السبت، 10 سبتمبر 2011

ماذا سيقول المشير فى شهادته؟ .. التوقعات العظيمة باب الإحباطات العظيمة..



سؤال المحكمة للمشير:
هل أصدر مبارك للجيش أمرا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين؟ ا
لتوقعات العظيمة باب الإحباطات العظيمة..


ومن هنا بالضبط خوفى من هذا الإحساس الشعبى الغامر بالراحة والطمأنينة وانتظار النصر الحاسم الباتر فى محاكمة مبارك بعد استدعاء المشير حسين طنطاوى وعمر سليمان للشهادة.
أولا دعنا نذكّر بعضنا أن الذى طلب شهادة المشير طنطاوى والفريق عنان واللواء سليمان هو محامى حسنى مبارك، أى أنه طلبهم شهود نفى لا شهود إثبات، أو هكذا يعتقد ولا أظن أنه يمكن أن يغامر (أو يقامر) بمصير موكله فيطلب من لا يعرف أنهم لن يدفعوا مبارك إلى الإدانة الكاملة!
ثانيا أن جلسات الشهادة ستكون سرية (انتقلت المحكمة من تصوير وإذاعة الجلسات على الهواء إلى منع الإذاعة ثم إلى سرية جلسات الشهادات ثم إلى حظر نشر الشهادة متى عرف بعضنا عنها ومنها شيئا.. ألا يحمل هذا التطور ما لا يحتمله البعض؟!)، ومن الممكن أن يستمع القاضى إلى شهادة المشير والفريق واللواءات فى غرفة المداولة وربما فى قاعة المحكمة مع تقليص الحضور، كما أن حضور هيئة دفاع المتهم حتمى فى هذه الجلسة، فربما يمكن أن يستعيض عن حضور جميع أفراد دفاع المدعين بالحق المدنى بممثلين لهم، وقد يتسع صدر المحكمة لكل هذا العدد مع تحجيم تكالبهم على التشارك فى تلك اللحظة التاريخية!
إذن نحن إزاء شهادة غير معلنة ومن ثم لا معرفة للناس بتفاصيلها أو ستكون التفاصيل منقولة عبر ألسنة المحامين بتأويلاتها وتلويناتها وتشويشها، وهذا قد يدفع طبعا إلى تخريجات وتوقعات وشائعات وتقوُّلات وسط صخب الشك والتشكيك وروح الارتياب ومرض الإحساس بالمؤامرة الذى ينتشر بيننا كاللهيب فى حطب ناشف…
ثالثا أن مبارك قد كان ولا شك حاكما ديكتاتورا ومستبدا، إلا أن أوامر بقتل أو إطلاق نار على متظاهرين لا بد أن تكون موثقة فى ورق رسمى وبأختام وقرارات رئاسية لا لبس فيها، فلا يمكن أن ينفذ مسؤول مهما بلغ ولاؤه لمبارك عملية اغتيال أو قتل فردى أو جماعى إلا بأوامر واضحة مباشرة حتى يحمى نفسه من طائلة المسؤولية، كما أن مبارك لا يمكن أن يصدر قرارات مثل هذه إلا بعبارات مطاطة جدا وعامة وغير محددة ولا ممسوكة عليه ومدهونة بقشرة من القانون حتى لا يتورط فى أى جريمة بشكل واضح فج، رغم إحساسه بأنه الفرعون الأعلى، إلا أن الذين يحيطون به من وزارء ومسؤولين مهما بلغت درجة انسحاق بعضهم أمامه ليسوا مرتزقة ولا قتلة مأجورين حتى ينفذوا طلبات دون سند شرعى أو بتعليمات تعفى من المساءلة القانونية.
من هنا فأظن أن على بعضنا أن يخفف توقعاته عن مواجهة نارية بين رئيس مخلوع متهم ورجال كانوا حتى شهور تحت رئاسته وقيادته، فهذه المواجهة قد لا تتعدى إيماءة عابرة أو تجاهلا متعمدا لإلقاء نظرة على قفص، وأن يخفض كثير منا درجة تفاؤله، بل وربما أن يستعد لما لن يسعده!
عن نفسى لا أتصور وفق كل ما تسرب عن أيام الغليان فى قصر الرئاسة منذ 25 يناير أن مبارك جرؤ على أن يطلب بشكل واضح ومباشر من المشير طنطاوى أو من الفريق سامى عنان ضرب المتظاهرين بالنار..
أولا لأن مبارك لديه يقين أن المشير ووراءه قيادات الجيش كانوا ضد التوريث ولم يبلعوا للحظة واحدة وجود ابنه فى سدة الحكم، ومن ثم فلا يمكن أن يطلب منهم أن يمهدوا الأرض لابنه بالتورط فى قتل وذبح مواطنى الشعب.
ثانيا لأن المتظاهرين استقبلوا دبابات ومدرعات الجيش بالفرحة المذهلة وهو ما أرسل إلى الجيش رسالة مفادها التوحد مع شعبه وإلى مبارك مفاداها «انسَ أن يضرب الجيش رصاصة واحدة على الشعب»، والرسائل وصلت إلى مبارك رغم ضيق صدره وضيق أفقه وضيق الحلقة المحيطة به يومها، وكان محركَها نجل يمارس هواية قتل أبيه!



ماذا سيقول المشير فى شهادته؟
إن الجيش تلقى من الرئيس أوامر بإعادة الانضباط فى الشارع المصرى وحفظ الأمن ومواجهة الإخلال بأمن وسلامة الوطن وحماية المصالح العامة والخاصة من التخريب، وسيسرد المشير بيانات الجيش ومواقفه الواضحة والمعلنة..
هل سيطلب محامى مبارك من المحكمة أن توجه سؤالا مباشرا إلى المشير: هل أصدر الرئيس السابق لك باعتبارك القائد العام للقوات المسلحة أمرا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين؟
نعم سيطلب من المحكمة توجيه هذا السؤال، وسيحصل على الإجابة، فهل ستكون الإجابة التى يتوقعها… أم الإجابة التى يتمناها الثوار؟
والثابت أن شهادة الفريق سامى عنان ستكون متشابهة إن لم تكن توأما لشهادة المشير، فالتطابق بينهما موجود فى الموقف والرؤية والخطوة منذ تباشير الثورة.. ودليلى أن مبارك حين قرر أن يقيل المشير من منصبه لم يفكر فى اختيار الفريق عنان بديلا وخلفا بل اختار قائد الحرس الجمهورى، وهو ما يعنى أن مبارك عرف كلية أن قائد الجيش ورئيس أركانه وحدة واحدة.
أما عمر سليمان فأزعم يقينا أنه مؤمن بمبارك، يحبه ويمنحه ولاء مطلقا وينتمى إلى الرجل ربما أكثر من ولاء وانتماء نجل مبارك إلى أبيه، وفى ما عدا امتعاضا حقيقيا لدى سليمان من جمال مبارك يصل إلى حد الاحتقار فإن عمر سليمان لا يرى فى مبارك عيبا إلا التنازل لابنه كثيرا!
هل ننتظر من سليمان شيئا يدين مبارك ويؤكد عليه إصداره أوامر بقتل المتظاهرين؟
أشك تماما!
سنكون على الأغلب فى شهادة عمر سليمان أمام إجابات عامة جدا ومفتوحة لكل الإيماءات، وملتزمة بالإخلاص لمبارك فى قفصه كما فى حكمه، فضلا عن أن مبارك لم يكن فى حاجة إلى أن يطلب من سليمان شيئا، فهو يعرف أن سليمان يحبه ويخلص له، والصح واللى فيه مصلحة سوف يعمله من غير ما يطلب!
أما شهادة اللواء منصور عيسوى فستكون دون أن تستغربوا مماثلة لشهادة اللواء محمود وجدى، ويبدو أن حبيب العادلى لا يقلق بشأن شهادة زملائه حتى الآن!

ليست هناك تعليقات: