الأحد، 7 أغسطس 2011

«عابد كرمان»، اللغز الذي حير ضباط الموساد وحكومات إسرائيل..



أخطـــر جـــاسوس مصـــري في إســـرائيل 
 فتــــــاة خلقــت للحـــب والجـــنس 
 ..اسمهـــا ديانـــا مطــر ..

لو وضعت صورتها علي علم الأمم المتحدة، 
لعــــم الســـلام العــــالم ..



في كواليس الحروب الخفية لأجهزة المخابرات.. لا توجد مساحة للصدفة أو الظروف في صناعة الجاسوس.. فكل شيء مدروس بعناية فائقة، احتمالات النجاح والفشل.. القدرات الشخصية والمهارات التي تجذب العلاقات.. التصرفات التي تقود الي تحقيق الأهداف والنتائج المثيرة، بدون أن تلفت الانتباه اليها، والقدرة علي توطيد الصداقات مع الشخصيات النافذة التي تمهد الطريق الي مغارات وخزائن المعلومات الثمينة، فجميعها تخضع لمعايير صارمة وحسابات دقيقة، حتي احتمالات الفشل في أي مهمة، لا يمكن أيضا إغفالها أو تجاهلها، فهي جزء من التوقعات في العمليات السرية التي يقوم بتنفيذها الجواسيس المدربون علي النفاذ الي المساحات الشائكة والدوائر المحظورة ..


هؤلاء الجواسيس يتم وضعهم تحت الميكروسكوب قبل اختيارهم، وبعد الاطمئنان التام لتجنيدهم وتدريبهم لصالح أجهزة المخابرات، وذلك لحساسية المهام المكلفين بها وأهمية الأدوار التي يلعبونها في عالم الجاسوسية المليء بالغموض والمحاط بسياج متين من الحذر والسرية.. ففي دهاليز المخابرات يوجد الكثير من الملفات المثيرة، التي تحوي بداخلها تفاصيل أكثر إثارة لمعارك طويلة، وبطولات وانتصارات وإخفاقات أحيانا.. ساهم معظمها في تغيير الخطط والاستراتيجيات السياسية والعسكرية لكنها تظل في طي الكتمان.. ولا يخرج منها إلا القدر الضئيل أحيانا وهو الجزء المسموح، لأن طابع عمل تلك الأجهزة قائم في الأساس علي السرية غير المحدودة. 
 من بين تلك الملفات التي تحتوي علي تفاصيل مثيرة في الحرب الخفية بين المخابرات المصرية والموساد الإسرائيلي والتي تحرض علي تنشيط الخيال والرغبة في البحث عن التفاصيل الدقيقة.. هوالذي يخص واحدة من أهم وأخطر بل وأكثرها تعقيدا في عالم الجاسوسية ،باعتبارها إحدي محطات الصراع المتواصل والمعارك الذهنية المشوقة التي سبقت حربي يونيو 1967 وأكتوبر 1973.
بطل هذه المحطة في أعمال الجاسوسية التي لا تنتهي معاركها وحروبها الغامضة هو «عابد كرمان»، اللغز الذي حير ضباط الموساد وحكومات إسرائيل.. عمل لصالح المخابرات المصرية 6 سنوات كاملة في توقيت كانت فيه المعارك السرية بين مصر وإسرائيل تدور علي قدم وساق هذه الأيام ظهر علي السطح اسم عابد كرمان من خلال الدراما الرمضانية التي تقدمها القنوات الفضائية لتضاف الي سجل الأعمال التليفزيونية التي تتناول قصص الجاسوسية بشيء وافر من الخلطات المطلوبة والتشويق، لكننا سنكتشف التفاصيل الحقيقية عن قصته التي كان يقف وراءها ضباط رفيعو المستوي والخبرة في جهاز المخابرات العامة المصرية.. فقد التقاه داخل مبني المخابرات الكاتب المتخصص في الجاسوسية ماهر عبدالحميد وروي له قصته مع الجاسوسية وذلك عام 1974، ووردت في كتاب «كنت صديقا لديان» ولكن سرعان ما اختفي هذا الكتاب من الأسواق.. وتردد أن أزمة ما نشأت علي خلفية صدوره عام 1977.. ففي تلك الأثناء كانت تجري المفاوضات بين السادات ومناحيم بيجين بغرض اتفاق السلام. القراءة المتأنية لما جاء في قصته التي وردت في الكتاب تذهب الي التأكيد بأن الكثير من المعلومات والأسرار جري حجبها، لأسباب تبدو محاطة بالحساسية المفرطة ومقبولة في ذات الوقت،. لما تحتويه مثل هذه الأمور الخطيرة من معلومات وأسرار وأسماء لا ترغب أجهزة المخابرات في إفشائها والإعلان عنها.


«عابد كرمان» من مواليد 1938 عمل في الجاسوسية منذ عام 1964 وبرع فيها بعد تدريبات علي أيدي ضباط محترفين لم يتركوا له شيئا للصدفة وجعله هذا يحتل مكانة متقدمة من الاهتمام.. لكن لا أحد لديه القدرة علي أن يجزم بمعرفة ظروف تجنيده وكيفية اختياره، فهو كان يقيم في «حيفا» داخل حدود الدولة العبرية.. وذهب الي السفارة المصرية مباشرة في باريس. وفي سنوات قليلة استطاع الجاسوس الأسطورة أن يخترق المناطق الملغومة ويرتبط بعلاقات وطيدة مع أهم الشخصيات في المجتمع الإسرائيلي.. وجعلته هذه العلاقات بعيدا عن مواطن الشبهات وسهلت له دخول الأماكن الاستراتيجية والاطلاع علي مخازن الأسرار والوثائق. 
في مقدمة الذين ارتبط معهم بعلاقات موشيه ديان وزير الدفاع والرجل القوي والمحبوب في إسرائيل، وثلاثة وزراء آخرين، ارتبط معهم بصداقات متينة «شلومو هيلل - نحاس سابيرو - فيكتور شيمتوف» وصار واحدا من المقربين الي مدير مخابرات حيفا «جيورا زايد» الذي كان يحتفظ برقم تليفون عابد في جيبه ومكتبه، وشخصيات أخري من الوزن الثقيل في دوائر صناعة القرار الإسرائيلي. خدع «ديان» بطريقة متقنة وأقام علاقات نسائية فتحت له الطريق لتقديم خدمات ومعلومات في غاية الأهمية.

 اسمه الحقيقي عبدالرحيم قرمان من أسرة فلسطينية تمتد جذورها الي قبيلة ابتين العربية.. ولد في إحدي قري حيفا التي دخلت في حدود الدولة العبرية، تعرضت قريته للاعتداء الإسرائيلي الوحشي، ولم تنج أسرته من هذه المذابح التي راح شقيقه واحدا من ضحاياها.. فنشأت بداخله رغبة الانتقام واتساع مساحة الكراهية لكل ما هو إسرائيلي. 
 أسرته ميسورة الحال لديها مزرعة للخضراوات والفاكهة أثناء دراسته فرضت عليه ظروف الاحتلال أن يكون زميلا لعدد من أبناء جيله من الإسرائيليين فيهم من تولي فيما بعد مناصب رفيعة في الجيش والمخابرات، وفي زهوة الشباب تعرف في مدينة تل أبيب علي فتاة فرنسية «جاكلين مولييه» كانت تعمل في مكتب للخطوط الجوية الفرنسية، وقع عابد كرمان في هواها وهي التي أطلقت عليه اسم عابد.. فهي كانت تنطق الجزء الأول من عبدالرحيم «ابد» وقرمان كانت تنطقها «كرمان: فصار الاسم محببا له. 
 لم يعلم عابد الذي يعيش حياته متنقلا من حضن امرأة الي أخري وساعده في ذلك وسامته وأناقته التي كانت لافتة للأنظار، أن هناك من يرصد تحركاته داخل إسرائيل تمهيدا لتجنيده وهو الجزء الذي سيظل غامضا في قصته المثيرة. الصديق الذي دخل حياة عابد كرمان. وراح يهيئ الظروف ويمهد الطريق لدخوله عالم الجاسوسية.. سيظل لغزاً أيضاً. فهو كان دائم التردد علي مزرعته والحديث معه عن «جاكلين مولييه» التي عادت الي باريس بعد انتهاء فترة عملها في تل أبيب. وكان ذلك محرضاً له علي عدم نسيانها فقرر السفر الي فرنسا. 



وهناك توجه الي السفارة المصرية في باريس. وهو الأمر الذي لم يستطع احد فك شفرته.. لأن ذلك يشير بل يؤكد أن عملية التجنيد تمت في حيفا أو تل أبيب.. فالمفارقة هنا تبدو مدهشة. شاب فلسطيني يحمل جواز سفر إسرائيلي. 
يدخل السفارة المصرية.. ويجد من ينتظره.. علي أي حال.. تزوج عابد من «جاكي» كما كان يحب أن يناديها وخضع لتدريبات علي ايدي ضابط المخابرات المصرية.. وتنقل في العديد من العواصم الاوروبية.. وطلب منه ان يعود الي تل ابيب وسيجد في انتظاره شخصاً يهودياً سيطلب منه المشاركة في مصنع للحلاوة الطحينية.. وعليه أن يوافق بعد تردد حتي تتم العملية بإتقان شديد.. وبالفعل حدث هذا والتقي اسحاق رينا. الذي طلب منه المشاركة. 
وبعد تردد وافق «عابد».. وأغدقت عليه المخابرات من خلال أحد ضباطها البارعين في المعارك الذهنية بالأموال لكي يتم انشاء هذا المصنع في باريس. 
الذي لا تعلم عنه اسرائيل أية تفاصيل أو أسرار. 
فهذا المصنع كان ينتج 3 أطنان يومياً وكان ستاراً لنشاط عابد في باريس ودفعه هذا العمل لأن تتوسع دائرة علاقاته ويمتد نشاطه من الجمارك، الي الجيش، فالأموال كثيرة ولعاب الاسرائيليين دائماً يسيل أمامها.. والجاسوس المدرب يقوم بتنفيذ ما يوكل إليه من مهام ببراعة شديدة. أثناء إقدامه علي السفر من تل أبيب بناءً علي تعليمات صادرة له. دخل «عابد» أحد مكاتب السفر والطيران التابع لشركة «أوليمبيك» اليونانية. وجد أمامه فتاة وصفها بأنها خلقت للحب والجنس. 
اسمها ديانا مطر.. استفاض في وصف جسدها وجمالها الي الحد الذي قال عنها، لو وضعت صورتها علي علم الأمم المتحدة، لعم السلام العالم.. هذه المخلوقة الخيالية علي حد وصفه، طلب منها بعض الخدمات، وذلك بعد ان توطدت العلاقات بينهما قدمتها له في ليلة ساخنة وهي عبارة عن جوازات سفر لشباب اسرائيليين. 
بناء علي تعليمات صادرة إليه من ضابط المخابرات المصرية الذي دربه ويسر عليه.. ووصفه كثيراً بـ«الثعلب» وتكررت هذه العملية حتي تم اكتشاف اختفاء الكثير من الباسبورات في مكتب السفريات فتوترت العلاقات بينهما الي حد ما فسرعان ما عادت مرة اخري .. وظل الجاسوس الأسطوري يتوسع في نشاطه، وعن طريق امرأة عاهرة، «يهودية من أصل يمني» تعرف عليها في إحدي الحانات المخصصة للمتعة مع الساقطات والعاهرات.. استطاع تجنيد أحد العاملين في سلاح الحدود «صول» ساعده دون ان يدري في تهريب بعض المعدات الصغيرة، ودخولها لإسرائيل وأوهمه بأنه يعمل مع إحدي العصابات الدولية لتهريب «الماس» وكان يعطيه مقابل مهامه راتباً شهرياً كما وطد علاقته مع مدير مخابرات «حيفا» الذي كان زميله في أيام الدراسة. 
وجلب له بعض الهدايا الثمينة والفاخرة من باريس والتي اشتراها ضابط المخابرات المصرية وأفاده ذلك في الحصول علي معلومات مهمة أرسلها في حينه الي قيادته في باريس عن طريق الرسائل والخطابات المكتوبة بالحبر السري وذهب معه في سيارته الجيب «التابعة للجيش الاسرائيلي» وتعرف علي معلومات عن الجبهة الشمالية في سوريا..



ليست هناك تعليقات: