الجمعة، 24 أبريل 2020

"السيسي" ورقة الغرب في معركة تغيير الهوية الدينية ..القادم أسوأ.فيديو



... مفهوم الهـــوية وإشكاليتهــا ...
السيسي جاء للمنطقة كلها، وليس للإخوان أو مصر 
... تحريف القرآن لتمجيد "السيسي" ...



تلك كلمات أسرَّ بها أحد القيادات العسكرية
 لقيادي بتحالف الشرعية الرافض للانقلاب العسكري، 
..عقب أحداث 3 يوليو 2013م ...
وحسب مراقبين، تكشف تلك الكلمات ما يجري على أرض الواقع، في عدد من الملفات الإقليمية التي يتفاعل بها النظام المصري في عهد "عبدالفتاح السيسي".
ويشير هؤلاء إلى أنه برزت في الفترة الأخيرة دعوات تجديد الخطاب الديني وتعديل المناهج الدراسية ودعوات تطوير الأزهر والمؤسسات الدينية، بل ووقف القنوات والبرامج الدينية، وآخرها شراء رجل الأعمال وصاحب الاستثمارات الواسعة في المجال الإعلامي محمد الأمين، المقرب من النظام الحاكم، لقناة "الناس" الدينية وإسناد رئاستها للمفتي السابق علي جمعة، صاحب الفتاوى المثيرة للجدل.
وقال هؤلاء: إن الأمر تجاوز ذلك كله، بإسناد "السيسي" مهام تطوير الخطاب والثقافة الدينية في مصر لمثقفين علمانيين، بل ولا دينيين، كفاطمة ناعوت، وإبراهيم عيسى الذي يواصل عبر صحف وببرامج تلفزيونية مهاجمة الصحابة والتابعيين والتشكيك في السيرة النبوية وصحيح السُّنة، في الفترة الأخيرة؛ كمعركة تشويه صحيح البخاري، وزواج النبي وطلاقه للنساء، وتشويه صورة الصحابة والخلفاء الراشدين.
مفهــوم الهــوية وإشكاليتهــا


يأتي هذا كله إلى جانب استمرار هجمات مقدمي البرامج المشوشة عقائدياً، كالمدعو إسلام البحيري ببرنامجه على قناة "القاهرة والناس"، والذي دأب على التشكيك في قدرة الله عز وجل والإساءة لثوابت الدين.
أهداف ثورة "السيسي" الدينية
ولعل حديث "السيسي" مباشرة عن مواقفه السلبية من المسلمين، يأتي كشهادة مرور إلى أعماق الغرب، حيث احترف "السيسي" توجيه سلسلة من الانتقادات للمسلمين، واتهامهم بالخطأ في تقديم صورة مسيئة عن الإسلام، بقوله خلال حواره مع "إذاعة القرآن الكريم" المصرية، في ذكرى تأسيسها الـ51، الأربعاء 25 مارس: إن مصر بحاجة إلى ثورة دينية ضد الأفكار المشوشة والمغلوطة عن الدين الإسلامي، فالمسلمون أصبحوا يمثلون مصدر إساءة لدينهم ونبيهم حول العالم، مشيراً بذلك إلى الهجوم الذي استهدف صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية التي تنشر رسوماً مسيئة للإسلام ولنبيه.

"السيسي".. ورقة الغرب الرابحة
 في معركــة تغيير الهــــوية الدينيــــــة
السيسي.. يعني 1.6مليارهيقتـــلوا الدنيــا كلهــا 
اللي فيها 7 مليار عشان يعيشوا هما


وعلى المستوى المحلي، سعى "السيسي" ونظامه لمواجهة تمدد التيار الإسلامي، وقد كان "السيسي" واضحاً في هذا التوجه من أول يوم استولى فيه على السلطة، حينما قال لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مبرراً سبب الانقلاب على الرئيس "محمد مرسي": إن معضلة "مرسي" أنه ذهب لبناء مصر، مستنداً إلى أيديولوجية استعادة بناء الإمبراطورية الإسلامية.
وأوضح وزير الخارجية السابق نبيل فهمي حقيقة عزل "مرسي"، مشيراً إلى أنه ضد التوجه الإسلامي لحكم الرئيس "مرسي"، عندما قال في حوار أجراه مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية: إن الرئيس "محمد مرسي" أراد تطبيق نظام إسلامي في مصر، وهو ما لم نكن لنسمح به؛ ولذلك لجأنا للجيش للتخلص منه.
وحسب المراقبين، فإن حرب "السيسي" ونظامه على الإسلام، حظيت بترحيب عالمي؛ حيث استغلت بعض القوى الغربية حاجة "السيسي" للدعم السياسي والمالي لتفرض أجندنها على مصر، وتجلى ذلك عقب زيارته فرنسا، وجاءته التكليفات لينفذها سريعاً باستقبال رئيسة جمهورية أفريقيا الوسطى، في وقت سابق، وتوقيع اتفاقات مع مؤسسة الأزهر لتعليم المسلمين ببلادها الدين الإسلامي الوسطي، الذي تستطيع من خلاله فرض سيطرتها على الأغلبية المسلمة المستباحة الدماء.
... تحــريف القــرآن لتمجـيـد "السيسي" ...
وفي سياق نظرة "السيسي" للإسلام والمسلمين، استغلت أطراف المعادلة السياسية في مصر، الحرب على الإرهاب، والعداء للإخوان في الطعن في الإسلام وأصوله، وتسارعت مساعي استئصال التدين تماماً من مصر ونشر الإباحية والعداء لكل مظاهر التدين ومحوها، سواء كانت مدارس إسلامية أو مساجد أو صحف أو أشخاص.
حتى وصل الأمر، بأن يقوم بعض مؤيدي "السيسي" لتقليد وتحريف آيات وسور تشبه القرآن الكريم لمكايدة الإسلاميين الرافضين للانقلاب، فقام ملحدون بتحريف آيات القرآن أكثر من مرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فبدلوا آيات سورة "يس" بكلام به تمجيد لـ"السيسي" وأسموها سورة "السيسي"، واستمراراً لنفس هذا المسلسل الخاص بالعداء للإسلام وتحريف القرآن والإساءة له عبر تأليف عبارات مسيئة كبديل لآيات في القرآن، قامت فتاة تدعى حنان زكي أيضاً بتأليف سورة بديلة لـ"الفاتحة" تحت عنوان "سورة الفاتحة الجديدة" على صفحتها على "فيسبوك"، مستبدلة لفظ الجلالة باسم "السيسي"، وكتبت تمجد "السيسي" فوصفته بأنه "إله"، وقالت في العبارات التي حرفتها على غرار سورة "الفاتحة": إن "السيسي أكبر"، "لا إله إلا السيسي"، و"إياه (السيسي) نعبد وإياه نستعين"، و"لا إله إلا السيسي ومحمد مش رسول الله". (تعالى الله عما يقولون).
وبدَّل البعض آيات سورة «يس» بكلام به تمجيد لـ"السيسي" وأسموها سورة «السيسي»، وجاء النص المحرف عن سورة "يس" : "سِ سِ"، وحرف آخرون سورة "الزلزلة".
فيما قال أحد قـياديي حركة "تمرد" التي تدعم "السيسي": إن مشكلتهم ليست هي الإخوان، وإن مشكلتهم هي مع الإسلام كحل سماوي لمشكلات العصر، ثم مـزق نسخة من الـقـرآن الـكريم علناً على الهواء في فيديو منشور له:
وهو يسبه ويلقي به في سلة القمامة، ويقول: إن الـقرآن الكريم "هو أصل الكارثة"، وإن "هذا القرآن هو منبع الشر" (حاشا لله).
كما قام بعض أقباط الخارج بتأليف ما أسموه "قرآن رابسو" -  وهو اسم لنوع من مساحيق الغسيل المصرية - في شكل كلمات على وزن لغة القرآن، بغرض السخرية من القرآن الكريم وسوره وآياته.
وفي السياق ذاته، ألغت "لجنة الخمسين" التي شكلتها سلطة الانقلاب 32 مادة من مواد دستور 2012م المعطل، وعدلت 143 مادة أخرى من مواد دستور 2012م الـ236 الذي وافق عليه 64% من شعب مصر، تلك المواد الملغاة هي مواد تحض على رعاية الأخلاق والآداب وحماية الأديان والرسل من التعدي عليهم بالسب والقذف، وإحياء نظام الوقف الخيري وإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد؛ ما يعني ضمناً السماح بازدراء الأديان وسب الرسل والأنبياء، وزعموا أن هذه مواد جرى حذفها لأن الإخوان هم الذين وضعوها في الدستور، بينما الحقيقة أن حذف هذه المواد هدفه ترسيخ العداء للإسلام في دستور مصر، والسماح لمن يشاء أن ينشر الانحلال والفجور ويهاجم الرسل والأنبياء، ويتطاول على الذات الإلهية.
وعقب إعلان لجنة الخمسين التعديلات، وفي 22 أكتوبر 2013 برَّأت محكمة مصرية كرم صابر إبراهيم، المحامي وعضو اتحاد الكتاب، الذي سبق أن حكمت عليه محكمة بني سويف بالسجن 5 سنوات عام 2011م بتهمة ازدراء الأديان وإهانة الذات الإلهية في مجموعة أدبية أصدرها بعنوان "أين الله؟"، كما تطاول على الذات الإلهية في قصته "ست الحسن" حيث وصف الخالق جل شأنه على لسان البطل بـ"المقامر" الذي يقامر على قلوب البشر، بقوله: "أيها الرب المقامر على أفئدة الملايين المؤمنة"! (تعالى الله).
بل كتب يقول: "إنه شاهد الرب في قصره يجلس كملك متوج بالنصر يدخن البانجو والحشيش على شيشة كبيرة تصل لألف متر ويتشح بملاءات بيضاء وحمراء والملائكة تضع أكوام النار فوق حجر الشيشة الممتلئ بالمخدرات"، وفي (ص 87، 88) قال: "صمتت الملائكة بعد أن كوت كلمات ست الحسن الرب الرحيم بجوار حائط القصر ونظر لعرشه الشامخ الذي تهتز له السماوات السبع وتعجب من رفض امرأة لأوامره وبكى حزناً على جهل عباده"، وفي نهاية القصة (ص89)، يقول الكاتب الذي أفرج عنه، والعياذ بالله: "الرب يبكي حزيناً على رفضها كل العز والملك من أجل عبد يعمل عنده ويعيش بحارة فقيرة من ملكه". (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً).
... معــاداة المظــاهر الإســـلامية ...
كما تضرب المجتمع المصري حملة اضطهاد في الشوارع ومحطات المترو للمنتقبات ومطلقي اللحى، وبات مظهر توقيف ضباط الشرطة والجيش للشباب الملتحي قائدي الدراجات منتشراً في مصر بعد الانقلاب، ومشهد التعدي على المحجبات والمنتقبات في المسيرات والاحتجاجات ونزع حجابهن وتوجيه عبارات سب وإباحية لهن وتكبيلهن بالقيود الحديدية وإلقاؤهن في سيارات الشرطة غير المجهزة، أمور مباحة على نطاق واسع.


وتكرر في بعض المدارس والجامعات طرد طالبات محجبات أو منتقبات، مثلما فعلت د. سحر العوامري، أستاذة الفسيولوجيا الطبية بكلية طب جامعة القاهرة، التي طردت طلبة ملتحين وطالبات منتقبات، وقالت في محاضرة للطلبة: إنه "يجوز شرب دم الإخوان"، وعندما رفع لاعبون ولاعبات مصريات شعار رابعة العدوية في الملاعب عقب فوزهن بنصر رياضي ليس تأييداً للإخوان ولكن دعماً للإنسانية والشهداء الذين لم يُعاقب أحد على قتلهم حتى الآن، جرى التنكيل بهم بصورة عجيبة، وخرجت صحف ومسؤولون رياضيون ليقولوا: إنه يجب تنقية الفرق الرياضية المصرية من "المتدينين".
وفي هذا السياق تزايدت حالات اعتقال أئمة المساجد أو منعهم من الخطابة ومحاربة وزارة الأوقاف كل من يتحدث عن الظلم، بل وصل الأمر بوزير الأوقاف أن يطلب من الخطباء الموقوفين التوقيع على براءة من أفكار الإخوان أو سبهم ولعنهم.
... السطو على المدارس والجمعيات الإسلامية ...
في السياق ذاته، سيطرت أجهزة حكومات "السيسي" على مقرات الجمعيات الإسلامية؛ بدعوى أنها من أموال الإخوان، كالجمعية الشرعية، والجمعية الطبية الإسلامية، والتي تعالج ملايين المصريين بأسعار زهيدة، بجانب الاستحواذ على آلاف الجمعيات الأهلية.


ولم تنج المدارس الإسلامية من الحرب الطاحنة التي تتبدل شعاراتها من وقت لآخر، وتحت شعار "محاربة الإخوان" صادرت الحكومة أكثر من 400 مدرسة، قالوا: إنها مدارس إخوانية، وجرى اعتقال العديد من مسؤولي هذه المدارس واقتحام قوات من أمن الدولة والقوات الخاصة للعشرات من المدارس الإسلامية بدعاوى البحث عن سلاح، مثل مدرسة المدينة المنورة بالإسكندرية، وتهديد مدرسيها، ومنع تدريس بعض الكتب، وزعم وزير تعليم الانقلاب أن هناك بعض المدارس تدرس في مناهجها تعاليم حسن البنا، بالإضافة إلى أن لديهم نداءات أخرى مثل جهادي جهادي، ومن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله في تحية العلم، بدلاً من "بلادي بلادي"!
... المناهج والخطاب الديني ...
ولعل ما يحدث على أرض الواقع يشي بمزيد من التدهور الأخلاقي والثقافي والسلوكي في ضوء دعوات التجديد الديني، التي استبدلت الحوار بالفرض من قبل السلطة الحاكمة، حيث إن كل دعوات تجديد الخطاب الديني السابقة اعتمدت مبدأ الحوار والطرح الفكري، أما الدعوة الجديدة فتزامنت مع قرار حكومي، نشرته الجريدة الرسمية، ينصّ على تحذير مَن يتصدّى للخطابة والوعظ بالسجن والغرامة، إلا إذا كان ينتمي للمؤسسة الدينية الرسمية، مع منح وعاظ الدولة حق الضبطية القضائية!
كما استلهم الإعلام دعوات الخطاب الديني الفضائي المنتظر والمعتدل، من غير الإسلاميين، وهم يعلنون آراءهم بكل حرية، من دون مؤاخذة من أي جهة، ومن دون أي سقف أو تحوط؛ فمنهم مَن تصدّى لانتقاد المناهج الدينية، وأوصى بضرورة حذف آياتٍ قرآنيةٍ، حتى لا تشوّه عقول الطلاب! ومنهن مَن افتعلت خصومةً مع "دعاء السفر" النبوي، وقالت: إنه يناسب عصر الجمل، وأخرى هاجمت الاعتكاف في شهر رمضان، ووصفته بأنه مزعج، وسخرت من عبارة: "قدّر الله وما شاء فعل"، وتقول: "دي أسلمة للغة يجب محاربتها".. وهكذا.
... بيد "السيسي" وبأمر الغـــرب ...
ومما يفاقم هجوم "السيسي" على الإسلام والمسلمين من أزمة الغرب مع الإسلام، ويمنحهم المبرر لمزيد من هجومهم على الإسلام، بقوله: "إن المسلمين مطالبون بالتوقف إزاء ما يجري في عدة بلدان من إرهاب وأعمال تخريب، والإسلام والمسلمون لن يعزهم سفك الدماء".
وتابع: "لابد أن يرى المسلمون ما يفعلوه في البشرية والإنسانية، لا توجد أمة يمكن أن تقوم بمثل هذه التصرفات، والدين بعيد عن كل ذلك".
وتأتي تصريحات "السيسي" المتلاحقة ضمن سلسلة في رؤية دولية أوسع، لتسويغ مخططات ترويض الإسلام لصالح وجهة نظر الغرب وسلبه من مصادر قوته وحصره في زوايا تصب في مصلحة مساعي دولية رافضة لوجود الإسلاميين في الساحة السياسية، بل والرغبة الجامحة لتغيير الهوية الثقافية للمصريين وشعوب المنطقة، بعيداً عن الرؤى الشاملة للمنظور الإسلامي للكون والحياة، ولعل ما يمارسه "السيسي" منذ اعتلائه سدة الحكم، يأتي ضمن إملاءات مسبقة، في إطار إستراتيجية السيطرة التي تعتمدها الولايات المتحدة على الشرق الأوسط، والموضوعة منذ بدايات القرن الحالي.


وتدرك واشنطن جيداً أن السيطرة على الوطن العربي لا يحتاج إلى القوة العسكرية فقط؛ بل يحتاج إلى تغيير الهوية الثقافية أولاً، وذلك حتى يستطيع الفكر الأمريكي فرض سطوته، وقد بدأ المخطط بالاستعداد لتغيير المناهج وخاصة "الدينية" رغبة في قتل فكرة الجهاد وغيرها من الثوابت الدينية المنصوص عليها في القرآن الكريم.
كما أن تعديل الهوية التعليمية الثقافية التي تتبعها أمريكا تجاه الدول العربية هي جزء من خطوات جرى اتخاذها بالفعل لإنجاز المشروع الثقافي الأمريكي الصهيوني، والذي رصدت واشنطن لتنفيذه مليارات الدولارات، وبدأ المشروع بالعراق، عقب احتلالها في عام 2003م، خاصة وأن أمريكا لديها اعتقاد صارم بأن برامج التدريس المدعومة بالجرعات الدينية ودروس الفقه والآداب العربية والإسلامية من أهم أسباب انتشار الفكر الديني المتطرف حسب زعمهم، وأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر قام بها شباب تشبعوا بهذه الطريقة في الفكر.
وجاءت استجابة الدول العربية سريعاً، فبدأت بعض الجامعات في الإمارات بإلغاء أقسام الدراسات الإسلامية من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بداية من العام الدراسي 2004/2005م، وألغت تدريس اللغة العربية واعتمدت على الإنجليزية بدلاً منها، وأبقت فقط على مادتين بالعربية هي الشريعة والقانون!
أما اليمن فتبنى تغييراً شاملاً للمناهج تفادياً للضغوط الأمريكية وبرر رئيس وزرائها آنذاك، هذا الأمر بقوله: "علينا تنفيذ التغيير في مناهج تعليمنا قبل أن تأتينا مترجَمة من أمريكا، فنحن شعب مسلم ولا ضرر من تخفيف الجرعة الدينية".
وفي السياق ذاته، جاءت سياسة الرئيس التونسي الأسبق "الحبيب بورقيبة" والذي سارع بمجرد توليه السلطة، في الخمسينيات، إلى إجراء ما أطلق عليه إصلاحات جذرية قضائية واجتماعية وتربوية ساعدت على تقويض البنى التقليدية والعشائرية التي كان يقوم عليها المجتمع التونسي، حيث قام "بورقيبة" بإلغاء كل ما يمت بصلة للالتزام الإسلامي والعقائدي من مناهج التعليم.
وفي مصر بدأ الرئيس المخلوع "حسني مبارك" تفريغ المناهج الدينية من محتواها منذ سنوات طويلة، عبر برامج مركز تطوير المناهج التابع لوزارة التربية والتعليم.
.... ترجمة لأحلام الإمبراطور ....
ولاقت دعوات الثورة الدينية، تحت شعارات مكافحة الإرهاب، ومواجهة الإخوان، والإسلام السياسي، وغيره من الشعارات البراقة استجابة سريعة من مؤسسات الدولة؛ حيث أعلنت مشيخة الأزهر عن عقد  جلسات عمل متواصلة لاستكمال عناصر "ثورة التصحيح" التي دعا إليها "السيسي"، بتعديل المناهج وتنقيحها، ومع التباطؤ من قبل شيخ الأزهر أو التدرج في التطبيق، بدأت الأذرع الإعلامية استهدافه ومطالبته بالاستقالة، وهو ما تتوقعه الأجهزة الاستخباراتية التي سربت لصحف داعمة لـ"السيسي" احتمال إجباره على الاستقالة لدواع صحية، وفي الوقت ذاته أشادت بوزير الأوقاف الذي طبَّق "أحلام" وأوامر "السيسي" بصورة متسارعة وحاسمة، بوقف خطباء مساجد وتوزيع خطب موحدة وإغلاق آلاف الزوايا ومنع السلفيين من الخطابة.
وكيل وزارة الأوقاف
منحنا ياسر برهامى تصريح الخطاب شرط عدم الحديث بالسياسة.. نستعين بالأطباء للحديث فى المساجد عن خطورة الختان.. و"الناس فهمت منع مكبرات الصوت خطأ"



وعلى الخطى ذاتها، أكد د. عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، أن اللجنة التي شكلها شيخ الأزهر لإصلاح المناهج، انتهت من هيكلة الخريطة الجديدة للمناهج، وأن العام الدراسي الجديد سيشهد تغييراً لجميع مناهج الأزهر في التعليم ما قبل الجامعي، لافتاً إلى أن تطوير المناهج شمل تنقيحها من أي نص يمكن استغلاله من أي متطرف للتحريض على العنف.
أما دار الإفتاء فأعلنت تبنيها دعوة "السيسي" لتجديد الخطاب الديني، وأقرت خطة مكثفة لنشر ما أسمته بـ"الثقافة الإفتائية الصحيحة"، لمواجهة فتاوى التكفير والتشدد.
ولم تدخر وزارة التربية والتعليم جهداً في المشاركة ضمن الحرب على الدين بدعوى تعديل المناهج وتنقيحها من النصوص الدينية، كحذف درس عن القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي للصف الخامس الابتدائي، وستة فصول من درس القائد المسلم عقبة بن نافع للصف الأول الإعدادي من مادة اللغة العربية، بدعوى التطرف والإرهاب.
وتواصلت جهود مركز تطوير التعليم، بحذف العديد من النصوص القرآنية والاقتصار على نص واحد  في كل من المراحل الإعدادية والابتدائية، بجانب تمييع العداء "الإسرائيلي - المصري"؛ حيث جرى تغيير "إسرائيل" إلى لفظ "ذئب" كما جاء في مقرر اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي؛ رغبة في تحييد العدو في الوجدان المصري وتفريغه من العداء الإستراتيجي لعدوه الأصلي، هذا بجانب الغياب التام لأي درس عن القدس أو القضية الفلسطينية.
القـــادم أســـوأ
ولعل ما ينذر بأخطار توجهات "السيسي" الدينية، في الفترة المقبلة، الاستخدام السياسي للدين بصورة مقيتة تخدم السلطة القائمة؛ ما يدفع نحو صراعات دينية في مجتمع مأزوم منذ 3 يوليو 2013م.
ويبقى مخطط "السيسي" لمواجهة الداخل مع الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي هاجساً ينعكس على مناهج ووسائل صياغة الوعي المصري؛ ما يخلق جيلاً أكثر صراعاً مع بعض أبناء وطنه، وأكثر انسلاخاً من قيم دينه التي بات التمسك بها كفيلاً بأن يضع صاحبه في مرمى الاتهام بالإرهاب والتطرف ومن ثم الإقصاء والاستئصال من المجتمع.


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: