الأربعاء، 14 مارس 2012

الأسباب الحقيقية لتردد الخليج والسعودية دعم مصر



خوف المستثمرين من اتساع نفوذ المؤسسة العسكرية 
وخوفها من أى تنافس مع بزنس القوات المسلحة الاقتصادى!
 عــدم قــدرة أى وزيـر فى الحكـــومة عـلى أن
 يعطـس أمـــام رغـــبة الجـــنرالات!



روج بعض دوائر المجلس العسكرى وإعلامه والحكومة ومسؤوليها على مدى عام مضى أن حكومات السعودية والخليج ترفض تنفيذ وعودها بالمنح والقروض والاستثمارات لمصر، بسبب تعاطفها مع مبارك ورغبة فى معاقبة مصر على الثورة، وهو أحد أسباب الوضع الاقتصادى المتأزم والمتأذى. إذن نحن نعترف أن مصر تطلب وتحتاج وتوافق وتنتظر دعم الدول العربية، فلماذا إذن لم يأتِ ما ننتظره؟
نقرر الهجوم والتهجم على الدول العربية وكأننا لسنا نحن من نطلب ونحتاج ونوافق وننتظر هذا الدعم! ثم إذا كانت دول الخليج تتعاطف مع مبارك فلهذا مبرراته الواضحة جدا، خصوصا فى الكويت والسعودية، فالرجل قام بدور فعال فى حرب تحرير الكويت، ولولاه تقريبا لربما استمرت الكويت محافظة عراقية حتى الآن، فهو الذى سهَّل الغطاء العربى للتدخل الأمريكى، والمواطن الخليجى لا يحسبها هنا أن مصر، لا مبارك، هى التى اتخذت القرار، لأنه يعرف (وأنا آسف فى هذه الكلمة) أن مصر ولا حاجة أمام رئيسها، وأنه لو فعل عكس ما فعل فإن مصر كانت ستهلل أيضا وتوافق على حكمة الرئيس، ثم المواطن الخليجى لا يجد أى مشكلة فى أن مبارك ودولته حصلا على مقابل موقفه ماديا، فهذا حق لا يجد فيه المواطن الخليجى تجاوزا ولا انتقاصا! ثم لماذا نلوم الخليج والسعودية على تعاطفهم مع مبارك، بينما المجلس العسكرى كله على بعضه لم يفعل شيئا منذ الثورة يبدو فيه أنه غير متعاطف مع مبارك، (التعاطف الإنسانى مع مبارك مشروع جدا بل وطبيعى عند كثير أو قليل، لكن غير الطبيعى أن يؤثر هذا التعاطف على العدالة وعلى إحقاق الحق!).
 لكن لم يلتفت أحد -كالعادة- إلى الأسباب الحقيقية التى تدفع الحكومات العربية فى الخليج والسعودية للتردد بل وللفتور بل ولتجاهل دعم الدولة المصرية الآن، وهذا -فى تصورى- بعض الأسباب:
١- المشير طنطاوى لم يكن صاحب أى علاقات حميمة بأطراف عربية خلال العشرين عاما التى قاد فيها وزارة الدفاع فى عصر مبارك، ربما بسبب مبارك نفسه، لكن المؤكد أن طنطاوى التقى مسؤولين أمريكان مثلا أكثر مئة مرة من لقائه مسؤولين سعوديين أو إماراتيين، وما ينطبق على المشير يسرى على المجلس العسكرى كله، ومن ثم ليست هناك أواصر عاطفية أو شخصية بين المشير وهذه الزعامات العربية، ونحن فى منطقة تلعب فيها المشاعر والعواطف الشخصية دورا عميقا فى إدارة العلاقات بين دولها.
 ٢- على العكس.. كان هناك توتر لا شك فيه، وأمثلته كثيرة بين رؤوس الأموال العربية فى مصر، وهى استثمارات ضخمة للغاية وتتركز فى قطاعات العقارات والإنشاءات والاتصالات والمشروعات السياحية من جهة، وبين المشير والقوات المسلحة من جهة أخرى، وذلك خلال عصر مبارك نفسه، فقد اصطدم الاستثمار والبزنس العربى فى وقائع عديدة مع اقتصاد الجيش (القوات المسلحة تدير أكثر من ثلاثين فى المئة من الاقتصاد المصرى)، وكانت هناك تعقيدات أمام هذه الاستثمارات نتيجة رفض الجيش مثلا منح ترددات لشركة اتصالات (أحد أصحابها من أبناء الشيخ زايد)، أو تنازع على حق القوات المسلحة فى أراضٍ كثيرة مخصصة لاستثمارات تخص حكومة (أو حكام) قطر فى البحر الأحمر، وهناك وقائع كثيرة فى هذا السياق كان المشير طنطاوى يتخذ موقفا واضحا ضد المجموعة التى وصفها فى مجلس الوزراء ذات يوم بأنها بتبيع مصر، وكان يحاول أن ينقذ البلد من وجهة نظره مما تفعله هذه المجموعة، فكان يقف بالمرصاد أمام مشروعات كثيرة تحيطها عنده أسئلة (وربما شبهات)، فكانت النتيجة أن استثمارات عربية بعضها بالمليارات اعتقدت أن المشير هو من يقف أمام مصالحها فى مصر، والثابت أن الرئيس السابق سمع عدة مرات من أمراء وحكام عرب شكاوى وطلبات للتدخل والتوسط مع المشير، وكان مبارك ينقلها بالفعل إلى المشير، وللحق فإن المشير لم يستجب فى أى مرة، فإذا أدركنا هنا أن معظم هذه الاستثمارات، بما فيها الأجنبية الموجودة فى مصر، يدخل فى رأسمالها إما حكومات خليجية وإما الأسر الحاكمة فى الخليج والسعودية، فنعرف أن عدم الرغبة فى الاستثمار فى مصر الآن وعدم الحماس لدعمها له ما يفسره، خصوصا مع خوف المستثمرين العرب من اتساع حجم نفوذ المؤسسة العسكرية فى تعطيل المشروعات أو الاشتراطات غير الاقتصادية عليها، وخوفها من أى تنافس مع بزنس القوات المسلحة الاقتصادى! مع عدم قدرة أى وزير فى الحكومة على أن يعطس أمام رغبة الجنرالات!
 ٣- نضيف كذلك أن العائلات الثرية فى الخليج والأسر الحاكمة هناك تؤمن باقتصاد السوق وتدير استثمارات فى العالم كله، وتملك تحويل أى منطقة إلى كنز مالى لو رضيت عنها، لكن هذه العائلات توقن أن المشير طنطاوى، وهو الحاكم الفعلى لمصر منذ صبيحة تخلى مبارك، لا يؤمن باقتصاد السوق، ويتوجس من الاستثمار الأجنبى والعربى، وهو ما يجعلها تحجم بالقطع عن العمل فى مناخ محفوف بمخاطر عدم الرضا (وهو موجود.. وهى كثيرة!).
 ٤- ثم إن الحكومات التى تولت إدارة البلد منذ الثورة لم تنجح إطلاقا فى بث أى ثقة فى المستثمر العربى ولا الأجنبى، فالمؤكد أننا لا يمكن أن نضحك على هؤلاء الذين يعرفون مصر جيدا، ومتأكدون أن الوزراء فى مصر يرفضون استكمال اتفاقات وقعها وزراء آخرون، وأن الجهاز الحكومى يمكنه أن يوقف المراكب السايرة لو أراد، ثم إن حكومة شرف أصابها شلل جنونى، لم يكن يملك فيها أحد إجابة عن أى سؤال ولا قدرة على التوقيع على ورقة، ثم إن الإجراءات العبثية التى اتخذناها ضد أى مستثمر أو رجل أعمال أو أى مشروع تقدم فيه أى بلاغ كيدى أصابت سوق المستثمرين العرب بالذعر وبالتأفف كذلك، فلم يكن طبيعيا أن يأتى إلى مصر ريال أو درهم أو دينار واحد من مستثمرين عرب فى هذه الفترة ولا بعدها والوضع هكذا.
 ٥- ثم بدلا من أن نتفهم مشاعر دول الخليج والسعودية غير المتعاطفة مع الثورة ونخاطب عقولهم ونجيب عن توجساتهم قررنا اللجوء إلى الحل التافه وهو الشوفينية المذهلة والتهجم على هذه الدول كأنهم عبيد إحساناتنا، وقد انتشرت هذه الحالة المرضية عند كثير من الساسة والمسؤولين وبعض المرشحين المحتملين والإعلاميين والشخصيات العامة، وكانت بيضة الديك ما سمعناه عن أن مصر لن تركع! ٦- صعود الإسلاميين إلى الحكم سبب مهم لخوف الحكومات الخليجية والسعودية من دعم مصر بالمنح والقروض والاستثمارات، وهو عكس ما يعتقده كثيرون، ولهذا أدلة نحب أن نشرحها بإذن الله. ===

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: