الخميس، 13 أكتوبر 2011

خطة ترشيح مبارك لانتخابات 2011 تسلمها زكريا عزمى قبل يومين من الثورة



خبير أمريكى اقترح تمويل ساويرس ومنير ثابت لها
 وتمت بمقابلة الفنانين
ومبارك يصر على منة شلبى



ظل مبارك يكذب على الشعب المصرى حتى آخر أنفاسه فى قصر الرئيس.. فى خطابه العاطفى المؤثر الذى ألقاه أول فبراير وقبل ساعات من موقعة الجمل، أعلن نصا: أقول بكل الصدق.. وبصرف النظر عن الظرف الراهن إننى لم أكن أنتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة، فقد قضيت ما يكفى من العمر فى خدمة مصر وشعبها، لكننى الآن حريص كل الحرص على أن أختتم عملى من أجل الوطن بما يضمن تسليم أمانته ورايته
».
ادعى مبارك أنه يقول كل الصدق.. لكن الواقع والوقائع تؤكد أنه لم يقل من الصدق شيئا، فالرجل الذى أعلن أنه كان قد انتوى ألا يرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة 2011، كان قد خطط لكل شيء.
بل بدأ بالفعل فى تنفيذ حملته الانتخابية، وفى الغالب كان لقاؤه بطلعت زكريا ووفد من الفنانين بعد ذلك- على رأسهم منة شلبى التى حضرت بطلب مباشر من مبارك أبلغه زكريا عزمى لأشرف زكى نقيب الفنانين وقتها - تدشينا لمجموعة من اللقاءات يعقدها مبارك مع فئات مختلفة ليتقرب أكثر من الشعب.
البداية الحقيقية للحملة بدأت بعد انتخابات مجلس الشعب 2010 مباشرة، وهى الانتخابات التى أشرف عليها أحمد عز، ليضمن برلمانا لا يعارض مشروع التوريث، لكن انقلب السحر على الساحر، وخرج البرلمان مزورا، وهو ما لم ترض عنه القوى السياسية المختلفة، وكان أن احترق أحمد عز على أعتاب مجلس الشعب.
كان عز هو من أشرف على حملة مبارك الانتخابية فى 2005، لكنه لم يكن مهتما بما سيفعله مبارك فى 2011 على أساس أن جمال مبارك سيكون هو مرشح الحزب الوطنى، ولذلك تجاهل مبارك أحمد عز تماما، وطلب من زكريا عزمى رئيس ديوانه أن يتولى هو الإعداد والتنفيذ والإشراف على حملة انتخابات 2011.
تعامل زكريا عزمى مع تكليف مبارك بجدية شديدة، وبدأ فى الاتصال بمجموعة من الإعلاميين غير المحروقين سياسياً، وكان قد تعامل ومع الأوساط السياسية والإعلامية ممن قادوا حملة مبارك فى 2005 على أنهم من أبناء الحزب الوطنى وهبطت أسهمهم كثيرا.. زكريا كان قد قرر أيضا أن يستعين بخبير أمريكى فى الإشراف على الحملة، وظهر أمامه الخبير الأمريكى «موريس أميجو».
اختيار زكريا لموريس كانت له حيثياته، فقد عمل تقريبا فى جميع الانتخابات الأمريكية من كونجرس ومجلس شيوخ ورئاسة، ولديه مكاتب فى واشنطن وشيكاغو ونيويورك، ولديه فريق عمل محترف يضم محامياً ومسئول تمويل ومبرمج حاسب وضابطاً سابقاً فى المخابرات الأمريكية، وعمل فى انتخابات عديدة خارج أمريكا، ومنها انتخابات مجلس الوزراء البريطاني، وفى انتخابات رئيس الوزراء النمساوي.
موريس بدأ حياته كمصفف شعر، لكنه اتجه منذ 25 عاما إلى التسويق السياسي، وهو ما ساعدته فيه والدته التى كانت على صلة وثيقة بجورج بوش الأب الذى كان رئيس المخابرات الأمريكية قبل أن يصبح رئيسا فى البيت الأبيض.
كان زكريا عزمى يعمل فى سرية تامة، ولم يكن أحد من رجال الحزب الوطنى يعرف شيئاً عما يجري، إلا أن ما يقوم به وصل إلى طبيب نفسى شاب، متخصص فى التسويق السياسى وتنظيم الحملات السياسية عن طريق أحد العاملين إلى جوار زكريا عزمى فى الرئاسة.. وعلى الفور اتصل بزكريا وعرض عليه أن يقدم له مشروعاً متكاملاً للحملة.. فرحب زكريا بالعرض وانتظر منه مقترحاته.
قبل أن يتصل الطبيب النفسى المتخصص فى علم النفس السياسى بزكريا عزمى أجرى مجموعة من الاتصالات، كان أحدها مع الدكتور على الدين هلال، وسأله عن قيام زكريا عزمى بتنظيم حملة الرئيس فى الانتخابات الرئاسية القادمة، فنفى هلال الأمر تماما، وأصر على أن أحمد عز لا تزال بيديه كل الخيوط، وأن زكريا بعيد عن الموضوع تماما.
الاتصال الثانى كان مع الدكتور مفيد شهاب الذى استبعد هو الآخر أن يكون زكريا يقوم بشيء فى حملة الرئيس القادمة، لكنه خمن أن يقوم الدكتور محمد كمال بإدارة الحملة.
بدأ الطبيب النفسى فى تكوين فريقه بعد أن تأكد من أن مهمة الدكتور زكريا عزمى سرية بالفعل.. وحاول أن يستعين بخبرات الدكتور سامى عبد العزيز عميد كلية الإعلام السابق وخبير التسويق السياسى الكبير، فى البداية رحب سامى بالتعاون مع الطبيب النفسي، لكنه بعد أسبوع عاود معتذراً عن عدم التعاون لأنه يرى أن خيوط اللعبة لا تزال فى يد أحمد عز، وأن الدكتور على الدين هلال يرى نفس الرأي، فأدرك الطبيب النفسى أن عبد العزيز تحدث فى الموضوع مع الدكتور هلال.
أجرى الطبيب النفسى اتصالات مكثفة مع الخبير الأمريكى «موريس أميجو».. ووضع أمامه كل المعلومات المتاحة التى يمكن أن يستخدمها فى وضع خطة الحملة.
فى البداية اقترح موريس أن يكون التركيز على جمال مبارك وليس والده، لأن فرص الوالد ضئيلة للغاية، لكن الطبيب النفسى أخبره بأن مبارك هو الذى سيرشح نفسه، ولابد أن تكون الحملة له وليس لجمال، وهنا بدأ موريس يعمل.
بعد أن درس موريس الموقف بشكل كامل طلب من الطبيب النفسى أن يقوم رجال الأعمال بتمويل الحملة، وحدد بالاسم نجيب ساويرس ومنير ثابت، تفهم الطبيب النفسى اقتراح اسم منير ثابت فهو شقيق زوجة الرئيس ومتداخل معه فى بيزنس، لكن العجيب كان اقتراح نجيب ساويرس الذى يبدو أنه ليس على وفاق مع نظام مبارك، أو هكذا يحاول أن يصدر نفسه للرأى العام.
لكن موريس اختلف مع الطبيب النفسى مؤكداً أن نجيب ساويرس سيرحب بتمويل حملة مبارك الانتخابية، لأنه كرجل أعمال من أكثر المستفيدين من عصر مبارك، ومن مصلحته أن يستمر أكبر فترة ممكنة فى الحكم.
. وقد قام الخبير الأمريكى بالاتصال برجل الأعمال نجيب ساويرس بالفعل، الذى أبدى ترحيباً كبيراً، وإن كان لم يعط كلمة نهائية لموريس.. حيث كان فى مهمة عمل خارج مصر، وكان يحتاج إلى بعض التفكير فى طريقة تمويل الحملة.
الاتصال بمنير ثابت كان مختلفا، فعندما أخبره موريس بضرورة أن يكون هو الممول الرئيسى للحملة، رحب على الفور وقال لموريس إنه سيعود للرئيس للتنسيق، وكان الخبير الأمريكى يرى أن مبارك بالنسبة لمنير ثابت ليس مجرد زوج شقيقته الصغرى سوزان، ولكنه بالنسبة له كنز استراتيجى سيحاول الحفاظ عليه أطول فترة ممكنة.
حمل الطبيب النفسى نتائج هذه الاتصالات وأخبر بها زكريا عزمي، الذى طلب منه أن يكتب بها تقريراً مفصلاً، وأن يقدم له مقترحاته الأخرى عن شكل حملة الترويج لمبارك خلال الانتخابات الرئاسية فى 2011، وحدد موعدا يتلقى فيه هذه التقارير وهو 23 يناير أى قبل اندلاع أحداث 25 يناير بيومين فقط، على أن يلتقى بالطبيب النفسى فى موعد لاحق ليناقش معه تفاصيل الحملة، وهو ما لم يحدث بالطبع، فقد انشغل زكريا بالحفاظ على ما تبقى لمبارك من فترته الرئاسية الحالية، ولم يكن هناك وقت للتفكير فى حملة الترشح لفترة رئاسية جديدة.
تكليف زكريا عزمى لم يكن هو فقط ما فعله مبارك وكان يشى بأنه سيرشح نفسه فى الانتخابات الرئاسية 2011، ولكنه كان قد تعاقد مع شركة أمريكية فى مجال الدعاية والتسويق السياسى هى شركة (cls) وتولت مؤسسة الرئاسة تسديد مستحقات هذه الشركة.. وقد تكون الرئاسة تفعل ذلك حتى الآن لأنه كان هناك عقد بينها وبين الرئيس الذى يبدو أنه أدخل مؤسسة الرئاسة طرقاً فى التعاقد السابق ولابد من الالتزام به.
كان مبارك يكذب إذن حتى وهو فى أحوج لحظات حياته إلى الصدق مع الشعب.. إنه كان يخدع الجميع بأن نجله جمال الذى كان طامعاً فى الرئاسة.. وزوجته التى كانت تطمع فى أن تظل على العرش من خلال ابنها الرئيس.. ومجموعة جمال التى كانت تخطط للتوريث وتفرش له الطريق إلى الرئاسة.. وقد ظل محتفظاً برغبته سراً بعيداً عن العيون لأنه كان يخشى من انقلاب أبيض عليه من داخل قصره إذا ما عرف ابنه أنه لن يسانده بل سيظل محتفظا بكرسى العرش حتى الموت..


ليست هناك تعليقات: