السبت، 21 يناير 2012

حقوق المرأة المصرية بين مطرقة الإسلاميين وسندان العسكر



ليس لدينا في مصر مثل راشد الغنوشي 
 الذي يعتبر حقوق المرأة مكتسبات لا تراجع عنها



يرى حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق أن اعتداءات الجيش المصري على المتظاهرات في ميدان التحرير يعكس الدور المهم للمرأة في ثورة يناير، لكنه يمثل في الوقت ذاته رسالة لتحذير كل امرأة تشارك في التظاهر. 
الأحداث الأخيرة كشفت عن عنف موجه للمرأة المصرية بشكل خاص، وهذا الاستهداف يتأتى من الدور الذي تقوم به المرأة في الثورة المصرية، فخلال المظاهرات يكون للمرأة دور مهم للغاية سواء في العيادات الطبية أو تقديم الإعاشة أو مساعدة المصابين، إضافة إلى الزخم الذي تمنحه للمظاهرات بحضورها. وحالة الاستهداف هذه لا تقتصر على حالة الدكتورة غادة، وإنما كانت هناك العديد من الحالات المشابهة. وإذا ما ألقينا نظرة إلى أسماء الضحايا نجد العديد من النساء...
اختزال قضايا المرأة بين "البكيني" والنقاب 
قضية المرأة لا تنفصل عن قضايا المجتمع ككل 
سحل فتاة مصرية هز كيان المجتمع المصري



*المرأة المصرية كانت جزءأ لايتحزءا من قوى الثورة رغم قتامة المشهد السياسي الحالي في مصر والأخطار المحدقة بحقوق المرأة، إلا أن الكاتبة المصرية منصورة عز الدين ترفض، في المقالة التالية، "شيطنة السلفيين والإخوان"، لأن قضية المرأة ودورها لا تنفصل عن قضايا المجتمع ككل. 
بينما كانت قوات الجيش تضرب وتسحل المتظاهرات المصريات في شارع القصر العيني، كان السلفيون، في السويس، يحتفلون منتشين بفوزهم في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية.
احتفالات ذكورية خالية من النساء، ينشدون فيها أهازيجاً دينية وشعارات من قبيل: "الجيش والشعب ايد واحدة"، "الإخوان والنور ايد واحدة"، ثم الشعار الأهم: "الله والشعب ايد واحدة"، الشعب المقصود هنا، يختلف عن ذاك الذي يقصده الثوّار في مظاهراتهم، إذ يقتصر، في حالة السلفيين، على المنتمين لمعسكرهم نفسه.
تغنى السلفيون إذاً بوحدتهم مع الجيش، في الوقت الذي كان فيه رجال هذا الجيش يركلون ويضربون ويسحلون امرأة ملقاة في عرض الشارع غير قادرة على المقاومة، ولم يكتفوا بهذا بل جردوها من ملابسها على الملأ.

 سحل فتاة مصرية هز كيان المجتمع المصري 
لم يثر هذا المشهد المؤلم، وغيره من مشاهد سحل وقتل المتظاهرين والمتظاهرات خلال فض اعتصام مجلس الوزراء، حفيظة الإسلاميين، أو أي من المتحدثين باسم الدين والأخلاق ليل نهار.
من أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما نشرت الشابة علياء المهدي صورها العارية على مدونتها، لم يحرك معظمهم ساكناً حين عرّى جنود الجيش المتظاهرة السلمية وسحلوها في الشارع.
 وكي يبرروا (أي الإسلاميين) لأنفسهم صمتهم ولا مبالاتهم صبوا غضبهم على الضحية لا على الجلاد. استنكروا خروجها من بيتها للتظاهر، وشككوا في الصور ومقاطع الفيديو، بل وفي أخلاق المتظاهرة نفسها. 
ربما لم ينتبه السلفيون، في غمرة الاحتفالات المبتهجة، إلى حقيقة ما يحدث. أو ربما وجدوا فيه تأكيداً على وجاهة دعوتهم المنادية بإقصاء المرأة عن الفضاء العام، وعلى مبدأهم الأبرز بعدم الخروج على الحاكم حتى وإن كان ظالماً. 
من المؤكد أنهم سيجدون مبررات عديدة. غير أن ما لا يجب تجاهله في الفيديو القصير الذي يحتفلون فيه، هو أن له دلالة رمزية عالية، إذ يعكس شكل المجتمع كما يريدونه. مجتمع لا مكان للنساء في فضائه العام. فالمدقق في الوجوه المحتفلة لن يعثر، بينها، على أي أنثى ولو منتقبة أو حتى طفلة.
مشهد يتسق تماماً مع آراء السلفيين المعلنة المعادية للنساء وسلوكهم المعتاد تجاهها. ألم يعلن الشيخ أبو اسحاق الحويني – أحد رموز الحركة السلفية – من قبل أن الجهل "فاشٍ" في النساء، ثم عاد ليقول إن وجه المرأة كفرجها؟

 ألم يضع حزب النور السلفي وردة حمراء 
بدلاً من صور مرشحاته لعضوية مجلس الشعب
 كأنما يمارس وأداً رمزياً للنساء؟!
 وفي وقت نجد فيه مصر ما بعد ثورة ينايرمثخنة بجراحها ومكبلة بمشكلات مزمنة تراكمت على مدى ستة عقود من حكم عسكري ديكتاتوري، نجد المتأسلمين (سلفيين وإخوان مسلمين) لا يرون شراً إلاّ في جسد المرأة، وبالتالي يضعون تغطيته على رأس أولوياتهم متجاهلين قضايا القمع، والفقر، والفساد، وانهيار التعليم.
اختزال قضايا المرأة بين "البكيني" والنقاب 
غير أن هذه المسألة لا تقتصر على الإسلاميين وحدهم، فالبادي أن الصراع على جسد المرأة تحول إلى أولوية لكافة أطراف اللعبة السياسية في مصر كل على طريقته. السلفيون يرغبون في إعادته غصباً إلى البيوت واقصائه من الفضاء العام، والإخوان المسلمون يدعون إلى تغطيته، والعسكر يقومون بتعريته وضربه وسحله في الشوارع، أو بإخضاعه لاختبار كشف العذرية في غياهب المعتقلات (اللافت للنظر أن الانتهاكات التي يمارسونها ضد الناشطات السياسيات ذات طابع جنسي في معظمها)، في حين تختزل قطاعات من النخب العلمانية قضية المرأة وحقوقها في نقطة الحق في التعري، ووفق هؤلاء تصبح المسألة صراعاً بين "البكيني" والنقاب. لكن في خضم هذا تخوض المرأة المصرية الثائرة (سافرة ومحجبة ومنتقبة) معركتها بعيداً عن هؤلاء جميعاً، تقاتل في الشوارع والميادين جنباً إلى جانب الرجل من أجل الكرامة والحرية غير عابئة بمن يحرِّمون خروجها من بيتها، ولا بمن ينتقدون انشغالها بالسياسة، ولا بمن يشككون في أخلاقها لتجرؤها على الوقوف في وجه بطش جنود وضباط مدربين على القمع والتعذيب المنهجي.
اختلاف في درجة التشدد بين الإخوان والسلفيين
 هل حضور المرأة المصرية سياسيا في نظر الإسلاميين
... مجــرد ورقــة تــوت؟...
غني عن القول أن هناك اختلافات وتمايزات بين السلفيين وبين الإخوان المسلمين، فكثيرون ينظرون إلى الإخوان باعتبارهم أكثر اعتدالاً من السلفيين، وهو أمر صحيح إلى درجة كبيرة، وإن كان علينا ألا نتجاهل حقيقة أن الإختلاف بين الطرفين هو اختلاف في درجة التشدد، وليس اختلافاً في المرجعيات الأصلية القديمة.
ما يظهر حتى الآن أن الإخوان أكثر حنكة سياسية، وأكثر قدرة على المناورة، في حين أن السلفيين أكثر صراحة في عرض أفكارهم، وهي صراحة دفعوا ثمنها كما حدث حين سقط عبد المنعم الشحات في الانتخابات بعد تصريحاته ضد نجيب محفوظ. 
 ربما لهذا السبب، حين أثارت تصريحات السلفي والمرشح المحتمل للرئاسة حازم أبو إسماعيل الخاصة بمنع السياسة وعمل المرأة المخاوف والغضب، سارع حزب النور السلفي لإعلان أن تصريحات أبو إسماعيل لا تمثل الحزب وأنه مسؤول مسؤولية كاملة عن تصريحاته، وإمعاناً في طمأنة الناس أكد المتحدث الرسمي باسم الحزب أن "حزب النور يسعي إلي الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة والتعاون مع مؤسسة الأزهر في كل القضايا الدينية". هذه التصريحات يمكن تفسيرها بإنها دعاية انتخابية محضة يمكن الإنقلاب عليها فيما بعد، إلاّ أن الوجه الآخر لها قد يكون محاولة أولى للتكيف مع المجتمع من حولهم.
شخصياً، ورغم قتامة المشهد الحالي، لست مع الساعين إلى شيطنة السلفيين والإخوان، أو الراغبين في اقصائهم عن المجال السياسي، لأن أحد أهداف الثورة تمثل في رفع الظلم ونشر العدالة والديموقراطية. لكني، وللسبب نفسه، ضد أن يقوم الإسلاميون بإقصاء الأطراف الأخرى وتكفيرها لمجرد اختلافها معهم في الرأي، ضد أن يتعاملوا مع الأقباط كأقلية منقوصة الحقوق، أو مع النساء كـ"ناقصات عقل ودين".

  قضية المرأة لا تنفصل عن قضايا المجتمع ككل
 منصورة عز الدين في معرض فرانكفورت أمام روايتها المترجمة إلى الألمانية "وراء الفردوس" تفوق الإسلاميين في الانتخابات كان متوقعاً، فهم أكثر ارتباطاً بالواقع وأكثر انتشاراً بين الطبقات البسيطة، كما أنهم يعكسون مزاجاً عاماً منتشراً في المجتمع. لكن الانتخابات - رغم كل التحفظات على السياق غير الديموقراطي الذي تمت فيه وعلى الأخطاء التي شابتها- مجرد معركة علينا استيعاب دروسها، ومراجعة أفكارنا ورؤانا للواقع من حولنا بناءً عليها. فلم يعد مقبولاً أن يُختصر وضع المرأة في مجتمعاتنا وفق الثنائية الساذجة التي تقسم النساء إلى سافرة حداثية بالضرورة و محجبة تقليدية ومقموعة بالضرورة. وهي ثنائية اختزالية لا تعبر عن الواقع ولا تعكس تعقيداته ولا تركيبه.
 الآن، هو الوقت المناسب كي نرى مجتمعاتنا من داخلها، ونحاول الإقتراب منها أكثر وألاّ نستسلم للاختزال المخل ولا التقسيمات النمطية. من المهم أن تناضل المنظمات والنخب النسوية من أجل عدم اقصاء النساء عن دوائر صنع القرار السياسي، لكن في خضم هذا، لا يجب أن نغفل النساء المهمشات في القرى والمناطق الفقيرة، علينا العمل على حل مشاكلهن، وليس ما نعتقد نحن أنها مشاكلهن. ثمة فارق كبير. يبقى القول إن قضية المرأة ودورها وحقوقها لا تنفصل عن قضايا المجتمع ككل، بل هي في القلب منها. قد يبدو مستقبل المرأة غائماً في ظل الأوضاع الحالية، لكن علينا ألاّ ننسى أن المعركة الحالية هي حلقة من مشوار طويل قطعته المرأة المصرية في نضالها من أجل نيل حقوقها وأننا نسير على هدي تراث ثري في هذا المجال، وبالتالي ليس من اللائق أن يتم جرنا إلى نفس المعارك القديمة أو إلى مناقشة البديهيات كأن قدرنا أن نعود دائماً إلى نقطة البداية.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: