الثلاثاء، 31 يناير 2012

مجلس الشوري لتوزيع المناصب والمزايا والاموال


الشعب يرفض.. مجالس الديكور


الشعوب، بغريزتها، تعرف ما تريد.. خصوصاً اذا كان الامر يتعلق بحاضرها ومستقبلها. ولما كان مجلس الشوري «شيئاً» غريباً في الجسد المصري، فان الشعب لم يتقبل هذا المجلس، منذ جاءت الفكرة الي عقل الرئيس الراحل أنور السادات.. فقد أراده مجلساً للعائلة المصرية يضم عقلاء وحكماء الامة، ويكون غرفة للمشورة.. لمجلس الشعب.. المجلس الاكثر ايجابية في الحياة البرلمانية. ومجلس الشوري - كما هو واضح من اسمه - مجلس يقدم المشورة فيما يعرض عليه من وبالذات خطة التنمية وما تعرضه عليه الحكومة، أو يحيله مجلس الشعب. ولانه مجلس لا قرار له، أي لا يقرر شيئاً رفضه الشعب. وكنا نتوقع كما زاد الاقبال علي انتخابات مجلس الشعب حتي وصلت الي أكثر من 54٪، وهي أعلي نسبة من المشاركين علي مدي 60 عاماً.. ولكن جاء اليوم الاول أمس في انتخابات مجلس الشوري ليقول الشعب رأيه الحقيقي في مجلس لا ضرورة له.. فابتعد عنه.. ولم يذهب لانتخاب أعضائه.  ولم نجد ما وجدناه في انتخابات مجلس الشعب. والشعب يري ان نتائج انتخابات الشوري ستأتي علي غرار انتخابات مجلس الشعب.. فلماذا يذهب ويتعب نفسه في انتخابات الشوري.. واذا كان السلطان - عندما قرر انشاء مجلس الشوري - كان يريد أن يرضي رجال حزبه الوطني بتوزيع المناصب والمزايا والاموال. وأن هذا الوضع اختلف الآن، خصوصاً انه مجلس لا يهش ولا ينش كما يقول الناس. ووصل الحد الي أمر انسحاب عدد من الاحزاب من الدخول في هذه المعركة الانتخابية.. وبالذات بعد أن قلص الاعلان الدستوري من سلطات هذا المجلس.. لا أن يزيدها.
وربما تكون الميزة الوحيدة للشوري، في المرحلة القادمة، هي مشاركته في اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية التي ستكلف بإعداد مشروع الدستور الجديد. ولكن الشعب لا يريد مجلساً يحمل أفراده مجرد ميدالية يزين بها صدره.. أو مجرد لقب اسمه: حضرة النائب المحترم!. واذا كانت انتخابات مجلس الشعب قد شهدت تعديلاً في حدود الدوائر فان هذا الامر يزيد في الشوري وأمامنا دائرة واحدة مثلاً مثل دائرة البحر الاحمر التي تمتد حدودها لاكثر من 1000 كيلو متر.  وأن كل محافظة القاهرة تتكون من دائرتين فقط.. فكيف ذلك، وهل سيعرف كل السكان أحداً من المرشحين.. فلن يعرف مرشحاً آخر خصوصاً وأن القوائم سيتم الاختيار منهم ضعف عدد نواب الفردي.. فما بالنا بالمرشح الفردي الذي دخل الانتخابات في نصف محافظة القاهرة مثلاً.. انها بالفعل انتخابات لن يشارك فيها أحد. هي اذن انتخابات لم يشارك فيها أحد. لان الناس لا تعرف المرشحين.. سواء كانوا يمثلون أحزاباً أي علي شكل قوائم.. أو علي المستوي الفردي.. اللهم إلا اذا كان المرشحون من زعماء الامة المعروفين للعامة وهذا لم يحدث.. فلا أحد من الناخبين.. يعرف أحداً من المرشحين وربما يكون عدم الاقبال علي انتخابات الشوري وراء زيادة نسبة المعينين في المجلس</.. واذا كان عدد المعينين في مجلس الشعب هو 10 أعضاء فقط فانهم في الشوري نجدهم ثلث عدد الاعضاء. وهي نسبة لا نجدها في أي دولة تأخذ بنظام المجلسين في برلمانها أو في مجالسها النيابية والامل معقود علي الدستور الجديد. الذي يجب أن يعد وأن يبدأ العمل به قبل يوم 30 يونيه القادم. فاذا كان الدستور سيري أهمية وجود مجلسين هنا يجب أن يعطي الدستور للشوري ايجابية أكثر بصلاحيات أكبر. مثلاً لماذا لا يكون مثل الكونجرس الامريكي حيث مجلس للنواب وآخر للشيوخ حيث نجد سلطات الشيوخ أكثر حزماً من النواب، بل نكاد نقول ان مجلس الشيوخ هو الذي يحكم الولايات المتحدة بل ويحد من سلطات الرئيس الامريكي نفسه.  أو يكون مثل البرلمان الانجليزي حيث مجلس العموم «أي النواب» ثم نجد مجلس اللوردات وكذلك الامر في البرلمان الفرنسي.. وقد أخذ الكثير من الدول بفكرة المجلسين ولكل مجلس سلطاته واختصاصاته. وفي مصر كان مجلس الشيوخ له سلطات واضحة.. ولهذا كنا نجد بين أعضائه من يملك خبرات برلمانية فذة وكان فعلاً عضو هذا المجلس يحمل صفة حضرة العضو المحترم. وكان النائب عضو مجلس النواب عندما يكتسب الخبرة البرلمانية الواسعة.. كنا نجده في مقدمة من يتم اختياره بالتعيين في مجلس الشيوخ ولهذا لمعت تحت قاعته هامات عظيمة من نواب الشيوخ من خيرة الشخصيات السياسية في البلاد.. حتي كان عضو الشيوخ يقدم علي عضو النواب في اللجان وفي الاحتفالات رسمية وغير رسمية!. ونعترف بأن مجلساً - بنفس اختصاصات المجالس السابقة - لن يفيد الوطن في المرحلة القادمة.. بل ونؤكد ان مجلس الشوري لا يختلف كثيراً عن المجالس المتخصصة التي تجتمع فيه وبين أعضائه كفايات عظيمة هي أعلي ما في الوطن من عقول وأفكار وخبرات.. ومادام الامر كذلك يجب الاكتفاء بهذه المجالس القومية المتخصصة.. بشرط أن نفعل توصيات هذه المجالس وننفذها.. وكم أصدرت هذه المجالس من توصيات وأعدت من دراسات كانت تبعث بها الي رئاسة الجمهورية.. فتضعها علي الرف بلا أدني فائدة. هكذا كانت توصيات مجالس الشوري السابقة.. ومادام الامر كذلك في المجلس الذي يذهب الشعب لانتخابات أعضائه.. فلا داعي بل علينا أن نوفر الاموال التي تنفق علي أعضائه وعلي لجانه.. من بدلات ومزايا وبدل حضور جلسات. لهذا ابتعد الناس عن انتخابات مجلس الشوري!.


ليست هناك تعليقات: