الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

إنى أرى الملك عاريا - هذه الحكاية تتكرر الآن فى مصر.فيديو


 لايريد شيئا ولا يخاف من شىء
 .. لذلــــك يقـــول الحقيقـــة .. 
إنى أرى الملـــك عــــــــــارياً!!


يحكى أن أحد الملوك خدعه خياط محتال وأقنعه بأنه سيصنع له ثوباً سحرياً عظيماً لا يراه إلا الحكماء.
اقتنع الملك بمهارة الخياط المحتال وخرج على وزرائه عاريا تماما وقال لهم: ــ
انظروا.. ما رأيكم فى هذا الثوب السحرى الذى لا يراه إلا الحكماء؟!
 بعض الوزراء خافوا من غضب الملك فقالوا:
 ــ هذا ثوب عظيم يا مولاى.
 وبعض الوزراء كانوا طامعين فى عطايا الملك فقالوا: ــ
يا مولانا لم نر فى حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب.. كان هناك طفل صغير فى القاعة قال ببراءة:
 ــ أين هو الثوب الذى تتحدثون عنه؟!
إنى أرى الملك عارياً.
 حاول الوزراء إسكات الطفل بأى طريقة. لكزوه ووبخوه وهددوه لكنه ظل يصيح:
ــ إنى أرى الملك عاريا.
 عندئذ ضربوه وأخرجوه من القاعة حتى يخلو لهم الجو مع الملك.

 هذه الحكاية التى تناقلتها كتب التراث تحمل معانى كثيرة، فالوزراء الذين يخافون من بطش الملك أو يطمعون فى عطاياه يتظاهرون بأنهم يرون ثوبا وهميا ويتجاهلون الحقيقة الساطعة: أن الملك عار.
أما الطفل البرىء فهو لا يريد شيئا ولا يخاف من شىء، لذلك يقول الحقيقة ويظل مخلصا لها حتى النهاية مهما يكن الثمن.. هذه الحكاية تتكرر الآن فى مصر.
لقد قامت ثورة عظيمة خلعت حسنى مبارك وتولى المجلس العسكرى الحكم فى الفترة الانتقالية. استطاع المجلس العسكرى، عبر مجموعة من القرارات، أن ينهك المصريين وأن يزرع الانقسام بين القوى الثورية، استطاع المجلس العسكرى أن يقرب إليه سياسيين وأحزاباً يخافون من بطشه أو يطمعون فى رضاه، حتى يصلوا إلى الحكم.. الوحيدون الذين ظلوا أوفياء للثورة هم شباب الثورة الذين دعوا إليها ودفعوا من دمائهم ثمن الحرية. هؤلاء الثوريون الحقيقيون يشبهون ذلك الطفل الشجاع الذى واجه الملك العارى بالحقيقة. إن ملايين المصريين الذين نزلوا فى الشوارع وواجهوا الموت وقدموا الشهداء ليست لهم مطامع سياسية ولايريدون شيئا سوى أن يروا بلادهم حرة وقوية ومحترمة. إن هؤلاء الثوار يمثلون أنبل ما فى مصر. أكتب هذا المقال من فرنسا حيث جئت لتقديم النسخة الفرنسية من كتابى عن الثورة المصرية.
عقدت ندوات فى باريس وليون ومرسيليا، وفى كل مكان ذهبت إليه، وجدت الفرنسيين مبهورين بالثورة المصرية العظيمة.
سمعت الفرنسيين أكثر من مرة يقولون إن شباب الثورة المصرية ألهموا العالم كله حتى إن تأثير ميدان التحرير قد انتقل إلى الحركات الاحتجاجية فى كل أنحاء الدنيا.
بقدر ما أحسست بالزهو كمصرى، أصابنى الحزن عندما جاءت الأنباء بأن مذبحة جديدة يتعرض لها المتظاهرون فى ميدان التحرير. ماذا فعل المتظاهرون السلميون حتى يتم قمعهم بهذه الوحشية؟! هل يعطى المجلس العسكرى الفرصة لقيادات وزارة الداخلية حتى ينتقموا من شباب الثورة؟ هل يمكن فى أى بلد فى العالم أن يتم قتل المواطنين وإطلاق الرصاص فى أعينهم ليفقدوا أبصارهم، لمجرد أنهم يعبرون عن رأيهم بطريقة سلمية؟ هذه جرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولى، ولن يفلت المجرمون الذين ارتكبوها من العقاب أبدا. إن المذبحة الجديدة التى ارتكبتها قوات الأمن بأمر من المجلس العسكرى إنما تكشف الحقيقة كاملة. واجبنا الآن أن نرى الأشياء على حقيقتها بلا مجاملة ولا تغطية. حقيقة ما يحدث فى مصر تتلخص فى الآتى:
 - أولاً: المجلس العسكرى كان جزءاً أساسياً من نظام مبارك وكان متوافقا معه إلى أقصى حد.
لم نسمع قط أن المشير طنطاوى ورجاله قد اعترضوا على استبداد مبارك وجرائمه، ولم نسمع أنهم راجعوا مبارك فى أى قرار اتخذه.
المجلس العسكرى لم يشترك فى الثورة بل إنه فى موقعة الجمل قد ترك البلطجية المسلحين يقتلون الثوار ولم يتدخل لحمايتهم. صحيح أن المجلس العسكرى رفض إطلاق النار على المتظاهرين وهذا موقف وطنى وأخلاقى يحسب له قطعاً (وإن كان المشير طنطاوى قد عاد وأنكر أنه تلقى أوامر من مبارك بقتل المتظاهرين). يجب أن يكون واضحا للجميع أن الثورة هى التى منحت المجلس العسكرى شرعية الحكم خلال الفترة الانتقالية، بعد أن أجبر الثوار مبارك على ترك السلطة، ارتضوا بكامل إرادتهم أن يكون المجلس العسكرى وكيلاً للثورة ليعمل على تحقيق أهدافها. لكن المجلس العسكرى تحول، بكل أسف، من وكيل للثورة إلى سلطة استبدادية فرضت على مصر قرارات وسياسات أدت إلى تعطيل الثورة وإخراجها عن مسارها واحتفظت بالنظام القديم ومكنته من الانقضاض على الثورة.
- ثانياً: المجلس العسكرى يحكم مصر حكماً مطلقاً، لأنه يجمع فى يده السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالتالى فهو المسؤول الوحيد عن كل ما حدث فى مصر بعد تنحى مبارك. الثورة غير مسؤولة إطلاقا عن أى أزمات تحدث الآن لأن الثورة ببساطة لم تتول السلطة حتى تتحمل المسؤولية.. الانفلات الأمنى وانتشار البلطجة وارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد وتراجع السياحة.. كل هذه مشكلات ناتجة عن قرارات خاطئة اتخذها المجلس العسكرى، الذى يجب عليه الآن أن يسارع بتشكيل حكومة ائتلافية من القوى الثورية، تتولى تسيير الأمور حتى تأتى الانتخابات بسلطة مدنية منتخبة.
- ثالثا: بينما يتبنى المجلس العسكرى سياسة قمعية عنيفة ضد الثوار نجده فى نفس الوقت رقيقاً وحنوناً إلى أقصى درجة مع كل المنتمين إلى نظام مبارك، ومعظمهم من كبار القتلة والمجرمين واللصوص.. فالضباط الذين قتلوا مئات الشهداء وأصابوا آلاف المصريين خلال الثورة والوزير السفاح حبيب العادلى بل حسنى مبارك نفسه، كل هؤلاء ينعمون بمحاكمات عادلة أمام قاضيهم الطبيعى، يتمتعون خلالها بالحصانات الكاملة وأفضل أنواع الرعاية القانونية والطبية، وبالمقابل يصر المجلس العسكرى على احالة شباب الثورة إلى محاكمات عسكرية بتهم ملفقة ويلقى بهم فى السجن الحربى.
 إن إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية مخالف لأبسط قواعد العدالة، وهو ينتهك حقوق الإنسان ويناقض المعاهدات الدولية التى وقّعت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة.
لكن المجلس العسكرى يصر على إحالة المدنيين إلى القضاء العسكرى، وكأنه يريد أن يحتفظ فى يده بسلاح قمعى جديد يضاف إلى جهاز أمن الدولة الذى لا يزال يعمل بنفس الأسلوب، وإن تغير اسمه إلى الأمن الوطنى.
- رابعاً: المجلس العسكرى لا يرى الفرق بين النظام والدولة، وبالتالى فهو يعتبر إسقاط النظام القديم هدماً للدولة المصرية. هذا المفهوم المختلط هو الذى يفسر دفاع المجلس العسكرى المستميت عن نظام مبارك الذى لايزال قابعا على رأس السلطة فى مصر.
لقد رفض المجلس العسكرى تطهير الشرطة من القيادات الفاسدة ورفض تطهير القضاء من القضاة المزورين، ورفض حل المجالس المحلية إلا بعد صدور حكم قضائى، ورفض حل الحزب الوطنى، وبعد أن صدر الحكم بحله سمح المجلس العسكرى لأعضاء الحزب الوطنى المنحل بتشكيل أحزاب جديدة ليدخلوا إلى البرلمان. بعد عشرة شهور على الثورة لايزال معظم المسؤولين فى الدولة ينتمون قلبا وقالبا إلى نظام مبارك، وبقاؤهم فى السلطة يشكل خطراً داهما على الثورة وعلى مصر كلها.
معظم الأزمات التى تحدث الآن مفتعلة ومدبرة من فلول نظام مبارك الذين يريدون إشاعة الفوضى وتعطيل التغيير الذى سيؤدى بهم إلى فقدان مناصبهم ومحاكمتهم بل إلقاء معظمهم فى السجن.
- خامساً: المجلس العسكرى فى تعامله مع القوى السياسية ليس محايداً ولا منصفاً، لكنه يطبق القواعد على البعض ويغفل تطبيقها على البعض الآخر.
المجلس العسكرى يراقب بصرامة مصادر تمويل ائتلافات شباب الثورة ومنظمات المجتمع المدنى، وقد اتهم اللواء الروينى، عضو المجلس العسكرى، الشبان الوطنيين من أعضاء حركة 6 أبريل باتهامات فارغة، عجز عن إثباتها، ورفض حتى أن يعتذر عنها.. فى نفس الوقت فإن ملايين الجنيهات التى ينفقها الإخوان والسلفيون كل يوم من أجل الدعاية الانتخابية تمر أمام أعين أعضاء المجلس العسكرى، فلا يتوقفون أبدا ليسألوا من أين تأتى هذه الأموال.
السلفيون والإخوان، لسبب ما ستكشف عنه الأيام، مقربون من المجلس العسكرى، فهو يغض الطرف عن مصادر تمويلهم، بينما يناصب شباب الثورة العداء ويسعى إلى تشويه صورتهم عن طريق الإعلام الحكومى الذى لايزال على تضليله ونفاقه، كما كان فى عهد مبارك.. هذا التربص من قبل المجلس العسكرى بالثوريين لا تفسير له إلا أنهم يواجهونه بالحقيقة، لا ينافقونه ولا يخافون منه ولا يقبلون التنازل عن أهداف الثورة مهما يكن الثمن.
- سادساً: المجلس العسكرى أهدر كرامة المصريين وقمعهم وضربهم وقتلهم وهتك أعراضهم، مراراً وتكراراً، سواء عن طريق الشرطة العسكرية أو قوات الأمن. وبعد كل جريمة يتم ارتكابها فى حق المتظاهرين السلميين يقوم المجلس العسكرى بإجراء تحقيقات فى القضاء العسكرى، فيصبح هو الخصم والحكم فى الوقت نفسه، مما يفقد التحقيقات مصداقيتها، وفى الوقت نفسه يتم دفن هذه التحقيقات، فلا نعرف عنها شيئا.
من الذى قتل المتظاهرين ومن الذى هتك أعراض المتظاهرات، بدعوى إجراء كشف العذرية المهين؟ وما هى العقوبة التى تم توقيعها على هؤلاء المجرمين؟!
لا شىء. وبالتالى من حق المصريين أن يفقدوا الثقة تماما فى عدالة المجلس العسكرى. ما يحدث فى مصر أصبح جلياً واضحاً.
إن المجلس العسكرى يتبع سياسات ستؤدى فى النهاية إلى إعادة إنتاج نظام مبارك ولكن بدون مبارك وأسرته. بدلا من هدم النظام الفاسد وبناء نظام جديد عادل ومحترم، فإن المجلس العسكرى يستبقى النظام القديم ويريد أن يقتصر التغيير على إقالة مبارك. إن إجهاض الثورة المصرية وتحويلها إلى مجرد انقلاب قد تم تنفيذه على عدة مراحل، بدءاً من تعديل الدستور القديم، بدلا من كتابة دستور جديد ثم الاستفتاء، الذى أدى إلى انقسام قوى الثورة، ثم تشويه سمعة شباب الثورة والضغط على المواطن المصرى بأزمات مفتعلة، حتى يتم إنهاكه، فيكره الثورة ويقبل كل ما يفرض عليه، وأخيرا المذابح المتكررة من أجل قمع الثوريين وإرجاعهم إلى ما قبل قيام الثورة. على أن الذى لم يفهمه المجلس العسكرى أن المصريين بعد الثورة قد تحرروا من الخوف وأنهم لن يذعنوا للظلم أبدا.. واجبنا الآن أن نتوحد جميعا حتى ننقذ الثورة.
لابد من تأجيل كل الخلافات السياسية حتى نعود صفاً واحداً ونضغط على المجلس العسكرى ليشكل حكومة ائتلافية ثورية محترمة تتولى الحكم، حتى يتم انتخاب سلطة مدنية تتسلم السلطة من الجيش. مصر لن ترجع إلى الوراء. الديمقراطية هى الحل..


وثائقى رائع عن
 ثورة 25 يناير يوم بيوم ساعة بساعه



مجزرة ميدان التحرير
 قتل وسحل المتظاهرين يوم 20 11 2011






ليست هناك تعليقات: