الاثنين، 11 يوليو 2011

أن شعبا قدم شهداء من أجل الحرية.. لن يتوقف حتى يحصل عليها كاملة



عفوا.. يرجى إعادة شحن الرصيد 
 التاريخ وقف شاهدا ليسجل على صفحاته أسماء ستبقى فخرا لأبنائها وأحفادها إلى يوم الدين 
 وأسماء أخرى سوف تترى عليها اللعنات
 إلى يوم الدين ... فليختر كل ما يتمناه لنفسه.


كانت صيحات الشباب ترج جنبات ميادين تحرير مصر "الجيش والشعب إيد واحدة"!..
ومع ظهور أولى مدرعات الجيش، انهمرت الدموع من أعين الأهالي وهم يتابعون شاشات التليفزيون في بيوتهم وأيديهم على قلوبهم، فكل من أبنائهم في الميدان صار مشروع شهيد؛ تحت رحمة نظام مجرم أدرك أنه في لحظاته الأخيرة، وصار ظهره للجدار، فتساقط الشهداء والمصابون بالمئات، واتضح أن الجاثم على كرسي الرئاسة ـ وعلى صدر مصر ـ مصمم على التشبث بالمنصب حتى لو أباد الثمانين مليونا جميعهم.
 جاء ظهور ضباط الجيش على مسرح الأحداث منبئا بالفرج أخيرًا.. ففي قلوب المصريين مكانة عظيمة لخير أجناد الأرض عبر القرون منذ دحروا الحثيين والهكسوس والفرس والإغريق والرومان والتتار والصليبيين وغيرهم من الطامعين حتى اكتوبر 1973.. وهم حصن الأمان الذي يحمي حياتنا وأعراضنا وأرضنا .. وجاءت بيانات الجيش مطمئنة أن أبناءنا صاروا في أيد أمينة، فلن تطلق عليهم رصاصة من يد جندي مصري!
 ومنذ اليوم الأول استطاع الثوار في الميدان التقاط فروق بين مرتدي الكاكي .. فاكتشفوا أن المدرعات الأولى التابعة للحرس الجمهوري كانت تحمل ذخيرة لقوات الشرطة استخدمتها في ضرب المتظاهرين .. حتى نجح الشباب في محاصرة الحرس الجمهوري وإبعاده.
 وتوالت مواقف رائعة لن ينساها كل من عاشها؛ بداية من التحية العسكرية الشهيرة التي أداها اللواء الفنجري لأرواح الشهداء، وليس انتهاء ببيان الاعتذار الشهير "رصيدنا لديكم يسمح"! مرورًا بإعلان ما كنا موقنين منه، وهو أن الجيش رفض أوامر صدرت إليه بضرب المتظاهرين بالنار! ثم ترددت شكاوى من تجاوزات ارتكبها بعض أفراد الشرطة العسكرية.. بداية من اليوم الأول عندما شكا بعض العائدين إلى بيوتهم من احتجازهم عند كمين للشرطة العسكرية بالقرب من جامعة عين شمس، تعرضوا فيه للإهانة والسب والضرب واتهمهم الجنود بأنهم يسعون لتخريب البلاد، مرورا بعلامات استفهام دارت في أذهان الجميع مع وقوف القوات على الحياد بين الثوار العزل وبين جحافل البلطجية و الخيل والجمال في موقعة الجمل، باستثناء بطولات فردية على غرار النقيب الجسور المصري بحق ماجد بولس، والرائد أحمد شومان، وغيرهما.. وصولا إلى ما تردد عن كشوفات العذرية وكانت فضيحة بكل المقاييس خاصة بعدما تطوع ضباط لتبرير الأمر أمام وسائل الإعلام، على أنه لدرء اتهامات محتملة بالاغتصاب!
 لكن المصريين كعادة المحبين، يبلعون الزلط كثيرا، ويغضون الطرف عن تجاوزات المحبوب طويلاً .. فلم يتوقف أغلبهم كثيرا أمام هذه التجاوزات، وقرروا تخطيها حتى تسير الأمور.. وبدأوا يتطلعون بأمل إلى المجلس العسكري الذي تولى القيادة السياسية في البلاد، خاصة بعدما أعلن مرارًا اعتزامه تسليمها لحكم مدني، بما يفيد أن جيشنا يعتز بزيه العسكري، ويؤمن أن دوره حماية استقلال البلاد وليس حكمها. لكن عيب بعض المحبوبين أنهم يخطئون أحيانا فهم صبر الحبيب وتسامحه، فيظنونه ضعفا، أو قلة حيلة، أو غباء، ويتمادون في الدلال والضغط حتى يتسرب مخزون الصبر شيئا فشيئا.
وتجاهل المجلس أحيانا التمييز بينه كممثل للمؤسسة العسكرية ـ التي هي تاج فخر المصريين ـ وبين كونه قيادة سياسية، تخطئ وتصيب، أفرادها غير معصومين، كما أنهم غير متمرسين سياسيا، فهم أحوج ما يكونون إلى تقبل النصح والاسترشاد بآراء المتخصصين ورؤاهم. وبدأت تظهر حساسيتهم مع كل كلمة نقد تقال في برامج حوارية، وإذا بضابط يتصل في كل مرة، لإظهار نفاد الصبر، وإبداء الغضب، ولا مانع من شد أذن مذيع أو مذيعة بين الحين والآخر.
 كما تكررت مرات معايرتنا بأن نظما مجاورة ترتكب جيوشها مجازر في حق شعوبها.. وهو حديث نربأ بضباطنا البواسل أن يتمادوا فيه، فهم أولا وأخيرا أبناء هذا الشعب، وحماية أهلهم والذود عنهم واجب عليهم وليس فضلا.. فالأهل هم من ينفقون من أموالهم على تربية الأبناء وتدريبهم وتسليحهم، ومن جيوبهم يدفعون رواتبهم.. فضلا عن أن من يتحدثون عما يحدث حولنا، عليهم ـ هم ـ أن يتعلموا الدرس من شعوب مجاورة لا يزيدها القمع والوحشية وتساقط الشهداء إلا إصرارا على نيل الحرية كاملة. وشعبنا ليس أقل حرصا على حريته واستحقاقا لها من الأشقاء.
 على إخوتنا وأبنائنا في جيش مصر، أن يعيدوا شحن رصيد الثقة والمحبة في قلوب أهليهم.. فعندما صدر بيان الاعتذار النبيل "رصيدنا لديكم يسمح" علت قاماتهم أكثر فأكثر في عيون المصريين، وزاد رصيد محبتهم في قلوبهم.. عليهم أن ينتبهوا إلى أن قلوب المحبين، خاصة الأهل، تتسامح وتغفر الزلات، طالما كان الأبناء حريصين على تقديم الاحترام الواجب للأهل، واعين بقيمتهم وقدرهم.. وعليهم أن يدركوا أيضا أن شعبا قدم شهداء من أجل الحرية.. لن يتوقف حتى يحصل عليها كاملة، مهما قدم من تضحيات أو شهداء آخرين، وأن من خرجوا منذ 25 يناير حتى الآن، كسروا حاجز الخوف في قلوب الشعب؛ فمنهم من قضى نحبه شهيدا ومنهم من ينتظر، معتبرًا نفسه مشروع شهيد بالفعل. كل مافي الأمر أن دوره لم يحن بعد، وما بقاءه إلا لحكمة مواصلة ثورة لن تتوقف حتى تسطع شمس مصر التي نستحق. وليعلم الجميع أن التاريخ وقف شاهدا ليسجل على صفحاته أسماء ستبقى فخرا لأبنائها وأحفادها إلى يوم الدين، وأسماء أخرى سوف تترى عليها اللعنات إلى يوم الدين أيضا.. فليختر كل ما يتمناه لنفسه. إ





ليست هناك تعليقات: