الاكتئاب عند المراهقين.. الأعراض والأسباب وطرق العلاج
بالطبع جميعنا يتساءل لماذا حالات المراهقين المزاجية تتأرجح مثل البندول؟ فتارة يكونون سعداء، وتارة أخرى يعانون من الاكتئاب، يمكن القول إن كافة التغيرات: النفسية، الجسدية، العاطفية، أو حتى الاجتماعية التي يمرون بها هي كفيلة بتغيير مزاجهم من الأفضل إلى الأسوأ، والعكس دون مقدمات؛ لذلك دائمًا ما يُقال إن عدم الاستقرار الهرموني، أو «الخراب الهرموني» عند المراهق هو العامل الأول لتغيير حالته النفسية؛ لذلك موضوع حديثنا اليوم متعلق بكافة الأسئلة التي تدور حول الاكتئاب عند المراهقين، فضلًا تابعونا؛ للتعرف على كافة الإجابات التي تبحثون عنها.
أولًا تعريف المراهقة
تعرف المراهقة أيضًا باسم «سنوات النمو» وتعد بمثابة الفترة التي ينتقل بها الطفل إلى شخص بالغ، وبالكاد لن نحصل على إجماع الأطباء حول العمر الصحيح لبداية فترة المراهقة ونهايتها، ولكن بعض الأبحاث أشارت إلى أن تلك الفترة تتراوح ما بين عُمر 13 و19 عامًا، ففي فترة المراهقة يتكون لدى الدماغ بعض التغييرات من الناحية النفسية، وتسمح للطفل بأن يفكر بعقلانية أكثر بعض الشيء، وفي تلك الرحلة، ألا وهي: رحلة الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرُشد يحيط بالشخص حالة من: التوتر النفسي، الصداع، الاكتئاب، وبعض الأزمات النفسية.
ما هو اكتئاب المراهقين؟
بادئ ذي بدء فإن الاكتئاب عمومًا يعد من المصطلحات الطبية، والتي تستخدم لوصف حالات الإصابة بالمشاعر السلبية، وعدم وجود اتزان بالأفكار، وبذلك فيمكن القول إن «الاكتئاب» يعد خطيرًا على المراهقين، ولا يُستهان به، فمن خلاله يمكن أن يصاب الفرد بالعزلة، قطع الروابط العاطفية بينه وبين من حوله، وربما يؤدي إلى الانتحار في بعض الحالات؛ لذلك من الجيد أن نتابع جيدًا حياة أبنائنا؛ لأن بعض الآباء في المنازل يخلطون بين الاكتئاب والسلوك العادي للمراهقين، وهنا يمكن أن يحدث الأسوأ.
علامات الاكتئاب الأكثر شيوعًا عند المراهقين..
بعض الدراسات الاستقصائية أوضحت أن مراهقًا واحدًا ضمن 5 مراهقين يُصاب بما يعرف باسم «الاكتئاب السريري» لذلك فإن معدل ارتفاع الاكتئاب عند المراهقين قد ينذر بالخطر، وفي كثير من الأحيان يمكن أن يظهر «الاكتئاب» بطُرق مختلفة، وفي أحيان أخرى تتمثل تلك الطُرق في العُرف المجتمعي، والحياة المنزلية والمدرسية… إيجازًا إليكم أدناه أهم تلك العلامات:
ضعف التركيز.
فقدان الطاقة.
خلق المسافات العاطفية.
عدم تقدير الذات.
ضعف التركيز
وفي تلك الحالة يتدخل مباشرة هرمون التوتر Cortisol بالعربية كورتيزول، ويمكن القول إن ذلك العرض من أشد الأعراض خطورة، وذلك حيث إنه يمكن أن يتسبب في تحطيم القدرات الدماغية على التفكير، وبدوره يؤدي إلى فصل المشابك العصبية داخل الأدمغة، وبذلك يتأثر أداء الطفل المدرسي، ويُصاب بحالة شديدة من الارتباك، ولكن ذلك في حالة إنتاج الاكتئاب كمية كبيرة من الـ Cortisol.
فقدان الطاقة
تتواجد بأدمغتنا إحدى المواد الكيميائية التي ترتبط مهمتها بتنظيم مستويات الطاقة، وهي مادة Serotonin بالعربية سيترونين، وعندما يصل المراهق إلى أقصى درجات الاكتئاب يُستنفذ تلك المادة تدريجيًّا، وبذلك ينتج العديد من الأعراض، ومنها: زيادة الوزن بشكل ملحوظ، كثرة النوم، وزيادة في الشهية.
خلق المسافات العاطفية
ما هي المسافة العاطفية؟ بالتأكيد هي أن يقوم المراهق بالابتعاد عن كافة الأمور التي تحيط به، حيث ينعزل عن أصدقائه وعائلته؛ وبالتالي ينتج عن ذلك شعوره بالعُزلة والخجل، وفي نفس الوقت نجد أن الأشخاص قد يخلطون بين هذا العرض، وعرض الإصابة بالانطواء الاجتماعي.
استنكار الذات
عندما نلاحظ أن المراهق لا يقدر قيمته أمام الأشخاص الآخرين، فبالتأكيد هذا يعني أنه مصاب بحالة من الاكتئاب الحاد، وهذا أيضًا عرض خطير جدًا، وفور ملاحظته يجب متابعة يوم المراهق جيدًا؛ لأنه يمكن أن يقوم بإصابة نفسه من خلال: الجروح، أو الحرق، أو الانتحار، ولكن أغلب الحالات نرى بها أن المراهق قام بوضع نفسه في مواقف يصعب تداركها، مثل: تعاطي الكحوليات، المخدرات والإدمان عليها.
علامات الاكتئاب الأقل شيوعًا عند المراهقين
على وجه العموم عندما نقترب من حياة المراهقين المصابون بالاكتئاب سوف نجد أن لديهم بعض التغييرات الملحوظة سواء تغييرات سلوكية، أو عقلية، مثل: جلوسهم داخل غرفهم، والانعزال لفترات طويلة، ولكن تلك الأعراض بالكاد هي أقل خطورة مما ذكرنا سابقًا، وتتمثل تلك الأعراض في:
الشعور باليأس، وعدم المحاولة.
وجود صعوبة عند اتخاذ القرار.
الشعور باللامبالاة.
الشكوى من الإرهاق، الصداع، آلام الظهر، والمعدة.
فقدان الشهية، خسارة الوزن، وبعض الحالات تصاب بالعكس.
التفكير المفرط بالموت.
الشعور المستمر باليأس، والقلق المفرط تجاه كافة الأمور.
انخفاض ملحوظ في الدرجات.
قلة الدافع.
الغضب.
وجود مبالغة شديدة في ردود الأفعال.
النسيان، وضعف التركيز.
تناول المخدرات، والكحول «بعض الحالات».
النشاطات الجنسية «بعض الحالات».
تشخيص الاكتئاب عند المراهقين
في الواقع ليس هناك أي من الفحوصات الطبية التي تقوم بالكشف عن مرض الاكتئاب، إذن كيف يجزم اختصاصيو الرعاية الصحية إذا كان الشخص مصابًا بالاكتئاب أم لا؟ يحدث ذلك من خلال ذهاب المراهقين للاستشارات النفسية، وبعد أن يتأكد الطبيب من إصابة المراهق بالاكتئاب من خلال العلامات السابق ذكرها، سوف يتجه إلى تقييم المراهق، وتحديد المخاطر الواجب تجنبها لعدم تفاقم الأمور.
أسباب الاكتئاب عند المراهقين
الإصابة بالاكتئاب عند المراهقين يحدث نتاجًا لعدة عوامل، وأهمها: العوامل الوراثية، ولكن هناك العديد من النظريات التي من خلالها تُحدّد الأسباب الرئيسة لإصابة المراهقين بالاكتئاب، وهي تتمثل في:
الإدمان على الألعاب.
الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي.
صدمات الطفولة المبكرة.
التغيرات الهرمونية، والعوامل الوراثية.
تغيرات كيمياء المخ.
الإدمان على الألعاب
التعريف الأساسي لإدمان الألعاب هو: وجود الدوافع النفسية حول الاستمرار للعب ألعاب الفيديو لمدة تصل إلى 10 ساعات وأكثر بالأسبوع، ولكن للأسف العديد من الألعاب تؤدي إلى الزيادة الكبيرة في مستويات «الكورتيزول»، وذلك نتاجًا لبقاء دماغ المراهق في يقظة تامة لساعات متواصلة، ويجب مراقبة الآباء لذلك الأمر جيدًا.
الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي
العديد من الدراسات أثبتت أن التفاعلات الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي، مثل: المشاركات، التعليقات، وعمل الإعجاب يؤدي إلى زيادة نسبة «الدوبامين»، وهي تلك المادة التي تخلف الشعور بالسعادة، وبناءً على ذلك فإن الدماغ تعيد تشكيل نفسها من حين للآخر بهدف زيادة نسبة «الدوبامين»، وعندما لم يُوجد ذلك سوف يشعر المراهق مباشرة بالاكتئاب.
صدمات الطفولة المبكرة
بعض الأطفال قد يتعرضون في طفولتهم لأي من الصدمات، مثل: فقد أحد الوالدين، أو بعض الإساءات العاطفية، والجسدية، وكافة تلك الأمور ينتج عنها بعض التغيرات الدماغية، ثم الإصابة بالاكتئاب.
التغيرات الهرمونية والعوامل الوراثية
دخول المراهق في التغيرات الهرمونية يمكن أن يصيبه بالاكتئاب، وهذا يعد من أكثر الأسباب التي ينتج عنها الاكتئاب عند المراهقين، وقد نجد أن نسبة كبيرة من المراهقين يصابون بالاكتئاب؛ نتيجة للعوامل الوراثية، حيث نجد أن أحدًا من أقاربه، مثل: الأجداد، أو الوالدين مصاب بتلك المشكلة، وهذا أمر طبيعي أن ينتقل وراثيًا إلى المراهق.
تغيرات كيمياء المخ
يعمل المخ من خلال النواقل العصبية، والمواد الكيميائية، وتلك المواد تقوم بحمل كافة الردود الأخرى إلى الدماغ وباقي أعضاء الجسم، ولكن في حالة وجود خلل ما في تلك الناقلات، تتعرض المستقبلات إلى تغيرات في الوظائف العصبية؛ وبالتالي أيضًا ينتج الاكتئاب لدى المراهق.
ما هي مضاعفات الاكتئاب عند المراهقين؟
بعد ذكر كافة الأسباب المتعلقة بتلك الظاهرة، يجب العلم بأن الاكتئاب عند المراهقين يمكن أن يتفاقم، وتتزايد خطورته، ومن الجيد تدارك الأمر سريعًا؛ تجنبًا لحدوث أي مضاعفات، مثل:
المحاولات المستمرة للانتحار.
وجود العديد من النزاعات الأسرية.
وجودة صعوبة بالتواصل، وتفاقم العلاقات الأسرية.
تضاعف المشكلات الدراسية حتى الرسوب.
تضاعف حالات الإدمان على المخدرات، والكحوليات.
علاج الاكتئاب عند المراهقين
هنا يجب النظر إلى نوع العلاج المستخدم على أعراض الاكتئاب، شدة خطورته، ونوعه، ثم تحديد ما إذا كان العلاج الأنسب هو تناول العقاقير الطبية، أم الحلول النفسية عند الأطباء المتخصصين، ولكن هناك العديد من الأمور التي يجب اتباعها لعلاج تلك المشكلة دون الحاجة إلى تدخلات دوائية، ومن تلك الأمور:
عند قيام الوالدين بتأديب المراهقين لا يجب الاعتماد على العقاب الشديد حتى يشعر بالخجل، حيث يؤدي ذلك إلى شعور المراهق بفقده لقيمته، وعدم تقديره لذاته.
من الجيد أن يأخذ المراهق حريته، ومساحته الخاصة، اجعله يشعر بالتنفس، فبعض الآباء يحثون أبناءهم على أنه يجب أن يقوموا بفعل كل ما يُطلب منهم، وهذا خاطئ.
لا يجب أن يقوم الآباء بإجبار أبنائهم بسلك الطريق الذي يودون اتباعه، وتجنب اختيار الأنشطة لهم.
إذا كنت تمتلك شخصًا مقربًا للعائلة من أصدقائك يمكنك أن تقترح على ابنك الجلوس معه؛ ليحادثه عن نوع المخاوف التي يمر بها.
عند التأكد من أن أحد الأبناء مُصاب بالاكتئاب، فيجب على الآباء أخذ الوقت الكافي للاستماع إلى مخاوفه؛ لتحديد أسباب تعرضه للاكتئاب.
حتى إذا لاحظنا أن المراهق يريد الانسحاب يجب أن نُبقي خطوط الاتصال مفتوحة، بغرض الإتيان مرة أخرى للحديث.
المصادر:
مايوكلينيك.
إن أي إم إتش.
في حالة عدم المقدرة على علاج مشكلة الاكتئاب عند المراهقين، والشعور بالإرهاق تجاه هذا الأمر يجب طلب المساعدة من الأطباء النفسيين؛ لتحديد الحالة، وإيجاد الحلول المناسبة.
كيف ترتقي من المعاصي والذنوب الى النفس المطمئنة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق