الخميس، 8 مارس 2012

المادة 60 من الإعلان الدستوري لغم العسكرلنسف الدستور الجديد


لجنة الدستور محل طعن من اتجاهين 
 الأول عدم تغيير نص الماده 60 أو الالتزام بما جاء فيها.. 
والثاني أن مجلس الشعب نفسه يواجه شبهة عدم الدستورية 
 المادة 60.. لغم المجلس العسكري لتفجير الدستور


تواجه الجمعية التأسيسية لوضع الدستور خطراً شديداً يهددها بعدم الدستورية، خاصة بعدما تجاهلت مناقشات مجلس الشعب الأزمة التي وضعتنا فيها المادة 60 من الإعلان الدستوري الذي يحكم مصر منذ مارس العام الماضي، والتي يمكن أن تنسف الدستور الجديد وتعيد مصر إلي نقطة البداية من جديد. وتقول المادة إنه «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يوماً من إعداده علي الشعب لاستفتائه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه». 
 هذه المادة التي وضعتها لجنة المستشار طارق البشري لوضع تعديلات علي دستور 1971 عقب تنحي مبارك تجاهلت نقاطاً عديدة وتركت الأمور مبهمة وقابلة لتفسيرات عديدة، حتي أن أساتذة القانون الدستوري حددوا 3 عقبات ستواجه مجلسي الشعب والشوري في اختيار اللجنة وأكدوا أن شبهة عدم الدستورية تطارد القانون ما لم يتم الالتفات إلي العيوب الموجودة بالنص وتعديله عن طريق إعلان دستوري آخر يعلن عنه المجلس العسكري يصحح نص المادة، التي تنص صراحة علي أن طريقة اختيار الجمعية التأسيسية تكون بالانتخاب وهذا يعني فتح باب الترشح، وتحديد موعد للاقتراع بين المرشحين لاختيار 100 منهم وهذا لم يحدث، فما يجري الآن أشبه بالاختيار الذي يخالف نص المادة، كما أنها لم تحدد صفة أعضاء اللجنة وهل يتم اختيارهم من البرلمان أو من خارجه وهذا يعني أن من حق أي مواطن ترشيح نفسه في اللجنة ويتم الاقتراع علي قبوله داخل المجلس وهذا لم يحدث حتي الآن فالمناقشات تدور حول طريقة اختيار الأعضاء وليس انتخابهم. المادة أيضاً لم تضع حلاً في حالة فشل اللجنة في وضع دستور أو عدم تمكن المجلس من انتخاب الأعضاء ولم توضح الإجراء المتبع في حالة رفض الشعب للدستور الذي تضعه الجمعية التأسيسية. 
 يقول بهاء الدين أبوشقة، نائب رئيس حزب الوفد: إن مجلس الشعب لابد أن يلتزم بنص المادة 60 من الإعلان الدستوري وهي مشوبة بالغموض من الناحية العملية ويمكن أن تنسف الدستور الجديد، إذ تؤكد علي ضرورة انتخاب 100 عضو لوضع الدستور ومفهوم الانتخاب أن يتم فتح باب الترشح لمن يجد في نفسه القدرة علي وضع الدستور، ويجري الاقتراع من بين الأسماء المختارة وأكثر 100 شخص حصلوا علي أصوات يمثلون أعضاء جمعية وضع الدستور. 
 وأضاف «أبوشقة» أنه إذا لم يلتزم البرلمان بنص المادة، ستواجه الجمعية شبهة عدم الدستورية ولابد من تعديل صياغة المادة بالشكل الذي يناسب ما يفعله المجلس الحالي، بحيث يؤكد علي أن المجلسين سيقومان بالاختيار وليس الانتخاب وأن تضع معايير الاختيار وتحدد العدد سواء من داخل البرلمان أو من خارجه، فلابد أن تنص المادة علي ضرورة وجود توافق عام حول طريقة الاختيار وأن يحدد معايير الاختيار بحيث لا يقوم أي مواطن بترشيح نفسه في اللجنة. 
وأكد أن الأصل في البداية أن نضع الدستور ثم يتم إجراء الانتخابات البرلمانية وهذه النقطة اصطدمت بالقواعد الدستورية الموجودة في كل دول العالم، فالأصل أن الدستور هو الذي يخلق الحياة النيابية وليس العكس، والمحكمة الدستورية العليا أصدرت حكماً بهذا المعني عام 1994، وهو ما يمكن أن يضفي شبهة عدم الدستورية علي اللجنة ومن ثم يكون الدستور القادم مطعونا عليه، مشيراً إلي أن اللجنة لابد وأن تحدد نسبة تمثيل أساتذة القانون الدستوري بحيث يتولون عملية الصياغة وتقديم المشورة حتي يكون الدستور القادم توافقياً ولا ينفرد به أي تيار سياسي. ويوضح المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق أن المادة 60 وضعتها لجنة المستشار طارق البشري «الإخوانية الهوي»، وحددت 100 عضو للجمعية لكنها لم تحدد معايير أو شروطاً لاختيار هؤلاء الأعضاء بالإضافة إلي أنها لم تحدد كيفية توزيع الـ100 عضو وكيفية اختيارهم من البرلمان أو خارجه، والمادة نفسها يحيط بها الغموض وعدم فهم تفسيراتها القانونية ولم تلزم المجلس بأي قواعد وإجراءات لانتخاب الجمعية. وأشار «الجمل» إلي أن اختيار أعضاء الجمعية دون إجراء انتخابات، يناقض نص المادة ويعرض اللجنة لشبهة عدم الدستورية، لذلك يجب استكمال نص المادة ووضع نقاط اختيار الجمعية وهذا لا يملكه مجلسا الشعب والشوري وصاحب الحق الوحيد في ذلك هو المجلس العسكري الذي عليه أن يقوم بعمل إعلان دستوري جديد يغير فيه نص المادة ويصيغها بما يتفق مع الإجراءات التي تتبع في المجلس الآن. ويؤكد المستشار فتحي رجب، وكيل مجلس الشوري السابق، أنه وفقاً لنص المادة 60 كان علي مجلسي الشعب والشوري في الاجتماع المشترك أن يفتحوا باب الترشح لعضوية الجمعية التأسيسية وأن يقدم أي مواطن يريد الترشح طلباً للدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب، ثم يتم تحديد موعد للاقتراع السري بدلاً من الإجراءات التي تحدث الآن خاصة أن ما يحدث حاليا مقاومة عنيفة من الأحزاب المدنية لمنع استحواذ الإسلاميين علي لجنة الدستور. وقال «رجب»: إن لجنة الدستور محل طعن من اتجاهين، الأول عدم تغيير نص الماده 60 أو الالتزام بما جاء فيها.. 
والثاني أن مجلس الشعب نفسه يواجه شبهة عدم الدستورية.. فهناك حكم صدر من المستشار مجدي العجاتي في الدائرة الأولي من المحكمة الإدارية العليا يهدد بعدم دستورية المجلس لأن قانون الانتخابات به مواد غير دستورية، وطلب «العجاتي» من المحكمة الدستورية الفصل في الأمر وقد يواجه البرلمان شبهة عدم دستورية، وبالتالي تكون كل الإجراءات التي قام بها غير دستورية أيضاً. وأكد أنه لابد من صدور إعلان دستوري ينقذ لجنة وضع الدستور من الدخول في مأزق عدم الدستورية، خاصة أن انتخاب أعضاء الجمعية دون وضع معايير الاختيار ينتقص من حق الشعب كله في وضع دستور متوافق عليه من كل القوي السياسية وليس الأغلبية فقط. وقال الدكتور ثروت بدوي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة: إن الجمعية التأسيسية يجب أن تكون منتخبة من الشعب مباشرة، ولا يمكن أن توصف الجمعية بوصفها تأسيسية إلا عن طرق الانتخاب المباشر لها من الشعب، وانتخابها عن طريق مجلسي الشعب والشوري خطأ، لأن المجلسين تابعان للجمعية التأسيسية التي ستحدد وضع البرلمان في الدستور الجديد. 
 وأشار إلي أنه طالما اختار الحكام الفعليون أن تكون الجمعية التأسيسية المنشأة بانتخاب أعضاء الشعب والشوري، لابد أن يكون ذلك بالانتخاب في اجتماع مشترك بعد فتح باب الترشح ولابد ان يتم الانتخاب عن طريق الاقتراع السري المباشر وإلا واجهت الجمعية شبهة عدم الدستورية. المستشار طارق البشري رئيس لجنة التعديلات الدستورية دافع عن المادة 60 من الإعلان الدستوري قائلاً: إن الانتخاب هو الاختيار، ولا يوجد اختلاف بين كلمة انتخاب التي وردت في النص والاختيار الذي يحدث الآن، فأعضاء مجلسي الشعب والشوري المنتخبون والذين يزيد عددهم علي 700 عضو، سوف يقومون باختيار أعضاء اللجنة بالأغلبية وهذا نوع من الانتخاب والقضية أن الاختيار سيتم بأغلبية الأعضاء فلا خلاف بين كلمة انتخاب وما يحدث الآن. وقال: إن المادة لن تضع معايير اختيار أو توضح طريقة الاختيار من داخل البرلمان لأن تلك اختصاصات الأعضاء المنتخبين من المجلسين وهم يضعون المعايير والضوابط دون إجبار من لجنة تعديلات الدستور، مؤكدا أن الأصل في الجمعية التأسيسية أن تكون منتخبة من الشعب المصري والانتخاب الشعبي يضمن أن تمثل كل الأطياف السياسية، لكن قد يتغيب عنها الأعضاء الفنيون المعنيون بعملية الصياغة القانونية وتوضيح أحكام الدستور، ففضلنا أن نترك الأمر للمنتخبين من المجلسين وهم يختارون من داخل المجلس ومن بينهم أعضاء اللجنة بحيث تعكس صورة واضحة من الاتجاهات السياسية، بحيث يتم اختيار القانونيين والفنيين لوضع الاستشارات والدراسات القانونية وصياغة المواد النهائية.

ليست هناك تعليقات: