الجمعة، 29 نوفمبر 2013

واحسرتاه عَلى جيشِ مصرَ الّذي حوّلَهُ العسكرُ إلى جيشِ احتلالٍ - فيديو


عسكر مصر قتلة مجرمون مفسدون 
 انكشفَ الوجهُ القبيحُ لمجرِمي عَسْكَرِ مِصْرَ مرّةً أخرَى
 بَلْ ظهرَ عسكرُ مصرَ 
في أقبحِ صــورةٍ يمكنُ أن يتخيّلَهَـــا المرءُ.



واحسرتاه عَلى جيشِ مصرَ الّذي حوّلَهُ العسكرُ إلى جيشِ احتلالٍ يقومُ بتقتيلِ المصريّينَ بدمٍ باردٍ 
انكشفَ الوجهُ القبيحُ لمجرِمي عَسْكَرِ مِصْرَ مرّةً أخرَى.
بَلْ ظهرَ عسكرُ مصرَ في أقبحِ صورةٍ يمكنُ أن يتخيّلَهَا المرءُ.
كَانَ المنظرُ بشعًا جدًّا 
عِندما شاهدنَا الطّائراتِ الحربيّةَ المصريّةَ تحملُ القنّاصةَ المجرمينَ 
 الّذينَ يقتلونَ المتظاهرينَ في محيطِ ميدانِ رمسيسَ بدمٍ باردٍ جدًّا، 
وكأنّهم حشراتٌ ضارّةٌ، أو سباعٌ ضاريّةٌ، أو من جنودِ إسرائيلَ
.


مــا الّـذي حَـدثَ للجيشِ المصــريّ ؟ 
قبلَ أن أستعرضَ في السّطورِ التّاليةِ بعضَ مظاهرِ الفسادِ الّذي استشرى في المؤسّسةِ العسكريّةِ المصريّةِ، يهمّني أن أشيرَ إلى الخصالِ الأساسيّةِ لعصابةِ عسكرِ مِصْرَ. والأمرُ هُنَا يتعلّقُ بظاهرةٍ شائعةٍ نرَاهَا ونلمسُهَا في حياتِنَا اليوميّةِ، وَهِي ظاهرةُ ترابطِ الخصالِ السّيّئةِ، أَوِ اجتماعِ الصّفاتِ الحميدةِ. 
ففي كثيرٍ من الأحيانِ نلاحظُ أنّ الخصلةَ الحميدةَ تقودُ إلى خصلةٍ أخرى مثلها، في حينِ أنّ الخصلةَ السّيّئةَ غالبًا ما تجلبُ خصلةً أخرَى سيّئةً.
 مِنْ ذَلكَ مثلًا أنّ الإنسانَ العاقلَ غالبًا ما يحرصُ على صحّته، فلا يفعلُ ما يضرّها. وهذه الصّفةُ الحسنةُ تجعلُهُ يحرصُ على ممارسةِ الرّياضةِ. 
فإذا مارسَ الرّياضةَ، وجدناه لا يتناولُ إلّا الطّعامَ الصّحّيّ الّذي يحفظُ صحّته. 
وإذا فعلَ كلّ هذا نجدُه أيضًا يَحرصُ على الابتعادِ عنِ السّهرِ، وتناولِ المشروباتِ الكحوليّةِ. 
وكلُّ هَذا لأنّه يسيرُ في طريقٍ مستقيمٍ ذي محطّاتٍ متسلسلةٍ، ومراحلَ متعدّدةٍ، وقواعدَ محدّدةٍ ينبغي احترامُها والالتزامُ بها. 
ونجدُ على النّقيضِ من هذا إنسانًا لا يمارسُ الرّياضةَ، ولا يهتمّ بصحّتهِ، ولا يبالي بجودةِ الطّعامِ الّذي يتناولُه، ولا يطيقُ الابتعادَ عن التّدخينِ ومعاقرةِ الخمرِ، إلخ.
والشّيءُ نفسُهُ ينطبقُ هنا على مُجرمي عسكرِ مصرَ الّذينَ جعلوا يتنقّلونَ من صفةٍ سيئةٍ إلى صفةٍ أسوأَ، ومن جريمةٍ صغرى إلى جريمةٍ كبرى. بدأتْ قصّةُ عسكرِ مصرَ بعصابةٍ من حملةِ الثّانوية العامّةِ بمجموعٍ ضعيفٍ جدًّا يدلّ على تدنّي قوّةِ التّحصيلِ والفهمِ لديهم. التحقوا بالكلّيّةِ الحربيّةِ. مدّةُ الدّراسةِ في الكلّيّةِ الحربيّةِ في مصرَ قصيرةٌ جدًّا ، لا تكفي لتخريجِ ضبّاطٍ على درجةٍ عاليةٍ من العلمِ، والتّدريبِ. والنّتيجةُ نراهَا، بل نكتوي بنارِها منذُ أكثر من ستّينَ عامًا. ثمّ إنّ حملةَ الثّانويةِ العامّةِ تخرّجُوا، وأصبحُوا ضبّاطًا. قامَ هؤلاءِ الضّبّاطُ بعملِ انقلابٍ عسكريّ سنةَ ١٩٥٢م، استولُوا به على الحكمِ، ليدشّنوا أسوأَ مرحلةٍ تاريخيّةٍ عاشتها مصرُ في تاريخِها المكتوبِ.
 أرادَ العسكرُ، غيرُ المؤهلينَ، حكمَ مصرَ. هَذا مع أنّهم كانوا قد فشلُوا قبلَ ذلكَ في أوّل اختبارٍ لهم، عندما خاضُوا حربَ فلسطين سنةَ ١٩٤٨م، وانهزمُوا فيها شرَّ هزيمةٍ. وَبعدَ انقلابهم الأسودِ سنةَ ١٩٥٢م بدأتِ المصائبُ: أهملُوا كلَّ شيءٍ في مصرَ، وفشلوا في كلِّ شيءٍ. لكنّهم برعُوا في شيءٍ واحدٍ، هو تأسيسُ دولةٍ بوليسيّةٍ قمعيّةٍ إجراميّةٍ.
 دولـــة المخـــابرات ... الجـزء الأول



 "رابعـــة..مذبحــة القـــرن"..
 فيلم وثائقي عن مجزرة فض الاعتصام
 فيلم وثائقي قصير عن جرائم العسكر بعد الانقلاب الغاشم على الشرعية
 الذي سقط فيه آلاف الشهداء واعتقل فيه المئات
 من مؤيدي الشرعية .. بتهمة "التظـــاهر" .


 كانتْ دولُ أوروبّا تسيرُ في ذلكَ الوقتِ بخطواتٍ واسعةٍ نحوَ التّصنيعِ، والتّنميةِ، والتّقدّمِ. في حينِ كانَ كلُّ همِّ العسكرِ، ومازالَ، منحصرًا في كيفيّةِ إذلالِ الشّعبِ المصريّ. فما أخسأَ هَذهِ الطّبقةَ الدّنيئةَ مِن جيشِ مصرَ!! 
 لم يبرعِ العسكرُ المجرمونَ إلا في التّنكيلِ بالشّرفاءِ، والقبضِ على المعارضينَ، وتحديدِ إقامةِ المنافسينَ لهم، وإعدامِ الوطنيّينَ، وتصفيةِ الإسلاميّينَ، وترويعِ الأبرياءِ، وإرهابِ العزلِ، والتّنكيلِ بالنّقّادِ. 
يقينًا وظّفَ مجرمُو عسكرِ مصرَ الفنّانينَ أيضًا لتخديرِ الشّعبِ بالفنِّ المزعومِ، واستخدموا الفنّاناتِ والرّاقصاتِ لتحقيقِ أهدافِهم في تلهيةِ النّاسِ، وصرفِهم عنِ التّفكيرِ. وهذا يُفسّرُ لنا الولاءَ الغريبَ الّذي نراه اليومَ من فنّاني مصرَ وفنّاناتها للحكمِ العسكريِّ الدّيكتاتوريِّ.
 ●●"إهمالُ" العسكرِ، باعتبارهم من الطّلبةِ ذوي المجموعِ الضّعيفِ دائمًا، إدّى إلى جُمودٍ شاملٍ في التّنميةِ. ظلّتْ سيناءُ صحراءَ جرداءَ. ثمّ أدّتْ رعونةُ العسكرِ إلى خسارةِ حربِ ١٩٦٧م، وضياعِ سيناءَ. وبعدَ أنِ استردَّ السّاداتُ جزءًا من سيناءَ سنةَ ١٩٧٣م، وقّعَ معاهدةَ العارِ "كامب ديفيد" معَ إسرائيلَ، باعتبارِه الخاسرَ الّذي يقبلُ بشروطِ العدوّ المنتصرِ. ففرضتْ هذه المعاهدةُ شروطًا مجحفةً على مصرَ. 
 وعرفَ بنو صهيون منذُ ذلكَ الوقتِ كيفَ يتحكّمونَ في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في جيشِ مصرَ، من خلالِ المعونةِ الأمريكيّةِ المزعومةِ الّتي اشترُوا بها قادَةَ جيشِ مصرَ من عصابةِ العسكرِ.
 الفسادُ المستشري فِي الجيشِ المصريّ قصّتُه طويلةٌ، تعودُ إلى مَا قبلَ انقلابِ ١٩٥٢م. لكنّني أودُّ الاقتصارَ على استعراضِ بعضِ جوانبِه الّتي برزتْ بوضوحٍ في عصرِ عبدِ النّاصرِ، قبلَ أن يتحوّلَ هذا الفسادُ إلى وحشٍ ضاري يكادُ يقضي على الجيشِ المصريّ في عصرِنا هذا. الفسادُ الّذي ضربَ الجيشَ المصريّ بلا رحمةٍ متعدّدُ الجوانبِ. فهناكَ عشوائيةٌ في أسلوبِ تعيينِ القادةِ.
 بل إنّ هذِه العشوائيّةَ المميتةَ وصلتِ اليومَ حدًّا قاتلًا، بحيثُ صرنا نلاحظُ أنّ الشّروطَ الّتي ينبغي توفّرها في القادةِ، لم تعدِ الكفاءةَ، والشّجاعةَ، والعلمَ، والانضباطَ، بل أصبحَ الولاءُ، والفسادُ، والإجرامُ، أهمَّ من ذلكَ بكثيرٍ. 
والأنكى من هذا هُوَ أن إسرائيلَ صارتْ هي الّتي تقومُ بتعيينِ قادةِ الجيوشِ المصريّةِ منذُ سنواتٍ طويلةٍ. 
 من ناحيةٍ أخرى ساهمتْ معاهدةُ "كامب ديفيد" في توحّشِ الفسادِ، واستشرائه بشدّةٍ في جميعِ فروعِ الجيشِ المصريّ.
 لم تعدْ إسرائيلُ هي العدوّ، بل الإسلاميّونَ. ولم يعدِ الهدفُ هو التدريب، والاستعداد للحربِ، بل صارَ قادةُ الجيشِ لا يفكّرونَ إلّا في المشروعاتِ الاستثماريّةِ. 
ولم يعدِ الدّفاعُ عن الوطنِ هو الّذي يشغلُ قادةَ الجيشِ، بل صارَ تقتيلُ الشّعبِ وترويعِه هو أهمّ ما يشغلُ بالَ العسكرِ. 
 وزادَ الطّينُ بلّة أنّ جيشَ مصرَ، مثله مثل شرطةِ مصرَ، لا يزالُ يعتمدُ على ألوفٍ مؤلّفةٍ من الجنودِ الأمّيّينَ، أو شبهِ الأمّيّينَ، من الّذينَ يسهلُ تضليلُهم، أو استعبادُهم، أو استخدامُهم في تقتيلِ النّاسِ، بعدَ غسلِ عقولِهم. النّصوصُ التّاليةُ توضّحُ للقارئ الكريمِ بعضَ جوانبِ الفسادِ الّذي أصابَ المؤسّسةَ العسكريّةَ المصريّةَ، وكيفَ حوّلتْ عصابةُ العسكرِ الجيشَ المصريّ إلى جيشٍ كرتونيّ ضعيفٍ، يزرعُ في الحقولِ، ويعملُ في المصانعِ، لكنّه لا يتدرّبُ على استخدامِ السّلاحِ، أو الدّفاعِ عن أرضِ الوطنِ.
 ونظرًا إلى خطورةِ ما وردَ في هذه النّصوصِ، فقدِ ارتأيتُ نقلَها للقارئِ كما هِيَ، لكي يطّلعَ عليها كما صاغَها أصحابُها، بدونِ أيّ تدخّلٍ منّي. وَلنبدأ استعراضنا هذا بتوضيحِ مقاييسِ ترقيةِ قياداتِ الجيشِ، لنبيّن أنّ الجيشَ المصريّ صارَ يحاربُ أصحابَ الكفاءاتِ الحقيقيّةِ، ولا يعتمدُ إلّا على أهلِ الثّقةِ الّذينَ لا يمتلكون أيّ مؤهلاتٍ حقيقيّةٍ. 
يقولُ جمال حمّاد عَن طريقةِ تعيينِ المشيرِ عبدِ الحكيمِ عامرٍ: 
"(...) وَكَانَ الأمرُ الّذي يدعو إلى الدّهشةِ والعجبِ أنّ عبدَ النّاصرِ هُوَ الّذي رشّحَ عبدَ الحكيمِ عامرٍ، عندما كانَ برتبةِ الرّائدِ ليتولّى القيادةَ العامّةَ للقوّاتِ المسلحةِ على أن يُمنحَ رتبةَ اللّواءِ ليقفزَ بذلكَ أربعَ رتبٍ دفعةً واحدةً.
ورغمَ الاعتراضاتِ العنيفةِ الّتي واجهها عبدُ النّاصرِ من ناحيةِ اللّواءِ محمّد نجيب، ومن بعضِ زملائِه أعضاءِ مجلسِ قيادةِ الثّورةِ، فإنّه استمرّ يعرضُ اقتراحَه في صبرٍ وإلحاحٍ عجيبينِ، حتّى نجحَ في النّهايةِ في تحقيقِ مشيئتِهِ. 
وكانَ أوّلُ قرارٍ أصدرَه اللّواءُ محمّد نجيبٍ بوصفِه رئيسًا للجمهوريّةِ، بعدَ إلغاءِ الملكيّةِ في ١٨ يونيو ١٩٥٣م، هو الأمرَ الجمهوريّ رقم (١) بتعيينِ الرّائدِ عبدِ الحكيمِ عامرٍ قائدًا عَامًّا للقوّاتِ المسلّحةِ عَلى أن يُمنَحَ رتبةَ اللّواءِ. 
وَعلى الرّغمِ من إدراكِ عبدِ النّاصرِ أنّه كَانَ بالخدمةِ في القوّات المسلّحةِ وقتئذٍ قادةٌ أكفاء كانتْ مدّةُ خدمَةِ بعضِهم في الجيشِ تتجاوزُ عمرَ عبدِ الحكيمِ الّذي كانَ في ذلكَ الوقتِ في بدايةِ الثّلاثينيّاتِ من عمرِه، إلّا أنّه كانَ مصرًّا على تعيينِ عبدِ الحكيمِ عامرٍ، لا بحكمِ كفاءتِه العسكريّةِ، أو حرصًا منه على الصّالحِ العامّ، ولكنْ لاعتبارٍ واحدٍ فقطْ، وَهوَ أنّ عبدَ الحكيمِ كانَ أخلصَ الأصدقاءِ، وأقربَ الزّملاءِ إلى قلبه في مجلسِ قيادةِ الثّورةِ.
 وكانَ هذا يعني ولاءَ القوّاتِ المسلّحةِ لعبدِ النّاصر وتدعيمها لمركزه ممّا يُتيح له الفرصةَ للسّيطرةِ على الشّؤونِ السّياسيّةِ في مصرَ دونَ زملائِه من أعضاءِ مجلسِ قيادةِ الثّورةِ تمهيدًا لتنفيذِ المخطّطِ الّذي رسمَه في دقّةٍ ومهارةٍ منذُ بدايةِ الثّورةِ، وهو التّخلّصُ من زملائِه جميعًا، والانفرادُ وحدَه بالنّفوذِ والقوّةِ والسّلطانِ". ا. هـ .
●●●●
ولعلّنا نتذكّرُ الطّريقةَ المماثلةَ الّتي قامَ بها الرّئيسُ المخلوعُ مبارك بتعيينِ المدعو سامي عنان الّذي قفزَ هوَ أيضًا من رتبةٍ صغيرةٍ إلى رتبةِ فريقٍ دفعةً واحدةً. 
لقدِ استشرى الفسادُ في جيشِ مصرَ بطريقةٍ مأساويّةٍ، جعلتْ مقاييسَ اختيارِ القياداتِ العسكريّةِ في مصرَ تختلفُ عن نظيرتها في الدّولِ المتقدّمةِ. فليسَ العلمُ، والشّجاعةُ، والتّحصيلُ، والوطنيّةُ، وحبُّ الأوطانِ، وقوّةُ الانتماءِ، والأخلاقُ، هي المقاييسَ، بل عسكها تمامًا. ويكفي أن نتأمّلَ قياداتِ العسكرِ الّتي برزتْ مؤخرًا على السّاحةِ منذُ اندلاعِ ثورةِ الخامسِ والعشرينَ من ينايرَ ٢٠١١م. فهي شخصيّاتٌ يجمعُها ضعفُ الشّخصيّةِ، وقلّةُ التّعليمِ، وضحالةُ الثّقافةِ، وغيابُ الانتماءِ، وانعدامُ الضّميرِ، والجشعُ الشّديدُ. 
ولنا أن نتخيّلَ العارَ الّذي يمكنُ أن يجلبَه لمصرَ جيشٌ بمثلِ هذه القياداتِ، وبمثلِ هذه الرّعونةِ، إِنِ اضطرّتْ مصرُ إلى خوضِ أيّ حربٍ إقليميّةٍ في المستقبلِ القريبِ.
 يقولُ الفريقُ صلاح الدّين الحديديّ في كتابه: "شاهدٌ على حربِ ٦٧"، في الفصلِ الأوّلِ تحتَ عنوانِ: "الولاءُ أمِ الكفاءةُ": "بدأَ عامُ ١٩٦٧م وهوَ لا يحملُ أيّةَ علامةٍ إضافيّةٍ من علاماتِ احتمالِ صدامٍ مسلّحٍ مَعَ إسرائيلَ. وكانتِ الأمورُ في القوّاتِ المسلّحةِ تسيرُ سيرَها الطّبيعيّ، كما كانتْ تسيرُ في السّنواتِ الّتي سبقتْها. 
ومازالتْ معظمُ الأمورِ الّتي تشغلُ أذهانِ كبارِ المسؤولينَ فيها، هِي نفسها الّتي كانتْ تشغلهم مِن قبلُ، والّتي كنّا نُطلقُ عليها (المشاكلَ المزمنةَ)، نظرًا لتكرارِها كلَّ عامٍ، والاعتمادِ في حلّها عَلى الوقتِ الّذي يتمُّ في التّطوّرِ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ للوطنِ والمواطنينَ، لأنّها كانتْ تتعلّقُ - فِي كثيرٍ من صورِها - بالمستوى الثّقافيّ للجنديّ المجنّدِ للخدمةِ في القوّاتِ المسلّحةِ، أَوْ بالميزانيّةِ الّتي تجعلُ مِنَ الاعتماداتِ الماليّةِ حَلًّا لكلِّ صَعبٍ عسيرٍ.
وَمَعَ بدايةِ عامِ ١٩٦٧م كَانَ هُناكَ بالإضافةِ إلى المشاكلِ المزمنةِ، موضوعٌ تناقلتْه الألسنُ على مختلفِ مستوياتِ أصحابها منذُ صيفِ عامِ ١٩٦٦م، وَمع ذلكَ لم ينتهِ طنينُه، أوِ التّعليقُ عليه. ولم يُنسَ نهائيًّا إلّا بالاشتباكاتِ الّتي بدأتْ صباحَ يومِ ٥ يونيو. 
في صيفِ عامِ ١٩٦٦م أصدرتِ القيادةُ العليا للقوّاتِ المسلّحةِ حَركةَ تعييناتٍ وتنقّلاتٍ واسعةً بينَ القادةِ والضّبّاطِ، شَملتْ عَددًا كبيرًا منهم، مِنْ أكبرِ الرّتبِ إلى أصغرِها، احتاجَ تسجيلُها كتابةَ إلى عشراتِ الصّفحاتِ. وكانتْ حركةُ التّعييناتِ والتّنقّلاتِ هذِه مثارَ تعليقِ جميعِ الرّتبِ. ونظرَ كلّ منهم إليها - بطبيعةِ الحالِ - من زاويةٍ معيّنةٍ.

وارتبطتْ غالبًا هذه النّظرةُ بأثرِ هذه التّعييناتِ على شخصِهِ. ولكنْ كانتْ جميعُ الآراءِ متّفقةً على استنتاجٍ واحدٍ، وهو أنّ هذِه العمليّةَ كلّها كانَ الدّافعُ إليها تطبيقَ مبدأِ: (الولاءِ قبلَ الكفاءةِ). وَالواقعُ أنّ كلمةَ (الولاءِ) هَذِهِ كلمةٌ مرنةٌ لها أكثرُ من وجهٍ.
وَقد حارَ في تفسيرِها الضّبّاطُ، وربّما المدنيّونَ أيضًا في قطاعاتِهم، حَيثُ لم يكُنْ واضِحًا تمامًا أيّ تفسيرٍ لهذا الولاءِ. والولاءُ لمن بالتّحديدِ؟ ومَا هِي مظاهرُه؟
ومن هُم بالذّاتِ أهلُ الولاءِ؟ ومَا هِيَ العلاقةُ الحقيقيّةُ بينَ (صاحبِ الولاءِ) وَ(أهلِ الولاءِ)؟ ومَا علاقةُ بعضِهم بالبعضِ الآخرِ؟ وإلَى أيِّ اتّجاهٍ عسكريٍّ أَوْ سياسيٍّ، أو حتّى مَذهبيّ تسيرُ قافلتهم؟ أسئلةٌ كثيرةٌ متشعّبةٌ ليسَ لها إجاباتٌ واضحةٌ محدّدةٌ، بل ليسَ لها مجيبٌ، وإجابتها متروكةٌ للتّقديرِ الشّخصيّ وللمّاحيةِ الضّابطِ وذكائهِ، ومدى انتهازيّتِه للظّروفِ الّتي أوجدتْها له المقاديرُ، ووضعتْه فيها تصاريفُ الزّمنِ. 
ومعَ ذلكَ فإنّ اجتهادَ المفسّرينَ وتحليلهم للمواقفِ الّتي مرّوا بها، أو سمعُوا عنها، أو عاشُوها، وصلَ بهم إلى أنّ أوّلَ مظاهرِ الولاءِ، هو ضرورةُ ارتباطِ الضّابطِ بإحدى (الشّللِ) الموجودةِ، وربطِ نفسِهِ بها مهما كانتْ رتبته أوِ القيادةُ الّتي يتولّاها، بَل مهمَا كانتِ المظاهرُ الأخلاقيّةُ لأعضاءِ الشّلّةِ الّتي انضمّ إليها.
فانتماءُ الضّابطِ إلى إحدى الشّللِ يعني ولاءَه لها، وبالتّالي لأهلِ الولاءِ، وكانتْ خيوطُ الولاءِ كلّها تتجمّعُ في النّهايةِ في يدِ مَنْ بيدهم الأمر في القوّاتِ المسلّحةِ الّذين يمنعونَ ويمنحونَ، يحلّلونَ ويحرمونَ، بل يفصلونَ من الخدمةِ أو حتّى يعتقلونَ. 
 وذهبَ تعليقُ الضّبّاطِ على هذه الحركةِ مذاهبَ شتّى، فلم يبقَ قائدٌ في وظيفتِه - إلّا نادرًا - حتّى وإنْ كانَ قد أثبتَ كفاءةً، وحقّق نجاحًا. بل إنّ بعضَهم نُقِلَ إلى نفسِ مستوى وظيفتِه في داخلِ نفسِ اللّواءِ أوِ الفرقة، وفي نفسِ المحطّةِ العسكريّةِ الّتي يخدمُ فيها، الأمرُ الّذي لا يبدو من أوّلِ نظرةٍ أنّه حقّقَ أيّ هدفٍ واضحٍ، وَلكنّه فِي الحقيقةِ قَد وازنَ بين ثقلِ الولاءِ في التّشكيلاتِ وَمحطّاتِ عملِها. كَانَ من الطّبيعيّ وَحركةُ التّنقّلاتِ بهذه الضّخامةِ، وَمبدأُ الولاءِ هُوَ المحرّكُ الأصليّ لهَا، أن يبرزَ عَددٌ كبيرٌ من القياداتِ الهامّةِ الّتي شغلها قادةٌ غيرُ أكفاء، لم يُثبتوا أثناءَ خدمتِهم السّابقةِ هذه الكفاءةَ، أو حتّى الرّغبة في إظهارِها.
 فقد كانَ كثيرٌ منهم من الطّبقةِ ذاتِ الولاءِ العالي، عملتْ مددًا طويلةً في الرّئاساتِ المختلفةِ، حتّى وصلتْ إلى رتبٍ كبيرةٍ، ولم يخدمُوا إلّا في القاهرةِ أو ضواحيها على الأكثرِ، وأبعدَهم هَذا عَنِ الاختلاطِ بالجنودِ في الوحداتِ المقاتلةِ، ومعرفةِ حقيقةِ مشاكلِهم وأسلوبِ التّفاهمِ معهم، بل كانَ جُلّ تفكيرِهم تفكيرًا نظريًّا عامًّا، يظنّونَ أنّ في مقدورِهم حلّ المشاكلِ من مكاتبِهم الأنيقةِ، ذاتِ الأجهزةِ الفاخرةِ لتكييفِ الهواءِ، والّتي يبدو فيها حلّ المشكلةِ سهلًا ميسورًا، إذا ما اعتمدَ على تأجيلِ البتّ فيها أو تجاهلها، فلعلّها تحلّ نفسَهَا بنفسِهَا. وَعندما كثرتِ الأقاويلُ والتّعليقاتُ على هذه الطّبقةِ الّتي أمضيتْ مددًا طويلةً في هذه المكاتبِ الفاخرةِ، ووصلَ أفرادُها إلى رتبٍ كبيرةٍ لا تتحمّلها الوظائفُ الّتي يشغلونها، لم يكن هناكَ مخرجٌ إلّا نقلهم من مناصبهم الّتي شغلوها سَنواتٍ طويلةً في الرّئاساتِ المختلفةِ، ليبدؤوا عملَهم في الوحداتِ والتّشكيلاتِ الميدانيّةِ، بصرفِ النّظرِ عن احتمالِ فشلِهم في وظائفِهم الجديدةِ. 
وقبلَ هذا كانَ الانفصالُ الفكريّ بينَ الوحداتِ المقاتلةِ والتّشكيلاتِ من جانبٍ، والرّئاساتِ المختلفةِ من جانبٍ آخرَ، سببًا في مشاكلَ وحساسيّاتٍ كثيرةٍ، أدّت في النّهايةِ إلى تعميقِ جذورِ الخلافِ، وَهي:
**لمنِ الغلبةُ ؟ وأيهما أولى بالتّطبيقِ؟ **النّاحيةُ النّظريّةُ أَمِ النّاحيةُ العمليّةُ؟
ولا سيّما أنّ طبيعةَ أراضينا الصّحراويّةِ المفتوحةِ تختلفُ عن باقي أنواعِ الأراضي، وخاصّةً الضّيّقة منها، والّتي وُضعتْ على أساسِها النّظريّاتُ العلميّةُ البحتةُ.
●●
 الاحــداث التى جــرت في مصــر 
 وبين الإنقـــلاب العســـكري بتشـــيلي



وقد كانتِ الانتفاضةُ الكبرى في هذا السّبيلِ، عندما عادَ المبعوثونَ الّذينَ أُوفدوا إلى الاتّحاد السّوڤييتيّ للدّراسةِ في معاهدِه وأكاديميّاته العسكريّةِ لمددٍ تراوحتْ بينَ العامِ الواحدِ والثّلاثةِ الأعوامِ للدّورةِ الدّراسيّةِ. 
وعندَ عودتِهم تولّوا قياداتِ الوحداتِ والتّشكيلاتِ، واستطاعَ بعضٌ منهم - مِنَ الّذينَ أُحْسِنَ اختيارهم على أساسِ الكفاءةِ والولاءِ للعملِ وحده - أن يوائمَ بينَ النّظريّةِ والواقعيّةِ.
وَوصلتِ الوحداتُ المقاتلةُ في هَذا الوقتِ، إلى كفاءةٍ عاليةٍ وثقةٍ في العملِ، صَاحبها ضعفٌ في أجهزةِ القيادةِ العامّةِ، نتيجةَ عدمِ تأهيلِ العددِ الكافي من ضبّاطِ هذه الأجهزةِ من طبقةِ أصحابِ المكاتبِ المكيّفةِ، ووصلَ الموقفُ إلى ذروته باضطرارِ القيادةِ العامّةِ إلى مساواةِ الضّبّاطِ الّذينَ يخدمونَ في التّشكيلاتِ والوحداتِ الميدانيّةِ، بزملائهم الضّبّاطِ في الرّئاساتِ المختلفةِ، من النّاحيةِ المادّيّةِ، ومنحوا علاواتٌ سُمّيت علاةَ التّشكيلِ، زادتْ قيمتُها الماليّةُ - في بعضِ الرّتبِ - عن علاوةِ أركانِ حربٍ الّتي كان يتمتّعُ بها ضبّاطُ الرّئاساتِ دونَ غيرهم، وَقد أُخِذَ هذا النّظامُ عن الجيشِ السّوڤييتيّ المطبّق فيه نظامُ الحوافزِ. ولكنّ هذه الانتفاضةَ ما لبثتْ أن خبتْ بمرورِ الوقتِ، ونُقِلَ الكثيرُ من قادةِ الوحداتِ والتّشكيلاتِ المؤهّلينَ إلى خارجِ الوحداتِ المقاتلةِ، بعضهم إلى التّقاعدِ، وبعضهم إلى وظائفَ مدنيّةٍ خارجَ القوّاتِ المسلّحةِ، وآخرونَ إلى الرّئاساتِ والقيادةِ العامّةِ أوِ التّشكيلاتِ الجديدةِ الّتي تُنشأ تنفيذًا لسياسةِ التّوسّعِ، فلم يعدِ العددُ الباقي من المؤهّلينَ كافيًا لشغلها جميعًا، وعادتِ الحالُ ثانيةً إلى ما كانتْ عليه من ضعفِ مستوى قادةِ الوحداتِ المقاتلةِ الّتي تُعتبرُ بحقّ القلبَ النّايضَ للقوّاتِ المسلّحةِ. نعودُ ونقولُ إنّ التّعييناتِ والتّنقّلاتِ الّتي صدرتْ في صيفِ عام ١٩٦٦م، وكانَ الدّافعُ الرّئيسيُّ لها الولاءَ بصرفِ النّظرِ عنِ الكفاءةِ، تضمّنت أيضًا حالاتٍ لا تخدمُ صالحَ القوّاتِ المسلّحةِ، كما خدمتْ أصحابَ هذه الحالاتِ. 
 فقد كانتْ هناكَ بعضُ مناطقَ في سيناءَ وفي قطاعِ غزّةَ، لها من الامتيازاتِ المادّيّةِ ما قد يُعوّضُ خشونةَ الحياةِ وجفافِها في تلكَ المناطقِ، وكانتِ الخدمةُ في تلكَ المناطقِ مرموقةً نظرًا لهذه الامتيازاتِ، ولا سيّما بعدَ أن زالتْ قسوةُ الحياةِ فيها بإنشاءِ الميساتِ (= مساكنِ القادةِ والضّبّاطِ) والاستراحاتِ والنّوادي المتعدّدةِ، وفي نفسِ الوقتِ كانَ العملُ في هذه المناطقِ حسّاسًا ويحتاجُ إلى كفاءةٍ ويقظةٍ واحترافٍ حقيقيّ للجنديّةِ، عندَ تلقّي الصّدمةِ الأولى في حالةِ صدامٍ مسلّحٍ مَعَ إسرائيلَ على الحدودِ.
وقد شملَ مبدأُ الولاءِ قبلَ الكفاءةِ هذه المناطقَ الهامّةَ، وعُيّن فيها الأكثرُ ولاءً دونَ النّظرِ إلى كفاءتهم الحقيقيّةِ وأصالةِ روحِ القتالِ فيهم. 
إنّني حينما أشيرُ إلى الكفاءةِ، أعني الكفاءةَ في قيادةِ الوحداتِ الميدانيّةِ والتّشكيلاتِ، الكفاءةَ المبنيةَ على العلمِ العسكريِّ الحديثِ والخبرةِ الميدانيّةِ وممارسةِ قيادةِ الوحداتِ. 
 ومن حقّ القارئِ عليَّ أن يسألَ عن مقاييسِ هذه الكفاءةِ الّتي ذكرتُ أهمّيّتها.
وَهنا أجيبُ: إنّه ليسَ هناكَ ميزانٌ مادّيّ للحكمِ على هذه الكفاءةِ. 
ولكنّ هناكَ شواهدَ تعارفتْ عليها الأجيالُ المتعاقبةُ في القوّاتِ المسلّحةِ، تؤدّي في النّهايةِ إلى الحكمِ السّليمِ على مدى كفاءةِ القادةِ على مختلفِ المستوياتِ. فالقوّاتُ المسلّحةُ مرهفةُ الحسّ، تشعرُ بأقلّ الفوارقِ، وأقلّ الموازينِ كمًا في تبيّن القائدِ الكفء من القائدِ غيرِ الجديرِ بقيادته، وإحساسُها لا يخيبُ أبدًا. 
 فبعدَ مدّةٍ وجيزةٍ تظهرُ الصّفاتُ الحقيقيّةُ للقائدِ، سواء على ألسنةِ الجنودِ تحتَ قيادته، والّذين يتأثّرونَ مباشرةً بهذه الصّفاتِ، أو على كفاءةِ الوحدةِ كمجموعةِ أفرادٍ، في العملِ وتنفيذِ المهامّ، أو على حالةِ المعدّاتِ والأسلحةِ والمركّباتِ، أو على مستوى تدريبِ الأفرادِ أو روحهم المعنويّةِ، وحبّهم لوحدتهم وتعاونهم في المجالاتِ كافّةً، وأخيرًا في التفافهم حولَ قائدهم، لرفعِ مستوى الوحدةِ في جميعِ النّواحي القتاليّةِ. 
وفي الحقيقةِ فحالةُ الوحدةِ الحقيقيّةِ - بصرفِ النّظر عَنِ الواجهةِ الّتي قد تبدو أحيانًا لامعةً زيفًا - تعتبرُ بحقّ مرآةً صادقةً لضبّاطها وعلى رأسهم قائدُها.
 وقد قالَ نابليون في هذا الصّددِ: (ليس هناكَ وحداتٌ رديئةٌ، ولكنْ هناكَ ضبّاطًا تعوزهم الكفاءةُ)". ا. هـ .
 وَلننتقلْ إلى جانبٍ آخرَ من فساد الجيشِ المصريّ، وهو الفسادُ المادّيّ. فقدْ تَداولتْ وسائلُ الإعلامِ العربيّةُ مؤخرًا الخبرَ التّالي: "طالبتْ (منظّمةُ مراقبةِ الفسادِ) حكوماتِ شمالِ أفريقيا والشّرقِ الأوسطِ الّتي شهدتِ انتفاضاتِ الرّبيعِ العربيِّ بالإصغاءِ إلى مطالبِ مواطنيها بمكافحةِ الفسادِ في قوّاتها المسلّحةِ ومحاسبةِ مرتكبيِهِ. 
وَجاءَ في تقريرٍ لمنظّمةِ (الشّفافيّةِ الدّوليّةِ) أنّ أجهزةَ الدّفاعِ والأمنِ كانَ لها دَورٌ ملموسٌ في الاضطراباتِ الإقليميّة، ويجبُ أن تستغلَّ زخمَ التّغييرِ، لتجري إصلاحاتٍ من الدّاخلِ. 
وَخَلصَ التّقريرُ إلى أنّ مخاطرَ الفسادِ دَاخلَ الجيوشِ تتراوحُ بينَ (مرتفعةٍ)، و(حرجةٍ) في كلّ حكوماتِ شمالِ أفريقيا والشّرقِ الأوسطِ الّتي شملَها التّقييمُ، وعددُهَا ١٩ حكومةً.
وقالتِ المنظّمةُ في نسخةٍ إقليميّةٍ لمؤشّرِ مكافحةِ الفسادِ الّذي ركّزَ على القوّاتِ المسلّحةِ: (نظرًا لأنَّ الجيشَ هُوَ عنصرٌ مهيمنٌ في عددٍ كبيرٍ من دولِ شمالِ أفريقيا والشّرقِ الأوسطِ، وله نصيبٌ ملموسٌ في القيادةِ السّياسيّةِ، تُصبحُ قضيّةُ الفسادِ في قطاعِ الدّفاعِ أكثرَ إلحاحًا). 
 وقيّمتِ المنظّمةُ الحكوماتِ التّسعَ عشرةَ وفقًا لمقياسٍ بالأبجديّةِ الإنجليزيّةِ، يبدأُ بالحرفِ الأوّلِ إيه (A)، وينتهي بحرفِ إف (F). والأوّلُ يمثّلُ الأقلَّ عرضةً لمخاطرِ الفسادِ.
أمّا الأخيرُ، فهو الأكثرُ عرضةً لها. 
وَحصلتْ إسرائيلُ والكويتُ ولبنان ودولةُ الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ عَلى أعلى تقديرٍ بينَ دولِ شمالِ أفريقيا والشّرقِ الأوسطِ في تعرّضِ جيوشِهَا لمخاطرِ الفسادِ، وإنْ لم يصلْ أيٌّ منها إلى الأحرفِ الثّلاثةِ الأولى في القياسِ، وكانَ مستوى مخاطرِ الفسادِ فيها (مرتفعًا) يقفُ عندَ (زائدِ دي)، وفقًا للمقياسِ العالميّ.
وجاءَ في ذيلِ القائمةِ كلّ من الجزائرِ ومصرَ وليبيا وسوريا واليمنِ. وقيّمتِ المنظّمةُ مستوى الفسادِ في قوّاتها المسلّحةِ بأنّه (حرجٌ)، وهو المرادفُ لحرف (إف)، آخر الحروفِ في المقياسِ. 
وقالتْ منظّمةُ الشّفّافيّةِ الدّوليّةُ في تقريرِها: 
 (في هَذه الدّولِ يرى المواطنونَ أنّ مؤسّساتِ الدّفاعِ فاسدةٌ، أو لا تعبأُ بالفسادِ، ويعتبرونَ أنّها تنقصُها الإرادةُ السّياسيّةُ لمحاربةِ الفسادِ).
وذكرَ التّقريرُ أنّ الجريمةَ المنظّمةَ اخترقتِ الجيشَ وأجهزةَ الأمنِ في بعضِ دولِ هذه الفئةِ الأخيرةِ، وأنّ دفعَ الرّشى متفشٍّ، وشراءَ المعدّاتِ العسكريّةِ أمرٌ محاطٌ بالسّرّيّةِ. من ناحيةٍ أخرى جاءتْ دولٌ مثلُ القوّتينِ الإقليميّتينِ السّعوديةِ وإيران في المنتصفِ، بما يعني أنّ مخاطرَ الفسادِ في القوّاتِ المسلّحةِ تتراوحُ بينَ (مرتفعٍ) و(مرتفعٍ جدًّا). 
 ووجدتْ منظّمةُ الشّفافيّةِ الدّوليّةُ أنّه في كلّ دولِ شمالِ أفريقيا والشّرقِ الأوسطِ باستثناءِ الكويتِ، لا توجدُ لجنةٌ تشريعيّةٌ تفحصُ ميزانيةَ الدّفاعِ. وحتّى في وجودِ هذه اللّجنةِ، فهي لا تتلقّى معلوماتٍ تفصيليّةً. 
 وذكرَ التّقريرُ أنّه لا توجدُ أيُّ دولةٍ في المنطقةِ لديها رقابةٌ برلمانيّةٌ قويّةٌ، أو حتّى متوسّطةٌ على أجهزةِ المخابراتِ، وأنّه في أكثر من ٦٠٪ منها لا تتاحُ ميزانيةٌ للدّفاعِ على الإطلاقِ، أو يكونُ من الصّعبِ الحصولُ على بيانٍ تفصيليّ للإنفاقِ. 
وقالتْ منظّمةُ الشّفّافيّةِ الدّوليّةُ في تقريرِهَا عَن مؤشّرِ مكافحةِ الحكوماتِ والجيشِ للفسادِ لعامِ ٢٠١٣م إنّ الدّولَ الغنيّةَ في المنطقةِ هِي الأكثرُ عرضةً لمخاطرِ الفسادِ في الجيشِ عَنِ الدّولِ الأفقرِ منها. وَجاءَ في التّقريرِ (ربّما يُحافظُ ويطوّرُ هذا الثّراءُ شبكاتٍ محسوبيةً ونخبًا تُقلّصُ بدورها الانفتاحَ والمحاسبةَ في مؤسّساتِ الدّفاعِ والأمنِ). وتضمّنَ تقريرُ منظّمةِ الشّفافيّةِ الدّوليّةِ خطّةَ عملٍ تفصيليّةٍ تُطبّقها الحكوماتُ لمكافحةِ الفسادِ في الجيشِ، وقالَ إنّ على هذه الحكوماتِ أن تصغي إلى مطالبِ الإصلاحِ، مضيفًا أنّ (المطالبَ الّتي تنادي بحكوماتٍ خاضعةٍ للمساءلةِ تحمي وتخدمُ مواطنيها تصاعدتْ في كلِّ المنطقةِ). وجاءَ مؤشّرُ الفسادِ في القوّاتِ المسلّحةِ كالتّالي: مخاطرُ فسادٍ مرتفعةٌ: زائد دي (d+): إسرائيل والكويت ولبنان والإمارات. 
ناقص دي (d-): الأردن والسّلطة الفسلطينيّة. مخاطرُ فسادٍ (مرتفعةٌ جدًّا): إي (E): البحرين وإيران والعراق والمغرب وسلطنة عمان وقطر والسّعودية وتونس. 
مخاطرُ فسادٍ (حرجةٌ): إف (F): الجزائر ومصر وليبيا واليمن".
وَلعلّ أهمّ ما وصلَنا مِن شهاداتٍ عَن الفسادِ المستشري في المؤسّسةِ العسكريّةِ المصريّةِ، هو ما ذكره بعضُ ضبّاط الجيشِ المصريّ الشّرفاء الّذين يريدونَ محاربةَ هذا الفسادِ .... يقولُ موقعُ "ائتلافِ ضبّاطِ الجيشِ المصريّ الأحرارِ":
 "جانب من فسادِ المجلسِ العسكريّ (كيف لمجلسٍ فشلَ في النّهوضِ بقوّاتنا المسلّحةِ، وقامَ بسرقتها على مدارِ ٢٠ عامًا، أن يعبرَ بنا إلى برّ الأمان؟) في البدايةِ أحبّ أن أقسمَ على حبّي لبلدي مصر، وحبّي لقوّاتها المسلّحةِ، الّتي أنا جزء منها. 
وأطلبُ من كلّ من يقرأ هذه النّوت أن يقومَ بالتّأكّدِ ممّا كُتبَ فيها، ويقوم بنشرها بعد ذلكَ. وأعتقدُ أنّ هذا الموضوعَ سهلٌ للغايةِ. فلا يوجدُ بيتٌ في مصرَ لا ينتمي إليه ضابطٌ أو صفّ ضابط، أو جنديّ.
كما أنّ أيّ إنسانٍ عنده ذرّة من العقلِ، يعلم جيّدًا أنّه لا يمكنُ لرئيسٍ فاسدٍ أن يأتي بوزيرِ دفاعٍ، ويتركه ٢٠ عامًا وزيرًا، إلّا لو كانَ مثله. 
ولعلّ جميعَ الضّبّاطِ يعلمونَ أنّ طنطاوي كان يتباهى دائمًا بعلاقته بمبارك في مؤتمراتِ الضّبّاطِ، لدرجةِ أنّه كان يقولُ بمنتهى الثّقةِ: أنا عمري ما هبقى وزير دفاعٍ سابقًا. 
كما أنّه قالَ بعدَ الثّورةِ في أحد المؤتمراتِ مَعَ قادةِ الجيشِ أنّ هذه الثّورة ما هي إلّا زوبعة في فنجان. وبعد كده قالهم٬ بس طبعًا الكلام ده هنا في المؤتمر بس".
 ●●"جميعُ المعلوماتِ الّتي سيتمُّ ذكرُهَا هنا معروفةٌ لكلّ ضابطٍ في قوّاتنا المسلّحةِ. وقد حاولتْ في كلّ ما كتبتُ ألّا أذكرَ إلّا الأشياءَ الّتي لا تمسّ أمنَ وسلامةَ القوّات المسلّحة، ولا أتعرّض إلى المهازلِ الّتي من شأنها إفشاء أسرارِ القّواتِ المسلّحةِ. 
ولكنّي ركّزتُ على ما يفعله القادةُ لجني فلوس الغلابةِ من الشّعبِ المصريّ. 
الفلوسُ الّتي كانت من المفترضِ أن تصرفَ على تسليحِ الجيشِ، ورفع كفاءته القتاليّة، مش تروح جيوب القادةِ، ومن بعدهم الورثة. 
وليرى الشّعب أنّ من يحكموننا الآنَ ما هم إلّا امتداد لمبارك الّذي حوّلهم من ناس بسيطة لمليونيرات ومليارديرات. وها هم يردّونَ الجميلَ لمبارك. 
وأقسمُ باللّهِ العظيمِ أنّ هذا ما هو إلّا قطرة في بحر فسادهم. ولولا أن باقي ما أعرفه، ومتأكّد منه، يضرّ بأمنِ القوّاتِ المسلّحةِ، لنشرته كاملًا".
 ●●"وأتمنّى في نهايةِ النّوت أن كلّ واحد يسأل نفسه سؤال: هل عرف السّببَ وراءَ تعديلِ قانونِ الكسبِ غير المشروعِ في هذا الوقتِ بالذّات؟ تعديل قانون القضاء العسكريّ ليختصّ بالفصلِ في جرائم (الكسب غير المشروع) لضبّاطِ الجيشِ، أو بمعنى أصحّ لقادة الجيشِ، هل كلّ واحد تأكّدَ من أنّ المجلسَ مش هيسيب السّلطة غير في حالتينِ:
 إمّا واحد من عصابةِ مبارك يمسك الحكم، أو وضع موادّ في الدّستورِ تجعله هو والمخابرات دولة داخل الدّولة". 
"في البدايةِ أحبُّ أن أذكرَ أحدَ الأركانِ الأساسيّةِ الّتي بُنيت عليها العسكريّةُ المصريّةُ، والّتي من الممكنِ ألّا تكونَ واضحةً للبعضِ. 
هذا الرّكنُ هُوَ التّفاعل والتّقارب باحترامٍ بينَ رتبِ الجيشِ المختلفةِ. 
 فمنذُ كنّا طلبةً في الكلّيّةِ الحربيّةِ، وأيّ عنبر للطّلبةِ يحتوي على خليطٍ من طلبةِ السّنينَ المختلفة، برغمِ أقدميّتهم المختلفةِ.
هذا الرّكنُ الهامّ الّذي عملَ مجلس مبارك العسكريّ على هدمه منذ اللّحظة الأولى لتولّي المشير منصب وزير الدّفاعِ، حيثُ قامَ بجعلِ ضبّاطِ الجيشِ مجموعات من الطّبقاتِ المتباعدةِ مادّيّا واجتماعيًّا عن بعضها، كما قام بتحويلِ ولاء قادة القوّات المسلّحةِ من ولائهم للقوّاتِ المسلّحةِ إلى ولائهم لشخصِ المشيرِ ورئيس الأركان. 
ولا دليلَ على ذلكَ أكثر من أنّ قادة القوّاتِ المسلّحةِ قاموا بإخراجِ أولادهم من القوّاتِ المسلّحةِ وإرسالهم إلى المخابراتِ العامّةِ. 
والأمثلةُ كثيرةٌ على ذلكَ (أولاد عبد الفتّاح السّيسي - عادل عمارة - مختار الملا - يسري سكرتير المشير - محمّد نعيم - الفنجري - عابدين - فليفل، إلخ وأجواز بنات مختار العلا - سامي عنان، إلخ) ألم يكونوا أولى النّاس بالخدمةِ بالقوّاتِ المسلّحةِ الّتي ينتمي لها أباؤهم؟".
 ●●"أصبحَ هناكَ ٣ مجموعاتٍ لضبّاط القوّاتِ المسلّحةِ 
◄ المجموعة الأولى من رتبةِ الملازمِ للمقدّم، وهؤلاء منتظرون يومَ خروجهم من الجيشِ. فهم على علمٍ كاملٍ بفسادِ المجلسِ. 
وهذا يُفسّر أنّ ضبّاطَ ٨ أبريل كانوا كلّهم من هذه الرّتبِ، كما يُفسّرُ أنّ معظمَ من يتقدّمونَ باستقالتهم من القوّاتِ المسلّحةِ من هذه الرّتبِ. 
 ◄أمّا المجموعة الثّانية فهي رتبة العقيد والعميد وبعض اللّواءات الحداث، وهم يرونَ أنّ الدّورَ قرّب عليهم في حصدِ الغنائمِ، ويخافونَ أن ينزاح المجلسُ بفساده، فلا ينوبهم ما حصلَ عليه مَنْ سبقهم.
◄ وأمّا المجموعةُ الثّالثةُ والأخيرةُ فهم باقي لواءاتِ الجيشِ، والّذين يدينُ معظهم بالولاءِ للمجلسِ، ولو ظاهريًّا، ويرونَ أنّ في استمرارِ المجلسِ استمرارًا لجني الشّقق والقصور والأراضي والذّهب. وتعالوا معًا نستعرضُ
 كيفَ تمّ جعلَ ضبّاط الجيشِ مجموعاتٍ من الطّبقاتِ المتباعدةِ مادّيًّا واجتماعيًّا، وسينكشفُ لنا تدريجيًّا مدى فساد هذا المجلس". 
 ●"أوّلًا: ماذا كان الهدفُ من بناءِ دارات القوّاتِ المسلّحةِ، وكيف تحوّلت في عهدِ المجلس؟ قامَ بعضُ الضّبّاطِ بالتّظلّمِ للمشيرِ أبي غزالة في أحد المؤتمراتِ، بسبب أنّ الضّبّاط الّذين يعيشونَ خارجَ القاهرةِ، ويحضرونَ إلى القاهرةِ لحضورِ الفرق المختلفةِ في معاهدِ القوّاتِ المسلّحةِ يضطرّونَ للنّزولِ في فنادق ذات تكلفةٍ عاليةٍ فوقَ طاقتهم. فقامَ أبو غزالة بتخصيص قطعةِ أرضٍ لكلّ سلاحٍ، ليقيمَ عليها فندقًا محترمًا يليقُ بضبّاطِ السّلاحِ، يستطيعونَ النّزولَ به خلالَ فتراتِ الفرقِ بأسعارٍ زهيدةٍ جدًّا. 
قام المجلسُ العسكريُّ بتحويلِ هذه الدّاراتِ لمشاريع استثماريّةٍ تدرُ النّقودَ على مديرِ السّلاحِ، وقادةِ السّلاحِ، وقادة المجلسِ، لدرجةِ أنّ ضبّاطَ الفرقِ أصبحوا لا يجدون مكانًا للنّزولِ فيه أثناءَ فترة فرقهم، حيثُ تحوّلتْ هذه الدّراتُ لأماكن لنزولِ المدنيّينَ والأجانبِ وعمل الأفراح". 
"ولعلَّ كلّ الضّبّاطِ، وخاصّة ضبّاط الدّفاعِ الجويّ، يعلمونَ جيّدًا ماذا فعلَ سامي عنان في دارِ الدّفاعِ الجويّ، وكيف حوّله إلى عزبةٍ خاصّةٍ له ولأسرته، وكم النّقود الّتي جناها من هذه الدّار، والّتي جعلته يتحوّلُ من أحد سكّانِ الحاراتِ بمنطقةِ الطّالبيّةِ بالهرمِ إلى قصورِ غرب الجولف بالتّجمّع والّتي حوّلت ابنه سمير من ركوب التّوك توك إلى السّيّاراتِ المرسيدس والجيب، وكلّ ذلكَ في فترةٍ لا تتعدّى ٣ سنواتٍ. 
ملحوظة: باقي ملف فساد سامي عنّان موجود في نهاية النّوت".
 ●"ثانيًــــــا: 
ماذا كانَ الهدفُ من بناءِ مستشفياتِ القوّاتِ المسلّحةِ، وكيفَ تحوّلت في عهدِ المجلسِ؟ الغرضُ الأساسيّ من بناءِ المستشفياتِ سببانِ أساسيّان. 
السّبب الأوّل هو توفير الرّعاية الصّحّيّة لمن يعملونَ بالقوّاتِ المسلّحةِ. والسّبب الآخر هُوَ الحفاظُ على الأسرارِ العسكريّةِ لمن يخضعونَ لجراحاتٍ تستدعي استخدامَ التّخديرِ. 
بمجرّد تولّي المشيرِ، قامَ باتّخاذِ قرارينِ أسوأ من بعضهما. 
القرار الأوّل هو فصل الرّتب عن بعضها في العلاج. فمثلًا مستشفى الجلاء لا يعالج فيه غير زوجات وأولاد اللّواءاتِ، وللأسف بمخالفةِ القانونِ (فمثلًا بنت سامي عنّان، رئيس الأركان، وغيرها من أولاد القادةِ، مازالوا يعالجونَ هناكَ، بالرّغمِ من زواجهم، وبالتّالي القانون يجبرهم على عدم العلاجِ في مستفشياتِ القوّاتِ المسلّحةِ، حيثُ أصبحوا تابعينَ لأزواجهم)، ممّا ترتّب عليه الاهتمام البالغ بهذه المستشفياتِ، وذلكَ لارتيادِ اللّواءاتِ لها، بينما أصبحت باقي المستشفيات غايةً في السّوءِ والمعاملةِ، حتّى أصبحَ الضّابطُ مضطرًّا لشراءِ العلاجِ الخاصّ به على نفقته الخاصّة، خاصّة في حالةِ الأدويةِ باهظة الثّمنِ. 
أمّا القرارُ الثّاني، وهو الكارثة الحقيقيّة، وهو فتح العلاجِ بهذه المستشفياتِ للمدنيّينَ والشّركاتِ، مقابلَ نقودٍ. 
فمستشفى الجلاءِ مثلًا مفتوحةٌ لعلاجِ المدنيّينَ، بينما محرم على الضّبّاطِ من الرّتب الصّغيرةِ حتّى دخولها، ولو كانت حالة طوارئ. 
وطبعًا المدنيّونَ عندهم قدرة على دفعِ البقشيش وغيره، وبالتّالي أصبحوا يعاملونَ في مستشفى القوّاتِ المسلّحةِ أفضل من العسكريّينَ".
 ●"ثالثًـــــــــا: 
 ماذا كانَ الهدفُ من بناءِ مجتمعاتٍ سكنيّةٍ لضبّاطِ القوّاتِ المسلّحةِ؟ 
وكيف تحوّلتْ في عهدِ المجلس؟ 
الغرضُ الأساسيُّ من بناءِ مجتمعاتٍ سكنيّةٍ لضبّاطِ القوّاتِ المسلّحةِ هو:
 رفع بعض المعاناةِ عنهم، وعن أسرهم، وتوطيد العلاقات الأسريّة بينهم، بصرفِ النّظرِ عَنْ رتبهم. كانَ هناكَ أسلوبانِ لتخصيصِ هذه الوحداتِ السّكنيّةِ حتّى نهايةِ عهد أبي غزالةَ. 
الأسلوبُ الأوّلُ هو شقّة محترمة مساحتها حوالي ١٢٥ مترًا مربّعًا يحصلُ عليها جميعُ ضبّاطِ القوّاتِ المسلّحةِ بسعرٍ مدعمٍ، كما هو الحالُ في عماراتِ التّوفيق، وامتداد رمسيس، وخلف العبورِ، وعمارات مصطفى كامل بالأسكندريّة. 
 أمّا الأسلوبُ الثّاني، فهو عمل مشاريع سكنيّة استثماريّة لمن يريدُ شراء شقق أخرى لأولادهم، وكانت تُباعُ بسعرِ التّكلفةِ، ومسموحٌ لأيّ ضابط مهما كانت رتبته الحصول على شقّةٍ بها، كما هو الحال في عماراتِ العبورِ بشارعِ صلاح سالم. بمجرّد تولّي المشيرِ، قام بتخفيضِ مساحاتِ هذه الشّقق إلى ٧٦ مترًا مربّعًا، وقام ببنائها في أماكن سيّئة، كما هو الحال في عمارات زهراء مدينة نصر، وعمارات الضّبّاط بـ ٦ أكتوبر الّتي تشبه العشوائيّات. وقام بعملِ مشاريع سكنيّة عملاقة مدعمة للقادة، ويقومُ هو شخصيّا بتخصيص الوحداتِ السّكنيّة بها. 
مثال على ذلك عمارات ميلسا (الّتي حصلَ فيها مراد موافي مدير المخابراتِ العامّة على شقّةٍ بحوالي ١٥٠ ألف جنيه بالتّقسيط الممل، بينما ثمن الشّقة يتجاوزُ المليون جنيه كاش)، والثّلاث سبعات، وعمارات خلف النّادي الأهلي. 
 والطّريف في الموضوعِ أنّه ليس من حقّ أيّ قائد الحصول عليها إلّا طبقًا لأهواء المشير وولائه له طبعًا. والأظرف في الموضوعِ أنّ بعضَ هذه الشّققِ يتمّ تخصيصها لأفرادٍ من خارجِ القوّات المسلّحةِ بنفسِ أسعارِ القادة (لأسباب لا يعرفها غير المشير وسامي عنّان).
وأنا طبعًا مع حصول القائد على شقّة واحدةٍ مدعّمةٍ تليقُ به. 
ولكن ليسَ بهذا الأسلوبِ المهينِ، وليسَ بهذا الكم الهائلِ مِنَ الوحداتِ السّكنيّة.
 والأمثلة كثيرة. فمثلًا اللّواءُ محمود أحمد نصر مساعد وزير الدّفاعِ للشّؤونِ الماليّة قامَ بالحصولِ على ٥ شقق من المشيرِ. وعندما قام هشام طلعت مصطفى بتخصيصِ عددٍ من فيلات وشقق بمشروع مدينتي بأسعار مدعّمة (لأسباب لا يعرفها غير المشير وسامي عنان)، تقدّم بطلبٍ آخرَ للمشيرِ للحصولِ على فيلا مدعمةٍ بالمشروعِ. 
والأمر لا يختلفُ كثيرًا مع اللّواء طارق البرقوقي، مدير صندوق إسكان القوّاتِ المسلّحةِ (صاحب القصر الشّهير بمدينةِ الرّحاب)، مع العلمِ أنّه عندما مسكَ صندوقَ الإسكانِ، كانَ يسكنُ بعمارات امتداد رمسيس، ويمتلك سيّارة نصر ١٢٨.
 وبعدين عايز أفهم حاجة: يعني إيه شركة الشّروق للمقاولات والدّيكور هِيَ اللّي عملت تنفيذ أعمال مكتب اللّواء طارق البرقوقي بالقوّاتِ المسلّحةِ، وفي نفسِ الوقتِ هِيَ اللّي قامت بتنفيذ أعمال دهاناتِ القصر بتاعه بالرّحاب؟
 (...) الغريبة أنّه بالرّغمِ ممّا خُصّص لهم عن طريقِ المشيرِ، إلّا أنّ معظمهم لجأ للأبوابِ الخلفيّةِ، ليأخذَ تخصيصاتٍ لقصورٍ وأراضٍ في التّجمّعِ الخامسِ، وغرب الجولفِ، ومارينا، من محمّد إبراهيم سليمان.
صراحةً مش عارف النّاس دي عايزة إيه. 
وأعتقدُ أنّ كلّ واحد دلوقتي عرف ليه محمّد إبراهيم سليمان لم يُحكم عليه في أيّ قضيّة حتّى الآن، بالرّغمِ أنّ مفيش مصريّ واحد مش على يقين أنّه باعَ البلد ...".
 ●"رابعًــــــــــــــــــــــا: ماذا كانَ الهدفُ من بناءِ مصايف ونوادٍ لضبّاطِ القوّاتِ المسلّحةِ؟ وكيف تحوّلت في عهدِ المجلسِ؟ 
لا يختلفُ الغرضُ الأساسيُّ لبناءِ مصايف ونوادٍ للضّبّاطِ عنِ الغرضِ الأساسيّ لبناءِ مجتمعاتٍ سكنيّةٍ، وعلى مدى تاريخِ القوّاتِ المسلّحةِ، كانت جميعُ مصايفِ ونوادي القوّاتِ المسلّحةِ متاحةً لجميعِ الرّتبِ من أبناءِ القوّاتِ المسلّحةِ. 
ولكن للأسفِ حتّى المصايف والنّوادي لم تنجُ من فسادِ هذا المجلسِ. 
 فقد قامَ المشير بتقسيمِ النّوادي إلى ٣ أنواعٍ. 
 ◄ النّوعُ الأوّل مخصّص للواءاتِ وقادةِ القوّاتِ المسلّحةِ، مثل نادي شيراتون الموجود بجوارِ شيراتون القاهرة بجوارِ منزلِ السّاداتِ. وللعلم هذا النّادي كان مفتوحًا لجميعِ ضبّاطِ القوّاتِ المسلّحةِ حتّى مَعَ وجودِ السّاداتِ رئيسًا لمصر، بالرّغمِ من قربه الشّديدِ من منزله.
 ◄ النّوع الثّــــــــاني مسموح بدخولِ ضبّاط القوّاتِ المسلّحةِ إليه، ولكنّهم يعاملونَ فيه مادّيًّا كمدنيّينَ، سواء في الدّخولِ، أو في أسعارِ الأكلِ والمشروباتِ. 
مثال على ذلكَ دار هيئة الشّؤونِ الماليّة الموجود عند المنصّة، بطريق النّصرِ، والّذي لا أعرفُ حتّى الآن من المسؤول عن إهدار هذا الكم الهائل من أموال القوّاتِ المسلّحةِ في بنائه.
 ◄أمّا النّوعُ الثّـــــــــالثُ فهي النّوادي المفتوحةُ لضبّاط القوّات المسلّحةِ كافّةً، وأعتقدُ أنّه من الأفضلِ أن تذهبوا إلى هناكَ، لتروا مدى سوء المعاملةِ ورداءة الخدماتِ والأكل والمشروبات.
 ◄أمّا المصايف، فنالت قدرًا أكبر من الفسادِ. فبالإضافةِ إلى تقسيمها لأنواعٍ مثل النّوادي، تميّزت بخاصيّةٍ أكبر لإجبارِ القادةِ على ولائهم للمشيرِ، ورئيس الأركانِ. 
وهنا سوفَ أحكي لكم عن إحدى قصص هذا الفساد المتمثّلة في قريةِ سيدي كرير بالسّاحلِ الشّمالي. هذه القريةُ الّتي بدأ بإنشائها أبو غزالة، على حدّ علمي، كانَ مخطّطًا لها أن تنقسمَ إلى جزئينِ. 
الجزء الأوّل يُباعُ للضّبّاطِ القادرينَ. 
والجزء الآخر يُؤجّر للضّبّاط غير القادرينَ. 
فماذا فعلَ المشيرُ بها؟ الجزء الّذي تمّ تخصيصه أيّامَ أبي غزالة لم يستطعِ الاقترابَ منه، وهو الجزء الأصغر.
 ◄ أمّا معظم القرية فقد تمّ بناؤها كقصورٍ وفيلاتٍ وشاليهاتٍ، وتمّ تخصيصها طبقًا لأهواءِ المشيرِ. 
فهذا قائد يدينُ بالولاءِ للمشيرِ، يأخذُ قصرًا. 
وغيره يأخذ فيلا. 
وغيره يأخذ شاليه. 
ومازالَ المشيرُ يلاعبهم بهذه التّخصيصات، حيثُ أنّه بعدَ ٢٠ عامًا من بناء القريةِ، لا يزالُ بها الكثير من الوحداتِ الّتي لم تُخصّص بعد، في انتظارِ من سيرضى عنهم المشير. والأدهى من ذلكَ أنّي ذهبتُ مع أحدِ أصدقائي الضّبّاطِ الّذي يمتلكُ والده إحدى الوحداتِ في القريةِ، بصفته أحد قادةِ القوّاتِ المسلّحةِ، فعجبتُ كلّ العجبِ لما رأيتُ. 
 فصيانةُ هذه القرية بالكاملِ تتمّ على نفقةِ القوّاتِ المسلّحةِ، دونَ وضعِ أيّ أعباءٍ على مالكي الوحداتِ من القادةِ، حيثُ تقومُ عرباتُ الجيشِ والعساكرِ بكلّ أعمالِ النّظافةِ والصّيانةِ للقريةِ. والظّريفُ في الموضوعِ أنّي علمتُ منه أنّه يوجدُ بعضُ المدنيّينَ المخصّص لهم وحدات بأسعارٍ رمزيّةٍ، من أمثال صفوت الشّريف.
والأظرفُ في الموضوعِ أنّ الوحداتِ تُخصّصُ للقادةِ بسعرٍ يبدأ من ٧٥ ألف جنيه، وبالتّقسيط الممل. (...) وطبعًا اللّي عندهم قصور بالشّكلِ ده في المصايف تفتكروا ساكنين في قصور شكلها إيه؟ ... وعلى فكرة يا جماعة، القصور دي في القاهرةِ مش في لندن، ولا باريس. 
ويا ريت نشوف مساحات البحيراتِ الصّناعيّةِ العذبة اللّي معمولة في الصّحراء، وبعد كده يقولوا لنا: فيه أزمة مياه، والنّاس المفروض تقتصدُ في استخدامِ المياه. 
تقريبًا عايزينا نقتصدُ علشان يزوّدوا مساحة البحيراتِ الصّناعيّةِ تمام كده، زي الخرافة بتاعة عجلة الإنتاجِ اللّي عمّالين يقولوا لنا: الاقتصاد مضروب، ونفاجئ بناس مرتباتها بالملايين داخلَ الدّولة".
 ●"أمّا الخطيرُ في الموضوع، فهو الحالُ الّذي وصلت له القوّاتُ المسلّحةُ المصريّةُ. ففي كلّ منطقةٍ العساكرُ بتشتغلُ بطريقةٍ مختلفةٍ. يعني مثلًا العساكر اللّي شغّالة في المنطقةِ الجنوبيّة (الصّعيد)، بتقوم بزراعةِ الكاركديه ... 
أمّا اللّي في الجيش الثّاني والثّالث، فشغّالينَ في مزارع وورشِ الموبيليا، وهكذا. 
أهمّ حاجة دلوقتي هو كيفيّة الحصول على أعلى ربحٍ من هذه المشاريع، وطبعًا إنتم عارفينَ الرّبح ده بيروح جيوب مين، ولا بنشوف منه حاجة. 
جزء من الرّبحِ في جيبِ القائدِ والمجلسِ العسكريّ، والجزء الآخر يحوّل في صورة جنيهات وسبائك ذهب، والقادة بتهادي بيه بعضها. 
ده بقى فيه أباطرة في الجيشِ متخصّصة في الحاجاتِ ديه، وعلى رأسهم سامي عنّان والرّويني. 
لو حدّ يعرفُ جواهرجي يبقى يسأله: ليه سعر جنيهات وسبائك الذّهب بيزيد في شهر يناير وشهر يوليو. 
 أنا عايز أيّ حد عاقل يسأل نفسَه سؤالًا واحدًا فقط: من هو المسؤول عن تحويل الهيئة العربيّة للتّصنيعِ من صناعةِ الأسلحةِ إلى صناعةِ البوتاجازات والأدواتِ المنزليّة في الوقتِ الّذي تقومُ فيه إسرائيل بتصنيع الدّبّابةِ الميركافا الّتي تفوقُ الدّبّاباتِ الأمريكيّة من الألف إلى الياءِ. هل هذه هي الأسلحة الّتي سنواجه بها عدوّنا إسرائيل؟؟؟".
 ●"... حتّى نهايةِ عهدِ المشيرِ أبي غزالةَ لم يكنْ للجيشِ أيّ موارد أخرى غير ميزانيّته، وكانتِ الكفاءة القتاليّةُ لقوّاتنا أفضلَ من الآن بكثيرٍ، ولعلّ الثّقةَ الّتي كانَ يتكلّمُ بها أبو غزالة هي أكبر دليل على ذلكَ ... والآنَ وبالرّغمِ من مشاريعِ الجيشِ العملاقة، كمشاريع مصانع الأسمنت، ومشروعات الخدمةِ الوطنيّةِ المعفية من الجماركِ والضّرائب، والفلوس الّتي تجنيها الدّارات من الأفراح والحفلاتِ الغنائيّةِ (أنتم متخيّلين يعني إيه أنّ القوّات المسلّحةَ تمتلكُ أكثر من ٢٠ فندقًا سياحيًّا بالعاصمةِ فقط معفيين من أيّ ضرائب؟ ومتخيّلين كم الرّبح الّتي تجنيه منهم؟ ) إلّا أنّ الكفاءة القتاليّةَ في تدهورٍ مستمرٍّ. 
فأينَ تذهبُ هذه النّقودُ، أيّها المجلسُ الموقّر؟ ولماذا لا تتقدّمونَ بإقرارات ذمّة ماليّة أمامَ شعبكم، كما يفعلُ القادة في جميعِ دولِ العالمِ؟".
 "(...) ولنستعرض سويًا أمثلة لبعضِ القادةِ المنوط بهم حماية مصر وجيشها: الباشا سامي عنّان، حدّث ولا حرج: قصور وأراضٍ له ولابنه سمير، وباقي العائلة، برخصِ التّرابِ، وبالتّخصيصِ المباشرِ من محمّد إبراهيمِ سليمان (لماذا لم يسأل أحدٌ نفسه كيف لشخصٍ أن يتحوّل من أحد سكّانِ الحاراتِ بمنطقةِ الطّالبيّةِ بالهرمِ إلى قصورِ غربِ الجولفِ بالتّجمّعِ، ويُصبحُ ابنه مالكًا لأحدثِ السّيّاراتِ المرسيدسِ والجيبِ في ٣ سنواتٍ فقط، مع أنّه ليس لديه غير مرتبه الّذي لا يتجاوزُ ٥ آلاف جنيه شهريًّا؟) وسكتنا. 
قصور وأراضٍ له ولباقي العائلةِ برخصِ التّرابِ بقريتي مارينا وتيباروز بالسّاحلِ الشّماليّ، وسكتنا.
بناته بيتعالجوا بالمخالفة للقانونِ في مستشفياتِ القوّاتِ المسلّحةِ، وسكتنا. بناته بيولدوا في أمريكا على نفقةِ القوّاتِ المسلّحةِ، علشان أحفاده يخدوا الجنسيّة الأمريكيّة، وسكتنا.
 استغلال طائراتِ المجهودِ الحربيّ اللّي بتروح أمريكا والصّين، علشان تفرش قصوره وقصور أولاده، ويتهرّب من الجمارك، وسكتنا. سبائك الذّهب اللّي بيفرضها إتاوات على قادةِ الوحداتِ في عيد ميلاده، وزواج أولاده، والتّجديد له، وباقي المناسبات، وإلّا يعاملهم معاملة زي الزّفت في المشاريع، وسكتنا. 
تعيين نجله (٣٦ سنة) نائبًا لرئيس الأكاديميّةِ العربيّةِ للنّقلِ البحريّ متخطّيًا كلَّ من كانَ أقدمَ منه، وذلكَ بعدما فشلَ في شركةِ البترولِ، وجامعةِ الدّولِ العربيّةِ، وسكتنا. 
قرار تعيين سمير سامي عنّان نائبًا لرئيس الأكاديميّة. 
جوز بنته اللّي في الكلّيّةِ الفنّيّةِ اللّي من ساعةِ متجوزها، مقضيها في أمريكا، ومساعد ملحق، وملحق، وأخيرًا بعثه على المخابراتِ العامّةِ مع ابن أخيه علشان يكمل سرقةَ هناكَ بالمخالفةِ لقانون المخابراتِ العامّةِ حيثُ أنّ سنّه ٤٠ سنة، مع أنّ الحدّ الأقصى لسنّ الدّخولِ هناكَ ٢٨ سنة، وسكتنا. وطبعًا كانَ لابدّ من مكافأة مديرِ الكلّيّةِ الفنّيّةِ العسكريّةِ اللّواءِ إسماعيل عبد الغفّار على ذلكَ، فتمّ تعيينه مؤخرًا رئيسًا للأكاديميّة العربيّة للنّقلِ البحريّ، أي مديرًا لابن سامي عنّان الّذي يعملُ نائبًا لرئيسِ الأكاديميّةِ. ما هو مش ممكن يضبط جوز بنته، وميروحش يضبّط ابنه... يالا ما هي عزبة ...".
 ●●"الباشــــا مـــراد موافــــــــــــــــــــي 
 حدّث ولا حرج: يا ريت مراد موافي القائد السّابق بالمجلسِ العسكريّ (مدير المخابراتِ العامّة السّابق - أحد رجال مبارك المخلصين، والّذي قامَ بتعيينه قبل خلعه بأيّامٍ) يقولنا جاب القصور (قصر غبر الجولف بالتّجمّع - قصر الطّلائع بطريقِ مصر الاسماعيليّة - قصر شارع التّسعينَ بالتّجمّع واللّي تمّ تخصيصه له بعدَ ثورة ٢٥ يناير، وغيرهم)، والأراضي (أراضي ٦ أكتوبر، والتّجمّع الخامس، وغيرهم) اللّي عنده من فين، وهو لمّا مسك مديرَ المخابراتِ الحربيّةِ قبل محافظ شمال سيناء، والمخابرات العامّة، مكنش عنده شقّة في مصرَ يسكن فيها، ولذلكَ قام المشيرُ بإعطائه شقّة في عماراتِ ميلسا اللّي عند سيتي ستارز، ليقيم فيها مع أسرته برخص التّراب، خاصّة أنّه مش من الأعيان، ومرتّبه في الجيشِ كانَ لا يتعدّى ٤ آلاف جنيه شهريًّا.
وياريت نسأله: لماذا خصّص لك محمّد إبراهيم سليمان قصرًا في أرقى منطقة في التّجمّع، وهي غرب الجولف، بمجرّد تولّيك المخابراتِ الحربيّة؟ وياريت تحكي لينا إزاي تمّ تعيين ابنك بمجلسِ الدّولةِ بمجرّد تولّيكَ لمنصب مدير المخابراتِ الحربيّة. حسبي اللّه ونعم الوكيل". ا. هـ.
 وَتُلْقِي إحْدَى الصّحفيّاتِ الأجنبيّاتِ في مِصْرَ الضّوءَ على مزيدٍ من فَسادِ العسكرِ، حيثُ تقولُ كلير تالون، مُراسلةُ صحيفةِ لوموندَ في القاهرةِ في تقريرٍ لها عنوانُهُ: "جوانبُ مِنَ الفسادِ في المؤسّسةِ العسكريّةِ المصريّةِ" منشورٍ بتاريخِ ٢٤-١-٢٠١٢م: "مَا العلاقةُ بينَ قارورةِ زيتٍ وجهازِ تليفزيونٍ، وكيسِ أسمنتٍ، وزوجِ أحذيةٍ، وقنينةِ ماءٍ، وآلةِ غسيلٍ، وبوتوجازٍ، في مِصْرَ؟ 
 الأرجحُ أنْ يكونَ الجيشُ المصريُّ هُوَ الّذي يُنتجُ كلَّ هذه السّلعِ المذكورةِ، وهوَ مَن يقومُ بتوزيعِهَا! إنّ الجيشَ المصريَّ يقفُ على رأسِ اقتصادٍ موازٍ، غيرِ شفّافٍ، لا يُعرَفُ حجمُه بدقّةٍ، سوى أنّ الخبراءَ يُقدّرونه بربعِ الاقتصادِ الوطنيّ. 
وبعدَ سنةٍ من اندلاعِ الثّورةِ، فإنّ النّشاطاتِ الاقتصاديّةَ للجيشِ لا تزالُ ضمنَ (المحرّماتِ) الّتي تُسمّمُ مَرحلةَ الانتقالِ نحوَ الدّيمقراطيّةِ، وَهِيَ بينَ أسبابِ تردّدِ الجيشِ في التّخلّي عَن السّلطةِ الّتي يمارسُها المجلسُ الأعلى للقوّاتِ المسلّحةِ بصورةٍ مؤقّتةٍ منذُ سقوطِ حسني مبارك. ويركّزُ الجنرالاتُ، بصورةٍ خاصّةٍ، عَلى حرمانِ البرلمانِ المقبلِ مِنْ حَقِّ مُراقبةِ ميزانيةِ الجيشِ الّتي يذهبُ قسمٌ كبيرٌ منهم لنشاطاتٍ غيرِ عسكريّةٍ. 
وتؤمِّنُ تلكَ النّشاطاتُ مداخيلَ هائلةً يستفيدُ منها العسكريّونَ بعيدًا عن أيّةِ رِقابةٍ برلمانيّةٍ. 
إنّ هذِه المنطقةَ المحظورةَ الّتي لم يتمكّنْ أحدٌ من المساسِ بها خلالَ نصفِ قرنٍ، هِيَ الّتي جعلتْ جنرالاتِ الجيشِ المصريِّ يتبوؤونَ موقعًا مركزيًّا في فسادِ النّظامِ. 
فعلاوةً على الأعدادِ الكبيرةِ للموظّفينَ الخاملينَ في الإدارةِ العامّةِ المتضخّمةِ، فإنَّ العسكريّينَ المصريّينَ يوجدونَ بكثرةٍ في كلِّ الهيئاتِ الإداريّةِ والاقتصاديّةِ. 
وإذا طلبتَ موعدًا مَع مديرِ (نادٍ رياضيّ)، أو معَ مديرِ مسبحٍ عموميّ، أو معملِ دواجنَ، أو مصنعِ سكّرٍ، أو معَ محافظِ أيٍّ من ٢٩ محافظةً في البلادِ، فإنّكَ ستجدُ نفسَكَ أمامَ ضابطٍ عجوزٍ لا يتوقّفُ عن الحديثِ عن بطولاته ضدّ إسرائيلَ. بدأتِ الملحمةُ الاقتصاديّةُ للجيشِ المصريّ في عام ١٩٧٩م، غداةَ توقيعِ اتّفاقياتِ السّلامِ معَ الدّولةِ العبريّةِ.
ولجزعِهَا من فكرةِ أنّ السّلامَ سيؤدّي إلى خفضِ ميزانيّاتِ الجيشِ، ومِنَ العواقبِ السّياسيّةِ الّتي يمكنُ أن تنجمَ عن دخولِ ألوفِ الضّبّاطِ المسرّحينَ إلى سوقِ العملِ، فقدْ عمدتِ القيادةُ العسكريّةُ إلى تحويلِ قسمٍ كبيرٍ مِنَ المرافقِ الصّناعيّةِ التّابعةِ لها لإنتاجِ سلعٍ استهلاكيّةٍ. وتحتَ إشرافِ هيئةٍ تمّ إنشاؤها لهذا الغرضِ، وَهِيَ (هيئةُ المشروعاتِ القوميّةِ)، قامتْ وزارةُ الدّفاعِ بتأسيسِ سلسلةٍ من الشّركاتِ التّجاريّةِ يتولّى إدارتَهَا عسكريّونَ، وتتمتّعُ بوضعيّةٍ استثنائيّةٍ. فهذِهِ الشّركاتُ لا تدفعُ ضريبةً، ولا تخضعُ لقانونِ الشّركاتِ، ولا تتعرّضُ لأيِّ مساءلةٍ حكوميّةٍ.
 ●●الجنرالاتُ استفادُوا من موجةِ الخصخصةِ: 
 هكذا أمّنَ الجنرالاتُ - الّذين كانَ عبدُ النّاصرِ قد وضعَهم على رأسِ مؤسّساتِ الدّولةِ الكبرى مُنذُ السّتّينيّاتِ، مستقبلَهم الاقتصاديَّ في لحظةِ (الانفتاحِ) الاقتصاديِّ الّذي شرعَ بهِ الرّئيسُ أنورُ السّادات، وترتّبتْ عليِهِ موجةُ تخصيصٍ للمؤسّساتِ العامّةِ. وبدأَ العسكريّونَ بتصنيعِ سلعٍ متنوّعةٍ (غسّالاتٍ، ملابسَ، أدويةٍ، ميكروسكوباتٍ، أجهزةِ تدفئةٍ، أبوابٍ). 
إنّ معظمَ هذِهِ السّلعِ ذاتِ النّوعيّةِ الرّديئةِ تُباعُ بصورةٍ إلزاميّةٍ للمجنّدينَ العاملينَ في قواعدَ عسكريّةٍ يتعذّرُ عليهم فيها الحصولُ على سلعٍ منافسةٍ. 
ولكنّ قسمًا منها يجدُ طريقَه إلى السّوقِ، بفضلِ رشاوى يتمّ دفعها للموزّعينَ. 
وفي مطلعِ سنواتِ الثّمانينيّاتِ أسّستْ هيئةُ المشروعاتِ القوميّةِ سلسلةً من مصانعِ الألبانِ، وانخرطتْ في مشروعاتِ تربيةِ الدّواجن ومزارعِ الأسماكِ. 
 وكانَ الهدفُ الرّسميّ لهذِه النّشاطاتِ هُوَ دفع الجيشِ للمشاركةِ في التّنميةِ القوميّةِ وتأمينَ الاكتفاءِ الذّاتيّ للقوّاتِ المسلّحةِ. 
أمّا في الواقعِ فإنّ الّذينَ كانُوا يعملونَ في المشروعاتِ الزّراعيّةِ هُمْ مجنّدونَ شبانٌ بائسونَ يقومونَ بجمعِ البيضِ أو توزيعِ الحبوبِ على آلاتِ تقفيسِ الدّواجنِ، بدلًا من الخضوعِ لتدريبٍ عسكريٍّ. 
ويستفيدُ العسكريّونَ من علاقاتهم السّياسيّةِ للحصولِ على عقودٍ مجزيةٍ. وهمْ يستغلونَ اليدَ العاملةَ المجّانيّةَ الّتي يمثّلها المجنّدونَ في مصانعَ لا تخضعُ لحقوقِ إنشاءِ نقاباتٍ، أو حتّى لقانونِ العملِ. 
وهذا ما يجعلُ شركاتهم مزدهرةً. ويؤمّنُ الجيشُ ١٨ بالمئة من إنتاجِ البلادِ الغذائيّ. وتصلُ الأرباحُ إلى ملياراتِ الدّولاراتِ. 
 وشكّلتْ هذه المداخيلُ نعمةً في سنواتِ التّسعينيّاتِ، حينما أدّى الحظرُ المفروضُ على العراقِ إلى حرمانِ الجيشِ من عائداتِ صادراتِهِ العسكريّةِ للعراقِ أوّلًا، ثمّ لبلدانِ الخليجِ الّتي صارتْ تشتري معدّاتِهَا من الولاياتِ المتّحدةِ بصورةٍ متزايدةٍ. 
لكنّ الجنرالاتِ والضّبّاطَ المتوسّطي الرّتبِ لم يستفيدوا في أيّةِ حقبةٍ كما استفادوا في عهدِ حسني مبارك بفضلِ سياسةِ (الخصخصةِ) الّتي طبّقها نظامُهُ. 
وبينَ عَامَي ٢٠٠٤م-٢٠١١م حَصلَ العسكريّونَ على المراكزِ الإداريّةِ في الشّركاتِ الاستراتيجيّةِ الّتي تمّ تخصيصُهَا (المرافئ، وورش إنشاءِ السّفنِ، والطّيران، والبناء).
 في الوقتِ نفسِهِ عَمدَ العسكريّونَ إلى التّلاعبِ بالقانونِ الّذي يسمحُ لهم بوضعِ اليدِ على الأراضي من أجلِ الدّفاعِ عن الوطنِ، فعمدوا إلى تأسيسِ مشروعاتٍ عقاريّةٍ وسياحيّةٍ على الشّواطئ، عَبرَ بيعِ أراضيهم لمقاولينَ كانوا يكفلونَ لهم حصّتهم من الأرباحِ في المشروعاتِ السّياحيّةِ الكبرَى. ووفقًا للباحثِ الأمريكيّ روبرت سيرنغبور المتخصّصِ في الشّؤونِ العسكريّةِ فإنّ الحمّى الاقتصاديّةَ الّتي انتابتِ الجيشَ المصريّ بلغتْ حدًّا أثّرَ في مهمّاته الدّفاعيّةِ، وأفقدتْه كثيرًا من قدراتِهِ العمليّاتيّةِ. وباتَ الجنودُ المصريّونَ الّذين يتمّ استخدامُهم في المصانعِ العسكريّةِ بدلًا مِنْ تدريبِهم عَلى التّعاملِ معَ أسلحتِهم غيرَ قادرينَ على استخدامِ أسلحتِهم، مع أنّها أسلحةٌ حديثةٌ. بل إنّ هذه الأسلحةَ الّتي قدّمتها الولاياتُ المتّحدةُ، مثل مقاتلاتِ (إف ١٦)، ودبّاباتِ (إم أي ١)، لا تحظى بصيانةٍ مناسبةٍ. ويتنعّمُ كبارُ الضّبّاطِ الّذين يستفيدونَ من مزايا عينيّةٍ كثيرةٍ في شققِهم الفخمةِ الّتي تقعُ ضمنَ (مجمّعاتٍ) مخصّصةٍ لهم، مثلِ (مدينةِ نصرٍ) في القاهرةِ، حيثُ تتوفّرُ لهم خدماتٌ بأسعارٍ مدعومةٍ (حضاناتٌ للأطفالِ، ومدارسُ، وتعاونيّاتٌ بأسعارٍ مخفّضةٍ). 
ولكنّ الوضعَ ليسَ مغريًا بالقدرِ نفسِهِ بالنّسبةِ للضّبّاطِ الآخرينَ، حيثُ تكشفُ إحدى برقياتِ (ويكيليكس) الّتي حرّرها السّفيرُ الأمريكيّ في القاهرةِ، في سبتمبرَ ٢٠٠٨م، وبصورةٍ فجّةٍ، (هُبوطَ القدراتِ التّكتيكيّةِ والعمليّاتيّةِ للجيشِ المصريّ)، كما تتضمّنُ شهادةً لجنرالٍ متقاعدٍ يؤكّدُ فيها أنّ رواتبَ العسكريّينَ انخفضتْ إلى ما دون رواتبِ القطاعِ الخاصِّ. 
 هَلْ يمكنُ، بناءً على ما سبقَ، تصوّرُ حدوثِ صدعٍ بينَ الضّبّاطِ الشّبّانِ والجنرالاتِ العجائزِ الّذينَ يدافعونَ عن امتيازاتهِم؟ هذا ما يعتقدُه الباحثُ روبرت سبرنغبورغ. ففي مقابلةٍ مع جريدةِ (ذي اندبندنت) المصريّةِ في أوّلِ ديسمبرَ ٢٠١١م، حذّرَ الباحثُ أعضاءَ المجلسِ الأعلى للقوّاتِ المسلّحةِ من استطلاعاتِ الرّأي الّتي دأبتْ على إبرازِ الشّعبيّةِ الواسعةِ الّتي يتمتّعُ بها الجيشُ. 
وقالَ إنّ سلكَ الضّبّاطِ الشّبانِ يشعرُ بامتعاضٍ متزايدٍ من فسادِ رؤسائِه، ومن إدارتِهم القاسيةِ لعمليّةِ الانتقالِ السّياسيّةِ. وَقد قامتِ السّلطاتُ بمصادرةِ كلّ أعدادِ الجريدةِ غداةَ نشرِ المقابلةِ". ا. هـ.
 وأخيرًا أنتقلُ إلى دراسةٍ كتبها محمّد دلبح بعنوان: "هكذا عجَنَتْ واشنطن الجيشَ المصريَّ وشكّلته" حيثُ يقولُ: "مُنْذُ اتّفاقيةِ كامب دِيفيد والولاياتُ المتّحدةُ ممثّلةٌ بوزارةِ دفاعِها تعملُ على الإمساكِ بالجيشِ المصريّ، تمويلًا وتسليحًا وتدريبًا وعقيدةً. 
نجحتْ في عجنِه وإعادةِ تشكيلِه مِن جديدٍ وفقَ مصالحها القوميّةِ، حتّى أنّها أدخلتْ تغييراتٍ جوهريّةً على بنيتِهِ، وأعادتْ تحديدَ عدوِّه، مسقطةً بذلكَ إسرائيلَ وما تُنفقُه من أموالٍ (على جَيشها)، كما عملتْ على إعادةِ تدويرِه إلى شركاتِ الأسلحةِ الأمريكيّةِ. 
عقبَ إطاحةِ الرّئيسِ الإخوانيّ، مُحمّد مرسي، عَهدَ البيتُ الأبيضُ إلى وزيرِ الدّفاعِ الأمريكيّ تشاك هاغل، بأنْ يكونَ قناةَ الاتّصالِ الرّئيسيّةَ بينَ الحكومةِ الأمريكيّةِ وقيادةِ الجيشِ المصريّ، الّتي تمسكُ حَاليًا بزمامِ الأمورِ في مصرَ. 
ويرى طاقمُ السّياسةِ الخارجيّةِ والأمنِ القوميّ في البيتِ الأبيضِ أنّ وزيرَ الدّفاعِ المصريّ عبدَ الفتّاحِ السّيسي بمنزلةِ نقطةِ الارتكازِ في مصرَ، خاصّةً وأنّ العلاقاتِ العسكريّةَ بينَ الولاياتِ المتّحدةِ ومصرَ الّتي تعزّزتْ مُنذُ توقيعِ مُعاهدةِ كامب ديفيد في عامِ ١٩٧٩م، قد أسفرتْ عن إدخالِ تغييراتٍ جوهريّةٍ في بنيةِ القوّاتِ المسلّحةِ المصريّةِ وتوجّهاتها وعقيدتِها العسكريّةِ، وخططِهَا الاستراتيجيّةِ من خلالِ برامجِ التّدريبِ والتّسليحِ الأمريكيّةِ والمناوراتِ العسكريّةِ المشتركةِ السّنويّةِ. 
ويرى خُبراءُ أنّ العلاقةَ الخاصّةَ الّتي تربطُ الولاياتِ المتّحدةَ بالجيشِ المصريِّ هِيَ الّتي تُفسّرُ تردّدَ البيتِ الأبيضِ بإعلانِ موقفٍ صريحٍ إزاءَ إطاحةِ الرّئيسِ مرسي، وتجنّبَ وصفِ ذلكَ بانقلابٍ عسكريّ خلافًا للمواقفِ الّتي أعلنها العديدُ من أعضاءِ الكونغرسِ الأمريكيّ. 
 أَمريكا تُغيّرُ بنيةَ الجيشِ المصريّ وتوجّهاتِه: تكشفُ الدّراسةُ الميدانيّةُ غيرُ المنشورةِ حولَ القوّاتِ المسلّحةِ المصريّةِ وعلاقاتِ التّعاونِ العسكريّ الأمريكيّ-المصريّ الّتي وَضعها كينيت بولاك، المحلّلُ السّابقُ في وكالةِ الاستخباراتِ المركزيّةِ الأمريكيّةِ (سي آي إيه)، وَمديرُ قسمِ الخليجِ في مجلسِ الأمنِ القوميّ في عَهدِ الرّئيسِ الأسبقِ بيل كلينتون، مَدى التّخريبِ الّذي مارسَتْهُ الولاياتُ المتّحدةُ في كلّ فروعِ القوّاتِ المسلّحةِ المصريّةِ من خِلالِ مستشارِيها العسكريّينَ والسّياسيّينَ منذُ أنْ قرّرَ الرّئيسُ المصريُّ أنورُ السّادات، الّذي اغتيلَ في ٦ تشرين الأوّل (أكتوبرَ) سنة ١٩٨١م على منصّةِ العرضِ العسكريّ، في عامِ ١٩٧٩م الانتقالَ بمصرَ كلّيًّا إلى صفِّ الولاياتِ المتّحدةِ، ووضعَها في خدمةِ الاستراتيجيّةِ الأمريكيّة-الإسرائيليّةِ في المنطقةِ. 
 وقدْ أعدَّ بولاك دراستَهُ بعنوانِ (أبو الهولِ والنّسرُ: القوّاتُ المسلّحةُ المصريّةُ والعلاقاتُ العسكريّةُ الأمريكيّةُ-المصريّةُ) قبلَ عدّةِ سنواتٍ، استنادًا إلى وثائقَ أمريكيّةٍ ومقابلاتٍ ميدانيّةٍ مَعَ ضبّاطٍ مصريّينَ وأمريكيّينَ كبارٍ يؤكّدونَ فيها حُدوثَ تحوّلٍ وانقلابٍ كاملٍ في العقيدةِ العسكريّةِ للجيشِ المصريّ ومهامِّهِ واستراتيجيّته ومجملِ خططِه الّتي تقومُ على اعتبارِ أنّ إسرائيلَ لا تُشكّلُ تهديدًا له، كَما لَمْ تَعُدْ بالنّسبةِ له هدفًا. 
وَقَالَ بولاك إنّ الولاياتِ المتّحدةَ أرسلتْ في الفترةِ مِنْ ١٩٩٠م إلى ١٩٩١م فريقًا مِنْ خُبراءِ البنتاجونِ لدراسةِ الجيشِ المصريّ مِنَ القمةِ إلى القاعدةِ، وتقديمِ توصياتٍ إلى الحكومةِ المصريّةِ حولَ حاجتِهِ من المشترياتِ العسكريّةِ وهيكليّةِ الجيشِ. 
 وكانَ أوّلُ طلبٍ تقدّمَ بهِ الفريقُ الأمريكيُّ هُوَ إعداد خطّة معركةٍ متكاملةٍ، وَهُوَ ما لم تستجبْ له قيادةُ الجيشِ المصريّ نظرًا لأنّه لم يسبقْ لهم إعدادُ ذلكَ. 
كما أنّ فهمَ القيادةِ العسكريّةِ المصريّةِ العليا للقوّاتِ المصريّةِ كانَ خاطئًا أو غيرَ مكتملٍ في عديدِ المجالاتِ. 
وَقالَ بولاك في حديثٍ خاصٍّ مَعهُ إنّ ما جاءَ في دراستِهِ لا يزالُ ينطبقُ على حَالةِ الجيشِ المصريّ حاليًا، مشيرًا إلى أنّ ما يهمُّ الولاياتِ المتّحدةَ حولَ قُدراتِ الجيشِ المصريّ هُوَ أربعةُ أمورٍ، أبرزُهَا: الكيفيّةُ الّتي يكونُ فيها الجيشُ المصريُّ جُزءًا من استراتيجيّةِ الأمنِ القوميّ المصريّ:
 مَا هِيَ التّهديداتُ الّتي تواجِهُهَا مصرُ، وكيفيّةُ استخدامِ الحكومةِ المصريّةِ القوّاتِ المسلّحةَ لمواجهةِ هَذه التّهديداتِ، والوسائلُ الّتي سيتمُّ تبنّيها لاستخدامِ الجيشِ كأداةٍ لسياستِها الخارجيّةِ. وَيخلصُ بولاك في دراستِهِ إلى أنَّ عدمَ الشّعورِ داخلَ الجيشِ المصريّ بوجودِ تهديدٍ مباشرٍ قَد أدّى إلى انتشارِ الفسادِ داخلَ قياداتِهِ العليا.
 وَتشيرُ تقاريرُ عديدةٌ إلى أنّ دورَ واشنطنَ في تسليحِ الجيشِ المصريِّ، وتعزيزِ صناعاتِه العسكريّةِ، على مدى العقودِ الثّلاثةِ الماضيةِ، عاملٌ رئيسيٌّ في تحديدِ كيفيّةِ تعاملِ الجيشِ مَعَ إطاحةِ الرّئيسِ المخلوعِ حسني مبارك في ١١ شباط (فبراير) ٢٠١١م. وتُعتبرُ صناعةُ الأسلحةِ في مصرَ الأقدمَ والأوسعَ والأكثرَ تقدّمًا من النّاحيةِ التّكنولوجيّةِ في الوطنِ العربيّ. 
وَيتمُّ تمويلُ المؤسّساتِ العسكريّةِ، الّتي تملك حِصصًا اقتصاديّةً كبيرةً، مِن خلالِ مُساعداتٍ عسكريّةٍ أمريكيّةٍ سنويّةٍ بقيمةِ ١،٣ مليار دولارٍ.
وَطبقًا لما ذكرَه باحثونَ واقتصاديّونَ مصريّونَ، فقدْ بدأَ المجلسُ الأعلى للقوّاتِ المسلّحةِ المصريّةِ فورَ تولّيهِ السّلطةَ عَقبَ إطاحةِ مبارك، باتّخاذِ خُطواتٍ لحمايةِ امتيازاتِ اقتصادِهِ المغلقِ، الّذي لا يدفعُ من خلالِهِ الضّرائبَ، ويشتري الأراضي العامّةَ بشروطٍ ملائمةٍ، ولا يكشفُ شيئًا عَنه في البرلمانِ أو إلى العامّةِ، مَا يعيقُ التّغييراتِ المرجوةَ نحوَ اقتصادٍ مفتوحٍ. ويقولُ الخبيرُ في شؤونِ الجيشِ المصريِّ في الكلّيّةِ البحريّةِ الأمريكيّةِ للدّراساتِ العليا، روبرت سبرينغبورغ، إنّ حمايةَ أعمالَهُ من التّدقيقِ والمحاسبةِ هو خطٌّ أحمرُ سيرسمُه الجيشُ المصريُّ. 
وهذا يعني أنّه لا يوجدُ إمكانيّةٌ لمراقبةٍ مدنيّةٍ مُجديةٍ (لهذِه الأعمالِ). وقد سعى جِنرالاتُ المجلسِ الأعلى للقوّاتِ المسلّحةِ إلى تثبيتِ ذلكَ قبلَ عَقدِ الانتخاباتِ التّشريعيّةِ والرّئاسيّةِ الّتي انبثقَ عنها تشكيلُ حكومةٍ جديدةٍ استهدفتْ ضمانَ استمرارِ رضا الولاياتِ المتّحدةِ.
 وَقد أكّدتْ نصوصُ الدّستورِ المصريّ، الّذي أشرفتْ على وضعِه حكومةُ مرسي، عَلى منحِ الجيشِ المصريّ ما وُصِفَ بـ (حكمٍ ذاتيٍّ). 
فَلا أحدَ يتدّخلُ في ميزانيّاتِهِ. 
 وَيعتقدُ محلّلونَ غربيّونَ أنّ (الإمبراطوريّةَ العسكريّةَ) في مِصْرَ تُشكّلُ أكثرَ مِنْ ثُلثِ الاقتصادِ المصريِّ، فيما يَخشى اقتصاديّونَ أن يُعيقَ الجيشُ مواصلةَ التّحوّلِ من اقتصادٍ تسيطرُ عَليه الدّولةُ، الّذي بدأ في عهدِ الرّئيسِ الرّاحلِ جمال عبد النّاصر، إلى اقتصادٍ أكثر انفتاحًا تطوّرَ في عهدَ الرّئيسِ المخلوعِ حسني مبارك.
وَقالَ مديرُ البحثِ الاقتصاديّ في مركزِ الأهرامِ للدّراساتِ السّياسيّةِ والاستراتيجيّةِ، عَبد الفتّاحِ الجبّالي، إنّ (النّاسَ يظنّونَ أنّ اللّيبراليّةَ تخلقُ الفسادَ، وأظنُّ أنّنا سنعودُ إلى الاشتراكيّةِ، ليس بشكلٍ تامٍّ، بل ربّما نصفيّ). 
وَيصلُ عددُ أفرادِ القوّاتِ المسلّحةِ المصريّةِ إلى نحوِ ٥٠٠ ألف جنديٍّ نظاميٍّ، إلى جانبِ نحو ٤٥٠ ألفًا من الاحتياطِ. 
وَهِيَ مجهّزةٌ بنظمِ تسلّحٍ أمريكيّةٍ، تُعطي واشنطن نفوذًا كبيرًا على الجيشِ المصريّ وغيرِه من المؤسّساتِ المهمّةِ. 
ولم توقفْ قيادةُ البنتاجونِ اتّصالاتها مَعَ المجلسِ الأعلى للقوّاتِ المسلّحةِ منذُ أن كانَ برئاسةِ المشيرِ محمّد حسين طنطاوي، ورئيسِ الأركانِ السّابقِ الفريقِ سامي عنّان، اللّذينِ طَمأنا الولاياتِ المتّحدةَ وإسرائيلَ لجهةِ التزامِ مصرَ بمعاهدةِ كامب ديفيد، الّتي تُعتبرُ حجرَ الزّاويةِ لاستراتيجيّةِ الولاياتِ المتّحدةِ في المنطقةِ. 
 وَهُوَ ما أكّدَهُ أيضًا القائدُ العامُّ للجيشِ المصريِّ الحاليّ الفريقُ السّيسي. وَقَدْ تلقّتْ مصرُ مُنْذُ عامِ ١٩٧٩م نحوَ ٦٨ مليارَ دولارٍ من المساعداتِ الأمريكيّةِ، بلغتِ الحصّةَ العسكريّةَ منها نحوَ ٤٠ مليارَ دولارٍ. ممّا جعلَ مصرَ ثاني أكبرِ متلقّ لمساعداتٍ من هذا القبيلِ بعدَ إسرائيلَ. 
ويجري إنفاقُ نحو ٣٠ في المئةِ منَ المساعدةِ العسكريّةِ الأمريكيّةِ على أنظمةِ أسلحةٍ جديدةٍ بما يضمنُ الاستبدالَ التّدريجيَّ لمنظومةِ الأسلحةِ السّوڤييتيّةِ الّتي كَانتْ بحوزةِ الجيشِ المصريّ بأسلحةٍ أمريكيّةٍ. 
 وطبقًا لتقريرٍ لهيئةِ خدماتِ أبحاثِ الكونغرس الأمريكيّ، فإنّ المساعدةَ العسكريّةَ الأمريكيّةَ لمصرَ تُشكّلُ ثلثَ ميزانيّتها الدّفاعيّة الّتي تبلغُ حَوالي ٥ ملياراتِ دولارٍ.
وَيقولُ باحثونَ وخبراءُ ومسؤولونَ عسكريّونَ أمريكيّونَ سَابقونَ إنّ المساعداتِ العسكريّةَ الأمريكيّةَ السّنويّةَ للجيشِ المصريّ سَاهمتْ في تعزيزِ بيروقراطيّةٍ عسكريّةٍ في مِصْرَ أسفرتْ عن خلقِ شبكةٍ من الصفقاتِ الدّاخليّةِ، والفسادِ في الجيشِ. 
وَتدفعُ وزارةُ الدّفاعِ الأمريكيّةُ معظمَ الأموالِ مباشرةً للشّركاتِ الأمريكيّةِ الّتي تزوّدُ الجيشَ المصريَّ بالأسلحةِ والطّائراتِ والسّفنِ وغيرِهَا. 
وَيقولُ معارضونَ مصريّونَ إنّ الرّئيسَ المخلوعَ حسني مبارك وجنرالاتٍ كبارًا تمكّنوا من تحويلِ الأموالِ، على الرّغمِ من إصرارِ المسؤولينَ الأمريكيّينَ على أنّه لا يمكنُ سرقةُ هذا المالِ. 
لكنْ لا أحدَ يعلمُ كيفَ تُستخدمُ السّلعُ الّتي يحصلُ عليها الجيشُ بعدَ وصولِها إلى مِصْرَ. وَمن بينَ الأمثلةِ على ذلكَ مستشفًى عسكريٌّ موّلتْهُ الولاياتُ المتّحدةُ في بدايةِ التّسعينيّاتِ، وقد حوّلَهُ الجيشُ إلى مستشفًى فخمٍ لاستقبالِ المدنيّينَ والأجانبِ وكسبِ المالِ. كما استخدمَ الجيشُ سربًا من الطّائراتِ النّفّاثةِ الّتي حصلَ عليها من أمريكا للسّفرِ المترفِ. 
ويقولُ الجنرالُ المتقاعدُ في سلاحِ الجوِّ الأمريكيّ، مايكل كولينغز، الّذي كانَ الملحقَ العسكريَّ ومديرَ مكتبِ التّعاونِ العسكريّ-الأمريكيّ في القاهرةِ بين عامي ٢٠٠٦م-٢٠٠٨م، إنّه قلقٌ من تفشّي الفسادِ في المراتبِ العليا في الجيشِ المصريّ، مُشيرًا إلى أنّ الأمريكيّينَ لم يستطيعوا تتبعَ الأرباحِ الّتي تحقّقها المصانعُ الّتي يديرُهَا الجيشُ. وقالَ إنّه يعتقدُ أنّ الشّعبَ المصريَّ يستحقُّ أفضلَ من ذلكَ. 
وأوضحَ أنّه حينَ كانَ في مصرَ، أخبره القادةُ العسكريّونَ عن خطّةٍ يوزّعُ بموجبها مبارك الأموالَ على قادةِ الأفرعِ المختلفةِ في الجيشِ من بحريّةٍ وقوّاتٍ جويّةٍ وقوّاتٍ دفاعيّةٍ. وقد أكّدَ مسؤولٌ سابقٌ في الجيشِ المصريّ تصريحاتِ كولينغز. 
 برامجُ الدّعمِ والمصالحُ الأمريكيّةُ: يرى البيتُ الأبيضُ والسّياسيّونَ الأمريكيّونَ أنّ أيَّ وقفٍ للمساعداتِ الأمريكيّةِ لمصرَ من شأنِهِ أن يعرّضَ المصالحَ الأمريكيّةَ في مصرَ والمنطقةِ إلى التّهديدِ. وقد أوضحَ المتحدّثُ باسمِ البيتِ الأبيضِ، جاي كارني، ذلكَ بقولِهِ:
 (نعتقدُ أنّه ليسَ من مصلحةِ الولاياتِ المتّحدةِ الإقدامُ على تغييرِ برامجِ الدّعمِ في هذه المرحلةِ)، نافيًا وقفَ المساعداتِ في المدى القريبِ. 
وَقالَ: (إذ نعتقدُ أنّ ذلكَ الإجراءَ لا يصبُّ في خدمةِ مصالحِنَا بالشّكلِ الأفضلِ). 
وَفي أساسِ هَذه المصالحِ، الإبقاءُ على التزامِ مصرَ بمعاهدةِ كامب ديفيد. 
 وَقالتْ مؤسّسةُ راند ذاتُ العلاقةِ الوثيقةِ بالبنتاجونِ إنّ (المنطقَ الرّشيدَ يكمنُ في كونِ المساعداتِ تصبُّ في خِدمةِ الاعتباراتِ الاستراتيجيّةِ الحقيقيّةِ) للولاياتِ المتّحدةِ. 
وأوضحتْ أنّ المساعداتِ الأمريكيّةَ لا تُمثّلُ سوى واحدٍ في المئةِ من مجملِ الاقتصادِ المصريّ، مقارنةً بنسبةِ سبعةٍ في المئةِ كانتْ تُمثّلها في عامِ ١٩٨٦م، فضلًا عن أنّ نحوَ ٨٠ في المئةِ من مجملِ المساعداتِ هِيَ عسكريّةٌ بطبيعتِها، وَتذهبُ لشراءِ معدّاتٍ أمريكيّةٍ مِنْ شركاتٍ تُنتجُ المدرعاتِ والطّائراتِ المقاتلةَ والمروحيّةَ. 
 الشّركاتُ الأمريكيّةُ المستفيدُ الأوّلُ: تشترطُ الولاياتُ المتّحدةُ على مصرَ أن تُنفِقَ الأموالَ الأمريكيّةَ على معدّاتٍ وخدماتٍ أمريكيّةٍ، وبالتّالي تُصبحُ مصدرَ دعمٍ فعّالًا للشّركاتِ الأمريكيّةِ. 
وتُقيمُ شركاتُ (لوكهيد مارتن)، وَ(بوينج)، وَ(جنرال إلتريك)، و(رايثيون)، وَ(جنرال دايناميكس)، وَ(بي إيه أي سيستمز)، صفقاتٍ تجاريّةً كبرى مَعَ القاهرةِ، من خلالِ بيعِ طائراتٍ مقاتلةٍ ودبّاباتٍ وأجهزةِ ردارٍ ومدفعيّةٍ وغيرِها من المعدّاتِ العسكريّةِ إلى مصرَ.
 وتلقّتْ شركةُ (لوكهيد مارتن) في سنة ٢٠١٠م نحوَ ٢١٣ مليونَ دولارٍ، لقاءَ دفعةٍ جديدةٍ من ٢٠ طائرةً (إف ١٦) لسلاحِ الجوّ المصريّ الّذي يمتلكُ حوالي ١٨٠ من المقاتلاتِ الأمريكيّةِ. 
وهذا يجعلُ من مِصْرَ رابعَ أكبرِ مشغّلٍ لطائراتِ (إف ١٦). كما حقّقتْ شركةُ (لوكهيد مارتن) أرباحًا تُقدّرُ بـ ٣،٨ مليارات دولار من بيعِ طائراتِ (إف ١٦) ومبيعاتٍ أخرى إلى مصرَ. فيما كسبتْ شركةُ (بوينج) الّتي تبيعُ القاهرةَ مروحيّاتِ نقلٍ من طرازِ شينوك-٤٧ ما يُقدّرُ بـ ١،٧ مليار دولار. 
وحقّقتْ (جنرال دايناميكس لاند) ٢،٥ مليار دولار من خلالِ حصولِها في عامِ ١٩٨٨م على ترخيصٍ لإنتاجِ دبّاباتِ (أبرامز إم ١ آي ١) في مصرَ، حيثُ ينصُّ الاتّفاقُ على إنتاجِ ١٢٠٠ دبّابةٍ من نوعِ (أبرامز) في مصانعَ في ضواحي القاهرةِ، بحيثُ يجري إنتاجُ الجزءِ الأكبرِ مِنْ مكوّناتها في مصرَ (٤٠ في المئة) دَعمًا لفرصِ العملِ، فيما يجري تصنيعُ ما تبقّى من مكوّناتٍ في الولاياتِ المتّحدةِ، ويجري شحنُها إلى مصرَ للتّجميعِ النّهائيّ للدّبّابةِ. في المقابلِ قامتِ الشّركاتُ المملوكةُ للدّولةِ الّتي يسيطرُ عليها الجيشُ والهيئةُ الوطنيّةُ للإنتاجِ الحربيّ بتصنيعِ الأسلحةِ الخفيفةِ والذّخائرِ لجميعِ الأسلحةِ والمدفعيّةِ والصّواريخ ومعدّاتِ الاتّصالاتِ. ومنَ الثّابتِ أنّ معظمَ برامجِ المساعداتِ الأمريكيّةِ المقدّمةِ لمصرَ تذهبُ لتمويلِ الأسلحةِ والمعدّاتِ العسكريّةِ الّتي تُنتجها الشّركاتُ الأمريكيّةُ، بينما يذهبُ جزءٌ ضيئلٌ بالمقارنةِ إلى قطاعِ التّنميةِ الاقتصاديّةِ، ومنها المشاريعُ الّتي تسيطرُ عليها القوّاتُ المسلّحةُ الّتي تُشغّلُ عمّالًا لإنتاجِ مدرّعاتِ (إم-١)، فضلًا عن تطويرِ صناعةٍ داخليّةٍ للمدرّعاتِ قد تضعُها في مصافِ السّوقِ العالميّ في المستقبلِ".
 ا. هـ  بقلم ثابت عيد
 تقرير جديد ومزلزل من الجزيرة
يفضح الإعلام المصري والعربي في التلاعب بعقول المشاهدين



؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛