... سد النهضة ...
والدور الإسرائيلي والنهايات المتوقعة
والدور الإسرائيلي والنهايات المتوقعة
فشل جولة مفاوضات مصر والسودان وإثيوبيا للاتفاق على توزيع حصص مياه النيل قبيل تشغيل سد النهضة الأثيوبي تزامنت مع تصريحات متضاربة بين كبار المسؤولين تؤشر على عمق الخلافات والمصالح بينهما، والمحصلة أن مصر سوف تخسر ثلث وأكثر من حصتها في مياه النيل.
بداية .. قام السيسي بالموافقة على الطلب الأثيوبي ووقع إتفاقية المبادىء عام ٢٠١٥م ، وكلنا يتذكر المؤتمر الصحفي له مع الرئيس الأثيوبي في القاهرة وطريقة الطلب منه حلف اليمين وترديد عباراته “والله العظيم……”الخ، وما إلى ذلك، فالانطباع حينها أن الاتفاق قد تحقق، لكن الطرف الأثيوبي أخذ الإتفاقية ونجح في توفير التمويل المالي الخليجي والدولي، وأسس بذلك أولى خطوات تدشين سد النهضة بمباركة جميع الأطراف باعتبار أن السودان تحصيل حاصل ضمن المعادلة الإفريقية.
هناك تسريبات تطفو تارة وتخبو أخرى تؤشر على أن أصابع إسرائيل موجودة في هذه الأزمة المتدحرجة، والاعتقاد بالقاهرة أن طلب تدخل طرف دولي وتحديدا الولايات المتحدة لا يعني أن المشكلة سوف تنتهي لصالحها، فبيان البيت الأبيض كان واضحا لجهة تحميل الأطراف مسؤولية فشل الاتفاق ، والنقطة الأكثر إيلاما لمصر تتمثل في توقيعها إتفاق المبادىء وتركيز الجانب الأثيوبي أن حل المشكلة يجب ان يكون من خلال اللجان الفنية وأنها لا تقبل بخرق سيادتها في ملف تشغيل السد وتحديد حصص المياه، وتركز بذات السياق على أن السد العالي يحقق لمصر ما تريده في مراحل زمنية من حصتها في مياه النيل.
فكرة مشروع سد النهضة بالأساس اتت من تل أبيب
.. ولها أهداف معلنة وأخرى غير معلنة ..
اولها أن تبقى مصر ضعيفة وتعيش أزمات متلاحقة في وجودها وكينونتها لكي تؤمن جبهة مهمة لها، وبذات الوقت تريد التغلغل في قلب القارة الأفريقية من خلال دورها الاقتصادي والأمني بعد أن تحقق لها انفصال الجنوب السوداني وإمكانية أن تبقى وتتمدد من خلال المشاريع الكبرى، فليس عبثا ان تحصل أديس أبابا على تمويل مالي من حلفائها (اي إسرائيل) في الإقليم إلى جانب البنك الدولي.
مصر اليوم تخسر في خاصرتها الجنوبية وفي عدة أماكن كانت إلى وقت قريب قادرة على بلوغها، لكنها اختارت أن تتعامل بصورة ملتوية وغير واضحة في حقوقها في حقول الغاز بالبحر المتوسط تاركة الأمر لتركيا وإسرائيل وقبرص اليونانية لكي توزع الثروات دون أن يكون لها وجود على الطاولة، كما أنها أعادت ترسيم حدودها مع جيرانها في البحر الأحمر ودفعت بثقلها وراء التمسك بحلايب وخلافها مع السودان.
مصر اليوم لا تتمتع بذات الثقل السياسي داخل البيت العربي لدخولها في محاور عربية ضد أخرى، وذات الأمر في أفريقيا، وهي بذلك تخسر في مكانتها ودورها إلى جانب خسارتها الفعلية لحقوقها في المياه والثروات، ومعركتها لن تكون سهلة في انتزاع حصتها من مياه النيل، فجل الخبراء يؤشرون على أنها وضعت نفسها في خندق ضعيف لا تقوى على المواجهة الديبلوماسية والسياسية مع إثيوبيا التي أضحت قوة صاعدة في جل المساحة الإقليمية والدولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق