــار الخيــانة ...
لا تكمن المشكلة الرئيسة فى فضيحة أحكام البراءة على مبارك ونظامه، فلقد كانت أحكاما متوقعة لأنه لا يوجد نظام يمكنه أن يدين نفسه على جرائم لا يزال يرتكبها ليل نهار. وإنما المشكلة الحقيقية منذ بدايات الثورة وحتى اليوم، هي جرائمهم الأشد خطورة وضررًا باستقلال مصر وأمنها القومي، والتي لم يحاكمهم عليها أحد، إما خوفًا او شراكةً أو تواطؤاً.
وأنا هنا لا أتحدث عن المحاكمات السياسية، ففي قانون العقوبات ما يكفى وفيض، لو كنا صادقين.
اولا ـ المادة 77
((يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا، فعلا يؤدى الى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها))
وهى جريمة ارتكبها نظام مبارك حين أهدر استقلال مصر وسيادتها وحولها الى بلد تابع للولايات المتحدة الأمريكية فمكنها من السيطرة على الاقتصاد وعلى التسليح العسكرى وعلى القرار السياسى، وسمح ببقاء قواتها فى سيناء ضمن القوات الأجنبية الغربية غير التابعة للأمم المتحدة التى تراقبنا هناك.
ثانيا ـ المادة 77 (د) فقرة اولى:
(( يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة فى زمن سلم ، وبالسجن المشدد إذا ارتكبت فى زمن الحرب : كل من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك "الإضرار" بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الإقتصادى))
وهى الجريمة التى ارتكبها نظام مبارك حين قبل باستمرار تجريد ثلثى سيناء من القوات المسلحة وفقا للمادة الرابعة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ، فألحق ضررا بالغا بمركز مصر العسكرى .
وارتكبها مرة أخرى حين سلم الاقتصاد المصرى لإدارة صندوق النقد والبنك الدوليين التابعين للعدو الأمريكى وحلفائه من الدول الغربية ونفذ تعليماتهم ببيع القطاع العام، وضرْب الصناعة الوطنية المصرية لصالح المنتجات الأجنبية، وتعويم الجنيه المصرى وربطه بالدولار، وتقليص الدعم للفقراء، وترك البلد لسيطرة ونهب رجال الأعمال الأجانب والمصريين بدعوى الاقتصاد الحر ، والامتناع عن وضع خطة اقتصادية قومية تحقق مصالح الشعب، مما أضر ضررًا بالغا بالمركز الاقتصادى لغالبية المصريين الذين أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر.
وارتكبها مرة ثالثة للإضرار بمركز مصر السياسى والإقليمى حين قرر أن يلحق بالسياسة الأمريكية فى المنطقة، ويتنازل عن دور مصر الريادى وقيادتها للأمة العربية، والذى تمثل فى أوضح صوره فى استمرار قبوله بالمادة السادسة من المعاهدة التى تنحاز للأمن الإسرائيلى على حساب الأمن القومى العربى. وأيضا بما قدمه من تسهيلات لوجيستية دائمة للقوات الأمريكية فى قناة السويس والمجال الجوى المصرى استفادت منها فى غزوها لأفغانستان والعراق وفى فرض وجودها وهيمنتها العسكرية على المنطقة. وكذلك فى دعمه لكل المشروعات الاستعمارية الأمريكية والصهيونية فى تقسيم السودان والعراق وضرب وحصار المقاومة العربية فى لبنان والعراق وفلسطين .
ثالثا ـ مادة 77 (د) فقرة ثانية :
(( يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة فى زمن سلم . وبالسجن المشدد إذا ارتكبت فى زمن الحرب :
كل من أتلف عمدا أو "أخفى" أو اختلس أو زور أوراقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى))
وهى الجريمة التى ارتكبها النظام فى تصديره الغاز والبترول لاسرائيل ، حين "أخفى" عن البرلمان وعن الراى العام المصرى حقيقة هذه الصفقات، وهى مجرد قشة من كوم كبير لم نكتشف بعد كل خفاياه، عن حدود وحجم العلاقات مع اسرائيل فى مجالات متعددة تشمل التنسيق الامنى والسياسى والاقتصادى والزراعى والسياحى والثقافى وغيره.
رابعا ـ مادة 78 :
(( كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو من أحد ممن يعملون لمصلحتها نقودا أو أية منفعة أخرى أو وعدا بشيء من ذلك بقصد إرتكاب عمل ضار بمصلحة قومية يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به))
وهى الجريمة التى ارتكبها نظام مبارك ورجال أعماله، ولا يزالون، بضرب وتصفية الصناعة الوطنية المصرية، من خلال تحصلهم على آلاف التوكيلات التجارية الأجنبية وملايين الدولارات لتسويق المنتجات الاجنبية على حساب المنتجات الوطنية .
بالإضافة إلى مئات الملايين من المعونات الأجنبية التى يأخذونها تحت عنوان دعم القطاع الخاص، لضمان استمرار سيطرتهم على مقدرات البلد. وهى معونات لا تزال مستمرة حتى الآن .
خامسا ـ مادة 77 (هـ) :
(( يعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف "بالمفاوضة" مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة فتعمد إجراءها ضد مصاحتها ))
وهى الجريمة التى ارتكبها النظام فى مفاوضاته مع العدو الصهيونى فى اتفاقيات كامب ديفيد 1978 و1979 وما بعدهما، والتى أدت الى استقالة ثلاثة وزراء خارجية حين فرط فى مصالح مصر وأمنها القومى فى معظم بنود المعاهدة وعلى الأخص عند قبوله بتجريد سيناء من السلاح كما تقدم، والتى كان يشغل فيها منصب نائب رئيس الجمهورية.
ثم استمراره بعد توليه رئاسة الجمهورية فى ارتكاب ذات الجريمة بقبوله استمرار الالتزام بهذه الشروط المجحفة على امتداد 30 عاما رغم أنه كان بإمكانه أن يتحرر منها أو يخفف من قيودها بعديد من الطرق الدبلوماسية والسياسية .
وارتكب ذات الجريمة مرة أخرى حين قبل المعونة الأمريكية بشروطها والتى سمح بمقتضاها باختراق أعماق مصر الاستراتيجية على كافة المستويات .
وكذلك حين قبل قروض الدول المانحة والدائنة والمؤسسات الدولية بشروطها السيادية الضارة بمصالح مصر الاقتصادية كما تقدم .
وحين خضع لضغوط الإدارات الأمريكية والصهيونية المتعاقبة حين عمل على جر عديد من الدول العربية للتسوية مع إسرائيل والتنازل عن فلسطين لليهود الصهاينة وشارك فى حصار غزة وبناء الجدار العازل وضرب المقاومة، مما تسبب فى دعم شرعية وقوة العدو الصهيونى، على حساب الأمن القومى المصرى والعربى .
ومرة خامسة حين فرط فى الغاز المصرى بأبخس الأسعار لصالح العدو الصهيونى.
و كذلك حين قبل التنسيق الأمنى السري مع الأمريكان والصهاينة على أوسع مدى ضد مصالح الشعب المصرى وأمنه القومى ومصالح الأمة العربية .
● سادسا ـ مادة 78 (ج) :
(( يعاقب بالإعدام كل من سهل دخول العدو فى البلاد أو سلمه مدنا أو حصونا أو منشآت أو مواقع أو موانى أو مخازن أو ترسانات أو طائرات أو وسائل مواصلات أو أسلحة أو ذخائر أو مهمات حربية أو مؤنا أو أغذية أو غير ذلك مما أعد للدفاع أو مما يستعمل فى ذلك أو خدمة بأن نقل إليه أخبارا أو كان له مرشدا ))
وهى الجريمة التى ارتكبها النظام حين سمح باستبدال قوات الاحتلال الاسرائيلى فى سيناء بقوات الاحتلال الامريكى وحلفائها التى تتواجد هناك تحت مسمى قوات متعددة الجنسية، والتى تقوم بمراقبة مصر، والتى تخضع للإدارة الأمريكية وليس للأمم المتحدة، والتى تتمركز فى مواقع لا يسمح للقوات المصرية بحرية التواجد فيها على أرض سيناء المصرية، والتى لا يحق للسلطات المصرية أن تطلب بانسحابها ‘لا بعد الموافقة الايجابية للدول الخمس الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، وهى القوات التى قال عنها وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى فى محاضرة عام 2008، ان وجودها فى سيناء هو ضمانة امريكية لاسرائيل بحقها فى العودة لاعادة احتلال سيناء ان تغيرت سياسة النظام المصرى تجاه اسرائيل.
● سابعا ـ مادة 78 (هـ) :
(( يعاقب بالسجن المؤبد كل من أتلف أو عيب أو عطل عمدا أسلحة أو سفنا أو طائرات أو مهمات أو منشآت أو وسائل مواصلات أو مرافق عامة أو ذخائر أو مؤنا أو أدوية أو غير ذلك مما اعد للدفاع عن البلاد أو مما يستعمل فى ذلك ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أساء عمدا صنعها أو إصلاحها وكل من أتى عمدا عملا من شأنه أن يجعلها غير صالحة ولو مؤقتا للانتفاع بها فيما أعدت له أو أن ينشأ عنها حادث))
وهى الجريمة التى ارتكبها النظام واستمر فى ارتكابها حين قبل حرمان مصر من حقها فى وجود أي مطارات أو موان عسكرية فى سيناء بموجب المادة الثالثة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية .
● ثامنا ـ مادة 79 :
(( كل من قام فى زمن حرب بنفسه أو بواسطة غيره مباشرة أو عن طريق بلد آخر "بتصدير" بضائع أو منتجات أو غير ذلك من المواد من مصر الى "بلد معاد" أو باستيراد شىء من ذلك يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة تعادل خمسة أمثال قيمة الأشياء المصدرة أو المستوردة على ألا تقل الغرامة عن ألف جنيه
ويحكم بمصادرة الأشياء محل الجريمة فإن لم تضبط يحكم على الجانى بغرامة إضافية تعادل قيمة هذه الأشياء ))
مادة 79 (ا) :
(( يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل من باشر فى زمن الحرب "أعمالا تجارية" أخرى بالذات أو بالواسطة مع رعايا "بلد معاد" أو مع وكلاء هذا البلد أو مندوبيه أو ممثليه أيا كانت إقامتهم أو مع هيئة أو فرد يقيم فيها
ويحكم بمصادرة الأشياء محل الجريمة فإن لم تضبط يحكم على الجانى بغرامة إضافية تعادل قيمة هذه الأشياء))
وهى الجرائم التى قام بارتكابها ولا يزال عدد من موظفى النظام باختلاف درجاتهم الوظيفية يقومون بارتكابها وكذلك العديد من رجال الاعمال، وهو ما نطلق عليها سياسيا مصطلح التطبيع .
فاسرائيل لم تكف لحظة عن ممارسة دورها كبلد معاد ومتربص بمصر حتى بعد معاهدة السلام ، ولقد حولوها كذبا وزيفا ، من بلد معاد الى بلد طبيعى بموجب معاهدة باطلة دستوريا ودوليا ، تمت تحت الاكراه ، وبموجب استفتاء 1979 المزور .
● تاسعا ـ المواد 82 و83 و84 :
تنص هذه المواد على توقيع ذات العقوبات على كل من "شارك" فى هذه الجرائم او "حرض" عليها او "ساعد" فيها او "اخفى" احد ادواتها او "اهمل" وقصر فى الحيلولة دون وقوعها .
كما يعاقب بالحبس سنة كل من "علم" بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب ولم يسارع الى إبلاغه الى السلطات المختصة .
وهو ما ينطبق على المئات من رجال النظام الذين شاركوا فى ارتكاب هذه الجرائم بواحدة أو اكثر من الأفعال المنصوص عليها عاليه .
● عاشرا ـ المادة 86 مكرراً :
((يعاقب بالسجن كل من انشأ او اسس او نظم او أدار، على خلاف احكام القانون جميعة او هيئة او منظمة او جماعة او عصابة ، يكون الغرض منها الدعوة باية وسيلة إلى "تعطيل احكام الدستور" او القوانين او منع احدى مؤسسات الدولة او احدى السلطات العامة من ممارسة اعمالها ....))
وهى الجرائم التى ارتكبها النظام ورجاله حين خرجوا عن الشرعية الدستورية بانتهاكهم لأحكام المادتين الاولى والثالثة من الدستور
اما المادة الاولى من الدستور فتنص فى فقرتها الثانية على أن (( الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة ))
والتى انتهكها النظام باعترافه الباطل بان أرض فلسطين العربية هى ارض اسرائيل وفقا للمادة الثالثة من المعاهدة مع اسرائيل
اما المادة الثالثة من الدستور فهى التى تنص على (( ان السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات ، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ... )) والتى انتهكها النظام حين قبل انتهاك السيادة الوطنية فى سيناء وفقا للمادة الرابعة من ذات المعاهدة .
فالنظام ورجاله قد خرجوا عن الشرعية الدستورية والوطنية منذ عقود طويلة ، ولكنهم تمكنوا من الاستمرار فى مراكز الحكم باستخدام القوة والارهاب ضد الشعب و قواه الوطنية على امتداد أكثر 30 عاما .
***
هذه حزمة واحدة فقط من الجرائم المستمرة لمبارك ونظامه، والتى لم يحاكمهم عليها أحد، إما خوفاً او شراكةً أو تواطؤاً.
محمد سيف الدوله.
ملعون في كل كتاب يا عار الخيانة
اللعنة والنار ع اللي خانوا الأمانة
عاشوا على مُوتْنَا ومُوتْهُم حيانا
عليهم اللعنة في ترابنا وسمـــانا
اتْرَدّي يــا أبواب البيوت وابعديهــم
واتْسَدِّي يا أبواب القلوب واطْرُدِيهم
وانفتحي يا أبواب الجحيم واورديهم
جزاء ما خانونا وباعونا لعدانا
ماتطلعيش يا شمس ع اللي يخونّا
وماتنطفيش يا نار قلوبنا وعيونا
وماترحميش اللي إحنا على قلبه هُنّا
واكوي بنارنا كل نقطة في دمانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق