الاثنين، 31 أغسطس 2020

.أسوار العاصمة الإدارية.. حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر



أســوار العاصمــة الإدارية والهـــروب الكبيـــر
 الأسوار حول المدن أصبحت من التاريخ
 حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.
ولكن في مصر بلد العجائب عــادت هذه الظــاهرة  


الأسوار حول المدن أصبحت من التاريخ، ولكن في مصر بلد العجائب عادت هذه الظاهرة وكأننا نعود إلى القرون الوسطى؛ ففي سلوك مريب بدأ تشييد أكبر سور خرساني كثيف التسليح، بارتفاع يصل إلى 7 أمتار حول العاصمة الإدارية الجديدة، التي تبلغ مساحتها 170 ألف فدان، يذكرنا بالقلاع العسكرية العتيقة، رغم أنهم يقولون إنها مدينة عصرية على أحدث طراز!
أول ما شرعوا في تنفيذه المطار والفندق والسور؛ فهل هي مصادفة أن مشروع العاصمة الإدارية يشبه بناء المستوطنات الإسرائيلية؟ وهذا السور ليس كأي سور، فهو أقوي وأعلى من الجدار العازل الذي بناه الإسرائيليون في فلسطين المحتلة، وهو أكثر قوة من جدران الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
بالتأكيد لم تبن أسوار العاصمة الإدارية للحماية من هجوم خارجي، كما أن التحصين ليس خوفا من الكيان الصهيوني الذي يمتلك أسلحة الجو المتقدمة وترسانة الصواريخ المتطورة، فالخطر الذي يراه من يقفون خلف العاصمة الجديدة يأتي من الشعب الذي يتضور جوعا بسبب السياسات الاقتصادية التي زادت من مساحة الفقر.
الأسوار دليل على الخوف، ترمز لعقلية قلقة تشعر بالخطر، تبحث عن الأمن خلف الجدران العالية، والهروب من خطر زاحف على الأرض وليس من هجوم جوي من جيش نظامي، وهذا الخوف مصدره بركان الغضب الشعبي المحتمل انفجاره مع استمرار الإدارة الفاشلة على كل المستويات.


صلاح جودة يكشف أسباب اعتراضه
 على العاصمة الإدارية الجديدة


. حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.
سياسة الهروب للعوازل الطبيعية هي تدليل قوي بحد ذاتها على أن الحاكم الذي يسلك هذا المسلك هو حاكم ظالم وغير ديمقراطي ويبحث عن مكان يختبئ فيه خوفا من الخطر الداهم و يهيأ لي أن العاصمة الإدارية التي يشيدها السيسي في الصحراء بالقرب من قناة السويس ويجري التخطيط لنقل مقار الحكم ودواوين الحكومة إليها، ما هي إلا تكرار للمنطقة الخضراء التي شيدها الاحتلال الأمريكي في بغداد لحماية قيادات جيشه وحلفائهم العراقيين، لكنه تكرار بالغ الكلفة والفجاجة. 
حيث يتشابهان في الأسوار العالية، وفي التأمين بالكمائن والكيانات العسكرية والكاميرات وفي الكروت الذكية التي تمنح للمواطنين ليتسنى لهم الدخول، رغم أن من فعل الإجراءات في العراق - وهي الأقل تأمينا من نظيرتها المصرية - قوة احتلال أجنبي. 
سلوك عسكري عموما فإن فكرة إنشاء عاصمة إدارية للبلاد ليست بجديدة، فقد طرحها الحكم العسكري كثيرا كإجراءات تأمينية، ولكن كانت كلها تجارب فاشلة، إما بسبب الزحف العمراني القادم نحوها من القاهرة القديمة، وإما لنقص التمويل، أو لكليهما. 
فقد حول عبد الناصر حي مصر الجديدة النائي في صحراء شرق القاهرة والذي تأسس عام 1910 سكنا لنخبته العسكرية وحول فندق هليوبوليس الفخم إلى قصر جمهوري، وأسكن في هذا الحي الجاليات الأجنبية، وأنشأ بجواره مطار القاهرة ليسهل حركة الانتقال للخارج؛ فيما لجأ مبارك لمدينة نصر لإسكان أسر العسكريين ولتكون امتدادا لحي مصر الجديدة، ولما فشلت التجربة أقام مدينة القاهرة الجديدة. 
ثم قام بالاحتماء بمدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء معظم الثلاثين عاما التي أمضاها في الحكم، مستفيدا في ذلك بالعوازل الصحراوية والبحرية، فضلا عن قلة أعداد السكان الذين كانوا في الغالب من نخبته الأمنية، هذا بالإضافة إلى الأسوار العالية التي تحيط بقصوره هناك. 
أما السيسي فلم يكتف فقط بإنشاء العاصمة الإدارية، ولكن أنشأ أيضا مدينة العلمين الجديدة التي أسموها "مدينة الأحلام"، دون أن تكون هناك أدنى حاجة لها، لتبقى مقرا أكثر تحصينا بالصحراء من العاصمة الإدارية ، وبالطبع أنشأ فيها قصرا جمهوريا حصينا. سلوك استعماري سادت ثقافة العوازل الحصينة في القرون الوسطى وما قبلها، ومن أبرز أمثلتها عالميا سور الصين العظيم، فيما كان ما يشبهه بشكل أصغر سور القاهرة الفاطمية في مصر، وكان الهدف من تلك الأسوار آنذاك هو حماية البلاد والناس من الأعداء الخارجيين، في وقت كانت تسود فيه شرعية البقاء للأقوى. 
وحينما غزا الإنجليز مصر راحوا يعزلون مناطق القاهرة الخديوية وهي المبنية على الطراز الأوربي ليقطن فيها قادتهم العسكريون وجاليتهم وحلفاؤهم المصريون بينما جعلوا دخول عوام المصريين إليها يتم أيضا بالكروت. 
ومن قبل هؤلاء فعل نابليون نفس ما فعله "السيسي" وراح يحتمي بصحراء المقطم المرتفعة ليتخذ منها مقرا للحكم، ويتخذ منه منصة لضرب القاهرة والجامع الأزهر بـ "القنابر". 
لكن رغم ذلك زال عنها حكم الفرنسيين والإنجليز وبقيت مصر. كما أن سور الصين العظيم لم يمنع المغول من غزو تلك البلاد حيث فتح أبوابه أمامهم جنود مرتشون، ولم يمنع سور القاهرة الفاطمية الناصر صلاح الدين من الإجهاز على الدولة الفاطمية للأبد. 
تجربة كاشفة هناك في بورما تجربة عالمية فريدة في مدى اهتمام الحكام العسكريين بإنشاء عواصم إدارية ليحكموا بلادهم من خلالها. 
وتقول تقارير صحفية إن منجمين أخبروا الحاكم العسكري عن قرب تفجر احتجاجات شعبية عارمة، وإن الكثافة السكانية في العاصمة "يانغون" ستكون عامل حسم لانتصار تلك الثورة، ونصحوه بالانتقال سريعا لعاصمة حصينة. 
وعلى عجل نقلت حكومة بورما عاصمتها إلى منطقة غير مأهولة تدعى "بينمانا" تبعد عن العاصمة القديمة 400 كيلو متر، وحصل كبار موظفي الدولة على إخطارات بسرعة استعدادهم وأسرهم وممتلكاتهم للانتقال إلى العاصمة الجديدة خلال يومين فقط، حيث أقاموا في الخيام لحين الشروع في إنشاء العاصمة. 
ومن المهم التأكيد على أن احتماء الحكام بالكانتونات والجيتوهات أو العوازل الطبيعية والمناطق "الخضراء" ، هو إجراء طبيعي ومقبول إن تعلق فقط بالشؤون الحربية. 
وفي المقابل يعد إجراء مثيرا للارتياب والدهشة حينما تتم ممارسته على الشعب بما يحمله ذلك من تمييز بين أبناء الشعب الواحد. سياسة الهروب للعوازل الطبيعية هي تدليل قوي بحد ذاتها على أن الحاكم الذي يسلك هذا المسلك هو حاكم ظالم وغير ديمقراطي، ولن يحسن من قبح ديكتاتوريته اقتياده للدراجات أو الطائرات بين حشود مصطنعة ومزيفة. حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت يا عمر.
صلاح جوده في تربته ولميس ترد علي السيسي


الله يرحمك يادكتور صلاح جوده

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: