تمسكوا بالمنصب لما يدره عليهم من أموال لا حصر لها
فإن الجبين يندى خجلا
من تسلط رؤساء الجامعات وضعف الوزير
يتملك الإنسان العجب، وتأخذه الدهشة حين يعرف أن وزير التعليم العالي قد اجتمع برؤساء الجامعات، وطالبهم بالاستقالة من مناصبهم، لكن رؤساء الجامعات رفضوا ذلك، وبرروا رفضهم الاستقالة بأنهم قد تم تعيينهم بقرار جمهوري، فلا يتم عزلهم إلا بقرار جمهوري، ومن ثم فهم متمسكون بما في أيديهم من منصب، والوزير عاجز عن اتخاذ قرار بشأن عزلهم من مناصبهم.
حين يستسلم الوزير بهذا الضعف المهين أمام رؤساء جامعات فقدوا الإحساس بالمسئولية الجمعية، وفقدوا إدراك أهمية المنصب الذي تولاه كل منهم، والتي تكمن في خدمة مصالح الجامعة، وتمسكوا بالمنصب فقط لما يدره عليهم من أموال لا حصر لها فإن الجبين يندى خجلا من أن ينتسب إلى هذه الفئة التي لا تغلب إلا مصلحتها الشخصية المادية على مصلحة المجموع، وإن الجبين يندى خجلا من موقف وزير أقل ما يوصف به في مثل هذا الموقف هو أنه وزير ضعيف الرأي ضعيف الحجة ولا أراه صالحا لمنصب كهذا في وقت كهذا.
لقد سقط النظام كله، ومن ثم فقد بطلت قراراته، وفقدت مصداقيتها، وقد أسقطت الثورة الكيان السياسي بأسره، وتم تغيير الحكومة والمحافظين، وعجزت الثورة عن تغيير رؤساء الجامعات بحجة واهية هي أنهم عينوا بمرسوم من رئيس الجمهورية سابقا، وقد انتهت رئاسته، وبدأنا عصرا جديدا يجب على الجميع احترامه وتقديره، وإلا فإن على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتدخل لإنهاء الأمر، أو على الشباب أن يخرج في ميدان التحرير من جديد حتى يتم له ما أراد من تغيير النظام لا بعض أجزائه.
وإذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يقف عاجزا هو الآخر ولا يمكنه اتخاذ قرار بعزل رؤساء الجامعات المصرية؛ فعليه أن يسرع الخطى في عملية إجراء الانتخابات في موعدها، وألا يدع فرصة لبعض المستفيدين من تأخيرها وبقاء الأوضاع الرهنة على ما هي عليه فيعيثوا فسادا، ويشغلوا الناس بقضايا فرعية ومشكلات صغيرة عن القضية الكبرى، وهي استقرار البلد وتكوين حكومة قادرة على صنع القرار واتخاذه.
إذا كنا نطالب بالحرية في البلد كله؛ فهل نعجز عن تحقيق الحرية في أهم معاقل بناء الفكر وتكوين الشخصية وهي الجامعة؟
أما إذا كان الوزير غير قادر بالفعل على اتخاذ قرار فما قيمة بقائه في منصبه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق