الاثنين، 5 مايو 2014

الدولة الطاهرية ملامح نشأة وحضارة. فيديو



عبد الله بن طــاهر في مصــر


*نزاع حول الخلافة بين ابنيه: الأمين والمأمون
 وتصاعد الخلاف إلى حد الحرب والاقتتال، وفي ظل تلك الأجواء المشحونة بالقتال والصراع نجح عبد الله بن طاهر في إرساء دعائم تلك الدولة الفتية الناشئة، التي غرس أبوه بذرتها الأولى في تربة الدولة العباسية العريقة، واستطاع أن يوفر لها من أسباب النجاح، ما مكنها في تلك السنوات القليلة التي عاشتها (205 – 259هـ = 820 – 782م) من أن يكون لها دور بارز في مسيرة الحياة، وأن تترك بصمات واضحة في تاريخ تلك المنطقة، وتسجل اسمها بأحرف من نور في ذاكرة التاريخ عبر الأعوام والعصور. 
*جذور الدولة الطاهرية ومولدها طاهر بن الحسين
 كانت الدولة الطاهرية دولة فارسية إسلامية، نشأت في ظل الصراع الدائم والمتجدد بين العرب والفرس في العصر العباسي، وساعد على ظهورها ذلك الاتجاه الجديد الذي اتخذته الخلافة العباسية نحو اللامركزية في الحكم والإدارة. وتنسب الدولة الطاهرية إلى طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق، وكان أبوه أحد وجهاء خراسان ومن سادتها في عصر الخليفة العباسي هارون الرشيد، وقد ولاه الرشيد بوشنج –إحدى مدن خراسان- والتي تقع بين هراة وسرخس. 
وقد ولد طاهر في بوشنج سنة (159هـ = 775م) ونشأ في كنف أسرة عريقة ذات مجد ورياسة، فأخذ عن أبيه الخبرة السياسية والمهارة العسكرية والدراية بفنون الحرب والقتال، وعُنِي أبوه بتربيته وتعليمه، فشب شجاعًا جوادًا مضحيًا.
وكان طاهر بن الحسين ذا مكانة خاصة لدى الخليفة المأمون، وهو الذي لقبه بذي اليمنين؛ لشجاعته وجرأته في الحرب. 
بعد وفاة هارون الرشيد –سنة (194هـ = 807م)- حدث نزاع حول الخلافة بين ابنيه: الأمين والمأمون، وتصاعد الخلاف إلى حد الحرب والاقتتال، وفي ظل تلك الأجواء المشحونة بالقتال والصراع، وجد طاهر بن الحسين طريقه إلى تحقيق حلمه الكبير في الاستقلال بخراسان حينما استطاع إلحاق الهزيمة بعلي بن عيسى قائد جيش الأمين، فبالرغم من تفوق جيش علي بن عيسى في العدة والعتاد فإن طاهر استطاع بخبرته العسكرية وقيادته الواعية أن يقود جيشه إلى النصر، محطمًا صلف وغرور علي بن عيسى وثقته المفرطة في قوته وقدراته.
وأسرعت رسل طاهر بن الحسين لتزف إلى المأمون بشرى ذلك الانتصار، حاملة معها كتاب طاهر إليه ورأس علي بن عيسى. وعندما علم الأمين بهزيمة جيشه ومقتل قائد جنده، أرسل إلى طاهر بن الحسين يتوعده ويهدده، ولكن طاهر لم يبال بتهديده، فأرسل إليه الأمين جيشًا آخر بقيادة عبد الرحمن بن جبلة، ولكن طاهر تمكن بخبرته ومهارته من إلحاق الهزيمة به والاستيلاء على الأهواز، فأرسل الأمين إليه جيشين آخرين لدحره وهزيمته، وفي هذه المرة يلجأ طاهر إلى المكيدة والحرب النفسية، حيث احتال حتى يوقع الخلاف والشقاق بين الجنود، وتمكن –في النهاية- من السيطرة على الموقف وتحقيق النصر. وأدت تلك الانتصارات المتتالية التي حققها طاهر إلى خروج عمال الأمين عن طاعته، والمسارعة إلى خلعه وإعلان الطاعة لأخيه، واتجه طاهر بجيوشه إلى بغداد فحاصرها مدة طويلة حتى ضاق الناس واشتد الجوع، فلما تمكن من دخولها قبض على الأمين ثم أمر بقتله.


*بداية ولاية الطاهريين على خراسان 
استقر الأمر للمأمون بالخلافة –سنة (198هـ = 813م)- فأسند إلى طاهر بن الحسين ولاية خراسان وبقية ولايات المشرق، وولّى ابنه عبد الله على الرقة وعهد إليه بحرب نصر بن شبث القائد العربي الذي خرج على العباسيين لتقريبهم العجم. فلما توفى طاهر –سنة (207هـ = 822م)- عهد المأمون إلى عبد الله بن طاهر بولاية خراسان خلفًا لأبيه، فاستخلف عبد الله عليها أخاه طلحة، فاستمر عليها حتى توفي بعد سبع سنين. واستطاع عبد الله بن طاهر بن الحسين أن يدفع نصر بن شبث إلى الاستسلام –سنة (209هـ = 824م)- بعد أن وعده بالأمان، فقضى بذلك على واحدة من أخطر حركات التمرد والعصيان التي واجهت العباسيين. 
 *عبد الله بن طاهر في مصر 
بعد ذلك اتجه عبد الله بجيشه إلى مصر التي كانت تموج بالفتن والاضطرابات بعد تمرد ولاتها على سلطان العباسيين، فزحف إليها بجيشه –سنة (211هـ = 826م)- وأرسل إلى عهد بن السري – والي مصر- يدعوه إلى السمع والطاعة للخليفة المأمون، ولكن ابن السري حاول رشوته بهدية كبيرة، أرسلها إليه خفية، فردها عبد الله، وكتب إليه يقول: "لو قبلت هديتك نهارًا لقبلتها ليلاً.. بل أنتم بهديتكم تفرحون". ولم يجد ابن السري بدًا من الاستسلام، فاستسلم له في (5 من صفر 211هـ = 17 من مايو 826م)، ودخلها عبد الله واليًا عليها. وقد شهدت فترة ولاية عبد الله بن طاهر على مصر –بالرغم من قصرها- استقرارًا وازدهارًا ملحوظًا في مختلف نواحي الحياة؛ فقد أعاد الأمن والهدوء إلى البلاد بعد أن تمكن من القضاء على الفوضى والاضطراب، كما شهدت العديد من مظاهر العمران، فقد أدخل عبد الله زيادات وتحسينات ملموسة في بناء الجامع العتيق بالفسطاط –جامع عمرو بن العاص- وزاد من عدد أبوابه، ودعم جدرانه، ورقّم مبانيه. وحفلت كذلك ببعض مظاهر الإصلاح الاقتصادي، وتجلى ذلك في الاهتمام بتحسين أحوال الناس، والارتقاء بظروفهم المعيشية، كما اهتم بتطوير الزراعة.. ومما يذكر له أنه أول من أدخل زراعة البطيخ العبدلي الجيد –نسبة إلى عبد الله- بمصر. وتميزت فترة ولايته بالعدل والنزاهة وحسن السيرة، والجود وحب الخير، فيروى أنه عندما دخل مصر منحه المأمون خراجها سنة، فصعد عبد الله المنبر، ولم ينزل حتى وزعها كلها على الناس...


*حركــة بابك الخــرمي 
 وما لبث عبد الله أن ترك مصر بعد أن اطمأن إلى استقرار الأمور بها، واستتباب الأمن والنظام فيها، وعاد إلى بغداد فأرسل الخليفة ابنه العباس، وأخاه المعتصم، وكبار رجال الدولة وأعيانها لاستقباله على مشارف المدينة تكريمًا له وتقديرًا لمكانته، ثم استقبله الخليفة في قصره وأكرمه وأظهر الحفاوة به. وفي تلك الأثناء ظهرت حركة بابك الخرمي أولى الحركات الخارجة على سلطان الخلافة، والتي كانت واحدة من الفرق الهدامة التي تدعو إلى إباحة الأموال والنساء، وتستحل القتل والغصب.
وأراد بابك أن يحرك مشاعر الفرس لتأييده، فأشاع أنه من نسل فاطمة بنت أبي مسلم الخراساني، وأنه جاء لإقامة دولة الفرس، واستفحلت تلك الحركة، واشتد خطرها بعد أن استحل بابك دماء المسلمين والذميين على حد سواء، وفشلت كل محاولات الخلافة للقضاء عليهم، بعد هزيمة محمد بن حميد قائد الجيش الذي أرسله المأمون لقتال بابك الخرمي ومقتل ابن حميد، وأدى ذلك إلى انتشار الفزع في القرى المجاورة، وازداد نفوذ بابك، وتنامى خطره بعد أن انضم إليه قُطّاع الطرق، وأصحاب النحل الفاسدة، والناقمون على الخلافة. فأرسل المأمون عبد الله بن طاهر –سنة (213هـ = 828م)- للقضاء على فتنة بابك، فلما علم بابك بقدومه لجأ إلى جبال أذربيجان، لتجنب الهزيمة أمام جيش عبد الله، الذي اضطر إلى رفع الحصار عنه والعودة إلى خراسان.
 * القضاء على حركة المازبار 
 كما تصدى عبد الله بن طاهر كذلك لحركة المازبار في جبال طبرستان، وكان المازبار قد خرج على الخليفة المأمون، واشتدت فتنته في عهد الخليفة المعتصم –سنة (218-227هـ = 833-842م)- واعتنق المزدكية واستخف بالإسلام والمسلمين، واشتدت فتنته حتى ضج الناس، وهربوا من طبرستان بعد أن اشتد بها الخراب، فأخرج إليه عبد الله بن طاهر ثلاثة جيوش حاصرته حتى تمكنت من هزيمته وأسره، فساقوه إلى عبد الله في خراسان مكبلاً بالأغلال.
 * الدولــة الطاهـــرية.. 
 نمط فريد من الحكم والإدارة وكانت الدولة الطاهرية نمطًا فريدًا من أساليب الحكم، فهي لم تكن دولة منفصلة تمامًا عن الخلافة، كما لم تكن أيضًا ولاية تابعة بشكل مباشر لسلطة الخليفة، يعين عليها الولاة أو يعزلهم، وإنما كانت إمارة شبه مستقلة يحكمها أمير، يتوارث أبناؤه الإمارة من بعده. وقد عمل عبد الله بن طاهر على توطيد أركان تلك الدولة الناشئة، واهتم بتنظيم النواحي الإدارية فيها، فكان يشدد الرقابة على عماله، ويحاسبهم على ما يخولهم فيه من سلطات إدارية، وكان حريصًا على الكتابة إليهم ومتابعتهم؛ فَسَادَ في عهده العدل والإنصاف.
 واهتم كذلك بالنواحي الحربية والعسكرية في إمارته، فقد كان إقليم خراسان –مقر الدولة الطاهرية- يعد من ثغور دولة الخلافة الإسلامية، ومن ثم فقد اهتم بتحصينه، ووضع الفرق والحاميات العسكرية لحماية تلك الثغور، وعندما وجد عبد الله مدينة نيسابور المقر القديم للجند، قد ازدحمت بالجند والسكان، نقل مقر الجند إلى ضاحية جديدة هي الشاذياخ، وذلك لمنع المنافرة بين جنوده وسكان المدينة، وحتى لا يميل الجند إلى الحياة المدنية الوديعة، وظلت نيسابور عاصمة للدولة الطاهرية ومركزًا للحكم.
وعُنِي عبد الله بن طاهر بالقضاء، فنظم مجالس القضاء، واهتم بإقامة الحدود على الجرائم، وكان يعتني باختيار القضاة الذين يتحلون بسعة العلم والدقة والأمانة. وعمل عبد الله على إيجاد وسيلة اتصال جيدة بينه وبين عماله من جهة، وبينه وبين الخلافة من جهة أخرى، لنقل الرسائل والمكاتبات الرسمية، واهتم بإصلاح وتطوير نظام البريد، وتلافي بعض السلبيات التي كانت تحدث من قبل نتيجة استغلال عمال البريد لوظيفتهم –وكانوا يتبعون الخلافة مباشرة، وينقلون إليها أخبار الولاة- فكان بعضهم يبتز الولاة ويهدد القضاة وعمال الخراج بالإساءة إليهم عند الخلفاء، فاستخدم عبد الله بن طاهر الحمام الزاجل في مراسلاته مع عمال دولته ومكاتباته للخلافة.
 حضارة وثقافة وشهدت الدولة الطاهرية –في عهد عبد الله بن طاهر- ازدهارًا اقتصاديًا ملحوظًا، فقد اهتم بالزراعة وهو ما أدى إلى تنوع المحاصيل، وشق الترع وقنوات الري، وعندما اشتد النزاع بين المزارعين حول استخدام تلك القنوات أصدر عددًا من التشريعات والقوانين التي تنظم العلاقة بين المزارعين في استخدامها. 
كما نشطت بعض الصناعات التي تخصصت في إنتاجها مدن معينة، فاشتهرت مرو بصناعة المنسوجات الحريرية والقطنية، كما اشتهرت أيضًا بصناعة الألبان وتجفيف الفواكه، واشتهرت كركان بصناعة الأخشاب، وتميزت طبرستان بصناعة المفروشات والأكسية الطبرية، وجادت كذلك الصناعات المعدنية وخاصة الحديد في إقليم ما وراء النهر، وكان لصناعة السجاد أهمية خاصة فقد انتشرت تلك الصناعة في إيران منذ القدم، بالإضافة إلى صناعة الجلود والخزف والأسلحة. 
وقد أدى ذلك إلى رواج التجارة في تلك المناطق، وازدهار أسواقها، وظهور أسواق شهيرة بها مثل أسواق نيسابور وكرمان. وقد ترك عبد الله بن طاهر أثراً عميقاً في تاريخ عصره وحضارته، وكان أول وال ينظم إدارة خراسان ويحكم إدارتها، وقد قال عنه اليعقوبي: "إنه حكم خراسان كما لم يحكمها أحد من قبله"، وقد وجّه عبد الله اهتمامه إلى إصلاح حال المزارعين، وكان النزاع بين الأهالي من أجل ماء الري أمراً مألوفاً، ولما لم تكن كتب الفقه الإسلامي تحوي حلولاً لهذه القضية، فقد استدعى عبد الله بن طاهر فقهاء خراسان وكلفهم الاشتراك مع فقهاء العراق بوضع قوانين تُنظم استعمال الماء في الري، وكان "كتاب القنى" الذي وضعه هؤلاء الفقهاء هو المرشد لحل قضايا الري، وظل معمولاً به لأكثر من قرنين. وتوفي عبد الله بن طاهر وإليه الحرب والشرطة والسواد وخراسان وأعمالها والري وطبرستان وما يتصل بها وكرمان، وخراج هذه الأعمال كان يوم وفاته 48 مليون درهماً.
 * النهضة الفكرية والعلمية في عهد عبد الله بن طاهر 
 كما شهدت الحياة الفكرية والعلمية والثقافية نهضة كبيرة في عهد عبد الله بن طاهر، فكان يشجع العلماء والأدباء والشعراء، وكان عبد الله شاعرًا بليغًا يهتم باللغة العربية وفنونها وآدابها، فالتف حوله عدد من الأدباء والعلماء والفقهاء، منهم أبو عبيد الله القاسم بن سلام –المتوفى سنة (224هـ = 839م)- وكان عبد الله بن طاهر يشمله بالعطف والرعاية، فكان إذا ألف كتابًا أهداه إلى عبد الله فيكافئه على ذلك بالأموال الكثيرة، كما ارتبط كذلك بالشاعر كلثوم بن عمرو العتابي، وكانت بينهما علاقة وطيدة، وارتبط به كذلك يوحنا بن ماسويه الطبيب الشهير، وألف له كتاب: الصداع وعلله وأوجاعه وجميع أدويته.
واستمر عبد الله بن طاهر يبذل جهده في جد وإخلاص لبناء صرح تلك الدولة التي حملت اسم عائلته لأكثر من نصف قرن من الزمان، حتى ينهض بها أبناؤه وأحفاده من بعده، لا يتوانى في سبيل تحقيق هذا الهدف لحظة، ولا يغفل عن تنفيذ تلك الغاية طرفة عين حتى توفى في (11 من ربيع الأول 230هـ = 26 من نوفمبر 844م) عن عمر بلغ (48) عامًا.
 * الطابع الأخلاقي 
عند عبد الله بن طاهر يبرز الطابع الأخلاقي لدى عبد الله بن طاهر في توجيهاته إلى عماله التي يأمرهم فيها برعاية مصالح الفلاحين، فقد جاء فيها عن الفلاحين "لأن الله عز وجل إنما يطعمنا من أيديهم ويحيينا بألسنتهم ويُحِّرم علينا أن نظلمهم"، وقد ساقه اهتمامه بالطبقات الدنيا إلى فكرة نشر التعليم بين جميع الناس، وهي التي يعبر عنها بقوله: "يجب أن يكون العلم في متناول من يستحقونه ومن لا يستحقونه لأن العلم نفسه أدرى من أن يبقى مع من لا يستحقونه"، ومما لا شك فيه أن عبد الله بن طاهر، وقد عاش في عهد انتصار المذهب العقلي، لم يفهم من لفظ العلم علوم الدين وحدها التي كانت جذورها قد ثبتت آنذاك بخراسان وبلاد ما وراء النهر، وخاصة ببخارى، وقد نال عبد الله ومن قبله أبوه بعض الشهرة في مجال الشعر، كما أن ابن أخيه منصور بن طلحة حاكم مرو وآمل وخوارزم قد دون بعض الرسائل الفلسفية، وكان عبد الله يدعوه بحكيم آل طاهر.
* طاهر بن عبد الله بن طاهر 
عندما توفي عبد الله بن طاهر ولى الخليفة الواثق أعمال عبد الله كلها ابنه طاهر بن عبد الله (230ـ 248هـ/844 ـ862م) وكان خير خلف لأبيه، والمؤرخون يتحدثون عن أيام حكمه وعن أخلاقه الكريمة، بالقدر من الثناء الذي تحدثوا به عن والده عبد الله بن طاهر.
 * نهـــاية الدولــة الطــــــاهرية 
 كانت أخطر الثورات التي شغلت الطاهريين اثنتين؛ حركة الخوارج بسجستان وحركة الشيعة بطبرستان، غير أن العناصر المتمردة لم يشتد ساعدها إلا في عهد محمد بن طاهر، حفيد عبد الله (248 - 259هـ/862 - 872م) الذي خلف أباه في سن الحداثة، ويصوره المؤرخون حاكماً ضعيفاً أسلم نفسه للذات، ففي سنة 250هـ/864م، حدثت ثورة شاملة في طبرستان تزعمها العلويون، وتمكن الحسن بن زيد من سلالة العلويين من جعل نفسه حاكماً على الولاية، وبقي حاكماً لها، فيما عدا فترات قصيرة، حتى عام 271هـ/884م. وفي عهد محمد بن طاهر استفحلت ثورة الخوارج في سجستان، وأخفق واليها من قبل الطاهريين في إخمادها، فتولى أمر الثورة المتطوعة وعلى رأسهم يعقوب بن الليث الصفار، مؤسس الدولة الصفارية والذي كانت نهاية الطاهريين على يده سنة 259هـ/872م. وإذا كان حكم الطاهريين قد انتهى في خراسان، فإن مكانتهم في العراق قد استمرت إلى نهاية القرن الثالث الهجري، فقد كان أفراد من سلالة طاهر بن الحسين وابن عمه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب يتولون مناصب مهمة في العراق ولاة وأصحاب شرط، كما أن أبناء عبد الله بن طاهر: محمداً وسليمان وعبيد الله وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب نالوا شهرة كبيرة، ليس كقادة عسكريين أكفّاء وحسب، وإنما كحماة للأدب والفنون كالموسيقى والغناء، وقد ألف عبيد الله بن عبد الله كتاباً عن الموسيقى والغناء. خدم الولاة الطاهريون (205ـ 259هـ/820 ـ872م) الخلافة العباسية بإخلاص وقدموا لهم الولاء والطاعة، وكانوا يرسلون الفائض من الخراج بانتظام إلى العراق، وقد استمر الخلفاء بتعيين ولاة من الأسرة؛ لأنهم وجدوا فيهم خير من يستطيع ضبط الأمور وفرض النظام وإقامة حكم حازم في هذا الجزء المهم من الدولة الإسلامية.




؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: