فتــوات مصـر من النســاء "قهــرن الرجـال"
.. البلطجـة النسـائية في مصـر..
ضحـايا في الخفـاء وجنـاة في العــلن

أصــل كلمــة «البلطـجية»
في تصريحات صحافية يؤكد سامح فرج مؤلف «معجم فرج للعامية المصرية» أن كلمة «بلطجي» تعني حامل البلطة باللغة التركية، وأنه في عهد الدولة العثمانية كان الجنود «البلطجية» -بمعنى حاملي البلطة- يتقدمون القوات الغازية، يقطعون الأشجار بالبلط، ويشقون طريقًا أمام القوات المتقدمة، وكان دورهم أيضًا عمل فتحات، أو هدم أجزاء في جدران الحصون والقلاع حتى تقتحمها قوات المشاة.
مُضيفًا في تصريحات صحافية: «ولم تكن كلمة بلطجي تحمل معاني سيئة، وفي عصر محمد علي والي مصر كانت قوات البلطجية موجودة في الجيش، ولكن في الثلث الأول من القرن العشرين أصبحت كلمة «بلطجي» صفة سيئة، وتعني الشخص المستهتر الأقرب إلى الفتوات في الحياة الشعبية في فترات سابقة، حتى وصل الأمر إلى صدور قانون مؤخرًا «لمُكافحة أعمال البلطجة وترويع الآمنين» لتصبح كلمة «البلطجي» في نهاية الأمر مرادفًا للمجرم.
أكثر من 100 كلمة مشتركة بين العربية والتركية.. هل لفتت نظرك في «قيامة أرطغرل»؟
** جماعات البلطجة النسائية ..عندما نتحدث عن السيدات الفتوات نستحضر قصص وروايات الاديب الكبير نجيب محفوظ الذي قدم أشكال وألوان مختلفة من السيدات اللائي قدمن شخصيات الفتوات البعض منهن حقيقي والبعض الآخر كان يستحضر روح شخصية الفتوة، هؤلاء النساء زاحمن الفتوات الرجال في ذلك العصر والبعض منهن كان يمثل شخصية موازية.
وتعددت مهامهن في الأدوار السينمائية وعلى أرض الواقع وكان استخدامهم في كثير من نواحي الحياة مثل الأمور التجارية والسيطره على السوق تحت راية أحد التجار الذي يحمل نفوذ أو استخدامهن للسيطرة على المناخ السياسي لرجل من رجال الدولة، أو لمرشح حزبي أو مستقبل ينتوي الدخول في المعترق السياسي والترشح لمجلس الشعب، والبعض منهن تخصص أثناء ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في مزاحمة الأخريات في الطوابير الممتدة أمام الجمعيات الاستهلاكية للحصول على نصيب الأسد من السلع التموينية، من دون أن تجرؤ سيدة أخرى على بسيطة الحال على الاعتراض أو تحدي سطوة هؤلاء النساء اللاتي يعرفن كيف يصبحن مصدر ترهيب وتخويف لكل من تسول لها نفسها تحدي هذه البلطجة الاستهلاكية.
وتطور الحال بعد ذلك لتصبح المرأة الفتوة مطلوبة لإدارة لعبة الانتخابات بطرق وأساليب التحايل، حيث تتولى مثل تلك النساء مهمة تخويف المرشحات والناخبات على حدٍ سواء، ومنعهن من الإدلاء بأصواتهن في الدوائر الانتخابية، في حين تتستر هؤلاء الفتوات على ألاعيب الذين يغشون ويزوّرون الأصوات ويدفعون الموتى والغائبين رغمًا عنهم للإدلاء بأصواتهم لمصلحة هذا المرشح أو ذاك.
"الفتوة" مصطلح قرأناه في روايات، سمعناه كثيرًا في الأفلام، فكان يُصور على أنه قويًا شجاعًا ينصر الضعيف المظلوم ويتصدى للظالم، ويعيد لكل ذي حق حقه، وكان لكل منطقة "فتواتها"، كما كان له قواعد تصل في الالتزام بها درجة القانون، وليس عملا عشوائيًا، فإذا ارتكب أحدهم جريمة قتل، يتبرأ منه جميع "الفتوات".
ولم تقتصر مهنة "الفتونة" على الرجال فقط، بل انضمت النساء إلى هذا العالم، واعتلين عرشه في بعض الأوقات، ومن هؤلاء الفتوات النساء، ("عزيزة الفحلة"، "فتوة" حي المغربلين في الإسكندرية، و"سكسكة"، "فتوة: الجيزة، و"حسن" الشهيرة بأم جاموسة، "فتوة" السيدة زينب، وغيرهن من نساء فتوات تغلبن على الرجال ولهن قصص عجيبة وروايات طريفة).
سكسكة
سكسكة
-"سكسكة"
"وعلى أرض الواقع، برز ظهور العديد من الشخصيات النسائية التي جسدت شخصية الفتوة "سكسكة"، فقد كانت سكسكة سيدةً مرهوبة الجانب، يخشاها الجميع، وتحولت إلى أسطورة مخيفة نسج حولها العديد من الحكايات المبالَغ فيها؛ لأن الثقافة الشعبية تحب الإضافة والزيادة والمبالغة في التفاصيل.
* "سكسكة" كان مقر نشاطها في شارع أبو هريرة في شياخة رابعة بالجيزة، ففي هذه المنطقة كان يوجد "سوق البرسيم" الذي يتردد عليه الكثير من التجار، وكان المعلم مرسي صاحب المقهى الشهير في هذه المنطقة متزوجًا من "أم سيد" التي اشتهرت باسم "سكسكة"، وكان هذا المقهى ملتقى فتوات القاهرة والجيزة، حيث كانوا يقضون فيه سهراتهم التي تمتد إلى الساعات الأولى من الصباح.
وبعد وفاة زوجها، تولت هي إدارة شئون المقهى، وكانت سيدة فارعة الطول، قوية الجسم، ولها "عضلات" تمكنها من التغلب على من يقف أمامها، وكانت ترتدي "الصديري" والجلباب البلدي الرجالي والكوفية مثل التجار الكبار المعروفين بلقب "المعلمين"، وكانت تمسك بيدها عصا غليظة طويلة "شومه".
وأخذت سكسكة توسع نشاطها، حيث كانت تستأجر مع آخرين، أرض السوق من الحكومة، وتؤجرها هي للمترددين على السوق من تجار الدواجن والغلال والأقمشة وما إلى ذلك، ولم يكن لأحد من هؤلاء أن يمتنع عن دفع المستحق لها، فقد كانت تضربه بعصاها، وتضرب كل من ينضم إليه مهما كان عددهم.
أم سيد
أم سيد
-أم سيد
"أم سيد" تركت وراءها محمد وسيد، واتسم كلاهما بحسن الخُلق والشهامة، كما تركت شقيقة لهما تدعى نفيسة، حاولت أن تتشبه بأمها، ولكنها لم تحظ بأي شهرة، ثم أنجبت نفيسة هذه كلًا من قرني وسلامة، وكانت شقيقتهما جليلة تضربهما في الصغر، وأطلقت جليلة هذه على نفسها اسم جدتها وهو "سكسكة"، وقد فاقت في شهرتها شهرة جدتها، وكانت حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي لا تزال على قيد الحياة.
تزوجت سكسكة الحفيدة من عامل بناء يدعى حسن السمّاك، ثم ارتبطت بآخر من عائلة "الكوامل" وهو صاحب سيارات نقل ركاب وبضائع، وقد أغدق عليها من ماله وأنجبت له ولدين أخذهما بعد انفصاله عنها لعدم استجابتها لأمره بالبعد عن المشاحنات مع الناس، وتمت تربيتهما تربيةً صالحةً مع جدتهما لأبيهما، وتزوجت بثالث يدعى عباس عامر، من فتوات الحي ومن تجار المخدرات، وقد تولت الإتجار في المخدرات مكانه بعد صدور حكمٍ ضده بالسجن، أما الزوج الرابع لها فإنه يدعى حسن.
توحة
توحة
-توحة
ومن أشهر النساء الفتوات أيضًا، المعلمة "توحة" فتوة حي المطرية، وعزيزة الفحلة، وزكية المفترية، التي تذكر مراجع عنها أنها فتوة سوق الخضراوات الموجودة في حي المناصرة، إضافة إلى "مجانص الدهل" التي تقول إنها منذ أن دخلت السجن في قضية مشاجرة أفضت إلى موت، وهي تحترف مهنة البلطجة.
فتوات مصر من النساء
مجانص الدهل:
منذ أن دخلت السجن في قضية مشاجرة أفضت إلى موت، وهي تحترف مهنة البلطجة، وكانت تقدم خدمات مقابل التسعيرة الرسمية التي أقرتها رابطة البلطجيات الحريمي، وتأتي الأسعار كالتالي: ردح 800 جنيه، ردح + قلة أدب 1600 جنيه، فضيحة بجلاجل 3000، فضيحة بدون جلاجل 250 جنيها، هتك عرض 5000 جنيه، ضرب بالروسية (الرأس) 400 جنيه، بالإضافة إلى أسعار خاصة لطلبات الجملة.
* زكية المفترية
وهي سمراء سمينة الجسم واسعة العينين، مفتولة العضلات، قصيرة القامة كبيرة الرأس، واستطاعت أن تقهر الرجال وتجلب منهم الأموال، وكانت تحترف ضرب الروسية وكان يهابها الجميع الرجال والنساء.
-كيداهم
وتعتبر "شر الطريق"، كما يسميها أنصارها، أشهر بلطجية "حريمي" في منطقة الجيارة بمصر القديمة، واسمها الحقيقي "كيداهم"، وهناك أيضًا "نفتالين بلية" و"مهبولة الشوارع"، والأخيرة بلطجية تجيد استخدام المطواة قرن الغزال، وتتقن رياضة "الكونغ فو" أيضًا.
* حكاية الفتوة توحة، يرويها سيد صديق عبدالفتاح في كتابه "تاريخ فتوات مصر ومعاركهم الدامية"، فيقول عنها:"قبض البوليس على المعلمة توحة فتوة المطرية، بالقاهرة، ضربت 5 رجال وسيدتين في معركة، أغلقت المنازل والدكاكين في شارع بأكمـله، كانت تجري في الشارع وفي يدها السكين والمبرد، لم يجرؤ أحد على التعرض لها، عندما حضر البوليس استسلمت بلا مقاومة، إن سبب كل المعارك التي دخلتها توحة هو زوجها، إنها لا تطيق أن تراه في خطر، إنها تسرع إلى نجدته، وتبدأ المعركة، وتنتصر توحة دائمًا. لقد ضربت توحة قبل ذلك 20 رجلا، ولها معارك كثيرة في حي المطرية".
وتابع: "في سنة 1951 دق التليفون في مكتب ضابط بوليس المطرية وقال المتحدث: الحقونا، المعلمة توحة دبحت خمسة وقفلت الدكاكين في شارع الشهانية! وقبض البوليس على المعلمة التي وقفت بجانب ضحاياها والدم يقطر من سكين في يدها، ولا أحد أمامها!".
"وبدأت القصة عندما توجه سيد العجلاتي وهو قزم طوله متر واحد، وعمره 30 سنة يطالب زوجها بدين قدره 60 قرشًا، وهددها القزم بإبلاغ البوليس إن لم يدفع زوجها المبلغ ولم تعجبها هذه اللهجة فشتمته وكانت نعناعة والدة سيد القزم تستمع لهذه المناقشة وفجأة أفرغت صفيحة ماء على رأس المعلمة".
"وما كادت المعلمة توحة تتنبه حتى تناولت سكينًا بيدها اليمنى ومبردًا باليد الأخرى، وهجمت على القزم سيد وطعنته في رأسه بالسكين ثم عاجلته "بروسية" في وجهه، فسقطت أسنانه وشاهده شقيقه إبراهيم فجرى هربًا وأراد أن يدخل منزله، ولكن توحة لحقت به عند عتبة الباب وطعنته بالمبرد في ذراعه، و"روسية"، سقط على إثرها فاقدًا الوعي! وأخذت تعمل يدها ورأسها وقدميها في أجساد ضحاياها، واستقبلت الأب بطعنة سقط على أثرها ثم قذفت نفسها مرة أخرى على نعناعة، وتصادف مرور رجلين حاولا إنهاء الخناقة فضربتهما توحة "بالروسية" فسقطا على الأرض وعندما أفاقا أسرعا بالفرار ولم يبلغا البوليس".
"وأمام هذه المذبحة والصرخات التي تعالت وسمعها سكان المطرية والسكين والمبرد يقطران دمًا، والمعلمة "الهائجة" تضرب كل من يقترب منها، أمام كل هذا لم يستطع أحد من الأهالي أن يتقدم لإنقاذ أسرة أبو اليسر، وأغلقت المنازل والدكاكين أبوابها.
أصيب السكان بالرعب، وتصوروا أن توحة ستقتحم البيوت لتذبح من بداخلها، إلى أن رأت الأم نعناعة ما حدث لولديها فنزلت وتلقتها المعلمة الهائجة بعدة طعنات في يدها ووجهها، وجذبتها من شعرها وسقطت بجوار ولديها".
وحضرت أم نعناعة العجوز وهي تلطم خديها ولكن المعلمة استقبلتها "بروسية"، سقطت على أثرها العجوز والدماء تنزف من أسنانها، وعلم الأب بما جرى لأفراد أسرته فذهب مسرعًا إلى مكان الحادث، وتمكن أحد الأهالي من الاتصال تليفونيا بالبوليس وقبض على توحة ونقلت الإسعاف الضحايا الخمس وتولت النيابة التحقيق معها، ثم أفرجت عنها بكفالة خمسة جنيهات مع أخذ تعهدٍ عليها باعتزال "الفتونة".
واتهامها بالتعدي بالضرب على 3 رجال وإصابتهم بكسور وجروح.. إضافة إلى تحطيمها زجاج وديكور مقهى بالبساتين أثناء مشادة بينها وبين الرجال الثلاثة الذين أصروا على عدم جلوسها وسط رواد المقهى..
اعترض 3 من رواد أحد مقاهي البساتين على اقتحام المتهمة المقهى حيث إنها "فتوة" المنطقة ومسجلة خطر بلطجة ونشل ومشهورة "بالمتهورة"، إلا أنها أصرت على اقتحام المقهى وجلوسها على طاولة خاصة وسط الزبائن.. قدرت الخسائر بـ 30 ألف جنيه".
لا أحد يدري ما هو مصير أو نهاية سكسكة الحفيدة أو توحة أو سيدة، لكن الشيء المؤكد أن أحفاد سكسكة من النساء الفتوات ينتشرن الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، وأنهن فتوات تحت الطلب.
1- أسفرت نتائج الدراسة عن أن إجرام المرأة يتستر خلفه رجل أفسد حياتها وعليه نوصى باهتمام جميع الوزارات المعنية والهيئات والمؤسسات الثقافية والإعلامية والتربوية بالمرأة، فتقوم بتوعية الرجل بكيفية التعامل معها والبعد عن استثارتها، بل عليه أن يزيد من روابط الحب والحنان والمودة والرحمة لزوجته أو أخته أو ابنته.
2- أشارت نتائج الدراسة أن أغلب حالات الدراسة أميات، وفي هذا الشأن نوصى بزيادة العمل على محو أمية النساء في القرى والمدن بجميع المحافظات خاصةً محافظات الوجه القبلى.
3- أشارت النتائج أن جميع النساء البلطجيات مسجلات خطر، وقد اكتسبن أغلب مهارات احتراف الجريمة من السجون، وعليه نوصى بدعم وتقوية أداء المؤسسات العقابية والإصلاحية التأهيلية وأجهزة الرعاية اللاحقة بعدد وافر من الأخصائيين الاجتماعيين المدربين على استخدام العلاجات الحديثة في التعامل مع هذه الفئة.
مع الاهتمام بضرورة تصنيف المسجونين بأسلوب علمى، مع فصل الخطرين منهم.
4- التواجد الأمنى باستمرار في الشارع المصرى للحد من أعمال البلطجة، ووجود عقابات صارمة لمن يخرج عن القانون، ويعتدى على الآخرين، حتى يكون العقاب رادعاً، ويعلم كل من تسول له نفسه الاعتداء على الآخرين أنه سوف يلقى آثامه، وذلك يتم ليس بمعاقبة الجانى فقط، ولكن بمعاقبة من يقوم بتأجير هذا الجانى لإيذاء الآخرين حتى يكون عِبرة، ويتسم المجتمع بالضبط والنظام، مع توقيع العقوبات والجزاءات على رجال الشرطة المتسترين على هذه الفئة من النساء ورجال الأحزاب السياسية الذين يستغلون هذه الفئة من النساء لأعمال البلطجة في الانتخابات أو لأغراض أخرى.
5- إعادة تخطيط المناطق العشوائية، وتوفير مساكن آدمية لأهالى هذه المناطق، وذلك للقضاء على البؤر الإجرامية التي تقطن في هذه المناطق العشوائية، على أن تتمتع هذه المساكن بدرجة من الوعى البيئى والصحى والتعليمى والثقافي، حيث يساعد ذلك على خلق جيل جديد في ظل ظروف بيئية طبيعية.
6- الإسراع بزيادة برامج التنمية الريفية الاقتصادية للحد من الهجرات الداخلية خاصةً للقاهرة والتي تسبب ظاهرة التضخم الحضرى وزيادة المناطق العشوائية.
7- إنشاء آلية جديدة من آليات العمل الأمنى تتخصص في مواجهة جرائم البلطجة ( قسم مكافحة جرائم البلطجة ) على غرار مكافحة المخدرات – المال – النفس – السرقات – الآداب العامة – الأحداث – إلخ.
8- تفعيل دور الجمعيات الأهلية العاملة في مجال الدفاع الاجتماعي والوقاية من الجريمة باعتبارها القنوات الشرعية للأخصائيين الاجتماعيين للتعامل مع الفئات المنحرفة أو المعرضة للانحراف لأعادة تأهيلهم وعلاجهم.
9- القيام بمزيد من الدراسات التي تستهدف تعديل السلوك الإجرامي لمرتكبى جرائم السلوك العنيف خاصةً جرائم البلطجة خاصةً عند النساء.
10- العمل على سرعة الفصل في المنازعات المختلفة ( المدنية، والجنائية )، حتى تضيق الفجوة بين التشريعات القانونية والأحكام المختلفة وأساليب تنفيذها، حتى لا يلجأ المواطنون إلى جماعات البلطجة النسائية لاسترداد حقوقهم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق