ليست «تل الربيع» ولا مدينة فلسطينية.. ما قصة «تل أبيب»؟
يشاع دائما اللغط حول «تل أبيب»، بين من يسمونها على أنها «عاصمة دولة إسرائيل» المزعومة، وبين من يدافعون عن فلسطينية أرضها معتقدين أنها كانت مدينة فلسطينية فيقولون إنها «تل الربيع»، فما حقيقة «تل أبيب»؟
يقيم الاحتلال دولته المزعومة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي أخذها بقتل أهلها أو تهجيرهم تحت ظروف قهرية، حيث هدم مئات القرى، وهجّر مئات الآلاف من بيوتهم، وأكثر هذه المناطق التي أخذها، كانت التي احتلها عام 1948، في النكبة.
وقبل أن يأتي الاحتلال والعصابات الصهيونية وتأخذ الأرض في حرب النكبة، فإنها مهدت لذلك بالاتفاق مع كثير من اليهود المؤمنين بفكرة الصهيونية، قبل الاحتلال بعشرات السنين.
... الهجــرة اليهـــودية ...
هؤلاء اليهود قدموا إلى فلسطين عن طريق الهجرة، فارين من البلاد الأوروبية، إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقبلهما لما كانوا يتعرضون له من معاملةٍ سيئة من قبَل الأوروبيين، ومن طرفٍ آخر، قدم عددٌ منهم كلاجئين وفي قرارة نفسهم أنهم يؤسسون نواة وطنهم القومي المزعوم.
قدموا إلى فلسطين، واستأجروا أراضي وبيوتا في أماكن مختلفة، ومع زيادة هذه الهجرة، التي تبين فيما بعد أنها كانت مرتبة، زاد عددهم، منهم قلة يهودية تعترف بأنها تستأجر أراضي من الفلسطينيين، وأن إقامتهم بغرض الإقامة لا أكثر، تحت اسم دولة فلسطين.
وكثيرون آخرون من اليهود آمنوا بالصهيونية، وأصبحت هجرتهم بغرض التميهد للدولة المزعومة، تكتّلوا في مناطق معينة، وأصبحت لهم أحياءٌ ذات أغلبية يهودية، ستصبح فيما بعد مهدًا للاحتلال، وبؤرةً للخيانة في الداخل بينما عصابات الصهيونية على أعتاب البلدات.
... في البـدايـة كانت حــارة ...
ضمن هذه الأماكن كانت حارة واحدة في شمالي مدينة يافا الفلسطينية المحتلة، وهذه الحارة اسمها «أحوزات بايت»، (تقع الآن جنوب تل أبيب)، ثم بعدها سًميت الحارة «شارع هرتزل» مؤسس الحركة الصهيونية.
(هذا الشارع قصفته المقاومة الفلسطينية أثناء ردها خلال العدوان الأخير على غزة، في ذكرى النكبة).
عام 1909، (أي قبل النكبة بـ39 سنة وبعد موت هرتزل بـ5 سنوات)، في ظل بقاء فلسطين تحت الحكم العثماني، قررت الجماعات اليهودية بتحويله إلى مدينة، عن طريق زيادة سكان الحي من اليهود وضم الشوارع، (التي كانت في ذلك الوقت بيوتا عادية مستأجرة من فلسطينيين). وأُعلن تأسيس تل أبيب 11 أبريل 1909.
من أين جــاءت تسمية تل أبيب؟
كان «هرتزل» مؤسس الصهيونية كاتبًا فاشلًا، نشر روايةً واحدة، واسمها «آلتنويلاند» بمعنى «الأرض القديمة الجديدة»، أشار فيها إلى الهجرة اليهودية، والدولة المزعومة التي يحلم بتأسيسها، تغذيةً لفكرة الصهيونية التي اخترعها وروّج لها.
كان من بين مؤلفي ومؤرخي الحركة الصهيونية، مترجم ذائع الصيت حينها، اسمه «ناحوم سوكولوف»، حين كان اليهود المقيمون بالمنطقة يخططون لبناء المدينة وتسميتها، ظلوا يفكرون باسمٍ لها، وأطلقوا أسماءً عديدة لم يستقروا عليها، إلى أن فكّر مترجم الرواية الهرتزلية، سوكولوف، في المدينة التي سيبنونها، ممَّ تتكون؟
هي عبارةٌ عن أرضٍ قديمةٍ سيجرفونها، ويبنون فوقها مدينتهم الجديدة، «التل» يشير إلى القِدَم، و«أفيف» الربيع تشير إلى التجديد، وهي ترجمة شِبه دقيقة لما قاله هرتزل بالألمانية، وهي أيضا مذكورةً بالوصف نفسه في نصوصٍ يعتقدونها، «الأرض القديمة الجديدة»، أو اسم بابلي قديم معناه «تل سنابل القمح»، فكانت «تل أفيف» المحرّفة إلى «تل أبيب»، وتقع المدينة اليهودية، التي كانت تحمل في طياتها عاصمةً للصهيونية.
... من شــارعٍ إلى مدينــة ...
إذَن كانت هذه في البداية بيوتٌ مستأجرة، توسّعت على أراضي الفلسطينيين المستأجرة، ثم تحولت الحارة لشارع يشمل عددا أكبر من البيوت، ذات أغلبية يهودية، ثم زادت الشوارع فتحولت إلى حيّ، هذا الحي اعتبروه مدينة مصغرة، أطلقوا عليها اسم «تل أبيب»، بين زعمين متكاملَين، أنها الأرض القديمة الجديدة، أو تل سنابل القمح، المذكورين في نصوص قديمة يزعمونها، وكذلك ترجمة المؤرخ الصهيوني سكولوف، لرواية مؤسس الصهيونية هرتزل، التي حملت اسم «آلتنيولاند».
وبقيت فيها الحركة قائمة، والهجرة تزيد إليها، حتى جاء عام النكبة، وغزت العصابات الصهيونية مدينة يافا، عروس البحر، الفلسطينية، التي كانت عاصمة الجمال والحضارة والثقافة والتجارة، للفلسطينيين.
... احتــلال يافـــا وترميــز تل أبيب ...
قام الصهاينة بمجازر واسعة في صفوف أهالي يافا التي كان يقطنها أكثر من 100 ألف نسمة، تم تهجيرهم نحو البحر، منهم مَن نجا، وكثيرون منهم غرقوا، فضلا على الذين ذبحوا في بيوتهم وقُتلوا أثناء المقاومة.
وانتشر آلاف الصهاينة في هذه المنطقة، خصوصا مع زيادة هجرة اليهود إلى فلسطين عموما، من 600 ألف شخص إلى نحو مليون و300 ألف.
ولم يبقَ في يافا كلها من 100 ألف فلسطيني، إلا 4000 فقط، دفعتهم العصابات الصهيونية إلى حي العجمي، هذا الحي أحاطه الصهاينة بأسلاك شائكة، مكدّس خلفها آخر من تبقى في المدينة.
ويافا هي مدينة من أقدم المدن الفلسطينية أنشئت على ساحل البحر المتوسط، شرقًا، قبل الميلاد بـ4000 سنة، وتبعد عن القدس غربًا بنحو 55 كيلومترا.
على أنقــاض يافـــا
في عام 1950، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى قلب الحقائق أكثر، فصدر قرار بضم يافا (التي كانت المدينة الحقيقية في الأصل) إلى تل أبيب (المدينة المزيفة التي بناها الاحتلال).
توسعت تل أبيب، أكثر فأكثر، لتقوم فوق أنقاض 7 قرى فلسطينية، أكبر هذه القرى هي قرية مؤنس، التي حوصر أهلها لأسابيع ودُكوا، حتى قُتل معظمهم وهُجر البقية، ومن القرى التي مُحيت أسماؤها هي «ساقيّة، الجمّاسين، أبو كبير، سلمة، صُمّيل، الشيخ مونس، المنشيّة، سارونا، السافِّرية ، العباسية، عرب السوالمة، فجة، كفر عانة، الحميدية، يازور، الخيرية، بيار عدس، أرسوف، الحرم».
وهُودت المدينة، أي صارت يهودية بفعل الحركة الصهيونية، وأصبح العرب الفلسطينيون قلةً محدودة في حي العجمي المحافظ على مظهره وطبعه القديم، جنوب يافا المحتلة، ولا يشغلون إلا نحو 3% من السكان، بينما توسعت تل أبيب وبدّلت بالأحياء القديمة أخرى جديدة، ونُسفت مظاهر القدم والتاريخ والحضارة والعراقة عن عروس فلسطين القديمة. ويصل عدد المستوطنين اليهود في تل أبيب المقامة على أنقاض قرى يافا المحتلة، إلى نحو نصف مليون نسمة.
قانوني إسرائيلي: التحقيق بحرب غزة سيعود بالسلب علينا
قال خبير قانوني إسرائيلي إن «قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية ضد إسرائيل للتحقيق في أحداث حرب غزة الأخيرة، سيزيد من فرص اتخاذ قرارات دولية سلبية ضد إسرائيل، يمكن الاستفادة منها في أنشطة حركة المقاطعة، رغم أننا أمام لجنة بدون أسنان، لكن الإعلان عنها يعتبر إشكالية كبيرة لإسرائيل.»
وأضاف يوفال شاني نائب رئيس الأبحاث في المعهد الإسرائيلي للقانون الدولي، في مقابلة مع القناة 12، أن «إسرائيل لن تتعاون مع لجنة التحقيق هذه، كما حدث مع لجان تحقيقات أخرى أعقبت حربي غزة السابقتين 2008 و2014، لكن هذا القرار الجديد يعتبر إشكاليا للغاية بالنسبة لإسرائيل.»
وأوضح أن «هناك عدة عناصر جديدة في القرار، أولها لأن هذه لجنة تحقيق بصلاحيات غير محددة، ما يعني أساساً فحصاً مستمراً لادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وثانيها أن تفويض اللجنة واسع جدًا ليس فقط في المناطق الفلسطينية، ولكن أيضًا داخل إسرائيل نفسها، ومن المتوقع أن يكون هذا وسيلة لزيادة التدخل في إسرائيل، حتى فيما يتعلق بالمجتمع العربي في إسرائيل.»
وأشار إلى أن «التفويض لا يشمل فقط الانتهاكات الإسرائيلية في جولة العنف الحالية منذ شهر رمضان، بل يشمل أيضًا التعامل مع الأسباب العميقة للعنف، كما هو مبين في القرار، والتمييز المنهجي والقمع الذي تمارسه إسرائيل على أساس المواطنة والجنسية والعرق والدين، وسيسمح هذا التفويض للجنة بمناقشة شكاوى منظمات حقوق الإنسان حول وجود ممارسات تمييزية من جانب إسرائيل تشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي.»
وأكد أن هناك «اختلافا في القرار الحالي الصادر عن مجلس حقوق الإنسان بفتح تحقيق ضد إسرائيل عن التحقيق الذي أعلنته محكمة العدل الدولية في لاهاي، لأنه على عكس المحكمة الجنائية، فإنها لا تملك اللجنة الحالية سلطة اتخاذ قرارات ملزمة، أو فرض عقوبات على إسرائيل، ومع ذلك، ستكون المحكمة قادرة على الاستفادة من الأدلة التي ستجمعها هذه اللجنة.»
موضحا أن «فتح تحقيق ضد إسرائيل يعطي دفعة لجهود نزع الشرعية عنها، ويزيد من فرص اتخاذ قرارات دولية سلبية ضدها، ويمكن الاستفادة منها في نشاط المقاطعة، والضغط الدبلوماسي عليها، وستكون اللجنة قادرة على استدعاء الشهود، لأنه في الأيام الأولى للقتال، أوضحت مدعية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي باتو بنسودا أن لديها أيضًا تفويضًا للتحقيق في أحداث حرب غزة، وحذرت من التردد في جمع المعلومات والأدلة حول الاشتباه بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات إنسانية.»
ونوه إلى أن «صدور مثل هذا القرار يعد مثالا آخر على الهوس بإسرائيل، لأنه جاء بمبادرة من منظمة التعاون الإسلامي، والوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة، وبعد الموافقة على التحقيق، أعلنت الولايات المتحدة أنها تشعر بخيبة أمل كبيرة لقرار فتح تحقيق في العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، واستنكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار، مهاجما مجلس حقوق الإنسان، لأنه مناهض لإسرائيل.»
من جانبها هاجمت وزارة خارجية الاحتلال قرار مجلس حقوق الإنسان، وأرسلت رداً قاسياً جاء فيه أن «إسرائيل ترفض القرار، واصفة المجلس بأنه هيئة منافقة ذات أغلبية معادية لإسرائيل، لأن القرار لا يتضمن أي إشارة لحركة حماس، ويتجاهل إطلاق 4300 صاروخ على الإسرائيليين، ويشكل وصمة أخلاقية على المجتمع الدولي والأمم المتحدة.»
وأضافت أن «الغرض الحقيقي من لجنة التحقيق هو تبييض صفحة حماس، وتجريم إسرائيل، التي لن تتعاون في مثل هذا التحقيق، لأن هذا القرار يقوي حماس، ويشكل دعما لها في جميع أنحاء العالم، وهذا وصمة عار لأعضاء المجلس.»
غلعاد أردان سفير دولة الاحتلال في الأمم المتحدة عقب على القرار بقوله إن «مجلس حقوق الإنسان يترك التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا وإيران، ويختار مرارًا وتكرارًا التركيز على إسرائيل منذ إنشائه، وقد عقد 30 جلسة خاصة، منها 9 جلسات فقط حول إسرائيل، وإن التركيز المفرط عليها يثبت أن المجلس يعمل لاعتبارات سياسية ومعادية للسامية، ومن منطلق تحيز واضح ضد إسرائيل.»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق