الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

الدولة الضعيفة ينهش فى أرضها الكلاب



التنظيمات الارهابية هددت الرئاسة
بتفجير مواقع حيوية إذا سمحت للأجهزة الأمنية
 بعمليات عسكرية موسعة فى سيناء


التقارير الأمنية أكدت وجود عناصر ترتبط بجماعات سيناء عضويا وفكريا فى القاهرة والمحافظات جاهزة لتنفيذ عمليات انتقامية الدولة الضعيفة ينهش فى أرضها الكلاب سواء كانوا متطرفين أو مدسوسين أو مأجورين أو تجار «كيف» ودم وأعضاء بشرية وأحلام مستقبلية. الدولة الضعيفة تتلاعب الأصابع الخارجية بكل سهولة على حدودها الحساسة وفى روابط العلاقات الاجتماعية والتعايشية التى تكفل أمان الاستقرار المجتمعى الذى لا يأتى بدونه تقدم ولا تقوم نهضة. 

 الدولة الضعيفة هى التى يتحدث رئيسها فى كل خطبه وحواراته عن توفير الأمن والحماية لمواطنين وممتلكات فى أرض لا تستطيع أجهزته الأمنية دخولها أو السيطرة عليها. الدولة الضعيفة هى التى يطلق رئيسها وعودا شتى فى كل وسائل الإعلام حول القصاص لشهداء رفح والرد على قاتليهم فى أقل من 24 ساعة وتمر الساعات والأيام والشهور دون أن يظهر للقتلة دم ولا حتى أيادى فى كلابشات الأمن. الدولة الضعيفة هى التى يعلن رئيسها عن بدء عمليات عسكرية لتطهير سيناء من المتطرفين والمجرمين والإرهابيين ويؤكد فى خطبة ليلة القدر أنه يشرف بنفسه على هذه العمليات.. ثم تتلاشى أخبار العملية فجأة ويستمر الإرهابيون فى ضرب الكمائن الأمنية داخل مدينة العريش وخطف المجندين وتهديد المسيحيين، وتقول الصحف الأجنبية إن العمليات فشلت وسيناء أصبحت خارج السيطرة وتحولت إلى بؤرة تطرف، ويقسم الأهالى فى سيناء بأن الجيش أخفق فى سيناء وتوقفت عملياته بسبب قلة الحيلة.. دون أن يخرج الرئيس ليبرر لنا لماذا فشلت تلك العملية ولماذا مرت الأسابيع والشهور دون أن يتم تطهير سيناء؟
وهل تحتاج سيناء إلى ما هو أكبر من رعاية الرئيس شخصيا حتى تنجو من فخ التطرف الذى يبتلعها؟. 
اختفى الرئيس وتلاشت وسائل إعلامه التى مهدت بالمانشيتات الثقيلة لتصورات تخيل معها المواطن المحترم أن سيناء ستخلو من إرهابها خلال أسبوع لتبدأ النوم فى حضن مشروعات التنمية التى وعد بها محمد مرسى شيوخ القبائل. انقطعت الأخبار عن العمليات العسكرية فى سيناء والتى حملت لقب «نسر» وعن موقف الرئيس مما يحدث فى شبه الجزيرة الطاهرة بعد وعوده الخاصة برد سريع وحاسم، وأصبحت إسرائيل وصحفها والمتحدث الرسمى باسم جيشها الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يدور فى سيناء وطبعا كانت أخبارا تسر العدو ولا تسر الحبيب، ثم ظهر فجأة للجيش المصرى متحدث رسمى أخذ يشرح ويشير إلى خرائط ويلقى فى عقولنا أرقاما، ثم وفى إطار التشويق والمتعة أخبرنا أن العمليات العسكرية التى تتم فى أرض الفيروز لا تحمل اسم «نسر» وإنما اسم «سيناء»، ومن بعد هذه المفاجأة اختفى المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة هو الآخر ولم يتبق لنا سوى الأنباء القادمة عن تكرار الهجوم بالرصاص على كمين العريشة والمناوشات المسلحة على الحدود والهجوم الغاشم على محلات التجار المسيحيين والتهجيرات القسرية لأسرهم من رفح.. بالإضافة إلى تكرار تأكيدات مشايخ بدو سيناء حول توقف العملية العسكرية فى سيناء تماما دون أى نتيجة. ما الذى حدث ولماذا أصاب الخرس ألسنة الجميع فى المؤسسات الرسمية للدولة بعد فيض حديث بطولى عن إنقاذ سيناء من مستنقع الإرهاب.. 
لا أحد يجيب، ولا أحد يبرر أو حتى يخترع قصصا وهمية تمنحه الوقت للحصول على إجابات حقيقية ترضى جوع وعطش القلقين على الوضع فى سيناء. من بين كل الأنباء الواردة عن الوضع فى سيناء كانت بعض الأخبار أو بعض التفاصيل غير المكتملة تأتى لتتحدث عن دخول الجيش ومؤسسة الرئاسة فى مفاوضات مع الجماعات التكفيرية من أجل هدنة ما فى سيناء، هذا النوع من المعلومات الذى كان يأتى مؤكدا على لسان شيوخ القبائل ومرفقا بتلميحات تزيد من صحة حدوثه فى تقارير وسائل الإعلام العالمية كان يثير غضب القوى السياسية والشارع المصرى الذى كان ينتظر إبادة شاملة وقضاء كاملا على العناصر الإرهابية المتطرفة التى قتلت جنود مصر وتهدد أمن سيناء وتنذر بعودة مصر إلى عهود العنف والإرهاب مرة أخرى، وربما ردود الفعل الغاضبة حول حدوث مثل هذه المفاوضات هو الذى دفع المؤسسات الرسمية للدولة لتجنب الحديث أو الإعلان عنها أو عن نتائجها، خاصة بعدما بات واضحا للجميع أن حدوث هذه المفاوضات أمر حقيقى وصحيح فى ظل عدم وجود مبرر قوى ومقنع أو حتى ضعيف لتوقف العمليات العسكرية فى سيناء.. فلا توقف إلا إذا كان له بديل والبديل المعروف للقتال والحروب هو التفاوض.. والتفاوض تم تأكيد حدوثه بعد بيان «تنظيم طلائع الفتح» الذى أعلن عن وجود ما يسمى بمبادرة جسور الثقة للتفاوض بين الأجهزة الأمنية والحركات التكفيرية فى سيناء. 

المربك هنا هو ما يتعلق بسؤال.. 
لماذا تتفاوض أجهزة الأمن ومؤسسة الرئاسة مع المتطرفين فى سيناء؟،
 باب الإجابات المفتوح يقدم أسبابا عديدة دفعت الدولة للتفاوض مع الجماعات المتطرفة فى سيناء على رأسها صعوبة جغرافيا أرض سيناء، وعدم تعاون شيوخ قبائل البدو، وإعاقة بنود كامب ديفيد لتحركات الجيش فى المنطقة. الأسباب السابقة تبدو منطقية ويطرحها العديد من الخبراء الأمنيين ويستخدمها بعض المسؤولين فى الرد على أى سؤال يتعلق بمدى صعوبة الوضع فى سيناء ولماذا لم تنفذ الدولة وعدها الخاص بتطهيرها من السلاح والإرهاب؟، ولكنها فى نفس الوقت تبدو أسبابا مقللة من شأن الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية وندعو السادة المسؤولين فى الدولة إلى عدم استخدامها أو منع ترويجها إعلاميا كمبرر لتعطل العمليات العسكرية فى سيناء، لأن استخدام مبرر مثل جغرافيا سيناء الصعبة يعنى التقليل من شأن القوات المسلحة ويدفعك للسؤال إذا كانت أجهزة الدولة لا تعرف جغرافيا أخطر مناطقها الجغرافية فكيف تستطيع حمايتها من أى اعتداء خارجى؟، 
أما المبرر الثانى والخاص بعدم تعاون بدو سيناء مع الأجهزة الأمنية فى القضاء على الإرهابيين فيبدو فى غير صالح مؤسسة الرئاسة لأنه سيفضح فشلها فى التواصل مع جزء من مواطنى الدولة، أما المبرر الخاص بإعاقة بنود كامب ديفيد لتحركات الجيش فى المنطقة فهو عقيم وسخيف وفاضح للرئيس مرسى الذى أعلن المتحدث الرسمى باسمه منذ أيام أن الرئاسة لا تنوى طلب أى تعديل فى كامب ديفيد حاليا. كل الأسباب أو المبررات التى ترد بها الدولة على أى أسئلة حول حقيقة الوضع فى سيناء والخلل الذى أصاب التحركات الأمنية فى أرضها ضعيفة وساذجة وتفضح وتعرى ماهو أكثر من الذى تريد الدولة ستره.. ولذلك يبقى الحل السهل فى قول الحقيقة أو استخدام مبدأ الشفافية الذى سقط مبارك حينما جعله أمرا اختياريا فى البداية ثم احتقره مما خلق أجواء ضبابية ساهمت فى إضعاف نظامه وسقوطه سريعا.

 المعلومة هنا، والحقيقة التى يمكنك أن تستخلصها من البيانات الجهادية التى تصدرها الجماعات المتطرفة فى سيناء مثل التوحيد والجهاد وأكناف بيت المقدس وأنصار بيت المقدس والسلفية الجهادية عقب كل عملية ينظمونها فى سيناء أن الدولة المصرية وتحديدا مؤسسة الرئاسة لجأت إلى التفاوض مع الجماعات التكفيرية المتطرفة فى سيناء مضطرة وخاضعة وخائفة ومتوترة بعد تلقيها العديد من التهديدات بتنفيذ عمليات إرهابية وتفجير مواقع حيوية فى القاهرة والمحافظات الكبرى فى الدلتا والصعيد ردا على أى تدخل موسع أو عمليات قتل وتدمير تقوم بها أجهزة الأمن لمناطق التكفيريين وأوكوارهم فى سيناء. 

التقارير الأمنية المتواترة أثبتت صحة هذه التهديدات مؤكدة على وجود تقارير أمنية قالت بأن بعض الجماعات المتطرفة وخاصة تلك التى ظهرت فى سيناء بعد الثورة واتخذت منها موطنا مجرد امتداد لجماعات وتيارات موجودة فى القاهرة والمحافظات، وأشارت التقارير إلى أن الروابط الموجودة بين الجماعات المتطرفة فى سيناء وبين العناصر المنتشرة فى بعض المحافظات المصرية قوية وإن كان أغلبها فكريا ولكن بعضها تنظيمى، وساهمت فترة الانفلات الأمنى الماضية مع قرار الرئيس مرسى الخاص بالإفراج عن بعض المعتقلين المتهمين فى قضايا إرهاب فى رفع المستوى التنظيمى بين تلك الجماعات المتطرفة وبقية العناصر المنتشرة فى المحافظات وظهر ذلك واضحا فى أثناء أحداث السفارة التى تم خلالها ضبط متهم أو أكثر شارك فى عمليات تمت على أرض سيناء. التقرب من خريطة الحركات التكفيرية فى سيناء يمكن أن يوضح لك الكثير عن قوة الترابط التنظيمى والفكرى الذى يجمع بين الجماعات المتطرفة فى العريش ورفح وبين بعض العناصر أو الخلايا النائمة فى المحافظات والتى تبدو جاهزة لتنفيذ عمليات إرهابية فى ظل ارتخاء قبضة الأمن إذا تلقت أوامر أو تعليمات من بؤرة القيادة التى انتقلت إلى سيناء بعد الثورة. قبل الثورة كان التنظيم المتطرف الرئيسى فى سيناء هو «التوحيد والجهاد»، الذى ظهر اسمه أكثر من مرة ضمن الحديث عن تفجيرات خطوط الغاز وبعض الرصاصات الطائشة فى معارك المهربين والأنفاق والحدود، وبعد الثورة ظهرت تنظيمات أخرى بشكل أوضح مثل مجلس شورى المجاهدين ثم تنظيم أنصار بيت المقدس وهو التنظيم الذى أطلق الصواريخ فى اتجاه إيلات وفجر أنابيب الغاز ونسب لنفسه أخبارا عن تصفية عناصر الموساد الذين دخلوا إلى سيناء لقتل إبراهيم عويضة، ثم ظهر تنظيم آخر يروج لنفسه على أنه تنظيم دعوى ويحمل اسم السلفية الجهادية فى سيناء غير أن الكثير من خطوط الشك يمكن وضعها تحت لفظ دعوى خاصة بعد إعلان العديد من أقطاب الفكر المتشدد فى مصر ضرورة الجهاد بالنفس والمال لنصرة النبى محمد عليه الصلاة والسلام ورد الإساءة عنه. موقع المجاهدين الذى ينشر بيانات هذه الجماعات بعد كل عملية ويروج لأفكارها ويدافع عنها، نشر منذ فترة عدة أمور تؤكد على وجود تهديدات صادرة بتنفيذ عمليات فى القاهرة والمحافظات الكبرى فى حالة أى تدخل قوى للجيش فى سيناء، وكان من بين ما نشره الموقع بيان واضح وصريح يطالب الجيش المصرى بوقف عملياته العسكرية فى سيناء حتى لا يتورط فى خلق «وزير ستان» جديدة، ثم وجه البيان حديثه للحكومة الجديدة ومؤسسة الرئاسة قائلاً: « لا نظن أحدا يريد خوض حرب عبثية قد تنتقل إلى ما هو أبعد من سيناء، وتسبب خسائر لا تستطيع الحكومة الجديدة تكلفتها اقتصاديا ومعنويا» وأشار إلى البيان إلى وجود ترابط عضوى وفكرى مع بعض الجماعات السلفية الصغيرة التى تشكلت فى السنوات الأخيرة من الشباب، وهذه الجماعات ترتبط بتنظيمات أخرى جهادية فى غزة من منطلق دينى عقائدى، حتى قبل سقوط نظام مبارك. 

 التأكيد الأخير على هذا التهديد والابتزاز الذى تعرضت له مؤسسة الرئاسة من جانب الجماعات المتطرفة بخصوص الرد على أى عملية عسكرية فى سيناء بتفجيرات لأماكن هامة فى القاهرة والمحافظات جاء من الخارج فى شكل تحذيرات مخابراتية أصدرتها السفارة الأمريكية بالقاهرة لتطلب من رعاياها المتواجدين فى مصر اتخاذ الإجراءات الاحترازية والتأمينية الكافية نظرا لوجود معلومات ذات مصداقية عن احتمالية وقوع حوادث إرهابية فى القاهرة أو بعض المواقع الهامة وتحدث التحذير عن إمكانية استهداف المبشرات الأمريكيات التى يعملن فى القاهرة، وحتى يتضح أكثر جدية التحذير أكدت الرسالة فى آخرها على الرعايا الأمريكان جميعا ضرورة الاحتفاظ بوثائق سفر صالحة، وإدراج أنفسهم فى برنامج التحاق المسافر الذكى.. تحسبا لأى سفر مفاجئ أو طلب مفاجئ بإخلاء الرعايا من القاهرة لحمايتهم من العناصر المتطرفة.

ليست هناك تعليقات: