الجمعة، 24 أغسطس 2012

ضبط العلاقة بين النظام السياسي والإعلام ..فيديو



الإعلام والسلطة‏..‏ حرية أم تكميم للأفواه؟



فرض النظام السابق علي الإعلام الرسمي صبغة التبعية له والتحدث بما يهوي وتزيين العيوب‏,‏ في حين كان يتعرض الاعلام الخاص للهجوم لجمحه وتحجيمه حتي لا يظهر السياسات الخاطئة‏. 
وبتفيجر ثورة25 يناير توقع الكثيرون وتمنوا أن يتنفسوا نسيم الحرية وخصوصا في مجال الاعلام, سواء كان مرئيا أو مقروءا بحيث يتمكنوا من العمل بحيادية وأن يكون الحاكم لهم هو المهنية, وأن يعبر الإعلام عن الشعب ويطرح الآراء المختلفة ويراقب السياسات وينتقد ما يستوجب انتقاده دون انحياز لفصيل علي حساب الآخر. ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت بعض المعالم التي تبعث فينا التوجس والقلق من المستقبل علي المهنة نفسها. 
 واتضح ذلك جليا بعد صدور قرار الرئيس محمد مرسي بعودة البرلمان ونشأ الجدال بين القانونيين بعضهم البعض, وبين رجال السياسية وأعضاء من الحرية والعدالة والتيارات الإسلامية وهذا أمر صحي ومطلوب لممارسة الديمقراطية بأن نتفق ونختلف من أجل الوصول إإلي حلول تهدف لبناء الوطن, فوجدنا كل البرامج تتناول نفس الموضوع وليس بالشئ المكروه ولكن العجيب في الأمر أن نجد سيطرة وهيمنة من أعضاء بالتيارات الإسلامية بمحاولات عنيفة لإرهاب الضيوف ومقدمي البرامج, وتناسوا أن الثورة التي أتت بهم للحكم فرضت معايير الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجميع, وأصبح النقد والاختلاف في إطار يتميز بالموضوعية هو الذي ننشده في المرحلة المقبلة وليس العسكر ولهذا أجرينا تحقيقا حول تلك القضية وحرية الإعلام في التعبير والنقد في ظل محاولات تكميم الافواه من خلال أساتذة من الاعلام ومفكرين سياسيين وإعلاميين.
 وفي البداية, يؤكد الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بكلية الاعلام بجامعة القاهرة, أن الاعلام في مراحل التحول أحيانا يضع الإعلامي في حيرة ولا يجد الوسيلة التي يتحرك حولها ويفتقدها وعندما يجد مؤشرا ما يحقق له الفوز والجماهيرية يتوجه حوله وبالتالي في تلك المراحل يتبعها التحول الاعلامي والذي غالبا ما يفقد الرؤي مع الحرص والتحوط الشديدين.
 فليس كل الإعلاميين أصحاب مواقف ولذا نجدهم قلقين لأنهم مدركون أن المرحلة تتجه بالاعلام الي إتجاه يحاكي توجها سياسيا معينا وهو الاقرب من السيطرة, مما يجعل بعض الإعلاميين يداعبونه تكتيكيا ولا يظهرون مواقفهم التي قيلت منذ شهور قليلة ويحاولون التجاوب مع ما يقال من تبريرات وادعاءات, ويؤكد العالم أن أهم خصائص التحول محاولة السياسيين التأثير علي الإعلاميين وفي احدي مراحل التحول يصل التأثير هذا الي درجة الترهيب, أو الاغراء وبين هذا وذاك يتم استهواء بعض الإعلاميين في اطار تدعيم مواقف وسياسات بعينها وهو الأمر الذي قد يحدث به درجة كبيرة من التجاوب, خاصة بصعود اتجاه سياسي معين ولأنه وللأسف الشديد يوجد بعض الاعلاميين الذين يمارسون الاعلام بحثا عن حالة الفوز, ويري العالم ان هذا الاتجاه هو السائد بغض النظر عن العناصر المهنية التي تجسد حقائق الأشياء .. والأغرب أن يسود ذلك الأمر بين القانونيين, حيث يلاحظ أن موقف بعض رجال القضاء من الأحكام والقضايا المعروضة علي القضاء تتباين وفقا للتوجه السياسي, وهو الأمر الذي يؤثر علي الرأي العام لأنه يشكك في كل حكم, لأنه يجد آراء حماة القانون والعدالة تتسم بالعمومية والعلانية والتي تختلف وتتعارض حول ذات الحكم, بالرغم من أن حماة العدالة هؤلاء قبل سنوات قليلة كان يمكن أحدهم هو الذي يصدر ذات الحكم أو يدافع عنه في القضية نفسها, الأمر الذي يصيب الرأي العام بالتشقق وعدم المصداقية في كثير من الأحكام القضائية. ويضيف العالم ان التوظيف الدعائي لتباين المواقف من الاحكام القضائية تم استخدامه في جميع الانتخابات التي مرت بها مصر, ويؤكد العالم أن الاعلام تعود أن يمارئ وينافق النظام علي حساب الرأي العام لحماية نفسه ومن هذا المنطلق تطالب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بأن تحدد العلاقة بين السياسات والممارسات الاعلامية والنظام السياسي, وذلك بوضع مواد في الدستور الجديد تنص علي حماية الاعلام من بطش النظام السياسي وحيث لا يستطيع أحد إرهابه. فالاعلام يحتاج إلي البنية التشريعية التي تنظم آليات الإعلام وتحرص علي أن يكون اعلاما للشعب مرتبطا بالرأي العام, هذا بالاضافة الي حاجة الاعلام لتدعيم العمل النقابي في مجالاته المختلفة بحيث تكون النقابة مهمتها حماية المهنة. أما الدكتور محمد الجوادي المحلل والمؤرخ السياسي, فيري أن الأزمة الآن معرفية في المقام الأول, فالذين يمارسون السياسة لا يعرفون حدود ما هو مطلوب من الهيئات الرسمية ولا غير الرسمية, ومن ثم فإنهم يقيسون الأمور علي ما كانوا يشاهدونه في عصور سابقة سواء في زمن عبدالناصر أو السادات أو مبارك.
 ويؤكد الجوادي أن تيار الاخوان حتي هذه اللحظة قد أظهر من التصرفات النبيلة ما لم تكن متوقعة لأكثر الناس ظنا به, حيث تنازل الاخوان المسلمون عن كثير من حقوقهم من أجل ارضاء الأطراف الأخري, مثال لذلك أنه كان في وسع مجلس الشوري أن يصدر حركة التغييرات الصحفية في هدوء دون أن يناقش أحدا الآن, هذه من صلاحيات المجلس ولجنته العامة ولأنه في النهاية المسئولية تصب عنده لأنه يدعم الصحف الخاسرة وهو الذي يتحمل المسئولية القانونية, فإذا كان المجلس مع كل هذه المسئولية وأراد أن يستشرف مع الآخرين روح الثورة ويشركهم في الاختيار, فكان من الواجب علي النقابة والجماعات الصحفية أن تقدم أطروحتها الي الصياغة المثلي لقواعد الاختيار, ومن ثم فإن المسئول القادم عن وزارة الاعلام أصبح يري رأس الذئب الطائر بحيث يري أنه لا فائدة من أن يضع الأمور في نصاب أصحابها وأنه سيلجأ الي مرضاة أصحاب الأصوات العالية والجماعات الايديولوجية بما لا يعود في النهاية بالفائدة علي أهداف الثورة وروحها, وهنا تبرز أهمية الممارسة بعيدة النظر في السياسة التي تقتضي عند أصحاب الأصوات المخلصة أن يتعاونوا مع تيار الاخوان في ارشاده الي الطريق الصحيح بدراسات وافية, وليس بالوقوف في كل خطوة وراءه في كل تصريح. ويتوقع الجوادي من جماعة الاخوان تقويم الخطاب مع الاعلام بحيث يهتموا بابراز الوجه السمح والروح السوية ومنع الاعضاء الذين يتحدثون فيما هب ودب بقناعتهم الشخصية والتي لا تعبر إلا عن مشروع شخصي.
أما الدكتور حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, فيري أن حزب الحرية والعدالة يريد انتاج الدولة السابقة بنفس آليات عملها وتقديس الرئيس والقرارات الفردية, ولذا يقومون بحملة لارهاب الاعلام وبتهديدهم له من خلال تغيير قيادات رؤساء التحرير لتكون موالية لهم فهي خطر علي الاعلام المصري. ويري أنه يجب التصدي لتلك القضية.
 ويؤكد أبوسعدة أن مهمة الاعلام العمل علي كشف الحقائق للرأي العام ونقد السياسات والقرارات ولذا يستوجب الأمر التضامن مع الاعلام لمواجهة هذه الهجمة وذلك بمساندة المجتمع المدني ودعمه للإعلام, ونحن كمؤسسات حقوق الانسان علي استعداد للتضامن مع الاعلام من أجل الحفاظ علي حرية الرأي وكشف الحقائق دون موالاة لأحد ودون تضليل.
 أما مصطفي بكري صحفي وعضو مجلس الشعب المنحل, فيؤكد أننا أمام محاولة جديدة ليس لتكميم الأفواه فقط بل لفرض نوع من الارهاب الفكري المكارثي الجديد والذي يسعي الي تفتيش النيات ومحاربة أصحاب الفكر كما حدث في أمريكا بنهاية الخمسينيات, واستخدموا لذلك أسلحة الارهاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأنشأوا لجانا مهمتها الرد بوقاحة وخروج علي الآداب العامة وآساؤا للشرف والوطن والتهديد لكل من يختلف معهم أو يعبر عن فكر يخالفهم وهذا أمر لم يحدث حتي في ظل نظام الديكتاتور السابق. حيث وصل الأمر الي ذروته بالاعتداء علي ثلاثة من نواب مجلس الشعب السابقين لمجرد أنهم ذهبوا لمحكمة القضاء الاداري لرفع قضية ضد قرار الرئيس محمد مرسي واعتدوا عليهم اعتداء بدنيا سافرا, وهذه مؤشرات تنبئ بفترة قاتمة السواد بأن يحاسب الناس علي أفكارهم.

ليست هناك تعليقات: