الاثنين، 15 سبتمبر 2014

الأم المدرســـة. فضل الام الذي غفل عنه الكثير..فيديو



إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة
 من يجـــدد لهــا دينهــا.



 نموذجا للأم المدرسة، التي أخرجت للانسانية ابنا بارا متفوقا بامتياز، كان بمثابة النور الذي اهتدى به الناس، وبمثابة المنبر الذي التفت حوله الامة لتجدد دينها...
طموحها و قناعتها بالرسالة التي يجب أن يحملها إبنها...
كانت والدة الإمام الشافعي بمثابة القوة الدافعة له،  اذ كانت تطمح أن يكون ولدها من الذي يسعون إلى جمع كلمة المسلمين و توحيد صفوفهم.. و كانت حريصة أن يكون إبنها حافظاً للقرآن الكريم..و الحديث و التفسير ..فكانت تسافر به إلى أي مكان تجد فيه هذا العلم..حتى أنها رهنت منزلها..لتغطيه مصاريف السفر و الدراسة..هذه الأم التي سجل التاريخ موقفها و كلامها ، يوم أن ذهبت مع ابنها إلي مكة و قالت : يا بُني مات أبوك ، وإننا فقراء ، وليس لنا مال ، و إني لن أتزوج من أجلك ، وقد نذرتك للعلم ، لعل الله يجمع بك شمل هذه الامة.
... سعيها نحو تحقيق هذا الهدف رغم الصعاب ...
و قد سعت بكل الطرق في تحقيق هذا الهدف فكانت تعينه دائماً وتحاول تحفزه من أجل أن يسعى لتلقي العلم، وتوفر له السبل التي تمكنه من هذا،بالرغم من أنه يتيم الأب و فقيراً أيضاً..و لم تكن تملك المال الكثير لتعلمه مثل أبناء الأغنياء..فكان معلم الأمام الشافعي يتركه و يعلم ابناء الأغنياء ..و كان عمره أربع سنوات آن ذاك فذهب الإمام لأمه يشكو حاله.. فقالت له أمه: يابني عندما يذهب إستاذك ليعلم أبناء الأغنياء إذهب أنت و اجلس بجانب هذا الولد و لا تضايقه ولا تشعره أنك تتطفل عليه..سبحان الله ..كان باستطاعتها أنت تقول..نحن فقراء و ليس بوسعنا شيء نفعله فاترك المدرسة.. فانا لا أستطيع رويتك و أنت تُعامل هذه المعاملة.. ويقول الإمام الشافعي .. ففعلت كما أمرتني أمي حتى أصبحت أدرّس أبناء الأغنياء في حال غياب المعلم..و تعجب المعلم مني..و أصبح يعير لي كل الإهتمام حتى أساعده في أداء مهمته في حال غيابه..و يقول وقد تعلمت من هذا الموقف..التذلل للعلم ..و الأدب للمعلم ..
و الأمام الشافعي من شدة فقره لم يكن يملك الورق ليكتب عليه .. ذهب إلى أمه أيضاً يشتكي..فقالت له لا عليك يا بني..وذهبت به إلى ديوان الملك حيث يقوم المدون بكاتبة ما يريد ثم يرمي الورق .. فكانت تاخذ الورق المرمي و تحضره لإبنها ليكتب عليه من الخلف  ..و قد كانت أمه إذا يتصدقون عليها الأغنياء تطلب أن يتصدقوا عليها بالورق..و حتى هذه الأوراق لم تكن تكفيه ..فذهبت به أمه إلى مكان ذبح الغنم و تاخذ عظم الغنم و تجففه ليكتب عليه
و كان الإمام الشافعي يحمل العظم على كتفه و يذهب إلى المدرسة و هو إبن السابعة..
يقول الامام وهو يروي لنا نشأته:
(كنت يتيماً في حجر أمّي و لم يكن لها ما تعطيني للمعلّم ، وقد رضي منّي أن أقوم على الصبيان إذا غاب و أخفّف عنه ، و حفظت القرآن و أنا ابن سبع سنين ، و حفظت الموطّأ و أنا ابن عشر ، ولما ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء و أحفظ الحديث أو المسألة و كان منزلنا في شعب الحيف ، ما كنت أجد ما أشتري به القراطيس فكنت آخذ العظم و أكتب فيه و أستوهب الظهور – أي الرسائل المكتوبة – و أكتب في ظهرها).
... التوجيه و التحفيز المعنوي ...
عندما ذهب إلى الصحراء ليعيش فيها أربع سنوات مع قبيلة هذيل، قالت له أمه: يا بني إنك ستبقي هناك سنوات ، و إني أخشى عليك أن تسأم، ولذلك أوصيك بالرياضة ، حتى لا تسأم ، و حتي لا تختلف عن أقرانك.
يقول فلما ذهبت كان همي في أمرين : الرمي و تعلم العلم ، فحفظت عشرة آلاف بيت من الشعر ، وكنت في الرمي أصيب الأهداف جميعاً
لقد أوقفت أم الإمام الشافعي ابنها بين يدها و قالت له : أي بني عاهدني على الصدق ، فعاهدها الشافعي أن يكون الصدق له في الحياة مسلكاً ومنهاجاً .
وذات يوم خرج الشافعي في أحد أسفاره ضمن قافلة ، و إذا بقطاع الطريق قد خرجوا عليها يريدون من فيها ، فسألوا كل واحد منها عما معهم من مال و متاع ، فأنكروا أن يكون معهم شئ ، وعندما حان الدور بسؤال الشافعي قال لهم : إن معي مالاً ثم أخرجه من جعبته ، فتعجب قائد اللصوص من مسلكه وفعله ، و قال له أيها الفتي ما الذي حملك علي فعلك فقد كنت من الممكن أن تنجو بمالك ؟
فقال له الشافعي لقد عاهدت أمي علي الصدق و وفاء لعهدها صدقتكم القول و الحديث . فقال قائد اللصوص متعجباً : أمك غائبة و تحفظ عهدها ! ثم أعلن توبته و قال له : إن عهد الله أولى بالوفاء ، و أمر من معه برد ما نهبوه من القافلة إلى أهلها .
و قبل أن يذهب الشافعي لمقابلة محمد بن الحسن أستاذ مدرسة العراق و تلميذ أبي حنيفة اشترى بكل ما يملك من مال (50ديناراً) كل كتب أبيِ حنيفة و محمد بن الحسن و قرأها حتي يستعد لذلك اللقاء.
 ...علي بعد الشقة بين مكة و المدينة أقبل الشافعي ذات يوم بزيارة أمه و عندما طرق الباب عليها قالت : من أنت ؟ فقال لها : محمد بن إدريس . فقالت له : وبما جئتني ؟
قال لها : جئتك بالعلم و الأدب . فقالت له : لست الشافعي . فحار في أمرة ثم عاد إلى أستاذه و معلمه في دار الهجرة ، وقص عليه أمر ، فتبسم الإمام مالك وقال له : يا شافعي ارجع إلى أمك و اطرق الباب عليها فإذا ما سألتك من أنت ؟
فقل لها : محمد بن إدريس . فإذا ما قالت لك و بم جئت ؟
فقل جئت بالأدب و العلم . ففعل ذلك فقالت له الأم : الآن يا شافعي . ولعلنا نلحظ هنا أن الأم قد ردت الشافعي إلى أستاذه ليقينها أنه لم يدرك الهدف و الغاية إذ قدّم لها في المرة الأولى العلم علي الأدب فردته إلى شيخه ليحسن ويتيقن الهدف من العلم و طلبه هو الادب و التربية . من أجل ذلك قال الإمام الشافعي : تعلمت من مالك الأدب أضعاف ما تعلمت العلم . من أجل ذلك أيضاً قال الشاعر : لا تحسبن العلم ينفع و حده ما لم يتوج ربه بخلاق .
... ماذا أخرجت هذه الأم المدرسة ...
و هكذا أثمرت التربية الحسنة قوة في الرأي و ثباتاً في الحق ، و صلابة في الشدة فأخرجت الشافعي فتى شاباً يافعاً يحفظ العهد و الوفاء لأمه حاضرة و غائبة ، ويترجم بمسلكه عن صلاح التربية في الصغر فكانت مثلاً و عنواناً للإنسان في الكبر.
فبعد أن حفظ الشافعي القرآن الكريم وجوده وكان يتميز بحلاوة الصوت فكان حين يقرأ القرآن أو يصلي يبكي الناس من جمال صوته وعذوبته. قام بحفظ الأحاديث النبوية الشريفة ،والتفسير ،وكان ذلك على يد عدد من العلماء العظام مثل سفيان بن عينه في التفسير، ومسلم بن خالد إمام الحرم المكى في الحديث، فقام الشافعي بالتتلمذ على أيديهما وكان عندما وصل إلى سن الثالثة عشر حافظاً للتفاسير التي قيلت في عصره كما حفظ الأحاديث النبوية وروي الربيع بن سليمان أنّ الشافعي رحمه الله كان يفتي و له خمس عشرة سنة وقد أجازه مسلم بن خالد الزغبي مفتي مكّة و عالمها ، حيث قال له : (أفتِ يا أبا عبد الله فقد آن لك أن تفتي).
 قام الشافعي بتأليف 140 كتاباً ، منها كتاب عنوانه : رياضة الرمي. قال العلماء : كان الشافعي يكلمنا بلغة تقول ما أعظم هذه اللغة إنها تستعصي علينا ، فإذا جلس إلى العامة في درسه أو كتب في كتابه قام بتبسيط اللغة لكي يفهمها الناس ،وكان الشباب في مصر يحبون الشافعي كثيراَ ، لأنه يلعب الرياضة.
قال فيه الإمام أحمد : «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل أنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله»: «عالم قريش يملأ الأرض علماً».
عندما أتى الشافعي إلى مصر ، لم يقبل أن يعطي الدروس و الفتوى إلا بعد أن درس خصائص أهل مصر ، فوجد أن المصريين يقدرون السيده نفيسة حفيدة الحسن بن علي بن أبي طالب ، فذهب لتلقي العلم علي يدي السيدة نفيسة ، فأحبه المصريون قبل أن يتكلم 
مكث الشافعي في مصر أربع سنوات ، و ما بكت مصر لفراق أحد ، كما بكت لفراق الشافعي عندما مات . جاءها و عمره 50 سنة ، و مات و عمره 54 سنة .
روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها. اتفق الامام أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة المتقدمين والمتأخرين على أن من المجددين على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وعلى رأس المائة الثانية الإمام الشافعي رحمه الله.

هذا هو فضل الام الذي قد غفل عنه الكثير..الأم المدرســـة.




؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: