الأحد، 5 فبراير 2012

الصواريخ الموجهة ضد رصاصات عساكر الداخلية


هل هناك شرف لرجل أمن يترك سلاحه 
 ويترك أبناء وطنه وبناته نهبا للذئاب والضباع والبلطجية؟؟



ثورة الجيل التى حطمت أسطورة "مطرب الجيل"
 "كن واقعيا .. واطلب المستحيل" 
 مات من لا يستحق الموت من أجل أن يعيش 
من لا يستحق الحياه 
 تستطيع أن تقتل ثائرا ولكن لا تستطيع أن تقتل ثورة

وكلمات أخري كثيرة مكتوبة على جدران البيوت والطرقات فى منطقة وسط البلد، تكشف إلى أى حد بلغ شباب الثورة من النضج، بعد أن "طحنتهم" سلسلة من التجارب السياسية والمجتمعية التى مروا بها خلال شهور قليلة، كانت كافية لتحولهم من مجرد نماذج مكررة لشخصيات فارغة، إلى رجال ونساء قادرون على التعبير عن تجربتهم بالبلاغة ذاتها التى كان يستخدمها زعماء بحجم "مصطفى كامل" وسعد زغلول". 
 من كان يصدق أن أجيالا كان كل همها أن تهرول وراء ألبوم "تامر حسنى" أو سينجل "عمرو دياب" الجديد، أو تتحول إلى أسود هصورة فقط فى "ملاعب الكرة" ... يمكن أن يأتى عليها يوم لتقوم بثورة تذهل الدنيا كلها، وتغير مفاهيم الشباب فى شرق العالم وغربه، لدرجة جعلت السياسيون الألمان والانجليز، يشيدون بالعقلية المصرية التى استطاعت أن تحتفظ بشبابها وأن تنتصر على سنوات الجمود والقهر والإذلال المتعمد، الهادف لقتل روح الإنسان المصري.. إن جولة سريعة فى ميدان التحرير .. وجولة أخري تتسم بقدر أكبر من المخاطرة، فى شوارع وسط القاهرة، وبالتحديد عند حواف منطقة الصراع الملتهب بين شباب كل ما يملكه هو الحلم والرغبة فى التغيير، وقليل من الحجارة، وبين أفراد أمن لا خيال لديهم ولا عقل أصلا، بل آلات قتل عاتية تستهدف صدور ورؤوس الشباب وأعينهم أيضا.. ورغم ذلك فإن الخوف لا يعرف إلى قلوب هؤلاء المقاتلين العزل طريقا، بل يواجهون الموت بالضحكات، ويقضون أوقات الجهاد المرير فى سبيل الحرية، وهم يرون فيها أجمل سنوات حياتهم. ليلة أمس، كانت صاخبة بمعنى الكلمة، لقد امتزج نبل الشباب بغضبهم العارم، لقد اقتحموا الشوارع المحيطة بوزارة الداخلية – رمز الطغيان وحامية حمى الفساد – بصدورهم العارية .. فى مواجهة طلقات الرصاص الحى والخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع .. ردا على مجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها عشرات من شباب الألترسا، عقابا لهم على المشاركة فى الثورة، ضمن مخطط شيطاني رسمه المخلوع فى سجنه، ونفذته قيادات وزارة الداخلية .. برعاية قائد العسكر، المشير طنطاوى. وحينما يتدخل العقلاء من أجل الاتفاق على هدنة بين الطرفين، يكونون دائما الملتزمون بتنفيذها على الفور، بينما "كلاب العسكر والداخلية" هم السباقون دائما إلى نقضها، تماما كما جرى فى الليلة التى سبقتها، حينما تدخل نواب البرلمان وقيادات من القوى السياسية المختلفة على رأسها "الإخوان"، فلم تكد تمر ساعة على إتمام الاتفاق على وقف العنف المتبادل، إلا وكان القصف بالقنابل ينهمر على رؤوس الثوار، الذين – ببرائتهم – يظنون فى كل مرة أنهم يتعاملون بكلمة شرف .. وفى كل مرة ايضا يكتشفون أنهم يتعاملون مع من لا شرف له.. وهل هناك شرف لرجل أمن يترك سلاحه ويترك أبناء وطنه وبناته نهبا للذئاب والضباع والبلطجية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ "

 "أنا مش عارفة إحنا ليه بنضيع وقتنا هنا مع وزراة الداخلية .. المفروض إننا نكون هناك .. عند سجن طرة .. هناك رأس الأفعى اللى لابد من قطعها" ... هكذا صرخت فتاة فى عمر الزهور، فى وجوه الشباب المنهكين من عنف المواجهات، أثناء وقوفهم بجانب إحدى العيادات الميدانية، التى بدورها – بما فيها من أطباء وأدوية - لا تسلم من عدوان الكلاب .. كلاب الداخلية طبعا، كلماتها تجد آذانا صاغية، وعقولا متفتحة، مبدية التأييد للفكرة، ويأتى الرد سريعا من واحد من الشباب المتحمس: (إطمنوا يا جماعة .. إحنا فعلا عملنا "إيفنت" على الفيسبوك، والمسيرة هاتتحرك يوم الجمعة بعد الصلاة، باتجاه طره وهناك هانعتصم لحد ما يتم القصاص من سفاح الشهداء) .. ويهتف قائلا: "يانجيب حقهم .. يانموت زيهم" .. ويردد رفاقه الهتاف ذاته بقوة تهز القلوب قبل جدران الليل الثقيل ليتحول إلى نهار فى عز الظلام واليأس. أقترب من الفتاة التى أثارت انتباهى لصغر سنها مقارنة برجاحة عقلها الواضحة، لأسألها عن رأيها فى ما يجرى من أحداث، لترد بقولها: يا أستاذ إحنا تعبنا مليونيات .. مليونية الشهداء .. مليونية القصاص .. مليونية الإصرار، إلخ إلخ، كل هذا جميل لكنه لا يكفي، لابد أن تكون للشرعية الثورية دور حقيقي على أرض الواقع، الشرعية الثورية أكبر من أى شرعية سياسية أخرى، حتى من البرلمان الذى لولا الثورة لما كان فيه برلمان ولا حرية رأى أصلا، وإذا لم يكن البرلمان (فى ظهرنا) حتى ننفذ أهداف ثورتنا بإيدينا، فإنه بذلك يطعننا فى ظهرنا (!!!).
 تدخل آخرون فى الحوار الساخن بينى وبين الفتاة، البعض بأراء غاضبة من "الإخوان" اللى (بقوا إخوان السلطة مش إخوان مسلمين) .. فيرد آخر بقوله: (مش كلهم .. هما بس القيادات الإخوانجية اللى باعتنا .. إنما كتير من اللي معانا فى الميدان إخوان وفعلا مسلمين) .. وهنا يضحك شاب من وسط الحلقة التى استدارت من حولى، قائلا: أنا بقى من الإخوان المسيحيين، فتنفجر ضحكات الجميع، إلى عنان السماء، معلنة تحديها للقصف المتواصل من جانب ولاد الــ........ وأستدير لأترك الشباب وسط هتافاتهم الهتافات المدوية، الساخرة من الموت وكأنها الصواريخ الموجهة ضد رصاصات عساكر الداخلية: ناسيين التحرير ياولاد الـــو..... دى الثورة كانت بالنسبالكو نكسة ..!!!

ليست هناك تعليقات: