السبت، 23 يوليو 2011

لاشيء بات محـرماً في السياسة الأمريكية نحو مصـر

"الفلول" تتجاسر وتتكاثر
تحركات خبيثة ضاغطة للسعودية وأطراف عربية أخرى تلعب وتتلاعب عبر أطراف داخلية في السلطة وخارجها
أموال الإخوان هي إحدى الألغاز الكبرى في السياسة المصرية قبل الثورة وبعدها
البقاء في الميدان واجب لاستكمال الثورة والحيلولة دون الالتفاف والسطو عليها
http://www.algareda.com/wp-content/uploads/2011/07/cbc-tv-510x299.jpg
هناك نوعان من "الفلول".. فلول" أصلية قديمة معروفة بالاسم والرسم والسحنة، وفلول مستجدة تتخفى وراء أقنعة ثورية أو عقلانية، وتدعي أنها تنشد الأمن والاستقرار..الفل الأصلي واضح ظاهر تعرفه من انتفاعه من النظام الساقط، كرجال الحزب الوطني وتجار الشركات والسماسرة، والمغفلين الذين أهدروا عدة ملايين على انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وضباط الشرطة الذين تحولوا إلى أحمد زكي في زوجة رجل مهم.. طلعت زكريا وسماح أنور و تامر حسنى و عندليب الفلول عمرو مصطفى.. الإعلاميون الأشاوس في قنوات المحور والحياة وصحف البزنس وغيرهم طبعاً الكثير.
أما "الفل" المستجد فليس من أولئك الموصفين بأنهم بقايا أو شراذم أو أذناب النظام السابق، هو محبط يائس، يؤثر السلامة والحلول الوسط، أو طامع لاهث، يستعجل جمود الثورة عند هذا الحد كي يجني وحده ثمار التغيير حتى وإن بدا شكلياً صورياً مزيفاً، فالمهم ألا يتبدد حلمه بامتلاك السلطة.
أحسب أن ما يجري من عبث واختلاط للأوراق على المسرح السياسي هذه الأيام يزيد من أعداد "الفلول" التي تتكاثر وتتجاسر وتصبح أكثر جرأة وبجاحة ووقاحة في الدفاع عن الفساد والبهتان دون أن تخلع رداء الطهارة الثورية والحرص على البلد... بعض هذه الفلول القديمة والمستجدة يقود حملة منظمة للنيل من الثوار الحقيقيين والتحريض عليهم عبر تزييف الحقائق وتزوير الواقع حتى أن المرء بات يشعر بأن “الفلول” صاروا أقرب لعقل ووجدان رئيس الوزراء، يؤثرون في اختياراته ويبتزون تردده والثقة المتذبذبة في شخصه نتيجة لإحجامه الدائم عن الحسم والانحياز البين الذي لا ريب فيه.
من شاهد صرخات الفرح في قاعة المحكمة عند إلغاء الحكم بشطب اسم مبارك وزوجته من لافتات المدارس والشوارع والميادين يدرك أن الصوت الباهت الخافت للفلول صار أكثر علانية وبجاحة ووقاحة، وأن هناك من يريدون له أن يرتفع أكثر ليغطي على صوت التحرير.. أيضاً لا أظن أن هناك خلافاً جوهرياً بين الذين تجمعوا في روكسي والقابعين في ميدان مصطفي محمود، حتى وإن اختلفت السحنة والشعارات والحجج، ومع ذلك يهلل لهم بعض الذين ينتسبون للثورة أو ينسبون أنفسهم لها للدرجة التي جعلت الموقع الرسمي للإخوان المسلمين يعتبر مظاهرات روكسي دفاعا عن خارطة طريق مزعومة، واحتراماً لنتيجة استفتاء يظنون أنه يقربهم من اعتلاء سدة الحكم وامتلاك السلطة !!
بالمقابل يتعرض المعتصمون في ميدان التحرير وأهالي الشهداء لمؤامرة محكمة خبيثة تضعهم بين رحى المبتزين والمندسين حتى أن كثير منهم بات يخشى البقاء في الميدان بعد اكتظاظه بالمندسين المزايدين رغم أن البقاء في الميدان واجب لاستكمال الثورة والحيلولة دون الالتفاف والسطو عليها.. ومن المحزن أن مؤامرة المندسين والمبتزين نجحت حتى الآن في إظهار حراس الثورة، كأنهم عاطلون يعطلون حركة الإنتاج ويهددون مصالح البلاد العليا، للدرجة التي جعلت أغلبهم يفكر في إنهاء الاعتصام أو حتى نقله لمواقع أخرى بعيداً رمز الثورة وعنوانها الحق.
المتأمل للعبث الظاهر في المشهد المصري اليوم يدرك أن هناك أطرافاً كثيرة تتحرك في السر والعلن وبطريقة مريبة غامضة ضاغطة على الثورة والثوار، كل هذه الأطراف تحاول إعادة ترتيب المشهد وتغيير مجرى الثورة عن مساره حسبما تقتضي مصالحها.. الأمريكيون يتحركون على المحاور كافة المجلس العسكري والقوى الليبرالية الجديدة، الإخوان والسلفيين ولا استبعد قوى أخرى من المنتسبة للنظام الساقط.. لاشيء بات محرماً في السياسة الأمريكية نحو مصر، الحوارات التي جرت في الماضي سراً مع الإخوان، أصبحت اليوم علنية يفصح عنها ويرحب بها السياسيون في كلا الطرفين، التمويل والدولارات التي كانت تمنح في الخفاء لحقوقيين وتيارات سياسية معروفة، باتت مفضوحة مكشوفة يعلن عنها الدبلوماسيين دون خجل أو استحياء.
في المشهد أيضا تحركات خبيثة ضاغطة للسعودية وأطراف عربية أخرى تلعب وتتلاعب عبر أطراف داخلية في السلطة وخارجها من أجل الالتفاف على الثورة وتجميد مسارها.. إن الإصرار على إبقاء حقيبة الخارجية في عهدة أصدقاء المملكة أمر يحتاج إلى تفسير، واستبدال وزير الشقيقة الكبرى بأخر عائد للتو من العمل في السفارة المصرية بالسعودية -طبعاً على طريقة مبارك- أبوالغيط- يثير الدهشة والاستغراب ويبعث على الإحباط والغيظ نظراً للسمعة غير الطيبة التي يحظى بها دبلوماسيونا في دول الخليج وعلى رأسها السعودية وملفات انتهاكات المصريين في السعودية خير شاهد على ذلك... المال السياسي والتمويلات السرية والعلنية هو السلاح البطار لتحركات الأمريكيين والسعوديين وبقية العابثين بمستقبل هذه الأمة.. فالحديث عن هذا المال وفضح أهدافه كثير، لكن الفعل منعدم والشفافية غائبة والضمير السياسي في إجازة وفي النهاية لا أحد يدري كم دفع الأمريكيون ؟ ولمن؟ ولماذا ؟ وأين أنفقت هذه الملايين؟.. أيضاً لا أحد يعلم لمن يدفع السعوديون من تحت الطاولة ؟، وأين تنفق هذه الأموال؟، وما هو الغرض الحقيقي منها ؟
ومن المشاهد الكوميدية الصاخبة في جلبة الحديث عن المال السياسي، تلك الحملة المنظمة التي تقودها الإخوان المسلمين وكتاب منتسبين للتيار الإسلامي للتشهير بالتمويل الأجنبي، فرغم أن أحد لا يعلم على وجه التخمين أو اليقين المصدر الحقيقي للأموال المهولة التي تنفقها الجماعة ولا حجم وقيمة هذه الأموال، إلا أن حديث قيادات الجماعة وكتابها لا ينقطع تخويفاً وتخويناً للتيارات البازغة التي تردد أنها حصلت على أموال أمريكية أوروبية.
أموال الإخوان هي إحدى الألغاز الكبرى في السياسة المصرية قبل الثورة وبعدها.. وأخشى أن تتحول أموال السلفيين إلى لغز سياسي أخر بعد أن اقتحموا العمل السياسي فجأة ودون سابق إنذار، ولا يقل خطورة عنهما تلك الأموال التي انهمرت على المصريين من العواصم الأوربية، لأنها وسيلة "الفلول" المستجدين والقدامى لإجهاض الثورة وإنهاكها تحويل مسارها.
رضا حماد

ليست هناك تعليقات: