الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

الإخوان المسلمون والأقباط - تداعيات الصدام والحوار



مخاوف المسيحيين من صعود التيارات الإسلامية
أهمها .. منع بناء الكنائس وإجبار المسيحيات على ارتداء النقاب 
 وترحيل الأقباط الى الخارج 

 لا بديل عن توافق وطني قائم على مصلحة مصر



لاشك أن المسيحيين المصريين يمثلون على المستوى التاريخى والجغرافى جزءا أصيلا من النسيج الاجتماعى المصرى خاضوا مع اخوانهم المسلمين العديد من المعارك السياسية والاقتصادية والعسكرية كانوا ينتصرون معا أو ينكسرون معا واختلطت فى مواقع كثيرة دماؤهم حيث كان العدو الخارجى لايفرق بين أحد منهما أما على المستوى الاجتماعى فقد ظل المسلمون والمسيحيون فى مصرعلى مر العصور اخوة تجمعهم أواصر الود والمعروف أنهم يتلاقون ويتزاورون فى الأعياد والمناسبات الدينية ويؤازرون ويواسون بعضهم البعض فى المآسى والأحزان . كان هذا التشابك والانسجام هو الحصن المنيع الذى كان وقف حائلا أمام محاولات العديد من القوى لاختراق أو إضعاف أو كسر مصر ولكن منذ نحو ثلاثين عاما بدأت حصانة ومناعة هذا الانسجام والتشابك تهتز وتضعف أمام التطور الكبير الذى حدث فى وسائل الاتصال والإنترنت وبأن الشباب والأجيال الجديدة من كلا الطرفين يستمدون معلوماتهم من مصادر
إما غير معلومة أو مغلوطة أو موجهة للوقيعة وشق الصف وبدأت هذه المصادر تقوم بعمليات شحن طائفى للطرفين الإسلامى والمسيحى وظهرت ردود أفعال هذا الشحن على العديد من مواقع الانترنت وبعض الصحف الالكترونية والورقية وأخيرا القنوات الفضائية التى لاهدف لها إلا الضغط على الجراح لزيادة الألم هنا وهناك . وجاءت ثورة 25 يناير لتظهر المشاعر الحقيقية بين عنصرى الامة وكان ميدان التحرير يقدم يوميا أجمل صور التآخى والتلاحم بينها فتجد الشباب يحملون على أكتافهم القس والشيخ متشابكى الأيدى يهتفان معا ضد الظلم والاستبداد ويتطلعان معا لمستقبل جديد لهذا الوطن يحمل معه كل قيم الوحدة والحرية والعدل ولم تمر هذه المشاهد على المتربصين بالوطن مرور الكرام ولكن بدأت المخططات تدرس وقنابل الفتن تلقى الى أن جاءت نتائج انتخابات المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية وماحملته من مؤشرات صعود التيارات الاسلامية وتقدمها نحو احتمالات قوية لأن تتولى قيادة زمام السلطة فى المرحلة القادمة
وبدأت من هنا مخاوف العديد من التيارات والكيانات تتصاعد خوفا من أن تحمل لهم المرحلة القادمة نوعا من الإقصاء أو التهميش أو إهدار الحقوق التى حاربوا جميعا جنبا الى جنب طوال عشرات السنين من أجل تحقيقها نختص هنا الحديث على المخاوف التى يحملها الإخوة المسيحيون وهى إن كان البعض منا يراها مشروعة إلا أن البعض الأخر لايراه كذلك كل حسب وجهة نظره وكل حسب مايحمله من ثقافات سياسية واجتماعية ودينية وأين تقف هذه الثقافات من قيم التسامح الدينى والترابط الوطنى والعدالة والمساواة التى أجمعت عليها كل الديانات والدساتير الوضعية ، تلخصت المخاوف المسيحية فى عدة نقاط أو عدة أسئلة أهمها : ما موقف التيارات الاسلامية من قضية انشاء دور العبادة وما موقفهم من حرية العبادة ثم هل سيتم إجبار المسيحيات على ارتداء الحجاب أو النقاب وهل سيتم تقليص وجودهم في المناصب الحساسة بالدولة مثل الجيش والشرطة
وهل يتم فرض الجزية علي الأقباط ثم فى النهاية هل سيتم إجبارهم على الرحيل من مصر وهل يعاد سيناريو الاضطهاد ضد المسيحيين كما كان يحدث فى عصر الحكم الرومانى لمصر وما هي تداعيات الصدام بين التيارات الاسلامية والأقباط كل هذة التساؤلات والمخاوف وغيرها كثير تحتاج الى إجابات وتطمينات من قيادات التيارات الإسلامية . الدكتور ميلاد حنا كأحد المفكرين الأقباط أكد هذه المخاوف بأنه سوف يغادر مصر إذا وصل الإسلاميون للحكم مؤكدا أن الرحيل من مصر هو السيناريو الأول الذي قد يأتى في فكر الأقباط باعتباره الحل الامثل للهروب من الحكم الديني أما أن السيناريو الثاني وهو البقاء والعيش في كنف هذه التيارات والذى يأتى نتيجة وجود ثقافة الاضطهاد المتأصلة في نفوس الأقباط منذ عصور طويلة ويعني الخضوع لهذا الحكم أما السيناريو الثالث الذي يمكن أن يتعامل به الأقباط مع الإسلاميين إذا ما وصلوا لحكم مصر حسب رؤية ميلاد حنا يتمثل في الهرولة للحوار معهم بحجة إقامة الجسور معهم
وفتح قنوات الاتصال معهم بما يتيح فرصة للإسلاميين لارتداء أقنعة متعددة تناسب كل ظرف ويتمثل السيناريو الرابع في فكرة الحماية الدينية التي يقوم بها الغرب وأمريكا اذا حكم الإسلاميون وذلك كورقة في اطار المصالح السياسية المشتركة وهو سيناريو يعطي بعض الأقباط قليلا من الاطمئنان علي مستقبلهم في مصر. هذه التساؤلات والمخاوف أيضا أجاب عنها الباحث القبطي روبير الفارس في كتاب له بعنوان
.. الإخوان المسلمون والأقباط ..
تداعيات الصدام والحوار .. دراسة وثائقية
نشر في عام 2007 إلا أنه يصلح الآن للاجابة عن كثير من التساؤلات المطروحة ويكشف إلي أي مدي يخشي الأقباط من وصول الاسلاميين إلي الحكم حيث يستند روبير في دراسته إلي شهادات موثقة لعدد كبير من أعضاء الجماعة عن آرائهم في الأقباط وعن الطريقة التي سيتعاملون بها معهم وعن شرعية بناء الكنائس في فكر جماعة الإخوان المسلمين والي أي مدي يؤمنون بالدولة المدنية التي تقوم علي المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات دون النظر لأي اعتبارات دينية أو عرقية ووصل الكاتب الى نتيجة نهائية فى تلك الدراسة الوثائقية أنه لا أمل في أن يعيش الإخوان والأقباط في سلام وأمان فكل طرف من الطرفين يشعر تجاه الآخر بمشكلة تتعلق بعدم قدرة كلا الطرفين علي الاقتناع بوجهة النظر المخالفة لرأيه. وعلى الجانب الآخر أقدمت الأحزاب الإسلامية على تهدئة مخاوف الأقباط بعد نتائج الانتخابات حيث استبق قادة الأحزاب الإسلامية المصرية الاعلان الرسمي لنتائج الانتخابات بالتأكيد على عدم المساس بالحقوق الوطنية لأقلية الأقباط التي تشكل اكبر جالية مسيحية في الشرق الأوسط مع تراوح عدد الاقباط بين ثمانية و10 ملايين فقال المتحدث باسم حزب النور : إن مس أي شعرة من اي مسيحي يتناقض مع برنامجنا وأكد ان مصر بلد إسلامي وتطبق فيها الشريعة الإسلامية منذ 1300 سنة، والأقباط استطاعوا دوما ان يعيشوا فيها سعداء كما حرص رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، عصام دربالة ، على طمأنة المسيحيين أيضا وأكد ان حزبه يريد للدستور الجديد أن يحفظ الهوية الاسلامية لمصر ويحفظ حقوق غير المسلمين. وفى السياق ذاته قال نائب المرشد العام لجماعة الاخوان، خيرت الشاطر، إنه لابد لأي فائز في هذه الانتخابات أياً كانت مرجعيته او حزبه التيقن من أن الشعب يحمّله امانة ثقيلة. وأضاف >كما ينبغي للفائزين احزاباً وافراداً ان يعلموا انه لا يستطيع فصيل أو بضعة فصائل ان ينهضوا بمصر، وانه لا بديل عن توافق وطني قائم على مصلحة مصر....


ليست هناك تعليقات: