الأحد، 11 مارس 2012

إذا لم آخذ حقي قبل انتخاب الرئيس القادم سآخذ حقي من الرئيس القادم.



مظاهر الثورة على مبارك باقية رغم فتح باب الترشح لانتخاب من يخلفه
 هل من الممكن أن يظهر فرعون جديد على كرسي الرئاسة.


لم يترك أمل محمود الذي يبلغ من العمر46 عاما والذي يملك شركة مقاولات اعتصاما أو احتجاجا نظم في ميدان التحرير في وسط القاهرة منذ سقوط الرئيس حسني مبارك قبل 13 شهرا إلا وشارك فيه. وقال أيضا لرويترز داخل الخيمة التي يعتصم فيها بالميدان الذي كان بؤرة الاحتجاجات التي أسقطت الرئيس السابق إنه لا يشعر بأنه استوفى حق ابنه أحمد (19 عاما) الذي قتل في المظاهرات في 28 يناير كانون الثاني العام الماضي والتي عرفت باسم جمعة الغضب.
 وشهدت جمعة الغضب أعنف المواجهات اثناء الانتفاضة التي استمرت 18 يوما. وكانت الانتفاضة المصرية الحلقة الثانية في انتفاضات الربيع العربي التي بدأت بتونس. وقتل في الانتفاضة التي يتفق معظم المصريين على أنها "ثورة" نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف. ويعتصم مع أمل في خيمته ولداه الاخران وهما أصغر سنا من أحمد. وقال الرجل وقد تحجرت الدموع في عينيه إنه سيأخذ بالثأر يوما ما.
 "إذا مت قبل ذلك سيأخذ بالثأر أحد ولدي." وتابع الرجل الذي يعلق صورة لابنه "الشهيد" في خيمته التي بدت نظيفة" إذا لم آخذ حقي قبل انتخاب الرئيس القادم سآخذ حقي من الرئيس القادم." وفتحت مصر باب الترشح لانتخابات الرئاسة اليوم السبت ومن المنتظر أن ينتخب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية يونيو حزيران. ويقول مصريون كثيرون إن أهداف ثورتهم التي رفعت شعار "عيش.. حرية..عدالة اجتماعية" لم تتحقق.
ويقولون أيضا إن دماء الشهداء ذهبت سدى خاصة أنه لم يعاقب مبارك أو المسؤولين أو ضباط الشرطة الذين ألقي القبض عليهم. وأصدرت محاكم للجنايات في الشهور الماضية أحكاما ببراءة ضباط اتهموا بقتل متظاهرين وبررت الأحكام ذلك بأن المتهمين كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس في أقسام للشرطة هاجمها محتجون أو بأنه لم تتوافر أدلة على أن المتهمين هم الذين قتلوا المتظاهرين الذين وردت اسماؤهم في القضايا.
 ولا يبدي بعض المصريين حماسا للإصلاحات التي أدخلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة شؤون مصر بعد إسقاط مبارك في الحادي عشر من فبراير شباط العام الماضي. وكان من أبرز الإصلاحات تحديد حد اقصى لبقاء رئيس الدولة في المنصب لايتعدى فترتين كل منهما اربع سنوات. كما أيد المجلس حكما قضائيا بحل الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم مصر في عهد مبارك. وحل المجلس العسكري مجلسي الشعب والشورى اللذين انتخبا في أواخر عهد الرئيس السابق واللذين ذكرت تقارير حقوقية إن انتخابهما شابته مخالفات كبيرة.
وقال محمد عبد الوهاب وهو محام يتردد على خيمة نصبها في ميدان التحرير"على أرض الواقع لم يتحقق شيء من أهداف الثورة التي دفعنا ثمنها دماء غالية من أبناء الشعب المصري.
 " وأضاف قائلا "ما زال هناك الملايين من أبناء الشعب يبحثون عن متطلباتهم اليومية (فلا يجدونها) ولا يعيشون عيشة كريمة." ويقول عبد الوهاب الذي يترافع عن مصابين وأسر قتلى في الانتفاضة "كان الغرض الرئيسي من الثورة هو هدم المؤسسات الفاسدة لنظام مبارك ومحاكمة رموزه محاكمات جادة وقوية... الوضع لم يتغير." ويقول مصريون كثيرون إن من أهداف الثورة التي تحققت إجراء ما يعد أنزه انتخابات في البلاد في حوالي 60 عاما وهي الانتخابات التي هيمن فيها الإسلاميون على مجلسي الشعب والشورى. لكن عبد الوهاب قال "انتخابات مجلسي الشعب والشورى قائمة على غيرأساس. كان من الطبيعي أن نضع دستورا قبل هذه الانتخابات.
" ويكرر عبد الوهاب شكوى مصريين كثيرين يرون أن مجلسي الشعب والشورى انتخبا دون إقرار صلاحيات قوية لهما وفقا لدستور يلزم مؤسسات الدولة. كما يخشون من انتخاب الرئيس الجديد دون تحديد لسلطاته الدستورية مسبقا ويقولون إن من الممكن أن يظهر فرعون جديد على كرسي الرئاسة. ومن المستبعد ان يوضع الدستور قبل انتخابات الرئاسة.
ونص إعلان دستوري أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد إقصاء مبارك على أن يختار الأعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشوري اللذين تشكلا بعد الثورة جمعية تأسيسية من مئة عضو تضع الدستور ثم يعرض على الناخبين في استفتاء. لكن ضغوطا مورست من المجلس العسكري وسياسيين وحقوقيين بعد هيمنة الإسلاميين على مجلسي البرلمان أسهمت في تعديل طريقة الاختيار بما سمح لممثلي فئات اجتماعية أوسع بالمشاركة.
وقال أمل محمود "أعطيت صوتي في انتخابات مجلس الشعب لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) وكان عندي أمل أن يكون القصاص أول شيء يعملوه... اكتشفت أن جميع الأعضاء صاروا تحت تأثير المجلس العسكري الذي انتماؤه لمبارك "الثورة لن تموت حتى لو ظلت في الميدان خيمة واحدة شريفة ومواطن واحد شريف." وتوجد في الميدان 28 خيمة وبعض الأكواخ المصنوعة من البلاستيك. ويزيد عدد المعتصمين قليلا على المئة وكانت تلك الخيام تبقت من فض اعتصام في ديسمبر كانون الأول. ويقول محمود إن المعتصمين في الميدان "ثلاث فئات.. عدد قليل من أسرالشهداء .. مجموعة ممن ليس لهم مأوى في المدينة.. مجموعة من المدسوسين على المعتصمين من أسر الشهداء." وبعد شهور من دفاع الإخوان المسلمين والإسلاميين الآخرين عن إجراء الانتخابات قبل الدستور يقول بعض الإسلاميين إن أداء البرلمان الذي يصفه كثيرون بأنه ضعيف يمثل إضعافا للأغلبية الإسلامية.
ولأسابيع طالب أعضاء قياديون في جماعة الإخوان بتشكيل حكومة ائتلافية تقودها الأغلبية الإسلامية لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصر على أن الإعلان الدستوري أبقى النظام الرئاسي بما يجعل المجلس العسكري الذي يتقلد سلطات رئيس صاحب سلطة إقالة وتعديل وتعيين الحكومة.
 مبكرا تعرض الإسلاميون لانتقادات بسبب حرصهم على الانتخابات رغم اشتباكات دامية وقعت بين قوات من الجيش والشرطة وبين محتجين في القاهرة ومدن أخرى أكثر من مرة منذ سقوط مبارك وقتل فيها نحو مئة متظاهر وأصيب ألوف آخرون.
وقال الطبيب يحيى عبد الشافي (55 عاما) الذي يعتصم في الميدان ويعالج المعتصمين "كل ما حدث في مصر في الفترة الماضية تهريج... لن نغادر الميدان قبل أن يسقط المجلس العسكري." لكن مصريين كثيرين يرون أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الضامن الوحيد للاستقرار النسبي الذي لا يزال قائما في البلاد وإن نفوذه لن ينتهي بانسحابه من الحياة السياسية.




ليست هناك تعليقات: