السبت، 17 مارس 2012

الفرق بيت بطلان العقد و طلب الفسخ ولنا في عقد مدينتي آية



لا يجوز تصحيح العقد الباطل ولو تم سداد ضعف فرق الثمن 
 ولنا في عقد مدينتي آية 
فمن شاء أهتدي وعلى الله قصد السبيل.


بطلان التصرف يوجب رد الأرض وليس تحصيل فرق الثمن
 تصرفات الدولة مثلها مثل تصرفات الأفراد تخضع للصحة والبطلان وتحكمها قواعد قانونية تكفل تنفيذ الالتزامات المتبادلة و فسخ العقود في حالة إخلال أي من المتعاقدين في تنفيذ التزاماته .
 وهناك فرق بين طلب بطلان العقد وبين طلب الفسخ فالعقد الباطل لا ترد عليه الصحة ولا يجوز إزالة سبب البطلان لأنه يصيب أحد أركان العقد فيجعله هو والعدم سواء أما طلب فسخ العقد فإنه يرد على عقد صحيح ويمكن مفاداة الفسخ وإزالة المخالفة.
 خلاصة القول أن العقد الباطل لا يمكن تصحيحه وقد ضرب لنا القضاء المدني والقضاء الإداري كثيراً من الأمثلة وآخرها الحكم الصادر من الإدارية العليا ببطلان عقد مدينتي والذي أسس قضاءه على سببين ..
- أولهما مخالفة القانون لأنه يتعين أن يتم التعاقد على الأراضي المباعة من الدولة أيا كانت الهيئة أو الجهة البائعة عن طريق المزاد العلني في حين أن أرض مدينتي كان عقدها بالأمر المباشر.
- وثانيهما أن سعر متر الأرض كان مختلفاً عن سعر مثيلتها في الوقت المعاصر لتخصيصها وأصبح حكم الإدارية العليا مبدأ لا يجوز مخالفته من جميع الجهات الإدارية أو الالتفاف عليه وإن شئنا الدقة فإن هذا الحكم أصبح في مرتبة القانون، ذلك لأن القضاء الإداري قضاء إنشائي أي ينشئ القاعدة القانونية وليس مثل القضاء العادي الذي يطبق القاعدة القانونية فقط ومن المستقر عليه فقها وقضاء أن المبادئ الملزمة للقضاء الإداري هي على الترتيب التالي السوابق القضائية، عرف الجهة الإدارية، وأراء الفقهاء، ثم القانون أي يأتي القانون في المرتبة الأدنى وليس هذا معناه أنه يجوز للقضاء الإداري أن يخالف القاعدة القانونية بل معناه أنه إذا وجدت قاعدة أفضل لتحقيق المنفعة العامة فإن هذه القاعدة هي الأولي بالأتباع. لذلك أصبح القضاء الإداري في مصر وفرنسا يعرف بأنه قضاء إنشائي وهذا الحكم الصادر من المحكمة الإدارية ببطلان عقد مدينتي أصبح من العلم العام ولا يجوز افتراض الجهل به من العامة وهذا السبب هو الذي جعل العلم بالحكم من العلم العام ومن ثم أصبح واجب التطبيق والإلزام على جمع هيئات الدولة سواء كانت إدارية أم قضائية لأن الجهات القضائية يكمل بعضها بعضا لتحقيق منظومة العدالة ولا يفترض أن تهدر جهة قضائية أحكام الجهة الأخرى لأن هذا الفرض لو حدث لأصبح من حق العامة عدم تنفيذ الأحكام القضائية إذ كيف ندعوهم لتنفيذ الأحكام القضائية حال أن جهة قضائية أخري تهمله أو لا تعتد به وخير دليل على ذلك أن قانون الإجراءات الجنائية ينص على أن تلتزم المحاكمة الجنائية في المسائل المدنية بأحكام القانون المدني ولازم ذلك القول الالتزام بتطبيق المبدأ الذي ورد في هذا الحكم على جميع قضايا الفساد التى تتعلق بالتصرفات في الأراضي بغير الطريق الذي رسمه القانون 89 لسنة 1998 وهو طريق المزاد العلني ومن شأن تطبيق هذا المبدأ على قضايا الفساد هو أن يقدم ك من يخالف هذه القواعد للمحاكم بتهمة التربح وهو تحقيق ربح بطريقة غير مشروعة وأن تطلب النيابة من الجهة الإدارية إصدار قرار جديد برد الأراضي للدولة كما يجوز للنيابة أن تطلب من المحكمة الجنائية الحكم برد الأرض المتصرف فيها وكلا الجهتين الإدارية والمحكمة الجنائية صاحبتا اختصاص في رد الأرض لأن البطلان لا يزول بما ردده البعض من وجود فرق بين السعر الحقيقي وبين السعر المباع به. ذلك لأن مخالفة السعر تأتي في المرتبة الثانية من أسباب البطلان لأن السبب الأول هو التصرف في الأرض بغير الطريق الذي رسمه القانون إضافة لذلك فإن السعر الذي حدده الخبراء المختصون هو سعر تقريبي استرشادا بسعر مماثل في نفس المنطقة ذلك لأن هذا السعر الاسترشادي ليس المقصود به هو تقدير الضرر بل المقصود منه هو تحديد سبب مخالفة الجهة الإدارية للتصرف بالبيع بطريقة مخالفة للقانون وذلك لأنه من المعروف أن من شأن البيع عن طريق المزايدة أن يأتي المزاد بسعر أفضل من سعر المثل ومن ثم فإن السعر المحدد بمعرفة الخبراء هو سعر تقريبي وليس السعر الحقيقي لأن السعر الحقيقي لا يعرف إلا بعد إجراء المزاد ومن ثم فإن استعداد المشتري لدفع السعر المحدد بمعرفة الخبراء لا يعد درءا للضرر لأن البطلان لا يرد عليه التصحيح ومن ثم يصبح من الواجب رد الأرض للدولة لإعادة التصرف فيها ولا ينال من ذلك وجود مشترين أو متعاملين حسني النية على هذه الأرض مع الفاسدين الذين تلقوا الأرض بغير الطريق الذي رسمه القانون حيث تسري العقود في مواجهة الدولة ويصبح من الواجب خصم ما دفعوه لهذا المشتري الفاسد من مستحقاته لدي الدولة التي دفعها لقاء شراء الأرض.. ومن ناحية ثالثة فإن وضع يد المشتري الفاسد على الأرض ويستحق عنها عائد للدولة جراء انتفاعه بها ومن ثم فيجب خصم هذا العائد وكذا خصم ما دفعه المتعاملين معه من حقه لدي الدولة الذي دفعه ثمنا لهذه الأرض وأخيرا فإن النيابة تحاسب الموظفين العمومين عند قيام الموظف العام باختيار الحل الأقل فائدة للجهة التى يعمل فيها وأساس مساءلته أنه لم يعمل بمعيار الرجل الحريص وأن مسلكه هذا أدي إلي الإضرار بالجهة التى يعمل بها وهو الفرق بين الحل الذي أختاره والحل الذي كان يجب عليه اختياره ولزم ذلك القول أن الدولة أصبحت في قضايا الفاسدين بين اختيارين أولهما تحصيل فرق ثمن الأرض وثانيهما اختيار رد الأرض للدولة فإن الاختيار الثاني وهو رد الأرض هو الذي يكون أولي بالتطبيق لان سعر الأرض اليوم أعلي من السعر الذي حدده الخبراء وخيراً فعلت نيابة الأموال العامة برفضها التصالح مع الفاسدين لأن دفع الثمن ليس من شأنه أن يزيل البطلان ويعد الاختيار الأقل فائدة للدولة وهو ما لا يتصور أن تفعله نيابة الأموال العامة العليا وهي الأمينة على المجتمع بأسره ومن ثم فإن ما تردد في وسائل الأعلام من تشكيل لجنة للمصالحة ودراسة الوضع الأمثل للتصالح يصبح مثل هذا الأمر مخالفا للقانون لأنه لا يجوز تصحيح العقد الباطل ولو تم سداد ضعف فرق الثمن ولنا في عقد مدينتي آية فمن شاء أهتدي وعلى الله قصد السبيل.
 المستشار عبد الفتاح مصطفى رمضان


ليست هناك تعليقات: