الأربعاء، 29 فبراير 2012

النمس المنتصر والأفعى المهزومة - العسكرى يلعب لعبة سياسية غامضة



«النمس المنتصر»و«الأفعى المهزومة»
 الرئيس القادم توافقيا بين الجيش والإخوان


التاريخ يعيد نفسه.. هذه العبارة ربما تنطبق على الصراع الشرس على السلطات بين حكام مصر وجماعة الإخوان المسلمين الذى يعود إلى عهد الملك فاروق، وفق ما تقوله مجلة «فورين بوليسى» فى تحليل مطول، تؤكد فيه أن كل حلقات هذا الصراع تسير عمليا وفق السيناريو المكتوب، غير أنها تتوقع أن هذا السيناريو قد لا يتكرر هذه المرة بين المجلس العسكرى الحاكم والإخوان. المجلة الأمريكية المرموقة أشارت إلى أنه فى كل مرة، يتعايش الحاكم الجديد لفترة قصيرة من الزمن مع الإخوان، لكن سرعان ما ينتهى «زواج المصلحة» وسط اتهامات وشكوك متبادلة، ودائما يسعى الحاكم أو الرئيس لدى وصوله إلى كرسى الحكم للتواصل مع الإخوان للاستفادة منهم أو على الأقل تحييدهم. وفى المقابل فإن الإخوان يسعون لعقد صفقات يتفادون بها التهديدات ويحصلون على مصادر ويكتسبون أرضيات ربما يبدؤون منها صعودهم النهائى للسلطة.
 لكن هذا التعاون -والحديث لكاتب التقرير روبرت سبرينجبورج المحلل العسكرى والأستاذ بقسم شؤون الأمن القومى فى كلية ما بعد التخرج بالبحرية الأمريكية- لن يدوم، إذا احتكمنا للتاريخ، وهو تاريخ معروف، بحسب قولها، لكل اللاعبين فى الصراع الحالى. وتمضى المجلة إلى القول إن تاريخ العلاقة بين حكام مصر والإخوان تكرر كثيرا بنفس طريقة الصراع بين النمس والأفعى، على الترتيب، ويفوز به الأول دائما.
 وتقول «فورين بوليسى» إن المشير طنطاوى ورفاقه من جنرالات الحكم فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مدركون بالطبع لهذا التاريخ، وسلوكهم يرجح أنهم أيضا يريدون أن يستفيدوا من الدعم السياسى من الإخوان خلال الفترة الانتقالية، والخصومة المتأصلة فى العلاقة بين السلطة والإخوان تجعل التعايش بين العسكر والجماعة صعبا، بل يصل إلى درجة الاستحالة، ومن ثم فإن «النمس العسكرى» من المتوقع أن يضرب «أفعى الإخوان» مجددا، لكن النتيجة هذه المرة ربما تكون مختلفة.
 وترى المجلة أن معطيات التعايش السياسى الحالى بين المجلس العسكرى والإخوان ترجح أن التاريخ ربما لا يكرر نفسه بالضرورة هذه المرة. وتوضح أن «المجلس العسكرى يلعب لعبة سياسية غامضة ربما تأتى بمردود عكسى عليه». وتضيف أن الجيش يحاول جاهدا أن يضع خطوطا حمراء على مصالحه، لكن هذه الجهود قوضت الدعم السياسى له، وعلى المدى الطويل سيكون من الصعوبة بمكان على الجيش أن يدافع عن هذه الخطوط فى مواجهة هذا المناخ السياسى والشعبى الذى أصبح فاعلا. وتقول إن من بين الاحتمالات أن مجموعة من ضباط الجيش ربما يجدون أنهم فى حاجة للتدخل، لكن فى مصر اليوم، سيكون من الصعب بالنسبة إليهم أن يثبتوا أنفسهم فى مواجهة الإخوان ورفاقهم الإسلاميين الذين تمكنوا سياسيا فى الفترة الأخيرة.
 وتضيف أن الإخوان لم يسعوا أبدا فى أى من فترات التاريخ لحشد أنصارهم فى الشوارع ضد الدولة، لكن هذه المرة، وبعد أحداث العام الماضى، لا يمكن لأحد أن يضمن هذا الآن، خصوصا بعد أن وصلوا تقريبا إلى مقعد السلطة. والأوراق السياسية بين الجيش والإخوان تبدو فى صالح الجماعة، فبالرغم من أن الجيش يحتفظ بكل أذرع القوات المسلحة والأمن والمخابرات، وقيادات المحافظات والمجالس المحلية، فإن الإخوان يحتفظون بالقوة الناعمة ونفوذهم السياسى غير عادى. وسيكون للبرلمان الذى يسيطرون عليه سلطة أعلى من أى برلمان فى تاريخ مصر، وسيستخدمونه لتعزيز نفوذهم، ولهم وجود داخل النقابات الأكاديمية ونفوذ قوى داخل مؤسسة القضاء، يظهر من خلال دورهم الحالى فى نادى القضاة والمجلس الأعلى للقضاء.
 وعلى الرغم من أن الدستور لم تتم كتابته بعد، فمن المرجح أنهم سيؤسسون نظاما يقتطع منه جزء كبير من السلطة التنفيذية لينتقل إلى السلطة التشريعية. والرهان الآن أن يكون الرئيس القادم توافقيا بين الجيش والإخوان، ومن ثم يضمنون أن لا يكون الرئيس أداة فى يد أى منهما تماما. وترجح المجلة الأمريكية أن يبدأ الإخوان التحرك باتجاه القوات المسلحة من القاع إلى القمة فى نفس الوقت، وهى تقول إنه بلا شك يملك الإخوان مؤيدين لهم داخل أفرع الجيش المختلفة، وسيسعون إلى تعزيزهم. وتنبه إلى أن الطموحين داخل الجيش والمجندين سيجدون أنه من الأفضل لهم أن يلحقوا أنفسهم بالقوة الصاعدة، لا مع النظام البائد وتركته من الضباط. ولهذا تقول المجلة إنه رغم أن الإخوان يهيمنون على القوة الناعمة فقط حاليا، فإن لديهم مكافئا للقوة الصلبة، وسيكون هناك تحد مع الجيش على كل منهما فى السنوات القادمة. وتطرقت المجلة إلى الناحية الاقتصادية، لافتة إلى أن قدرة الإخوان على جذب موارد من الخليج تعطيهم قوة إضافية، بالنظر إلى أن المجلس العسكرى لم يتلق حتى الآن أى إسهامات مالية كبيرة من الخليج حتى الآن، والتوقعات أكثر إشراقا فى هذا الصدد بالنسبة إلى الإخوان، وتوسع الاقتصاد الإسلامى سيدعم موقف الإخوان كإدارة اقتصادية ذات كفاءة، ومفتاح لهذا التدفق من التمويلات من الخليج. وفى المقابل، فإن سيطرة الجيش على مصانع تنتج منتجات حربية ومتوسطة لن تعطيهم ميزة سياسية مباشرة كبيرة، سواء فى الداخل أو فى المنطقة.
 وتتابع: تفوق الإخوان على الجيش على صعيد السياسة الخارجية ظهر فعليا، وفق المجلة، التى تقول إن المجلس العسكرى الذى وصل إلى مرحلة أقرب إلى اليأس وهو يرى الدعم الذى يحظى به يتراجع، فشن هجوما ضد الولايات المتحدة، مستخدما قضية المنظمات غير الحكومية الممولة من الحكومة الأمريكية، ولعب على وتر العداء للولايات المتحدة والغرب، ورغم هذا فالمجلة تقول إن هذا الأمر لن يصب أيضا فى صالح الجيش بل فى صالح الإخوان.
 وتختم بأن من غير المرجح أن يكتب النجاح لضربة استباقية من جانب الجنرالات، مثلما حدث فى السابق، والوقت فى صالح الإخوان. وهذه المرة سيكون الإخوان هم «النمس المنتصر» والمجلس العسكرى «الأفعى المهزومة».

ليست هناك تعليقات: