الاثنين، 14 يوليو 2014

الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية في حوض النيل.



السياسة الإسرائيلية
 تستهدف تهديد الأمن العربي والمصري 
 بمحاولة زيادة نفوذ إسرائيل
 في الدول المتحكمـة في ميـاه النيـل  


إن العلاقة بين الحركة الصهيونية العالمية ودول حوض النيل، تعود في جذورها إلى فترة ما قبل قيام دولة إسرائيل في العام 1948م .
إن اهتمام الفكر الصهيوني والحركة الصهيونية، بدول حوض النيل ليس وليد اليوم أو العقود الماضية من الصراع العربي الإسرائيلي، من أجل تحقيق هدف محدد قريب المدى، ينقضي بانقضاء الفترة الزمنية الراهنة؛ وإنما هو نتاج اهتمام دائم باعتباره أحد متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي، بأبعادها الثلاثة، الأمنية والسياسية والاقتصادية .
وفي نهاية عقد الخمسينيات الماضي، وعقب العدوان الثلاثي على مصر؛ اتجهت إسرائيل إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع عدد من دول حوض النيل، أهمها؛ كينيا، والكونغو الديمقراطية (زائير)، وأوغندا، وأثيوبيا، ورواندا.
ومن خلال ذلك، نجحت إسرائيل في الخروج من العزلة التي فرضتها عليها المقاطعة العربية، سياسيًّا واقتصاديًّا منذ مطلع الخمسينيات الماضية.
وركزت إسرائيل على جوانب شديدة الأهمية بالنسبة للدول الإفريقية، التي كانت حديثة العهد بالاستقلال في تلك الفترة، مثلت في ذلك الوقت - ولا تزال - إغراءات شديدة الجاذبية لهذه الدول.
ويعود بخلفية تاريخية إلى الأصول الأولى لتلك الإستراتيجية، والتي بدأت مع المؤتمر الصيهوني الأول الذي عُقد في مدينة "بازل" السويسرية عام 1897م، بهدف الإعداد للتأسيس لوطن قومي لليهود، استُقرَّ على أن يكون في فلسطين، وهو ما تم لهم في غضون خمسة عقود، بالإعلان عن قيام دولة إسرائيل في العام 1948م.
وبجانب هذا الهدف، الخاص بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات كما يزعمون؛ يبرز عدد آخر من الغايات والأهداف في الإستراتيجية الإسرائيلية، وقائمة في إدراك صناع القرار في إسرائيل فيما يخص حوض النيل.
ومن بين هذه الأهداف،الهدف الأمني،ويدورهذاالمُدرَك حول حقيقة أن أمن إسرائيل يرتبط بديمومة فكرة الصراع،ومن هنا؛ فإنالصراع مع الدول العربية يجب أن يبقى دائمًا.
هناك أيضًا الهدف السياسي، والذي يقوم على قاعدة أن القوة السياسية لا تقل أهمية عن القوة العسكرية، ومِن ثَم؛ فإن التحالف مع الدول الكبرى مسألة إستراتيجية من أجل الحصول على الشرعية الدولية.
وتعلم إسرائيل جيدًا أن شبكة العلاقات التي تكونها حول العالم تستطيع أن تضع غطاءًا لكل مواقع الخطر في شبكة العلاقات العسكرية الإسرائيلية كما أن أي عمل يهودي استيطاني أو عسكري لابد أن يكون بدعم دولي.
وبالإضافة إلى أسلوب التحالف مع الدول الكبرى، ترى إسرائيل أن العمل على تفتيت الدول العربية وتجزئة الكيانات السياسية والاجتماعية بها طريق جيد للحصول على هدفها السياسي، ومِن ثَم؛ فإن العمل على إضعاف الدول العربية ومحاولة تجزئتها من خلال إقامة تعاون مع طائفة أو جماعة ما تعادي الوَحدة القومية مسألة جوهرية في سياق الإستراتيجية الإسرائيلية الصراعية.
فضلا عن الأبعاد الجغرافية والديمجرافية التي جعلت من تلك المنطقة محط أنظار الدولة العبرية، ولعل أهمها؛ أنها مِفتاح الدخول والخروج إلى المحيط الهندي ومنه إلى المحيط الأطلنطي، كما أنها نقطة التحكم الرئيسية في القنوات والمضايق المتحكمة في طرق التجارة والنقل العالمية، سواء بشكل عام، أو تلك التي تهم إسرائيل بشكل خاص، وأهمها؛ مضيق باب المندب، ومضيق تيران، وقناة السويس.
وقد سهل البعد الديموجرافي الداخلي المعقد لتلك الدول- المتعدد الذي يصل إلى حد التنافر، وبالتالي فهو مليء بالصراعات والنزاعات التي تصل في أحيان كثيرة إلى حد اندلاع حروب أهلية - المهمة أمام إسرائيل للنفاد إلى تلك المنطقة المهمة من القارة الإفريقية، باعتبار أن إسرائيل تجيد التعامل الإستراتيجي في البيئات المنقسمة، بما تمتلكه من مهارة اللعب على المتناقضات في سياق سياسة "فرق تسد" البراجماتية الشهيرة.
الإستراتيجية الإسرائيلية بشكل عام، قبل أن نطبقها على السياسات الإسرائيلية في منطقة حوض النيل ، هذه الإستراتيجية تقوم على أساس فكر عدواني "صراعي" بالأساس.
ويتعامل هذا الفكر، وهذه الإستراتيجية مع المحيط الإقليمي بتخطيط بعيد المدى؛ وذلك من أجل تحقيق الغاية الصهيونية القائمة على عودة أرض إسرائيل إلى شعب إسرائيل في إطار ما أسماه الكاتب "المفهوم التاريخي لأرض إسرائيل، من النيل إلى الفرات".
 كمكمل ومحفز للهدفَيْن الأمني والسياسي؛ حيث يرى الكاتب أنه لتحقيق إسرائيل إستراتيجيتها ببسط هيمنتها على المنطقة العربية؛ فإنها تعمل إيجاد مقومات اقتصادية وتقنية تساعدها على توفير القوة والأمن، خاصة أن الحرب الدائمة على الأراضي العربية تكلف إسرائيل كثيرًا؛ ما جعلها تعتمد على الوسائل التقنية بشكل أكبر من أجل تحقيق أهداف فكرها الإستراتيجي التوسعي الصراعي.
بعد هذا الاستعراض لمعالم الإستراتيجية الإسرائيلية على المستوى الإقليمي بشكل عام؛ يتناول الباحث في الإطار ذاته، في الفصل الأول، البيئة التي تتحرك فيها الإستراتيجية الإسرائيلية، وهي منطقة حوض النيل ودولها.
تستخدم إسرائيل الجانب الاقتصادي بهدف أساسي وهو تأمين سيطرتها على مشاريع الري والمياه في دول حوض النيل، فقد نجحت بمساعدة الولايات المتحدة في تأمين سيطرتها على بعض مشاريع الري في منطقة البحيرات، حيث تقوم بتقديم الدعم الفني والتكنولوجي من خلال الأنشطة الهندسية للشركات الإسرائيلية في مجال بناء السدود المائية.
كما تستغل إسرائيل الصراعات العرقية والقبلية في منطقة حوض النيلن لدعم الحركات الانفصالية بالسلاح والمعدات العسكرية المختلفة؛ فإسرائيل دعمت الحركة الانفصالية في جنوب السودان منذ انطلاقها، ثم دربت كوادر الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا عندما لاحت بوادر انتصارها، وعملت على إقامة علاقات حديثة مع قبائل “الكامبا” و”الكيلوي” في تنزانيا.
ويلعب المدخل العسكري والأمني دورا أساسيا في تطوير العلاقات؛ نظرا لحاجة القادة الأفارقة إلى المساعدات العسكرية؛ فالصادرات العسكرية الإسرائيلية من الأدوات الأساسية في تنفيذ السياسة الخارجية؛ فهي ترتبط برؤية إستراتيجية وأمنية إسرائيلية تهدف إلى التغلغل في دول منابع النيل.
وتطمع إسرائيل في أن يكون لها بصورة غير مباشرة اليد الطولى في التأثير على حصة مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان؛ وذلك كورقة ضغط على مصر للتسليم في النهاية بما تطلبه إسرائيل، بل إن للخبراء الصهاينة لغة في مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخـص في ادعـــاء خبيث يقول أن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة؛ وذلك أنها تقررت في وقـت سابــق على استقلالهــم، وأن إسرائيــل كفيلة أن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها". من أجل ذلك تتوارد الأنباء والأخبار عن مساعدات إسرائيلية لإثيوبيا لإقامة السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه النهر.
لاشك أن إسرائيل تستفيد من الانحياز الأمريكى الكامل لها والذى يزيد تأثيره من خلال عدد من رجال الحكم فى دول حوض النيل الذين يدينون بالولاء لمجمل سياسات أمريكا، ويساعد على ذلك التناقضات العربية والأفريقية وليس هذا الدور بخاف خاصة فى أزمة دارفور بين القبائل العربية وقبائل الغور الأفريقية والتى ظهرت خلالها الأصابع الإسرائيلية المؤججة للخلافات وتوظيف الصراعات العرقية.
وتأتى العلاقات التجارية كأحد أهم مؤشرات زيادة التأثير الإسرائيلى فى دول الحوض بل فى كافة إرجاء القارة، حيث تشهد العلاقات تطورا متزايدا خاصة فى أثيوبيا والكونغو الديمقراطية، ويأخذ هذا إلى جانب التبادل التجارى إقامة الغرف التجارية المشتركة والمعونات والمنح فى مجالات الصحة والتعليم والتدريب، وقد خصصت إسرائيل لهذا أحد المراكز المتخصصة بوزارة الخارجية تقتصر مهامه على تعميم وتطبيق التعاون الأسر أفريقى، حتى انه خلال قطع الدول الأفريقية علاقاتها السياسية مع إسرائيل بعد حرب يونيو 1967، ظلت العلاقات على تميزها بل زادت وتيرتها فى بعض الدول الأفريقية الواقع أن إسرائيل تعمل بكل طاقاتها للاستئثار بدول حوض النيل بدءا من تقديم المشورة وتوفير الاحتياجات الإنسانية.. فماذا تفعل مصر كى تحصر هذا الدور المشبوه لإسرائيل فى منطقة هى بحق إحدى أهم المناطق خطورة على الأمن القومى المصرى الذى يمثل النيل أهم أركانه؟ .
أن السياسة الإسرائيلية تستهدف تهديد الأمن العربي والمصري بمحاولة زيادة نفوذ إسرائيل في الدول المتحكمة في مياه النيل من منابعه مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فيكتوريا وهي تعتمد في تحقيق ذلك على خلق المشاكل والتوترات بين الأقطار العربية والأفريقية بما يشغل مصر عن القضية الفلسطينية ، كما تستهدف السياسة الإسرائيلية الحصول على تسهيلات عسكرية في دول منابع النيل واستخدام القواعد الجوية والبحرية مثل ما حدث من مساعدات لإسرائيل من قواعد إثيوبيا في عدوان 1967 واستخدام الدول الإفريقية كقاعدة للتجسس على الأقطار العربية إضافة إلى تصريف منتجات الصناعة العسكرية الإسرائيلية وخلق كوادر عسكرية إفريقية تدين لها بالولاء.
والعمل على إيجاد قواعد عسكرية إفريقية تدين لاسرائيل بالولاء :
وبشكل عام، فإن الاوضاع الاقتصادية المتردية في معظم دول حوض نهر النيل التسع بخلاف مصر تمنح الجانب الاسرائيلي مناخا مؤاتيا للتغلغل والتأثير؛ حيث تشهد العلاقات الاسرائيلية تطورا متزايدا خاصة في اثيوبيا والكونغو الديمقراطية، فقد شهدت لاسنوات الأخيرة انتعاشا في اقامة الغرف التجارية المشتركة والمعوقات والمنح في مجالات الصحة والتعليم والتدريب لدرجة ان الحكومة الاسرائيلية خصصت احد المراكز المتخصصة بوزارة الخارجية، تقتصر مهامه على تعميم وتطبيق التعاون الاسرائيلي- الافريقي.الجميع يستبعد الحل العسكري الا ان جميع المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه، خاصة وان اثيوبيا لم تمد يد العون لمصر للوصول الى حلول ترضي الطرفين، بل على العكس عمدت الى معاقبة السودان لانها لم توقع معها اتفاقيات ثنائية يتم من خلالها تجاوز الطرف المصري وتضييق الخناق عليه، وعمدت الى دعم ميلشيات سودانية وعلى اثر ذلك قتل ضابط سوداني وجرح اخرين. اثيوبيا في الحقيقة تعتمد على اسرائيل والدعم الاسرائيلي لمواجهة اي تحركات سودانية_مصرية، وقبل عام من الان تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية، عن قيام طواقم إسرائيلية بنصب أنظمة دفاعية جوية حول "سد النهضة" التي تعمل إثيوبيا على تشييده منذ عدة سنوات.


قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
 قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا





ليست هناك تعليقات: