السبت، 15 ديسمبر 2012

هل من حق النائب العام إصدار تعليمات بعدم الإفراج عن المتهمين ؟



هل من حق النائب العام إصدار تعليمات
 بعدم الإفراج عن المتهمين في أحداث الاتحادية؟


بعد أن نفي مصدر قضائي رفيع وثيق الصلة بالنائب العام المستشار طلعت عبد الله الشائعات التي ترددت بشأن رفض أعضاء النيابة العامة الانصياع لأوامر النائب العام بحبس جميع المتهمين في أحداث قصر الاتحادية.
 ** فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
 هل من حق النائب العام أن يعطي التعليمات بعدم الافراج عن أي متهم حتي ولو كانت التحقيقات تشير الي براءته؟ 
 وهل وكلاء النيابة الذين خالفوا هذه التعليمات, ان صحت, أخطأوا أم مارسوا حقهم القانوني بالاستقلال التام في اتخاذ القرار المناسب؟ 
 وهل كان يجرؤ أحد من النيابة العامة اثناء وجود المستشار عبد المجيد محمود أن يرفض قرارا صادرا عنه؟
 - هذا ما سنعرفه في السطور التالية: يقول المستشار اسماعيل حمدي عضو مجلس القضاء الأعلي ورئيس محاكم استئناف القاهرة السابق: قبل التطرق الي تشكيل النيابة العامة واختصاصاتها والعلاقة بين أعضائها فانه يجب تصحيح المفهوم الخاطيء الذي ساد أخيرا حول دور النيابة العامة ومسئولياتها عن أحكام البراءة الصادرة في حق بعض المتهمين وأن هذا المفهوم نتج عن عدم المعرفة بحقيقة دور النيابة العامة في الدعوي الجنائية ذلك لأن عمل النيابة العامة يتجه وهي تباشر التحقيق إلي الكشف عن أدلة الجريمة ما كان منها ضد مصلحة المتهم وما كان في مصلحته ثم الموازنة بينهما لاستخلاص نتيجة التحقيق التي تدور حول البحث فيما اذا كانت أدلة الادانة كافية للاحالة الي القضاء ام غير كافية لذلك فاذا ما انتهت الي الاحالة الي القضاء فان النيابة العامة تمثل الاتهام امامه ولا يعفيها ذلك من الالتزام بالموضوعية فعليها أن تقدم الي القضاء عناصر الدعوي وأدلتها جميعها ولو كان منها ما هو في مصلحة المتهم وأنه اذا تبين لها اثناء اجراءات محاكمة انهيار أدلة الاتهام فواجبها ان تطلب البراءة صراحة.
 وينتقل المستشار اسماعيل حمدي الي تشكيل النيابة العامة فيقول تشكل النيابة العامة من النائب العام والنواب العامين المساعدين والمحامين العامين الأول والمحامين العامين ورؤساء النيابة العامة ووكلائها ومساعديها ومعاونيها ويأتي النائب العام وهو رأس النيابة العامة والأصيل في مباشرة اختصاصاتها أما سائر أعضائها فيدينون له بالتبعية ويباشر اختصاصاتهم كقاعدة عامة بالوكالة المفترضة عنهم وأنه يترتب علي أصالة النائب العام ونيابة به في اعضاء النيابة عنه نتيجتان أولاهما أنه يجوز للنائب العام أن يحل محل أي عضو في مباشرة اختصاصه لأن صفة الأصيل تجب صفة الوكيل
والثانية أن كل عمل من أعمال الاتهام يقوم به عضو النيابة خلافا لتعليمات النائب العام يعد باطلا لخروجه عن حدود الوكالة فيفقد العمل بذلك سند صحته اما أعمال التحقيق وهو عمل قضائي بطبيعته, فالأصل فيه أن يكون من اختصاص قاضي التحقيق وعلي ذلك اذا أمر النائب العام عضو النيابة بعدم اتخاذ اجراء تحقيق معين ولكنه اتخذه فهو صحيح قانونا وان جاز أن يستنتج المسئولية التأديبية لعضو النيابة ونتيجة لذلك فقد نص القانون علي أن أعضاء النيابة العامة متدرجون في ترتيبهم الوظيفي ولبعضهم سلطة رئاسية علي بعض وتخول هذه السلطة الرقابة والاشراف من جانب الرؤساء علي المرؤسين وهو ما نصت عليه المادة26 من قانون السلطة القضائية بان رجال النيابة العامة تابعون لرؤسائهم بترتيب درجاتهم ثم للنائب العام وتعني هذه التبعية خضوع عضو النيابة العامة في ممارسة عمله لسلطة رئاسية بما يتبعها من حق الرئيس في توجيه عمله عن طريق تعليمات يصدرها اليه قبل قيامه به أو في أثنائه ثم رقابته له في تنفيذها وتصحيح العمل المخالف.
وقال المستشار حمدي إن المقصود من هذه التبعية التدريجية لاعضاء النيابة العامة تحقيق مبدأ الوحدة التي تسود عملها باعتبارها سلطة واحدة تباشر في مجموعها باسم جميع اعضائها وهو ما يقتضي من الناحية العملية أنه يجوز ان يشترك في الاجراءات الخاصة بدعوي واحدة عدد من الأعضاء يكمل كل منهم عمل الآخر فمن الجائز أن يسمع أقوال المتهم عضو ويأمر بتفتيش مسكنه عضو ثان ويقرر الاحالة الي القضاء عضو ثالث ويترافع في الدعوي عضو رابع وعلي هذا يكون مخالفة أي عضو من اعضاء النيابة العامة للتعليمات الصادرة اليه من رؤسائه مستوجبا المسئولية التأديبية التي يتولاها التفتيش القضائي بالنيابة العامة حتي لو كان تطرقه قانونيا من الناحية العملية. وقال المستشار الدكتور أحمد حامد البدري نائب رئيس محكمة النقض إن النائب العام هو الأمين علي الدعوي العمومية وفقا لقانون الاجراءات الجنائية وكل من يليه في الأقدمية من رجال النيابة العامة يعملون بوصفهم وكلاء عن النائب العام. وأكد البدري أن النائب العام لايستطيع بمفرده مباشرة الدعوي العمومية تحقيقا وادعاء علي مستوي الجمهورية ومن هنا كانت ضرورة وجود نيابات استئناف ويترأسها محام عام أول ومجموعة من رؤساء النيابة ونيابات كلية ويترأسها محام عام ومجموعة من رؤساء النيابة ووكلائها ونيابات جزئية ويترأسها رئيس نيابة او وكيل أول نيابة ومجموعة من وكلاء النيابة ومساعديها ومعاونيها. وأضح البدري أن كل هؤلاء يباشرون الدعوي العمومية او الجنائية تحقيقا.
وادعاء بوصفهم وكلاء عن النائب العام. وأشار البدري الي أنه ترتيبا علي ما تقدم فللنائب العام الحق في احالة أي دعوي جنائية الي المحاكم الجنائية المختصة متي توافرت الدلائل الكافية علي ارتكاب المتهم بالجريمة وله الحق في اصدار أمر بأن لا وجه لاقامة الدعوي الجنائية او حفظها في حال ما رأي عدم توافر الدلائل الكافية علي ارتكاب المتهم للجريمة او عدم معرفة الفاعل او لعدم الأهمية وفقا لما هو منصوص عليه في قانون الاجراءات الجنائية.
وشدد البدري علي أن هناك مكتبا فنيا للنائب العام يتولي فحص الدعاوي التي تحتاج لعرضها علي النائب العام بعد اعداد مذكرة بالرأي المناسب فيها ثم ليصدر فيها القرار المناسب وفقا لما هو مقرر في التعليمات العامة للنيابات. وأكد نائب رئيس محكمة النقض أن للنائب العام الحق في الغاء قرار الحفظ الصادر من وكيل النيابة أو من المحامي العام واعادة التحقيق فيها حال ظهور أدلة جديدة تؤكد ارتكاب المتهم الجريمة او ظهور الفاعل في القضايا التي حفظت لعدم معرفة الفاعل. وأضاف المستشار الدكتور وليد عبد الصبور رئيس المحكمة أنه وفقا للقانون وبموجب النص الدستوري الجديد المقترح فان النيابة العامة يتولاها النائب العام بمعني أن النائب العام هو المفوض بتولي النيابة العامة عن المجتمع بما تخوله له من تحريك ومباشرة الدعوي الجنائية والنيابة عن المجتمع في سير الدعوي الجنائية كمسائل الولاية عن المال بالنسبة للقصر وعديمي الأهلية.
 وأوضح عبد الصبور أن ما دون النائب العام بالنيابة العامة أي جميع وكلاء النيابة ورؤساؤها والمحامون العموم بمختلف درجاتهم يستمدون الوكالة القانونية من النائب العام بما يختص به هو.
وأشار عبد الصبور الي أن النيابة العامة تقوم علي مبدأ التدرج الرئاسي بمعني أن الأحدث يخضع لرئاسة الأقدم انتهاء بالنائب العام الذي يترأس النيابة العامة جميعهم وبالنسبة لسلطات النائب العام علي أعضاء النيابة العامة أكد عبد الصبور أنه له كل السلطات عليهم من الناحية الادارية والنواحي الفنية التي تتعلق بوجه التصرف النهائي في التحقيقات التي يباشرونها بمعني أنه يملك أن يحفظ التحقيق او يحيله الي المحكمة ولو كان علي خلاف اقتراح العضو المحقق وأضاف عبد الصبور أن ذلك يسري أيضا بالنسبة لقرارات الحبس علي ذمة التحقيق فللنائب العام أن يأمر بوجه معين وعلي المحقق عضو النيابة أن يمتثل لذلك الأمر وفقط عليه أن يثبت الأمر بالتحقيق حتي يشير الي أن ذلك نزولا علي تعليمات النائب العام.
وأكد عبد الصبور أن عضو النيابة العامة يملك فقط سلطة تقديرية تتمثل في التحقيق الجنائي ذاته من ناحية ما يوجهه من اسئلة وسؤال من يري سؤاله كما أن له الحق ابتداء باعداد مذكرة بالرأي في التحقيق الذي أجراه علي أن تكون الكلمة النهائية للجهة الرئاسية حسب التعليمات المنظمة للنيابة العامة وأكد المستشار وليد عبد الصبور أن وضع القاضي يختلف عن زميله في النيابة العامة, فالقاضي قانونا وبموجب الدستور أيضا لا رقابة ولا ولاية عليه وهو مستقل ولايخضع إلا لضميره ولا تملك أية رئاسة مهما تكن أن توجهه بخلاف الوضع في النيابة العامة.
وقال المستشار هشام حجازي رئيس بمحكمة الزقازيق الابتدائية إن للنائب العام السلطة الكاملة والتامة ولايجوز لوكيل النيابة مخالفة رأي او قرار رئيسه المباشر او غير المباشر النائب العام لأنه وكيل للنائب العام ولايملك إلا أن يدلي برأيه القانوني فقط ويملك رئيسه المباشر علي الترتيب:
رئيس النيابة والمحامي العام والمحامي العام الأول توجيه او سحب القضية من المحقق وما علي وكيل النيابة إلا أن يثبت ذلك بمحضر التحقيق الرسمي بعبارة وقد قمنا بالاتصال برئيس النيابة او المحامي العام وأمر سيادته بما يتبع ولا يكون لوكيل النيابة ثمة سلطة تقديرية في تغيير القرار.
وأشار حجازي الي أن النائب العام هو صاحب الدعوي الجنائية في القطر المصري والتأديبيه لزملائه القضاة. ولا يسوغ قانونا ولا منطقا او عقلا أن يباشر النائب العام جميع قضايا الجمهورية بنفسه فيستعين بمحامين عموميين أول محامي عموم ورؤساء نيابة وعدد كبير من وكلاء النيابة يتم توزيعهم جغرافيا علي المحافظات والدوائر المختلفة مع بقائه صاحب الدعوي الجنائية في الدولة وما هم إلا وكلاء عنه.

ليست هناك تعليقات: