الثلاثاء، 31 مارس 2020

كورونا:الإرهاب البيولوجي هل هذة بديات الحروب السياسية؟


العالم في خطر (COVID-19)
هل هذة بديات الحروب السياسية؟
اتهامات كورونا: دعوة للتركيز على الإرهاب البيولوجي
البقاء في المنزل، والبعد الاجتماعي، وغسل اليدين بانتظام بالصابون.

80% من الأشخـــاص يتعافـــون من المـرض، 
بينما 6% فقط يعانون من مرض خطير.


اتهامات كورونا: دعوة للتركيز على الإرهاب البيولوجي
وقت ظهور مرض أنفلونزا الخنازير عام 2009 نشرت تقارير إعلامية تفيد بأن تنظيم القاعدة وعصابات مخدرات مكسيكية وراء انتشار المرض، إلا أن التفسيرات العلمية التالية أثبتت عدم صحة هذه المزاعم، مشيرة إلى أن الفيروس لا يمكن أن يحدث بطريقة طبيعية، وأن ما حدث نتيجة امتزاج أنفلونزا البشر مع نظيرتها في الحيوانات والطيور.
اليوم مع كارثة فيروس كورونا، تعج صفحات التواصل الاجتماعي، وبعض المواقع الإخبارية باتهامات مختلفة تفيد بأن الفيروس نشر بفعل فاعل، وبصرف النظر عن تعدد الفاعلين المتهمين، فإن ما أحدثه الفيروس من حالة ذعر عالمي، وما أسفر عنه من عدد ضحايا وأضرار عامة، والاتهامات السابقة للقاعدة - على سبيل المثال - بنشر أنفلونزا الخنازير، يدفعنا للتركيز على الإرهاب البيولوجي، وما يمكن أن يحدث لو تمكنت التنظيمات الإرهابية من تطوير أسلحة بيولوجية واستخدامها عالمياً.


تاريخ الحرب البيولوجية:
تعرف الحرب البيولوجية على أنها “استخدام السموم البيولوجية أو العوامل المعدية مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات، بقصد قتل أو تعجيز البشر أو الحيوانات أو النباتات كعمل حرب”.
وفقاً لورقة بحثية بعنوان “تاريخ الحرب البيولوجية”، للبروفسير “Friedrich Frischknecht”، عضو هيئة التدريس بقسم الأمراض المعدية، بجامعة هايدلبرغ، أنه خلال القرن الماضي توفي قرابة (500) مليون شخص بسبب الأمراض المعدية، وأن عشرات الآلاف من الوفيات تعود إلى الإفراج المتعمد عن مسببات الأمراض والسموم، ويعود معظمها إلى اليابانيين في حربهم على الصين خلال الحرب العالمية الثانية.
الحقيقة أن استخدام الأسلحة البيولوجية ليس حديث النشأة، بل يعود إلى ما قبل الميلاد، حيث شهد التاريخ الإنساني في مختلف محطاته محاولات نشر الأوبئة والتسمم في الحروب. 
فيوثق تاريخياً إرسال الحيثيون كبشا مصاباً بالتولاريميا إلى أعدائهم بالقرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكذلك استخدام رماة السكيثيون الأسهم المغموسة في جثث متحللة.
كما خلط الإسبان النبيذ مع دماء مرضى الجذام لإعطائها للفرنسيين في القرن الخامس عشر ميلادياً، وغيرها من الحوادث. 
في القريب طور اليابانيون الأسلحة البيولوجية خلال الحرب العالمية الثانية، واستخدموها في غزوهم الصينيين فيما بعد، فقاموا بتسميم قرابة (1000) بئر مياه، وأسقطوا بالطائرات الحشرات الموبوءة بالطاعون على المدن الصينية.


وتقسم العوامل البيولوجية المسببة للأمراض إلى ثلاث فئات:
الفئة A)): تعد الفئة الأكثر خطورة، وتسبب معدل وفيات مرتفعاً، حيث تنتقل من فرد لآخر بسهولة، ومن بينها: الجمرة الخبيثة، الطاعون، الجدري، التسمم الغذائي، التولاريميا.
الفئة (B): وهی عوامل تنشر بشكل معتدل، وتتسبب في معدلات وفيات منخفضة شيئا ما، ومن بينها: البروسيلات، الصدفية.
الفئة (C): تشمل مسببات الأمراض الناشئة التي يمكن هندستها لنشرها على نطاق واسع بسبب توافرها وسهولة إنتاجها ونشرها، ومن بينها فيروس نيباه، وفيروس هانتا.
الإرهاب البيولوجي ونماذج للعمليات:
الإرهاب البيولوجي أو الجرثومي أو الصامت، جميعها مصطلحات لشكل من أشكال الإرهاب، يتم فيه استخدام العوامل البيولوجية، سواء بكتريا أو فيروسات أو سموم، لإلحاق ضرر لأفراد أو ماشية أو محاصيل زراعية، من قبل أفراد أو مجموعات.
الأسباب الدافعة للمجموعات الإرهابية نحو العوامل البيولوجية عدة، من أهمها:
صعوبة الكشف من قبل أنظمة الاستشعار التقليدية لمكافحة الإرهاب.
صعوبة القبض على الجاني، وذلك لوجود فاصل زمني ما بين إطلاق العامل البيولوجي، وتحقيقه الضرر.
التأثير المشابه للقنبلة النيوترونية، فتلحق ضرراً بالكائنات الحية دون ضرر مادي يذكر.
يمكن لكميات صغيرة منها نتيجة قدرتها على التكاثر إصابة عدد كبير من البشر.
سهولة النشر، سواء عن طريق تلوث المياه أو المواد الغذائية، والنشر في الهواء في منطقة مغلقة أو مفتوحة، واستخدام الحيوانات الموبوءة.
يمكن استخدامها لإلحاق ضرر كبير باقتصاديات الدول .
قدرتها الهائلة على إحداث حالة من الاضطراب المجتمعي .
. ضعف تكلفة إنتاجها نسبياً .


ومن أبرز الأمثلة على استخدام المجموعات الإرهابية للإرهاب البيولوجي، كان عام 1984 باستخدام طائفة راجنيش الدينية السلطات الملوثة ببكتريا السالمونيلا، في أحد المطاعم في مدينة دالاس بولاية أوريغون، مما أسفر عن إصابة (751) حالة. 
توثق أيضا حادثة مرتبطة بطائفة أوم، حيث استخدمت غاز السارين في مترو طوكيو عام 1995.
ثم يأتي نموذج هجمات الجمرة الخبيثة 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية كأحد نماذج هذه الهجمات، فأصيب (22) شخصاً، توفي من بينهم خمسة، سواء بسبب الفيروس أو مضاعفاته.
وفي هذه الأثناء صرح نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، بأن الولايات المتحدة الأمريكية لديها علم بأن ابن لادن حاول على مر السنين الحصول على أسلحة دمار شامل، أسلحة بيولوجية وكيميائية، وأنهم لديهم نسخ من الكتيبات التي استخدمتها القاعدة في معسكراتها التدريبية لتدريب الأعضاء على هذه الأشياء.


منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) صرح جون بولتون بقوله: “نحن قلقون من النية المعلنة لأسامة بن لادن ومنظمته الإرهابية (القاعدة) لاستخدام أسلحة بيولوجية ضد الولايات المتحدة. على الرغم من أننا لا نعرف حتى الآن مصادر هجمات الجمرة الخبيثة الأخيرة ضدنا، إلا أننا نعلم أن بعض إرهابيي 11 سبتمبر (أيلول) قاموا بتقصي استئجار طائرات رش المحاصيل …  نحن قلقون من أنه كان يمكنه الحصول على أسلحة بيولوجية بدائية، ربما بدعم من دولة ما”.
أوائل عام 2002 نشرت أخبار اكتشاف الولايات المتحدة الأمريكية لمعمل قيد الإنشاء في قندهار لتطوير عوامل بيولوجية، يشتبه في تبعيته لتنظيم القاعدة، في ظل الحديث عن وثائق تم الحصول عليها – آنذاك - من أفغانستان تفيد بسعي ابن لادن والقاعدة لتطوير أسلحة بيولوجية. 
كذلك تفيد اعترافات أحمد رسام، في محاكمة تفجيرات السفارة الأمريكية، بأن ابن لادن كان يسعى في بدايات التسعينيات لاستخدام السيانيد. كما أظهرت تقارير أن أحد خبراء تنظيم القاعدة يدعى “أبو خباب”، أشرف على التدريب على استخدام الريسين والسيانيد في هجمات متعددة مخطط لها في أوروبا نهاية عام 2002 وبداية 2003.
صرح أيضا مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق جورج تينيت، في شهادة له أمام الكونجرس الأمريكي فبراير (شباط) 2002 بقوله: “نحن نعلم أن القاعدة كانت تعمل على شراء بعض أخطر العوامل الكيميائية والسموم. 
وتظهر الوثائق التي تم استردادها من منشآت القاعدة في أفغانستان، أن ابن لادن كان يسعى لبرنامج متطور لأبحاث الأسلحة البيولوجية”.
محاولة حصول القاعدة على أسلحة بيولوجية، دفعتها لمحاولة تجنيد علماء الأسلحة البيولوجية في الاتحاد السوفيتي سابقاً، فأشارت تقارير للمخابرات الأمريكية إلى سفر علماء روس إلى قندهار ولقائهم بمسؤولي القاعدة، إلا أن المخابرات الروسية أشارت إلى رفض هؤلاء العلماء العمل مع ابن لادن.
ضمن الوثائق التي حصل عليها من حاسوب أيمن الظواهري، رسالة إلى محمد عاطف، بتاريخ 15 أبريل (نيسان) 1999، يتحدث فيها الظواهري لعاطف حول الأسلحة البيولوجية مشيراً إلى أن التقارير حولها والمخاوف من امتلاك القاعدة لها من العدو “الولايات المتحدة”، هي من لفتت انتباه تنظيم القاعدة لها، معدداً مزاياها في:
أن قوتها التدميرية لا تقل عن الأسلحة النووية.
أن اكتشاف الهجوم بها يتم في الغالب بعد أيام مما يزيد عدد ضحاياها وأثره.
.. إمكانية ردع وإبطال هذه الأسلحة صعبة للغاية، حال الحصول على كميات كبيرة ..
طالب الظواهري، محمد عاطف، بالسرية وبالبحث داخلياً، واضعاً مجموعة من المراجع في هذا الصدد.
باعتقال رضوان عصام الدين (الحنبلي- أسامة بن لادن جنوب شرق آسيا) – مواليد 1964، القائد العسكري للجماعة الإسلامية في جنوب شرق آسيا، معتقل في سجن غوانتانامو في أغسطس (آب) 2003، اعترف بلعبه دوراً في برنامج الجمرة الخبيثة.
بخلاف هذه الأحداث والاعترافات، انتشرت على مدار السنوات والعقود الماضية تقارير تفيد بسعي القاعدة لامتلاك واستخدام أسلحة بيولوجية في هجماتها. إلا أن التأكيدات على استخدامها لها ما زالت موضع شك.
عام 2014 حصل متمردون سوريون على جهاز حاسوب خاص بتنظيم داعش، في إدلب، أفادت محتوياته بوجود ملفات للتعليم والتدريب على استخدام الأسلحة البيولوجية، وإجراءات السلامة أثناء تطوير العوامل من أجل حماية أعضاء التنظيم.
بعد هجمات باريس 2015، حذر رئيس الوزراء الفرنسي السابق، مانويل فالس، من أن داعش ربما تسلح نفسها بأسلحة بيولوجية وكيميائية في الهجمات ضد أوروبا: “يجب ألا نستبعد شيئاً… إننا يجب أن نعلم ونضع في اعتبارنا أن هناك خطر الأسلحة الكيميائية والبكتريولوجية”.
الشواهد على استخدام تنظيم داعش لأسلحة بيولوجية ضئيلة للغاية، وتكاد تكون منعدمة، إلا أنه في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2019، اكتشفت السلطات الإندونيسية أن إحدى الخلايا التابعة لتنظيم داعش بالبلاد، كانت تخطط لهجوم باستخدام قنبلة تحتوي على سم أبرين –سم شديد الخطورة يمكن لـ(0.7) جرامات منهم قتل (100) شخص- في مدينة شيريبون الساحلية بجاوة الغربية. حيث حصلت الشرطة على (310) جرامات من حبات نبات “عين العفريت” الذي يعد المكون الرئيس لسم أبرين.
خاتمة:
الإرهاب في تطور مستمر، فمع كل تطور في مختلف المجالات، تسعى التنظيمات الإرهابية لامتلاكه، وتطويره. سعي المجموعات المستمر لامتلاك أسلحة بيولوجية وتطويرها، في ضوء ما توفره هذه الأسلحة من مميزات تخفض على الأقل جهود التجنيد للتنظيمات، حيث إنها لا تحتاج لأعداد بشرية لنشرها، إلى جانب مساعدات بعض الدول المارقة للإرهاب، من شأنه لفت الانتباه لضرورة المتابعة والمراقبة عن كثب لقدرات التنظيمات وتحركاتها نحو هذه النوعية من الأسلحة من ناحية.
ومن ناحية أخرى التضخيم من وقت لآخر في قدرات المجموعات والتغطية الإعلامية المستمرة التي تفيد امتلاكها أسلحة بيولوجية، من شأنه لفت انتباه هذه المجموعات والدول الداعمة لها أكثر نحو الأسلحة البيولوجية، وهذا ما عبر عنه الظواهري في رسالته سالفة الذكر. كما أنها تصيب المجتمعات بحالة من الذعر وتحدث اضطراباً مجتمعياً يمكن استغلاله من الإرهابيين للتسلل الداخلي، وتجنيد أفراد في النشاطات التقليدية لهذه المجموعات داخل هذا المجتمع.

ليست هناك تعليقات: