الخميس، 8 مارس 2012

مفهوم الحرية والديمقراطية على " الطريقة المصرية "



الحقائق الغائبة عن شعب يصر النظام على تغييبه!
 دعهـــم يتكلمــون، دعهــم يكتبــون، دعهـم ينشــرون
 فنحــن عندنا حــرية صحــافة وإعـــلام، 
ونحــن سنفعل ما نريــد ومــا نراه فى سبيل الحفــاظ 
على المصــالح العليــا للبــــلاد!!.


فى فضيحة خروج المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى من مصر فتش عن المشير والمجلس العسكرى. المشير محمد حسين طنطاوى هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يدير شئون البلاد،.. هو الرئيس الفعلى الخامس لمصر وفى يده كل السلطات حتى لو وصل إلى هذه المكانة الرفيعة بدون إنتخابات رئاسية، هذا هو ما سيسجله المؤرخون والتاريخ، .. المصريون جميعا يتحدثون عن هذه القضية إلا المشير وأعضاء المجلس العسكرى، فهم يسيرون على النهج الذى استنه الرئيس المخلوع حسنى مبارك : دعهم يتكلمون، دعهم يكتبون، دعهم ينشرون، فنحن عندنا حرية صحافة وإعلام، ونحن سنفعل ما نريد وما نراه فى سبيل الحفاظ على المصالح العليا للبلاد!!،.
.. "هذا هو مفهوم الحرية والديمقراطية على " الطريقة المصرية "، والتى يستحق عليها الرئيس المخلوع كافة حقوق براءات الإختراع!، لذلك فإن المشير طنطاوى هو المسئول الأول والأخير، ومعه مجلسه الموقر عن كل ما حدث، فلا توجد سلطة فى بر مصر كله تجرؤ على السماح بخروج المتهمين الأمريكيين من مصر وبهذه الطريقة بدون موافقة المشير والمجلس العسكرى، هذا ليس نقدا للمشير أو أعضاء المجلس، وهم ليسوا فوق مستوى النقد أو معصومين من الخطأ بقدر ما هو إقرار بحقيقة بديهية لا يجب أن نغفلها، كما أنه ليس نقدا للجيش المصرى الباسل، وكفانا خلطا عبثيا للأوراق سواء عن عمد أو جهل وغباء من جانب فرق المنافقين وجماعات المنتفعين وإحنا آسفين يا ريس!.
فلست فى حاجة لأن أركب الموجة أو أنافق القراء أو أستثير مشاعر البسطاء تحت دعاوى الكرامة المصرية والوطنية،.. لست فى حاجة لأن أبيع للناس الوهم الخادع والأمل الكاذب فى بحيرات اليأس والرجاء، كما أننى لست فى حاجة إلى صك إعتراف من أحد بالوطنية أو إثبات حسن النية، فالنوايا الحقيقية للبشر لا يعلمها إلا الله، ولكنى فقط أحاول أن أسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية. لقد خرج المتهمون الأمريكيون من مصر بكل حفاوة وتكريم ولن يعودوا إلى البلاد مرة أخرى وبدلا من النواح والبكاء على اللبن المسكوب علينا جميعا أن نقف وقفة جادة مع النفس، وأن نفكر ونمعن النظر ونسأل أنفسنا:
 كيف ولماذا حدث ما حدث؟، عسى أن نتعلم شيئا يمنع تكرار المهزلة المأساة فى المستقبل، ذلك لأن الأمم التى لا تتعلم من أخطاء الماضى وتجاربه، وتستخلص منها الدروس والعبر محكوم عليها أن تكرر ذات الأخطاء، ولكن بنتائج كارثية أكبر بفعل التراكم. 
 إن المواقف والسياسات فى مصر قد أصبحت عبثية إلى أبعد الحدود، ومدعاة للسخرية، ولم يعد أمامنا مفر سوى أن نتناولها بأسلوب ساخر ، بل أشد سخرية وحتى لا تصاب أطرافنا بالشلل، وعقولنا بالسكتة الدماغية. نعم نحن فى حاجة إلى إعادة القراءة ووضع النقط على الحروف، .. فى حاجة إلى البحث عن الحقيقة ودون أن يدعى أحد منا أنه يملكها على الإطلاق سواء بموجب صك إلهى أو عقد إحتكار سلطوى،.. نبحث عنها دون إنحياز فج لهذا أو ذاك، أو هذه الدولة أو تلك ، ودون أى محاولة لتجميل صورة قبيحة أو تشويه جانب مشرق من الصورة عن عمد، بل يجب أن نحاول أن نفهم لأن عدم الفهم فى حد ذاته أمر مثير للإحباط ، خاصة بعد أن قدم النظام إلى المصريين وجبة دسمة من أنصاف الحقائق والأكاذيب والمفاهيم الخاطئة أو المغلوطة، والتضليل عن عمد فى هذه الأزمة التى صنعناها نحن بأيدينا ولم تصنعها أمريكا، وعندما جاءت النتائج مخيبة للآمال زادت مشاعر الصدمة والذهول والإحباط والإحساس بالدونية، بعد إصابة الرأى العام المصرى بعسر هضم من جراء وجبة فاسدة أعدها مطبخ النظام الذى إتضح أنه يخلو من وجود " شيف" حقيقى يجيد فن " الطهى السياسى".
 لقد فجر النظام قضية التمويل الأجنبى فجأة فى أواخر ديسمبر الماضى على الرغم من أنها قضية قديمة ، ودون أن نعرف الدوافع والأسباب الحقيقية إلا ما ساقه لنا النظام من أسباب وحجج واهية دون أى حوار أو مناقشات ، فقط عمليات شحن وتعبئة للجماهير بإسم الحفاظ على الكرامة والوطنية والسيادة المصرية التى فجأة تذكرها سدنة النظام ، ثم إنتهت المسرحية الهزلية بمأساة خروج المتهمين من مصر ودون أن يقدم لنا النظام أى تفسيرات مقبولة، بل إن كل الأصوات التى شاركت فى إشعال فتيل الأزمة وعمليات الشحن والتعبئة فجأة صمتت كلها عن الكلام المباح !! ، وهذا كله ينم عن إستمرار مشين لإستبدادية عملية صناعة وإتخاذ القرار من قبل النظام الحاكم تماما كما كان يحدث أيام النظام البائد قبل الثورة. إذن بالرغم من إندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 التى لم تكتمل ، نحن يا سادة يا كرام لا نزال نعانى من الإستبداد، .. الإستبداد هو أس البلاء وأبو الفساد. فى بيئة المجتمعات العربية الحكم وراثة والطغيان أيضا وراثة، ونحن نجحنا فى إجهاض مشروع توريث الحكم لكننا فى الواقع نطبقه على الأرض ومنذ سنوات فى كل القطاعات، .. فى الجامعات والشرطة والجيش والقضاء وحتى فى مجالات الفن والإبداع!،.. إن العيب فينا قبل أن يكون فى غيرنا، فنحن نلعن الطغاة فى الصباح وفى الليل نحلم بأن نكون مثلهم، ذلك لأن الظلم والقهر والطغيان الواقع علينا جعلنا نظن أن أسهل طريقة لنحمى أنفسنا ونحصل على حقوقنا المسلوبة هى أن نلجأ إلى الظلم والقهر والطغيان أى " داونى بالتى كانت هى الداء، حتى باتت البيئة والثقافة العربية معملا ضخما لتفريخ وتسمين الطغاة والمستبدين، وسرعان ما يتحول " عتريس الصغير " إلى " عتريس كبير"،.. دائرة جهنمية ندور فيها منذ قرون دون هوادة!، إن كان لها بداية فلا يبدو لها فى الأفق نهاية، لكن لا بد أن يكون لها آخر ونهاية. إن الدكتاتور الطاغية المستبد غالبا ما يكون نصف متعلم، وأنصاف المتعلمين مع السلطة والمال والنفوذ يصبحون أكثر خطورة وأشد شرا من الجهلاء الأميين. إن كل ما يتعلق بقضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى الأجنبية فى مصر أستطيع أن ألخصه فى سطر واحد فقط هو: الفرق بين دول الغرب ودولنا العربية بسيط جدا،.. فرق لا يزيد عن حرفين لا أكثر : المواطن الفرد عندهم هو كل حاجة، والمواطن الفرد عندنا ولا حاجة!!. 
هل هناك إحباط أكبر وأقسى على النفس من هذا؟! 
هل نلوم الأردنى المتهم بالتجسس حين يصرخ أنه يريد أن يعامل كما يعامل المتهم الأمريكى؟! 
هل نلوم الملايين من شباب مصر- مستقبل هذا البلد – حين يفكرون فى الهجرة والإغتراب حتى ولو عبر طرق غير شرعية فى قوارب صغيرة غير آمنة؟؟! 
هل نلوم آلاف المصريين حتى ممن يعيشون فى رغد عيش ورفاهية حين يسعون ومنذ عقود للحصول على جواز سفر أمريكى أو كندى أو إنجليزى؟! 
أقسم بالله أننى لم أفاجأ بما حدث فى قضية التمويل الأجنبى ،.. لست منجما ولا أقرأ الطالع ولكنى كنت أعلم النتيجة مسبقا ومنذ البداية عن دراية ومعرفة بدوافع وأسباب وأهداف الأزمة المفتعلة ، وبإلمام جيد لطبيعة وجوهر العلاقات المصرية الأمريكية، وكيف يفكر ويتعامل الأمريكيون إزاء هذه النوعية من الأزمات،.. إن الذى فاجأنى حقا هى ردود أفعال الخاصة والعامة من جموع المصريين التى تنم عن الشعور بالصدمة والإحباط المتزايد إزاء ما حدث مؤخرا فى القضية ، ويبدو أنه لامفر من أن نخلع القفاز ونكشف المستور والحقائق الغائبة عن هذا الموضوع وقضية المعونة الأمريكية لمصر، ومن هو الطرف الخفى الحقيقى الذى غير كل الحسابات وقلب المائدة على الجميع، يجب أن نكشف كل هذا ونضع الكثير من النقط على الحروف، لأن من حق الشعب المصرى أن يعلم الحقائق.. ولأن اللعب مع الكبار جائز لكن له شروط وأصول وقواعد إشتباك ومخاطر لم تكن متوافرة عند الطرف الرسمى المصرى أو " الوزيرة الجنرال" فايزة أبو النجا ، فإنقلب السحر على الساحر، وأسفر عن ثلاث ضحايا: 
( أولا ) القضاء المصرى الذى كان دائما الحصن الحصين الأخير للمصريين. 
( ثانيا ) الرأى العام المصرى الذى تم خداعه بكل الطرق والوسائل .
( ثالثا ) المؤسسة العسكرية نفسها والتى أسىء إليها بالزج بها وإقحامها فى أعقد القضايا والأمور السياسية والدبلوماسية . لقد كشفت قضية التمويل الأجنبى وملابساتها عن الكثير من عوراتنا، بل وعورات النظام نفسه،.. عن الهوة الشاسعة السحيقة التى تفصل بينه وبين خصمه الذى أراد أن يتحداه، .. بين عالمين وثقافتين وقوتين من العبث والجنون المقارنة بينهما فى ظل الأوضاع الراهنة!. وقد يكون من المفيد هنا بل من الضرورى التوضيح والتأكيد على عدد من النقاط والحقائق التالية والتى غاب الكثير منها حتى عن صانع القرار المصرى: -
 إن المجلس العسكرى الحاكم يعلم الكثير من الحقائق، لكنه لا يعلم كل الحقائق.
* لقد ذكرتنى أزمة التمويل الحالية بين مصر والولايات المتحدة بكلمات بيير إليوت ترودو رئيس وزراء كندا الراحل حين قال: " ليس من السهل على دولة صغيرة أو متوسطة أن تتعامل مع دولة عظمى الند بالند،.. ليس سهلا أن تعيش فى دولة تجاورها دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ،.. إن الصداقة بين دولة صغرى أو متوسطة ودولة عظمى أشبه ما تكون بفأر ينام مع فيل على سرير واحد".
* إن الإدارة الأمريكية ليست هى التى قامت بتصعيد الأزمة، وليست هى التى أنذرت بقطع المعونة الأمريكية عن مصر، ..أقول أنذرت وليس هددت لأن القوى العظمى فى العالم لا تهدد لأنها ليست فى حاجة إلى التهديد كما قال الرئيس الأمريكى ( الراحل ) ريتشارد نيكسون فى وقت من الأوقات، .. الذى قام بالتصعيد هو الكونجرس الأمريكى الذى يتحكم فى أموال الخزانة الأمريكية كلها، ولا يستطيع أى مسئول أمريكى ولا حتى الرئيس الأمريكى نفسه أن يصرف دولارا واحدا من أموال الدولة بدون موافقة وعلم الكونجرس الأمريكى أو البرلمان الذى يمثل الشعب الأمريكى، هذا هو النظام فى الولايات المتحدة الأمريكية،.. وكان على الكونجرس الأمريكى أن يتدخل فى الأزمة وينذر بقطع المعونة الأمريكية عن مصر ويضغط بكل قوة لأن الكونجرس نفسه كان واقعا تحت ضغط من الشعب الأمريكى والصحافة والإعلام ومنظمات المجتمع المدنى الأمريكية، وكلها مؤسسات وقوى فاعلة فى المجتمع الأمريكى تم إستفزازها بأمرين فى غاية الخطورة من وجهة النظر الأمريكية :
 أولا: التصريحات العنترية ولغة العداء والإستعداء من قبل بعض المسئولين المصريين ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وإتهام منظمات التمويل الأجنبى- خاصة الأمريكية بالعمل على قلب نظام الحكم وتقسيم مصرإلى دويلات صغيرة.
 ثانيا: الطريقة البوليسية والضجة الإعلامية التى صاحبت عملية إقتحام أجهزة الأمن المصرية لمقار هذه المنظات الأمريكية والتى اعتبرها الأمريكيون إهانة كبيرة وعلى مسمع ومرأى من العالم كله للولايات المتحدة الأمريكية- القوة العظمى الوحيدة فى العالم، .. إن المواطن الأمريكى العادى لا يستطيع أن يفهم ناهيك عن أن يقبل كيف أن دولة أجنبية صغيرة أو متوسطة مثل مصر من المفترض أنها دولة صديقة بل على مدى عقود تعد أكبر حليف إستراتيجى للولايات المتحدة الأمريكية فى العالم العربى والشرق الأوسط، ..دولة هى ثانى أكبر دولة تحصل على المساعدات الأمريكية ثم تفعل هذا مع حليفها الأمريكى؟!!.
 إن عملية إقتحام أجهزة الأمن المصرية مقار منظمات التمويل الأجنبى وإصدار أوامر بالقبض على العاملين فيها، ومنعهم من السفر من مصر ولجوء المتهمين الأمريكيين للإحتماء والإختباء داخل مقر السفارة الأمريكية خوفا من القبض عليهم، كلها قد حولت القضية ليس فى مصر فقط ولكن فى الولايات المتحدة أيضا إلى قضية رأى عام كان من المستحيل على صانع القرار الأمريكى أن يتجاهلها،.. لقد أعادت القضية أذهان الأمريكيين إلى حادثة إقتحام السفارة الأمريكية فى طهران فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى وإحتجاز 56 دبلوماسيا أمريكيا لمدة 444 يوما، وهى الحادثة التى لا تزال تشكل جرحا عميقا فى كرامة ومكانة وهيبة الولايات المتحدة الأمريكية لم يندمل بعد رغم مرور سنوات طويلة، ولم يكن مقبولا فى الولايات المتحدة أن يسمح الأمريكان بتكرار مأساة أخرى شبيهة تحت أى ظروف أو ملابسات.
 * هناك جزئية فى الأزمة قد تبدو للجانب المصرى صغيرة وعادية، لكنها فى الحقيقة كبيرة ومهينة عند الأمريكيين، تتعلق بطبيعة النظام القضائى المصرى،.. الأمريكيون يرفضون تماما أسلوب وضع أى متهم فى قضية جنائية فى قفص حديدى كبير أثناء إنعقاد جلسات المحاكمة، وهذا الأسلوب غير معمول به فى الولايات المتحدة أو كندا أو أى دولة من دول العالم المتحضر، فمن وجهة نظرهم أن هذا الأسلوب مهين وفيه إهدار لكرامة المتهم وإعتداء على حقوقه الدستورية والقانونية، لأن الأصل أن المتهم برىء إلى أن تثبت إدانته لا العكس ، وأن وضع متهم فى قفص حديدى لا يراه المواطن الأمريكى كما نراه نحن وتعودنا عليه فى بلادنا، بل هم يرون المتهم الإنسان وقد تحول إلى حيوان فى قفص حديدى وقبل أن يصدر ضده قرار بالإدانة.
** فى رأيى أن الوزيرة المصرية فايزة أبو النجا هى المسئولة الرئيسية عن إشعال فتيل أزمة قضية التمويل الأجنبى بتصريحاتها السياسية فى شهر أكتوبر الماضى وهذا خروج عن نطاق وظيفتها الرسمية بإعتبارها وزيرة للتعاون الدولى مسئولة عن ملف المساعدات الخارجية والقروض والمنح التى تقدم إلى مصر وليست وزيرة للخارجية، كما أن هذه المنظمات الأمريكية كانت تعمل فى مصر منذ سنوات طويلة بموافقة ومباركة النظام الرسمى فى مصر فى عهد الرئيس حسنى مبارك على الأقل كجزء من إكمال شكل الديكور الديمقراطى وإعطاء الإيحاء لدول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بأن فى مصر ديمقراطية حقيقية وإنفتاح على العالم الغربى وأن الحكومة تشجع منظمات المجتمع المدنى فى مصر، الغريب فى الأمر حقا هو أن كل هذا حدث تحت سمع وبصر الوزيرة فايزة أبو النجا التى تحتفظ بمنصبها منذ نحو عشر سنوات فلماذا لم تعترض على عمل هذه المنظمات قبل إندلاع الثورة المصرية؟!! وما هو سر قوة هذه المرأة الفولاذية التى إحتفظت بمنصبها رغم تغيير 3 وزارات خلال العام الماضى فقط، ؟! ما هو سر عبقريتها وما هى مؤهلاتها ومواهبها التى جعلت الدولة تحتفظ بها فى ذات المنصب طيلة هذه السنوات ورغم تغير الوزارات؟! ..
 لقد أحسست فى بعض الأحيان من جراء تصريحاتها العنترية إنها تتصرف كما لو كانت بمثابة " عضو خفى " فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ودون أن نعرف، أو أنها الملكة " شجرة الدر" تجلس على عرش مصر، أو أنها ربما قد أخذتها النخوة وأرادت أن تثبت قدراتها للمشير والمجلس العسكرى والمصريين كإمرأة حديدية مصرية ، وتدخل فى تحدى أمام إمرأة أمريكية هى " آن باترسون " السفيرة الأمريكية الجديدة فى مصر
 *** سفيرة المهام الصعبة وأشرس سفيرة فى الخارجية الأمريكية، والمرأة التى أرسلتها الولايات المتحدة الأمريكية كسفيرة لبلادها فى باكستان عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 للتعامل مع الحكومة العسكرية هناك برئاسة الجنرال برويز مشرف ورفاقه من الجنرالات العسكريين، وإستطاعت باترسون أن تحصل منهم على كل التنازلات والإمتيازات التى طلبتها الولايات المتحدة من باكستان !،.. من الذى يحمى الوزيرة فايزة أبو النجا التى لم تجرؤ على أن تفتح ملف التمويل الأجنبى والخليجى للتيارات المتأسلمة فى مصر؟!!.
 ‎- إن الولايات المتحدة الأمريكية هى الدولة العظمى التى تستطيع أن تفعل الشىء ونقيضه فى آن واحد ودون خجل، فهى من الممكن مثلا أن تؤيد حاكم مستبد أو نظام دكتاتورى وفى نفس الوقت لا تمانع فى التآمر على الإطاحة به عند الضرورة، وقد فعلت أمريكا ذلك أثناء أحداث الثورة المصرية ، ..قد يقول البعض أن هذا عمل مشين وغير أخلاقى ، هو بالفعل كذلك وصانعوا السياسة الأمريكية هم أول من يعرفون ذلك، لكن فى الحقيقة هم لديهم تفسير عقلانى وبراجماتى ألا وهو أنه فى حالة وجود أى صراع بين قوى مختلفة يؤيدون طرفى الصراع بطرق مختلفة لأنهم يريدون للولايات المتحدة أن يكون لها الحق فى أن تدعى شراكتها للطرف الفائز فى نهاية الصراع، ولذلك كانت الولايات المتحدة أول من ركب مطية الثورة المصرية ونسبت لنفسها الفضل فى نجاح الثورة مع أن الثورة الشعبية فى مصر كانت أكبر مفاجأة لأمريكا نفسها.
** إن إدعاءات وتصوير بعض المسئولين فى النظام المصرى أن منظمات المجتمع المدنى الأجنبى العاملة فى مصر هم مجموعة من الجواسيس الذين يهدفون إلى قلب نظام الحكم والعمل ضمن مخطط أجنبى صهيونى أمريكى لتقسيم مصر إلى دويلات صغيرة هى إدعاءات ساذجة ولوى للحقائق بل وإساءة بالغة لمصر وللنظام المصرى نفسه، وكأن نظام الحكم فى مصر " مائدة طعام بست كراسى" من السهل قلبها، كما أن دولة مركزية كبيرة وعريقة مثل مصر يصعب تقسيمها بل هى أصلا غير قابلة للتقسيم لأسباب جغرافية أهمها شريان نهر النيل المائى، بالإضافة إلى دليل تاريخى دامغ ألا وهو أن مصر خلال ألفين سنة مضت تعرضت إلى ثمانى أنواع مختلفة من الإحتلال الأجنبى فلماذا لم تفكر دولة إحتلال من قبل فى تقسيم مصر؟!!،..
 طبعا فى هذه النقطة بالتحديد سوف يخرج الكثيرون ليتساءلوا فى سخرية:
 " ما هذا الكلام الفارغ ؟
وماذا عن مخطط المحافظين الجدد لتقسيم مصر، وأن العراق هو محور الدخول إلى الشرق الأوسط والسعودية هى المحور الإستراتيجى وأن مصر " هى الجائزة الكبرى"؟!
 ***وردى وبكل ثقة هو : أن هذه هى أكبر أكذوبة سياسية انتشرت فى مصر وفى العالم العربى كله خلال السنوات العشر الأخيرة، والمسئول الرئيسى عن إنتشار هذه الأكذوبة هو أجهزة الإعلام العربية الرسمية بل والخاصة أيضا، .. إن الحكومات والأنظمة العربية الرسمية تعلم الحقيقة كاملة ، غير أنها استغلت قصة تافهة وأخرجتها عن سياقها ونجحت بطريقة شيطانية فى تطويعها وتكبير حجمها آلاف المرات لخدمة أهداف داخلية خبيثة تتعلق بالحفاظ على وجود هذه الأنظمة نفسها على مقاعد الحكم وكراسى السلطان كرد فعل لضغوط أمريكية هائلة، علنية وسرية بأن تسارع هذه الأنظمة خاصة فى مصر والسعودية بإجراء إصلاحات سياسية وديمقراطية فى بلادهم وفى العالم العربى، .. وهنا أستأذن القارىء العزيز فى أن أتوقف برهة لأوضح القصة الحقيقية لهذه الأكذوبة التى انتشرت فى العالم العربى كإنتشار النار فى الهشيم ،.. قصة الإدعاء بتقسيم مصر ، وبأن مصر هى " الجائزة الكبرى "، وهو التعبير الذى لا يعرف الأمريكيون أنفسهم حتى الآن ماذا يعنى سواء على مستوى صناع القرار أو النخب ومراكز الأبحاث المتخصصة!. وسوف أعرض لهذه القصة بالوثائق مع كشف النقاب عن حقائق خافية بالنسبة لموضوع المعونة الأمريكية لمصر وحقيقة الخلاف المصرى الأمريكى وأسبابه فى الحلقة القادمة إن شاء الله . ( من خطاب الرئيس الأمريكى ( الراحل) جون إف كينيدى فى الجامعة الأمريكية فى 10 يونيه 1963 ) ‎" إن أولئك الذين يجعلون الثورة السلمية أمرا مستحيلا، سوف يجعلون الثورة العنيفة أمرا محتوما "


ليست هناك تعليقات: