السبت، 24 ديسمبر 2011

الثورة العربيّـة المُضادّة: هجمة آل سعود


الغزل الإسرائيلي ــ السعودي المُستمرّ
 تبنّي خيار القوّة العسكريّة غير المحدودة
 للحفاظ على نظام مبارك؟!!!


هال آل سعود وحلفاءهم في إسرائيل ما حدث. بنيان نظام الطغيان العربي، الذي تقوده السعوديّة، بدأ بالتهاوي. 
غضب الملك السعودي من عدم التحرّك الأميركي لإنقاذ مبارك. لم ينتهِ التفجّع السعودي والإسرائيلي على سقوط مبارك. قرّر الحكم السعودي الإمساك بنظام الطغيان العربي الرسمي خشية المزيد من التضعضع. أطلقت السعوديّة العنان لعقيدة الكراهية والطائفيّة والمذهبيّة ــ وهي عقيدة دينيّة ــ سياسيّة رسميّة للمملكة. الديموقراطيّة تتناقض مع السيطرة السعوديّة على العالم العربي ــ وهي تتناقض مع الوجود الصهيوني على أرضنا 
لم تتطرّق الصحافة العربيّة السائدة إلى الخلاف الحادّ الذي نشب بين الملك السعودي وإخوته، وبين إدارة أوباما بعد سقوط مبارك. هال آل سعود ما بدر عن الحكومة الأميركيّة نحو حسني مبارك. ليس أنّ إدارة أوباما دعمت مبارك إلى اللحظة الأخيرة، وإن أرادتنا اليوم أن ننسى ما فعلته للتمسّك بنظام مبارك للحفاظ على اتفاق السلام المُشين مع إسرائيل. 
لكن الملك السعودي ونتنياهو (لا نعلم إذا كانت اتصالاتهما اليوميّة مع أوباما مُشتركة، وهذا جائز بناءً على الغزل الإسرائيلي ـــــ السعودي المُستمرّ) كانا يحثّان أوباما على تبنّي خيار القوّة العسكريّة غير المحدودة، للحفاظ على نظام مبارك. تردّد أوباما: أراد أن يدعم صديق إسرائيل، لكنّه تلقّى مشورة خبراء حوله عن بطلان جدوى القوّة بوجه ملايين مصر. مثلما توصّلت أميركا إلى اقتناع بأنّ الشاه لا يستطيع أن يبقى في السلطة بواسطة القوّة، توصّلت إلى اقتناع بأن الغضب المصري العارم لا يُباد بالقوّة عندها، حزم النظام السعودي أمره. هذا النظام القمعي والمُتزمِّت (الذي لم يسمح لنفسه عبر السنوات إلا القيام بدور الوكيل الذيلي بالنيابة عن أميركا، إن في اليمن أو الصومال أو أنغولا أو جنوب أفريقيا أو نيكاراغوا أو لبنان أو سوريا أو فلسطين أو أفغانستان أو فرنسا أو إيطاليا) وجد ضرورة ماسّة للتحرّك من دون مشورة واشنطن، أو حتى من دون الحصول على إذنها، أو موافقتها الكاملة المُسبقة. رأى آل سعود أنّ خطراً داهماً يهدّد نظام الطغيان العربي الذي رعته السعوديّة (وأميركا) منذ وفاة جمال عبد الناصر. شكّل سقوط مبارك ضربة قاسية للنفوذ السعودي في العالم العربي، خصوصاً أنّه أوكلت إليه مهمّة خدمة إسرائيل وقضاياها، بالإضافة إلى الإسهام في الفتنة المذهبيّة السعوديّة المنبت، التي أسهم فيها حتى وزير خارجيّة مبارك، أحمد أبو الغيط (كان ضيفاً شبه يومي على محطة «العربيّة»، حيث برعت رندة أبو العزم في تلميع صورة النظام المصري، وإن تصنّعت المهنيّة والجديّة). كما أنّ مبارك كان ضابط الإيقاع في جامعة الطغاة العربيّة، حيث أفنى عمرو موسى سنوات في الخدمة والطاعة.
اهتزت صورة راعي الطغاة العرب الأميركي ـــــ في أعين الطغاة أنفسهم، كما اهتزت من قبل عندما سقط الشاه. الحلف السعودي خاف أن يخذله الراعي الأميركي في ساعات الشدّة، وأن يحرمه لذّة قتل الآلاف ومئات الآلاف، إذا ما تهدّد النظام. ضرب النظام السعودي عرض الحائط بكلّ الضوابط اللفظيّة (وتصنّع الحياد والكلام المُجترّ عن كون «المملكة على مسافة واحدة من جميع الأطراف»، فيما هي في الحقيقة لا تترك صراعاً إلا تدخل فيه مُموِّلة ومُسلِّحة لطرفٍ ضدّ آخر ـــــ وها هو سفير الفتنة السابق، عبد العزيز الخوجة، في «ويكيليكس» يحثّ على تسليح 14 آذار ويتحدّث عن «شر» حزب الله). الحكم السعودي خاف على نطاق هيمنته، في المملكة وخارجها، وللمرّة الأولى قرّر أنّه لا يثق بواشنطن للدفاع عن مصالحها ومصالحه. وقد وجد في تحليله خير معين ومُتفهّم في إسرائيل ـــــ وهي أيضاً لم تكن راضية عن عدم دعم أميركا لخيار القوّة العسكريّة المفرطة ضد ميدان التحرير، وكان صهاينة الكونغرس صريحين (وصريحات حتى لا ننسى إيلينا روس ليتنن، وهي من أكثر كارهي العرب والإسلام تعصّباً في أميركا، وإن كانت تحبّ آل الحريري حبّاً جمّاً) في تناديهم للمحافظة على نظام حسني مبارك بأي ثمن، مهما كان باهظاً. إن التفجّع السعودي ـــــ الإسرائيلي المشترك يُفسِّر الزيادة في الحميميّة بين الدولتيْن. قرّرت السعوديّة أن تضرب وحدها في كلّ الدول المعنيّة وأن تشنّ هجوماً لإجهاض الثورات العربيّة المُستمرّة.

أوّلاً، قرّرت السعوديّة أن تضع جانباً كل الخلافات (المُستحكمة) بين دول مجلس التعامل الخليجي وأن تتصالح مع قطر (أو أن تتقدّم في المصالحة الباردة مع قطر). أرادت السعوديّة أن ترصّ صفوف المجلس، وأن تتجنّب خطر الجزيرة الذي قضّ مضاجع الأمير نايف (الحاكم الفعلي في السعوديّة). حوّلت السعوديّة دول مجلس التعاون إلى حلف حديدي لا يقبل الانشقاق أو الخلاف: أصبح الإجماع فيه واجباً. والحلف الخليجي يقوم على معارضة الديموقراطيّة (أذكر أنّ أمير قطر ذكر لي في الصيف الماضي أنّه يرفض أن يتقدّم التطوّر السياسي في قطر على ما هو عليه في دول الخليج). أيّ أنّ أعضاء المجلس الذين تناحروا قبل إنشاء المجلس وبعده، قرّروا أن يتوافقوا على أمر استراتيجي: مناهضة الديموقراطيّة في الخليج والانضواء تحت عباءة القيادة السعوديّة.





ليست هناك تعليقات: