الجمعة، 25 يوليو 2014

الإخوان لا يتعلمون من دروس العسكر.. من عبد الناصر إلى السيسي.



هناك فرقًا كبيرًا بين حال جماعة الإخوان حاليًا 
وإبان فترة عبد الناصر، 
يكمن في أن الثورة حاليًا لا تزال في الشارع، 
على عكس ما حدث في «أزمة 56».




مع مرور الذكرى الـ 62 لثورة 23 يوليو، يظهر تساؤل على الساحة السياسية حول علاقة الإخوان بالجيش؛ حيث لم تشهد صفحات التاريخ بين طياتها أية علاقات مودة أو مصالح مشتركة استمرت طويلًا بين جماعة الإخوان المسلمين والجيش المصري، منذ أن التقيا معًا في ثورة يوليو عام 1952، وقبلها في حرب 1948، مرورًا بثورة يناير 2011؛ وصولًا للانقلاب العسكري الذي قاده قائد الطرف الثاني على الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013. 
 ثورة يوليـــو
 نجح جمال عبد الناصر في الاستقلال بتنظيم الضباط الأحرار عن وصاية جماعة الإخوان المسلمين التي ارتضت أن تلتقي في الأهداف مع تنظيم الضباط الأحرار، وأضحى عبد الناصر الزعيم الأوحد والقائد المخطط لكافة أعضاء التنظيم بما فيهم ضباط الإخوان المسلمين، وكان أكثر ما يقلق جمال عبد الناصر أن يواجه نفس مصير الثورة العرابية، فكان لزامًا أن يوفر الغطاء القيادي بانضمام رتبة عالية بالجيش، والتأييد الشعبي الذي يضمن للحركة النجاح والمساندة. وهو ما أكده اللواء جمال حماد في كتابه: «أسرار ثورة 23 يوليو» قائلًا: «لم يكن هناك للحقيقة والتاريخ أي حزب أو جماعة سياسية في مصر لديه الإمكانيات للتصدي للقوات البريطانية إلى جانب الجيش المصري سوى جماعة الإخوان المسلمين؛ فقد كانت وقتئذ قوة شعبية منظمة ومتماسكة، ولديها جماعات عديدة من المتطوعين المدربين والمزودين بالسلاح والذين سبق أن أثبتوا شجاعتهم خلال حرب 1948م بفلسطين، وأثناء معركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز في منطقة قناة السويس بعد إلغاء معاهدة 1936م». 
 وهكذا، بدأ الاتصال بين قيادة جماعة الإخوان والتنظيم الأحرار لوضع اللمسات الأخيرة للحركة، والاطمئنان إلى تأييد الإخوان المسلمين، والاتفاق على دورهم في الثورة، وسيناريوهات الحكم بعد نجاح الحركة؛ وبذلك يكون الإخوان المسلمون الحركة الوحيدة التي كانت على علم مسبق ومباشر بقيام الثورة. ورغم الدور البارز والمهم الذي لعبه الإخوان المسلمون في إنجاح الثورة، إلا أن بعض الضباط الأحرار نفوا اشتراك الإخوان أو مساندتهم للثورة، ومنهم من أشار إلى دور الإخوان بطريقة غير مباشرة في أوقات لاحقة. 
 ● حـادث المنشية 
ولم تكن سنة 1954 لتمرّ مرور الكرام، حتى توترت العلاقة بين مجلس قيادة الثورة وجماعة الإخوان المسلمين على إثر محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في 26 أكتوبر 54، والمعروف بـ«حادث المنشية»، والذي تثار حوله التساؤلات العديدة حول صحته، وهل هو مدبر من قبل عبد الناصر نفسه أم لا؟ وفي ذلك اليوم كان عبد الناصر يخطب في الإسكندرية، بميدان التحرير (المنشية) في احتفال شعبي كبير، بمناسبة التوقيع على اتفاقية الجلاء، وبينما هو مستغرق في خطابه، دوت في الميدان رصاصات ثمان متتابعة قيل، وقتئذٍ، إن شابًّا من الإخوان المسلمين صوبها إلى صدر جمال عبد الناصر، ولكن الرصاصات أخطأت الهدف. 
 ● محكمــة الشــعب 
في أول نوفمبر 1954، أصدر مجلس قيادة الثورة أمرًا بتأليف محكمة خاصة سُميت «محكمة الشعب»، برئاسة جمال سالم، وعضوية أنور السادات، وحسين الشافعي، لمحاكمة الأفعال التي تعدّ خيانة للوطن، أو ضدّ سلامته في الداخل والخارج، وكلّ ما يعتبر موجّهًا ضدّ نظام الحكم، والأسس التي قامت عليها الثورة. 
وكانت هذه المحكمة رابع نوع من المحاكم التي تشكلها الثورة، بعد المجالس العسكرية، ومحكمة الغدر، ومحكمة الثورة. وقد عقدت جلساتها بمبنى قيادة الثورة، بالجزيرة، ثم ألفت ثلاث دوائر فرعية لمحكمة الشعب لنظر قضايا بقية الإخوان، المشتركين في حوادث الاغتيال والإرهاب، وعددهم نحو سبعمائة. 
وتبين أن عدد الذين حكمت عليهم محاكم الشعب هو 867، وعدد الذين حكمت عليهم المحاكم العسكرية 254، وأن عدد المعتقلين وصل إلى مداه، يوم 24 أكتوبر 1955، بعد الادعاء بكشف مخابئ الجهاز السري، والمخابئ السرية للأسلحة والقنابل، التابعة للإخوان، فوصل إلى 2943 معتقلًا. 
 وقد تناقص هذا العدد في عام 1956 إلى 571 معتقلًا، أُفرج عنهم قبل يوم 23 يوليو 1956، وقد كانت حادثة المنشية امتدادًا لما يعرف بـ«أزمة 54»، والتي نتج عنها عزل محمد نجيب عن رئاسة الجمهورية، حلّ الأحزاب السياسية ووضع قادتها في السجون، إغلاق صحيفة المصري التي قيل إنّها لعبت دورًا كبيرًا في الأزمة، حلّ جماعة الإخوان المسلمين وإعدام قادتها ووضع الألوف من أعضائها في السجون، فشل محاولات الانقلابات العسكرية وانتهاء التنظيمات العسكرية المستقلة أو التابعة للقوى الخارجية داخل الجيش، حلّ نقابات الصحفيين والمحامين وتعيين لجان مؤقتة لها. 
  ضبــاط الإخــوان 
وفي هذا السياق، أكّد أستاذ التاريخ الدكتور سالم أبو المعاطي أنّ الإخوان هم أول من ساعدوا جمال عبد الناصر في نجاح ثورة 23 يوليو 1952، بمشاركة ضباط الإخوان وأبرزهم عبد المنعم عبد الرؤوف، معروف الحضري، أبو المكارم عبد الحي، والذي لا يقل دورهم عن رفقاء عبد الناصر. وأشار في تصريحات خاصة لـ«التقرير»، إلى أن شباب الإخوان كان لهم دور كبير في حراسة المنشآت داخل القاهرة ومداخلها ثم التأييد المعنوي قبل وبعد نجاح الثورة، التي أسماها الإخوان «انقلابًا»، بعدما بدأ عبد الناصر في التخلص منهم واعتقالهم. 
 ● انقــلاب 3 يوليـــو 
ومع قيام ثورة 25 يناير 2011، والتي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك من سدة الحكم، لم يبدِ الجيش المصري موقفًا متحيزًا لطرفٍ معين، حتى تنحى مبارك؛ ليتولى الجيش زمام الحكم بصورة مؤقتة، وتتصاعد صراعات الحكم، حتى تولى الرئيس الأسبق محمد مرسي حكم البلاد في يونيو عام 2012 بعد انتخابات شهدت إقبالًا غير مسبوق. وبعد شهورٍ قليلة من تولي مرسي الحكم، قام بإطاحة المجلس العسكري بقيادة وزير الدقاع المشير حسين طنطاوي؛ ليضع السيسي على رأس وزارة الدفاع، والذي عُرف عنه حينها أنه «إخواني بشرطة». 
ولم يتعظ قيادات الإخوان المسلمين من الماضي، بعد أن وضعوا ثقتهم في قائد الجيش الجديد والذي أطاح بالرئيس المنتخب، بعد التظاهرات التي شهدتها البلاد في 30 يونيو من العام الماضي؛ ليأتي بعدها على كرسي الحكم في البلاد، ويبيد الآلاف في عدة مجازر.
 وهو ما أكده الباحث التاريخي فاروق شادي، والذي قال إن مشهد الثالث من يوليو 2013 هو نسخة طبق الأصل مما حدث مع الإخوان في 1952. ففي 2013، استطاع السيسي أن يرتمي في أحضان الإخوان ويظهر في زي «العسكري المتدين»؛ مكررًا أسلوب عبد الناصر حينما حلف على المصحف أمام الشيخ حسن الهضيبي -مرشد الإخوان حينها- لتطبيق الشريعة الإسلامية، فصدقوه وبعدها قلب عليهم الطاولة جميعًا. 
وتابع شادي في حديثه لـ«التقرير»: «إن الإخوان اعترفوا في الحالتين أن العسكر ضحك عليهم، لأنهم أغراهم بكاء السيسي في الصلاة، كما قال القيادي الإخواني قطب العربي». 
 خديعـــة العســكر 
فيما أشار محمد عبد الجليل (أحد شباب الإخوان) إلى إنّ قيادات الإخوان في مكتب الإرشاد يغلب عليها كبر السنّ وكان ذلك أحد الأسباب التي استطاع من خلالها العسكر أن يخدع الإخوان ويقلب الأمور عليهم، رغم التجربة المريرة التي عاشوها إبان فترة عبد الناصر. 
وأضاف عبد الجليل: «نحن كشباب الإخوان لن نسمح للقيادات الكبيرة في السن أن تحتكر المراكز داخل التنظيم، حيث أثبت الشباب أنهم أنجح منهم في تأدية الأدوار والمهام وأبرز أمثلة الدكتور باسم عودة وزير التموين في عهد الرئيس مرسي، وأسامة يس وزير الشباب في نفس الفترة، وكان مشهودًا لهما بالكفاءة عن غيرهما، مما يؤكد نظريتنا أن القادم للشباب، فكفانا خداع والعودة للوراء وخسائر ودماء»، حسب تصريحه. 
وتابع: إن الاخوان أوقعوا أنفسهم ضحية لخداع الجنرال «السيسي» الذي مثل عليهم دور المؤمن التقي الذي يبكي أثناء صلاة الظهر، وبعد ذلك نفذ انقلاب ضدهم ورماهم في السجون وجرم حزبهم، والأكثر من هذا تصديقه حينما ادعى بأن زوجته وبناته منقبات تقوى وطهورًا. 
 ● فـارق كبيـر 
وفي سياقٍ آخر، أكد أحد قيادات جماعة الإخوان –رفض ذكر اسمه-، أنّ هناك فرقًا كبيرًا بين حال جماعة الإخوان حاليًا وإبان فترة عبد الناصر، يكمن في أن الثورة حاليًا لا تزال في الشارع، على عكس ما حدث في «أزمة 56». 
 وأضاف: «يجب ألا نبكي على اللبن المسكوب، والأهم من العتاب، هو تصحيح المسار»؛ موضّحًا أن حال الشعب المصري، في خمسينيات القرن الماضي، يختلف تمام الاختلاف عن الوقت الحالي، حيث قام عبد الناصر بأخذ الأراضي والأموال من البشوات وأعطاها للفقراء، مما أدى لانحياز طبقة كبيرة من الفقراء له، أما الآن فالعكس هو الذي يحدث في ظل الإجراءات التقشفية التي يقوم بها السيسي. 
واختتم المصدر تصريحاته قائلًا: «ستنتصر الثورة عندما ينحاز المجتمع لها، وهو ما ظهر مبشراته بصورة جلية». 
  دعــوات للتظــاهر 
بدوره لم يفتْ تحالف دعم الشرعية، فرصة الذكرى الـ62 لثورة يوليو، حيث أعلن في بيان له، نيته تنظيم يوم «غضب» ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي. فيما دعا أحمد ماهر، الناشط السياسي، المنسق العام لحركة شباب 6 أبريل، بجعل الاحتفالية بيوم ثورة 23 يوليو، إلى يوم للتظاهر ضد حكم العسكر. وقال عبر موقع التدوينات القصيرة تويتر: «لو حد عايز ينزل يوم 23 يوليو، يبقى يطالب بإنهاء حكم العسكر، مش ينزل يحتفل بثورة العسكر، واستمرار حكم العسكر». 
والجدير بالذكر، أنّ الإخوان تظاهروا من قبل في عدة مناسبات وطنية كان آخرها 3 يوليو ذكرى عزل مرسى، والذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وذكرى نصر حرب أكتوبر، وذكرى تحرير سيناء، وذكرى ثورة 30 يونيو، وحدثت اشتباكات بين الإخوان وقوات الأمن في هذه المناسبات وخلفت مقتل عدد من مؤيدي الإخوان.


قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى 
 قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا






؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛






ليست هناك تعليقات: