الأربعاء، 25 يناير 2012

مــاذا لــو.. لم تقم الثورة وجـاء «جمــال»؟



تفاقـم الفقر والبطالة 
سيدفع الشعب للخروج على مبارك الابن




عدلت العديد من المؤسسات الاقتصادية، المحلية والعالمية، توقعاتها إزاء الاقتصاد المصرى بعد الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى الخامس والعشرين من يناير 2011، وتوقعت معظمها تدهور الاقتصاد مع سيطرة حالة الانفلات الأمنى التى واكبت الثورة المصرية. وكانت تقديرات العديد من بنوك الاستثمار العاملة فى السوق المصرية تشير إلى تحقيق الاقتصاد المحلى معدلات نمو مرتفعة تصل إلى 6.3% فى بعض التقييمات. «لو لم تقم الثورة كان من المتوقع ان يحقق الاقتصاد المصرى معدلات نمو خلال العام المالى 2010 /2011، تصل إلى 5.5%»، وفقا لمونيت دوس، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار برايم، مضيفة أن ميزان المدفوعات كان من المنتظر ان يحقق فائضا وليس عجزا». لكن سحب المستثمرين الاجانب لاستثماراتهم بعد قيام الثورة المصرية، بالاضافة إلى توقف العديد من الشركات العاملة فى قطاعات الصناعة المصرية، خاصة فى الربع الذى شهد ذروة الانفلات الأمنى، من يناير إلى مارس، أدى لتراجع معدل النمو الاقتصادى خلال العام المالى 2010 /2011، إلى 1.8 %، مقابل 5.4 % فى العام المالى السابق.
ثورة على جمال مبارك لكن خروج جزء من الاستثمارات الأجنبية خلال 2011 كان متوقعا حتى لو لم تقم الثورة فى يناير، وفقا لدوس، «وذلك عقب إعلان جمال مبارك عن نيته للترشح لرئاسة الجمهورية»، وهى الخطوة التى كان يتوقعها الكثيرون فى الداخل والخارج، مشيرة إلى انه كان من المتوقع أن يفضل المستثمرون الأجانب سحب جزء منه استثمارتهم القائمة خلال هذه الفترة لحين انتهاء عملية انتخابات الرئاسة والتى كان من المتوقع ان تأتى بجمال مبارك رئيسا للجمهورية، «وبعدها كان من المنتظر أن يزيد المستثمرون الأجانب استثمارتهم فى مصر بشكل كبير، لأن مبارك الابن سيمنحهم تسهيلات ضخمة»، بحسب دوس. وعلى الرغم من التفاؤل الذى أحاط بالاقتصاد المصرى قبل قيام الثورة، وسعى البعض لتحميل الثورة مسئولية تراجعه، تؤكد أمنية حلمى، الخبيرة الاقتصادية فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، ان الثورة لو لم تكن قد قامت واستمر الاقتصاد فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، كان سينتهى الأمر فى النهاية بثورة لتحقيق العدالة الاجتماعية، لأن «معدلات النمو المحققة غير حقيقية ولا يشعر بها المواطن العادى الذى يمثل القطاع العريض من المجتمع، وفى ظلها كانت معدلات البطالة مرتفعة، بالإضافة لانتشار الفقر فى المجتمع»، وفقا لحلمى. وكانت معدلات البطالة قد ارتفعت خلال عام 2010، لتصل إلى نحو 9%، بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. «النمو الاقتصادى المصرى اعتمد على زيادة الاستثمارات الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج، واستثمارات البورصة، وليس على قطاعات الصناعات الحيوية التى تحتاج إلى عمالة»، كما تقول دوس، مشيرة إلى انه مع تولى جمال مبارك وتطبيق نفس السياسات المالية التى كانت متبعه قبل الثورة والتى اطلق عليها «سياسات غالى»، كانت ستجعل الشعب المصرى «يثور على جمال بدلا من مبارك»، تبعا لدوس. ويؤكد هانى جنينة، كبير المحللين الاقتصاديين ببنك الاستثمار فاروس، أن وصول جمال مبارك للحكم كان من المتوقع ان يعطى دفعة قوية للاستثمارات الأجنبية، مما يحقق نموا مرتفعا فى احتياطيات النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، «كان من المتوقع أن تواصل احتياطيات النقد الاجنبى لارتفاع بمعدلات عالية خلال عام 2011، بينما اتجهت الحكومات التالية للثورة إلى السحب من الاحتياطى النقدى لسد عجز الموازنة»، وفقا لجنينة، مشيرا إلى أنه العجز كان من المتوقع أن يزيد قبل قيام الثورة، ولكن بمعدل أقل من الحالى. وكان يوسف بطرس غالى وزير المالية فى نظام مبارك قد اشار خلال فترة توليه وزارة المالية إلى أن عجز الموازنة قد وصل خلال العام المالى 2009/ 2010، إلى نحو 7.2% من اجمالى الناتج المحلى، وهو ما يمثل نحو 98 مليار جنيه، كما كان يتوقع ان العجز فى الموازنة سيصل إلى 106 مليارات جنيه مصرى فى العام المالى 2010/2011 وسيبدأ فى التراجع فى العام التالى نتيجة تطبيق قرارات خفض الدعم الطاقة المقدم لصناعات كثيفة الطاقة، بالاضافة الخفض الدعم المقدم للمواد البترولية، الا ان بعد قيام الثورة المصرية، ارتفع عجز الموازنة العامة خلال العام المالى 2010/2011، ليبلغ نحو 9.8 % من اجمالى الناتج المحلى، ليحقق نحو 134.5 مليار جنيه.
«لم تتغير سياسات الحكومة المصرية فى مجال الدعم قبل الثورة او بعدها»، بحسب جنينة، مشيرا إلى أن الحكومة قبل الثورة كانت تهدف إلى خفض الدعم على الصناعات كثيفة الطاقة تدريجيا، حتى تقوم بالغائه حسب ما كانت تعلن، بالاضافة إلى انها كانت تنوى خفض جزء من الدعم المقدم إلى المواد البترولية وذلك باعلانها عن توزيع كوبونات اسطوانات الغاز مما كان سيوفر لها جزءا من قيمة الدعم المقدم للمواد البترولية، «وبعد الثورة انتهجت الحكومة الجديدة نفس السياسات المقترحة لملف الدعم، وذلك خطوة لمواجهة زيادة عجز الموازنة»، بحسب جنينة.
إلا أن كبير المحللين الاقتصاديين ببنك الاستثمار فاروس اعتبر استمرار الاقتصاد المصرى فى معدلات نمو مرتفعة وزيادة فى التدفقات المالية، لولا قيام الثورة، نوع من «الخيال المالى»، على حد تعبيره مشيرا إلى ان هذا النمو كان يحمل فى طياته تدهور اقتصادى يفوق الأزمة المالية العالمية، «كان من المتوقع يرتفع عجز الموازنة المصرية خلال الأعوام المقبلة، مما كان سيجعل الحكومة تتوسع فى إصدار السندات الحكومة واذون الخزانة، بما يرفع الفائدة على الدين المحلى، ويؤدى لعجز الحكومة عن تسديد ديونها الخارجية»، وفقا لجنينة، مشيرا إلى ان الحكومة جمال مبارك كانت ستلجأ إلى طلب المنح والمعونات لكى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها، «مما يجعلها تقبل الشروط والإملاءات الخارجية، بالإضافة إلى التدخل فى الشأن الداخلى»، بحسب جنينة، مضيفا إلى ان تقديم مصر المساعدات لهذه الدول فى تحقيق اهدافها بالمنطقة العربية. «على الرغم من تدهور الاقتصاد المصرى عقب الثورة المصرية، الا انه من المتوقع ان يعاود إلى تحقيق نمو خلال الفترة القادمة وذلك بعد تسليم السلطة إلى سلطة مدنية»، تبعا لجنينة، مشيرا إلى ان الثورة قضت على الفساد بالاضافة إلى بدء تحقيق عملية الاصلاح السياسى والتى تسهم فى اصلاح الاقتصاد المصرى، وذلك من خلال معاودة الاستثمارات الاجنبية، بالاضافة إلى زيادة الاستثمارات فى سوق الأوراق المالية.

ليست هناك تعليقات: