الثلاثاء، 9 فبراير 2021

الإفتاء.. ردا على الأزهر: نكاح المحلل باطل شرعا

 

الإفتاء.. ردا على الأزهر: نكاح المحلل باطل شرعا وموضوعا 

  
علق أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة على منشور دار الإفتاء لفتوى تحليل زواج المحلل والذي تم حذفه لاحقا، قائلا إن نكاح المحلل باطل شرعا وموضوعا. 
 وأضاف كريمة أن الزواج أساسه السكن والمودة والرحمة، وليس مسألة التحليل، مشيرا إلى أن الزوج الثاني إذا كان لا يعلم بأنه محلل ليس عليه إثم، لكن تبقى الإشكالية في من يعلم. 
 وأكد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن الله لعن الحال والمحلل له، وأنه لا يتصور صدور هذا القرار عن مفتي الجمهورية. 
 وكانت دار الإفتاء قد أصدرت بيانا عبر صفحتها على فيسبوك عن إباحة زواج المحلل، وهو ما أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، مما اضطر دار الإفتاء إلى حذف المنشور. 
 وقالت الإفتاء إن «الزواج إذا كان بشرط التحليل فهو حرام شرعا باتفاق الفقهاء، أما إذا كان منويًّا فقط من غير اشتراط في العقد أو عنده، كأن يتطوع شخص من نفسه وبدون اشتراطٍ في العقد ويتزوج المطلَّقة ثلاثً طلقات، ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، فإنه جائز ويكون العقد بذلك صحيحًا، والشخص مأجور بذلك لقصده الإصلاح». وتأتي تلك الفتوى ضمن سلسلة من فتاوى مثيرة للجدل أطلقتها دار الإفتاء مؤخرا ووصفت بالفتاوى السياسية، مثل جواز أخذ الفوائد من البنوك، في إطار دعوتها للمواطنين بادخار أموالهم بمؤسسات الدولة دعما للاقتصاد.



فُسح للزوج المجال لإرجاع زوجته إن هو طلقها مرَّتين ، ويسمَّى هذا " طلاقاً رجعيّاً " ، قال تعالى : ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) البقرة/ 229 . فإن طلَّقها الثالثة : فإنها تحرُم عليه ، ولا يحل له التزوج بها بعقد ومهر جديدين إلا أن تتزوج من آخر غيره نكاحاً صحيحاً ، نكاح رغبة ، فيدخل بها ، ثم يطلقها ، أو يموت عنها ، قال تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) البقرة/ 230 . 
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا الطلقة الثالثة فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا [ أي : لا يجامعها ، وفهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنها تريد أن تعود لرفاعة ] فقال صلى الله عليه وسلم : ( لَا ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ [ كناية عن الدخول بها والجماع ] ) رواه البخاري ( 5011 ) ، ومسلم ( 1433 ) . 
ثانياً: ولا يحل للمطلِّق ، ولا للمرأة أن يحتالا على شرع الله للرجوع لبعضهما بما يسمى " نكاح التحليل " ، وهو عقد له صور متعددة ، منها : 
1. أن يقوم الزوج المطلِّق أو الزوجة أو وليها باستئجار " تيس " من البشر ، فيشترط عليه أن يتزوج مطلَّقته ، ويدخل بها ، ثم يطلقها ، مع إعطائه مبلغاً من المال ! . 
2. أن يتزوج رجل تلك المطلقة بدون اتفاق منه مع أحد ، وقصده : أن يحلها للأول ، ثم يطلقها . ونكاح " التحليل " عقد محرَّم فاسد ، ويستحق فاعله اللعن . فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحِلَّ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ " رواه الترمذي (1120) وصححه ، والنسائي ( 3416 ) . 
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وصححه ابن القطان ، وابن دقيق العيد على شرط البخاري " . انتهى من " التلخيص الحبير " ( 3 / 372 ) . وقال ابن القيم رحمه الله : ولعنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهما : إما خَبَر عن الله تعالى بوقوع لعنته عليهما ، أو دُعاء عليهما باللعنة ، وهذا يدلُّ على تحريمه ، وأنه من الكبائر " انتهى من " زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 5 / 672 ) . وعن عُقْبَة بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ؟) قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( هُوَ الْمُحَلِّلُ ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ) رواه ابن ماجه ( 1936 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " . فهذه الأحاديث تدل على تحريم نكاح التحليل ، وأنه من كبائر الذنوب ، وتدل أيضا على عدم صحته . جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 10 / 256 ، 257 ) : " وقد صرح الجمهور - المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية - بفساد هذا النكاح ؛ للحديثين السابقين ، ولأن النكاح بشرط الإحلال في معنى النكاح المؤقت ، وشرط التأقيت في النكاح يفسده ، وما دام النكاح فاسداً : فلا يقع به التحليل ، ويؤيد هذا قول عمر رضي الله عنه : ( والله لا أوتى بمحلل ومحلل له إلا رجمتهما ) " انتهى .



ليست هناك تعليقات: