الأربعاء، 2 يوليو 2014

هل فشل .. الحراك ضد السيسي؟.


"وليد شرابي" يوجه رسالة نارية للثوار 
قبل تظاهرات غــدا


  لا يحق لأحد أن يلوم الثوار إذا قاموا بأساليب واستخدموا أدوات إبداعية.. 
 طالما أن العدالة معطلة بأمر من قائد الإنقلاب العسكري 
فلا يلوم أحد على الثورة أن تبدع كيفما تشاء
... أمام كل من أساء لها ...
● الجماهير كسرت جدار الخوف ولن تتراجع مهما كانت التضحيات في سبيل إنجاح الثورة 
● دور الطلاب والفتيات والنساء والأطفال بطولي وغير مسبوق
● تمدد جغرافي لثورة يناير فوصلت للقرى والنجوع والأزقة والحارات وللجامعات وللمدارس
عبر 365 يوما أجهض الحراك الثوري اليومي والمتمدد عبر جغرافيا الغضب في المكان والزمان كل استراتيجيات الصدمة والرعب والدماء التي اتبعها الانقلاب منذ 3 يوليو ومنع الثوار عملية إعادة بناء جدار الخوف، بينما جذرت المجازر الثورة وجعلتها ثورة جذرية وصلت القرى والنجوع. وأثبت الحراك اليومي للجماهير فشل كل الحلول الأمنية وفشل سياسة إرهاب الدولة ضد المتظاهرين وتسبب في إرباك كل حسابات الانقلابيين، وأفشل مخططات الانقلاب باستمرار الحراك وسلميته، وتكشف إصراره على تحقيق أهدافه مهما كانت التضحيات.بما يؤكد أنه حراك متصاعد نجح في الحفاظ على سلميته ولم ينجر للعنف. ورغم المجازر الدموية والاعتقالات والاغتصاب والتعذيب للثوار استمر الحراك الثوري بل واتسعت دوائره وانضم له فتيات وأطفال ومسنون وذوو الاحتياجات الخاصة، بحراك ليل نهار يصل ذروته أيام الجمع، والنواة الصلبة فيه "تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب" ويقوده ميدانيا الشباب وحركة الشارع.


●● يسأل الكثيرون عن طبيعة المعركة الآن في مصر. والجواب عن هذا السؤال يكمن في فهم تحولات الواقع، فطبيعة المعركة قبل رابعة بخلاف طبيعتها بعد رابعة بخلاف طبيعتها الآن، حيث إن اللحظة الحالية تجاوزت الشكل القديم للمواجهة. فقد أصبحت المعركة الآن هي بين النظام وبين إثبات ذاته وقدرته في الشارع، فهو يسارع الخطى نحو إثبات قدرته وجدارته على الإمساك بزمام الأمور، وأصبحت معركة النظام مع خصومة معركة تالية وليست أولية بعد تحول الفعل المعارض لشكل روتيني يهدف إلى إثبات الوجود أكثر مما يحاول أن يشكل بذاته خطرا على النظام! فالمظاهرات الأسبوعية أخذت شكل الفعل اليومي المتكرر بأحجام متوسطة وصغيرة ما تلبث أن تتضخم كل أسبوع كما أنها ما تلبث أن تتداعى للتصعيد كل عدة شهور تحت عناوين إسقاط النظام. لكن حتى مسارات التظاهر وأنماط التصعيد لا توحي بأي احتمالية لأن تشكل خطرا حقيقيا على "وجود" النظام، وإن كانت تشكل عملية استنزاف بطيئة للفعل السياسي للنظام ولاقتصاده. لكن منذ دخول المعركة طورا جديدا بوصول السيسي للرئاسة، فقد أصبحت طبيعة المعركة مختلفة في جوانب كثيرة، إذ إن الأداء الميداني للحكومة من حيث ضبط الأمن والمرور والوجود الدائم ومعارك فرض الهيبة بالقوة الأمنية وعمليات الرصف وتمهيد الطرق وخلافها صارت ثمناً مقنعاً لفريق واسع من المواطنين جراء تغاضيهم عن سياسات القمع أو حتى ملفات كالكهرباء وغيرها. كما إن أثر الفوضى الأمنية والسياسية التي شكلت الصبغة العامة لعهد حكم مرسي وما قبله فترة الثورة -والتي لا يخفى على كل ذي عقل تورط الدولة الأمنية في افتعالها تمهيدا لما يحدث الآن- هذه الصبغة حين يتم مقارنتها بعمليات الضبط الأمني الحالي والوجود وفرض سيطرة الدولة تشكل أيضا حالة إيهام بالتحسن وإقناع للمواطن غير المسيس أن هناك احتمالات لاستعادة التوازن في الدولة ولو من خلال التغاضي عن ثمن القمع، وهو ما سعت الدولة الأمنية دوما لترسيخه أن القمع السياسي هو ثمن مناسب للانضباط في الشارع ويبدو أن قطاعا كبيرا من الشارع يقبل مثل تلك المعادلة .
 ورغم هذه الطبيعة الجديدة للمعركة، والتي تحتل فيها رغبة الدولة الجامحة في تقديم نفسها ومشروعها بشكل مقنع للمواطن المرتبة الأولى؛ ورغم تحول ميدان المعركة بالنسبة للدولة من أولوية مواجهة التظاهر لأولوية إثبات الذات، إلا أن كل ما يحدث هو رتوش تجميلية لواقع اقتصادي مرير وسياسات اقتصادية ستكون موغلة في التقشف تخفض الدولة من خلالها مستوى دعمها هذا العام بنسبة 30% من الموازنة الخاصة بالدعم. وهذا سينعكس بشكل كبير على حياة المواطن الذي يتم تخديره الآن بمسكنات الأمن وتحسين الطرق وعمليات إزالة التعديات على الطرق والميادين، وسرعان ما ستظهر موجات جديدة من التذمر وأشكال فئوية من الاحتجاج لم تسلم منها أي موجة تقشف في العالم. وتمثل قدرة الخطاب الثوري والمعارض والإسلامي على تجاوز طبيعة المعركة الماضية وفهم طبيعة الحالة الجديدة عاملا مهما وفعالا في عملية التوظيف الجيد لانتكاسات النظام وبرنامجه، عبر العودة من جديد للمواطن والدخول لمساحات كان النظام حريصا على عزل الحراك عنها. 
وأستلهم في ذلك مثالا حصل منذ أيام برغم سطحيته وعدم دلالته الكافية على ما أقصد، إلا أنه يشكل مدخلا مهما لفهم ما يمكن أن يكون في دوائر أوسع من تلك الحالة الضيقة، ففي الإسكندرية استطاع المتظاهرون لأول مرة من شهور تجاوز الخصومة الثأرية بينهم وبين أهالي المنشية ومحطة الرمل والقيام بالتظاهر ضد النظام في منطقة تعد أهم معاقله عقب قيام قوات الأمن بمصادرة أكشاك الباعة وحملات استهدفت الأسواق الشعبية فيها، مما مكن المتظاهرين من العبور لأول مرة بسلام عبر تلك المنطقة وملخص ما أود قوله؛ هو أن مرحلة الثورية المطلقة ربما تراجعت بشكل كبير أمام المعارك الجزئية الأخرى وعدم قدرة الإخوان أو حراكهم فرض صيغ ثورية حقيقية تشُل قدرة النظام على الوصول لشكل مستقر للدولة، كما إن الدولة فرضت فعليا معارك داخلية على الإخوان وحراكهم، متمثلا في أولوية قضايا المعتقلين وأولوية قضايا المعتقلات، وهي بالنسبة للشارع قضايا تُشَكِل همَّاً خاصاً بمجموعة بعينها، وليست من القضايا التي يتضرر منها عموم الشارع. بل إن النظام يوحي للمواطنين أنهم مستفيدون من انعكاسات الاستقرار التي توفرها عمليات الاعتقال والقمع. وبهذا ينتقل خطاب مظلومية المعتقلين بالإخوان من فكرة الحرية والدولة المتحررة والشرعية والفساد والظلم العام وهو شأن عام، إلى المظلومية الخاصة والشأن الخاص، وهي حالة سعى النظام دوما لفرضها عبر فرض واقع الاعتقال . ليس ما نقوله هنا عبارة عن عملية ترويج لـ"اليأس" من الحراك الحالي، بل هي محاولة صادقة وجادة للفت نظر القائمين والمتحركين إلى أن قواعد اللعبة تغيرت، وربما كان العامل الكبير في هذا التراجع هو أخطاء الحركة نفسها وتعاليها المتكرر عن دلالات الواقع وشواهده، كما إن استمرار اللعب في واقع جديد بقواعد قديمة ربما يورط الحركة مجددا في واقع أكثر سوءاً من الواقع الحالي . 
لا يمكن أبداً مواجهة واقع كهذا بمحاولة بث "أمل" كاذب أو استنهاض الهمم في مسار قديم خاطئ، فاليأس في جانب منه قد يكون أحد عوامل النصر، كما إن الأمل في جوانب منه قد يصبح أحد أسباب الهزيمة. إن الإدراك الحقيقي لحجم الكارثة وجوانبها خير ألف مرة من ترديد عبارات من الأمل الكاذب تزيد الواقع سوءا وتزيد المخطئ ثقة بأخطائه!!





قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا


ليست هناك تعليقات: