الخميس، 11 أبريل 2019

أمريكا تصر على تمزيق السودان والبشير يرفع الراية البيضاء..فيديو



12 ألف جنيـه لتركيــا لضــم ســواكن لمصــر!
حقيقــة الاحتـلال المصــري للســودان
  حـــدود مصـــر قبل محمـــد عـلي
... كانت أبعـــد من حـلايب بكثير  ...



السودان جزء لايتجزأ من مصر , والحدود الجغرافية والقومية لمصر تشمل وادي النيل من منبعه إلى مصبه , فمصر والسودان جزءان لا ينفصلان من وحدة سياسية واقتصادية لا تقبل التجزئة , تربطهما روابط الوطن والتاريخ واللغة والدين وصلات الدم والنسب والمرافق المشتركة .
هكذا تحدث عبد الرحمن الرافعي , وهكذا بالضبط كانت تفكر وتدعو حركة مصر الفتاه الجذور التاريخية لحزب العمل (الاستقلال حاليا) ولذلك اقتبست مرة أخرى بالنص كلمات الرافعي , والحقيقة ان الاتفاق كبير بين حركتنا وحركة الحزب الوطني لمصطفى كامل الذي كان يضم عبد الرحمن الرافعي , الاتفاق كبير في نقاط عدة .
وقد كتبت دراسة خاصة في هذا الشأن بعنوان ( مصر والسودان – التمرد – الحصار – الانقاذ ) في التسعينيات من القرن العشرين , وصدرت له طبعتان ولعله موجود على الانترنت .
 والسودان معدود منذ القرون الغابرة جزءاً من مصر ولقد أثبت ( ماسبرو) عالم المصريات الشهير وغيره من المؤرخين مابين مصر والسودان في الروابط التاريخية القديمة وثبت من النقوش الهيروغليفية ان الملك تحتمس الأول توغل حتى إلى منطقة البحيرات واحتل بعض النقاط الحربية التي كانت على النهر (شاير لونج بك . مصرومديرياتها المفقودة).
 واذا كان السودان قد فصل من مصر في بعض الأزمنة قديماً أو حديثاً فلم يكن ذلك إلا خروجا على القاعدة الأزلية وهي أنه جزء لايتجزأ من مصر .
 إن ارتباط مصر والسودان ضرورة حيوية لهما وخاصة لمصر , فإنها تستمد حياتها من النيل فهي هبة النيل كما قال هيرودوت بل يقول البعض ان مصر هي النيل والنيل هو مصر . فلا تطمئن على حياتها اذا تملكت منابع النيل دولة أخرى , وهذا يكشف خطورة مانسمعه من الفينة والأخرى من حكام أثيوبيا وثيقى الصلة باسرائيل وأمريكا عن مشروعات لإقامة سدود على النيل الأزرق المصدر الرئيسي لمياه النيل .


ولايتحقق استقلال مصر التام إلا اذا شمل وادي النيل من منبعه إلى مصبه وصارت هي والسودان وحدة سياسية واحدة .
ولا تمييز في ذلك لمصر على السودان في هذه الوحدة فكلاهما جزء لايتجزأ من هذا الوادي , وكلاهما يكمل الآخر ولاغنى له عنه , فمصر لا تستطيع أن تقف على قدميها منفصلة عن السودان , والسودان أيضاً لا يستطيع أن يقف على قدميه منفصلاً عن مصر , واذا انفصلا يفقد كل منهما كيانه ويصبح كلاهما إقليما تنقصه مقومات الدولة القوية الحقيقية . 
 ولم تغب هذه الفكرة عن عقل محمد علي الاستراتيجي الذي كان يدرك تماماً عبقرية مصر موقعاً وموضعاً في أمتها العربية الاسلامية , ويدرك هذا الارتباط العضوي التاريخي بالسودان ويعدد المؤرخون أسباباً عدة لفتح السودان وهي لا تعدو أن تكون أجزاء من هذا التصور العام فجرى الحديث عن محاولة لاكتشاف مناجم الذهب والماس في السودان وهو مالم يتحقق في عهد محمد علي ولكن ثبت مؤخراً ان السودان يذخر باحتياطيات الذهب وبدأ استغلاله فعلا بعد ضياع كثير من مصادر البترول مع انفصال جنوب السودان . ومن أسباب هذا الفتح - كما يقول المؤرخون – الخلاص مما تبقى من الأرناءود باستهلاكهم في هذه الحرب بعد حروب جزيرة العرب , بينما هو يقوم بتأسيس الجيش المصري في نفس الوقت , مع تصور أن يستعين بجند من السودان كما أوضحنا . 
كذلك مطاردة البقية الباقية من المماليك الذين لجأوا من الصعيد إلى اقليم دنقله .
ومن ضمن تشوش بعض كتاب التاريخ فانهم يقولون ان هؤلاء فلاحون مصريون هاربون من ظلم محمد علي !! ولكن يبقى الأساس هو توسيع ملك مصر من الجنوب واكتشاف منابع النيل وإيجاد الروابط الإقتصادية بين مصر والسودان وتأمين طرق التجارة بين البلدين . ويؤكد كاتب انجليزي ( سوني بيل ) ان فوائد الري ومنافعه والاطمئنان على سلامة النيل كانت من أهم أغراضه وهذا مايؤكده ابراهيم باشا فوزي في كتابه ( السودان بين يدي غردون وكتشنر ) فيقول إنه علم من أحد المقربين من محمد علي ان دولة أوروبية كبيرة كانت تستهدف احتلال منابع النيل ( يقصد انجلترا ) وهذا ماتوارد علمه لمحمد علي وحفزه على ضرورة إنفاذ الحملة إلى السودان . 
 وتبلغ مساحة السودان ضعف مساحة مصر ( مرتين ونصف ) أي 2 مليون كيلو متر مربع ونصف المليون .. ومساحته تضاهي ربع مساحة أوروبا ..
لذا يعتبر فتح السودان أهم وأفضل حروب محمد علي .
 ولم يواجه جيش محمد علي مقاومة تذكر فقد كان يواجه قوات مشتته عزلاء لا سلاح معها إلا الرماح وتركزت المقاومة الشديدة نسبياً في نقاط محدودة ( جنوب دنقلة – كردفان – سنار ) وكانت خسائر الجيش المصري أساساً بسبب الحميات والأوبئة. 
 وقاد الحملة ابن محمد علي الثالث اسماعيل باشا , واصطحب محمد علي الحملة إلى ما وراء شلال اسوان ليرتب مواقع الجنود ويضع لهم الخطط ويرفع المعنويات وعاد إلى الجيزة .
ولم تتجاوز القوات 5400 مجهزين بـ 24 مدفعاً بقيادة اسماعيل . وجيش آخر مواز لفتح كردفان قوامه 4 آلاف جندي وعشر مدافع فالمجموع قرابة 10 آلاف وصحب الحملة 3 من علماء الأزهر لاقناع أهالي السودان بالتعاون والاعتراف بسلطة الحكومة وحقن الدماء . وتم نقل هذا الجيش بـ 3 آلاف مركب و3 آلاف من الابل للسير براً , ومعهم ألفان من الأتباع . هرب المماليك من وجه الحملة وتم احتلال بلاد دنقلة كلها بدون قتال . 
أما في جنوب دنقلة فقد قاتل الشايقية ببسالة , ولما انتصر عليهم اسماعيل , أبدى إعجابه بهم وعرض عليهم الانخراط في الجيش المصري فوافقوا وأخلصوا الوفاء للحكم المصري على مدى السنين . وأعلن ملك بربر ولاءه لاسماعيل فأقره على بلده وذلك في 10مارس 1821, وبعدها قدم ملك شندي (نمر) ولاءه . 
حتى وصل الجيش إلى ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ثم احتل أم درمان والخرطوم التي تقع على ضفة النيل وهي على بعد 1800 كيلومتر من اسوان ولم يكن بها إلا عشرة بيوت من الغاب وهنا تم تأسيس عاصمة السودان .
ثم تم فتح مملكة ( سنان ) وأهم مدنها واد مدني ( زرتها عام 1986 مع محمد ابن اسماعيل الأزهري أول رئيس جمهورية للسودان المستقل ) وقدم ملك سنار الولاء لاسماعيل محمد علي .
وهكذا تلاحظون ان السودان لم يكن موحداً بل كان مجموعة كبيرة من الممالك الصغيرة . 
 إن محمد علي – بالمعنى الحرفي – هو صانع خريطة السودان الحديث , وموحد السودان . الفرع الثاني من الحملة كان جيشاً بقيادة صهر محمد علي محمد بك الدفتردار قام بفتح كردفان في غرب السودان وكانت تابعة لسلطان دارفور كمملكة مستقلة .
وتم احتلال (الأبيض) عاصمة كردفان. كما ذكرنا فان الأوبئة كانت العدوالرئيسي للجيش المصري فمات منها قرابة 1500 حتى اكتوبر 1821 ولم يبق صالحاً للقتال سوى 500 جندي في جيش اسماعيل .
فجاء ابراهيم باشا الابن الأكبر لمحمد علي رجل المهام الصعبة ومعه امدادات ومؤن فرفع المعنويات وقسم القوات الى فرعين فرع بقيادة اسماعيل على النيل الأزرق ( اقليم نازوغلي) وفرع بقيادة ابراهيم في اتجاه بلاد الدنكا على النيل الأبيض , وهذا هو عمق جنوب السودان . فالدنكا هي أكبر قبيلة في الجنوب ولكن ابراهيم أصابه المرض وعاد إلى مصر . وواصل اسماعيل وفتح فازوغلي وقدم له ملكها ( حسن ) الولاء .



 بعد استقرار فتح السودان عين محمد علي حاكماً يسمى (حكمدار السودان) يجمع السلطة العسكرية والمدنية ويتبع وزارة الداخلية ومقره في الخرطوم . 
وتم تقسيم السودان إلى مديريات وتم استبقاء الحكام الأصليين في مراكزهم كمشايخ النوبة ودنقلة وبربر والحلفاية والرصيرص وفازوغلي وملك سنار . 
واستقر في السودان 18 ألف جندي منهم 400 من الشايقية السودانية و400 من المغاربة وكانت الوحدات موزعة على المدن . 
وقد دخل في هذا الجيش عدد كبير من السودانيين مع مرور الأيام وأثبتت التجارب كفايتهم وولاءهم وحسن آدائهم للخدمة العسكرية , وصار السودانيون ينتظمون في الجيش المصري كالمصريين تظلهم راية واحدة والولاء لدولة واحدة هي الدولة المصرية .
واستمر الحكم المصري للسودان حتى عام 1884 بسبب قرار الاحتلال البريطاني في الفصل بين البلدين . وتراوح آداء ولاة السودان بين العدل والظلم . 
كان أفضلهم خورشيد باشا الذي أقام العدل وعلم الأهالي صناعة الطوب بديلا للدور المكونة من الغاب والجلود . وأمدهم بالطوب والأخشاب والألواح لتيسير العمران خاصة في الخرطوم ونظم الدواوين ووطد الأمن وانشأ المساجد وعني بالزراعة وطلب من محمد علي إرسال مزارعين مصريين أكفاء لتدريب السودانيين على الزراعة . كما توسع في شرق السودان حتى حدود الحبشة .
 وأعقبه أحمد باشا أبو ودان الذي جلب من مصر كثيراً من الحيوانات المستأنسة والنباتات النافعة وبذورها فتحسنت الزراعة وارتقت شئونها ونشطت الصناعة في ترسانة الخرطوم , واستكثر من السفن الأميرية في النيل وزاد من طرق المواصلات , فاتسعت التجارة بين مصر والسودان والبلاد الافريقية الأخرى , وأصبحت الخرطوم مركزاً تجارياً وفتح اقليم كسلا وهو في الشرق حتى البحر الأحمر وعلى حدود ارتريا الحالية واسس مدينة كسلا وجعلها عاصمة للاقليم . وزار محمد علي السودان في جولة استمرت 5 شهور بين آواخر 1838 واوائل 1839 , للبحث في سبل تطوير الاستثمار , وللاطمئنان على أحوال الرعية والعمل الاداري . وقدم الجيش المصري في هذه الحملة ثلاثة آلاف قتيل معظمهم بسبب الأمراض .
وأقام المصريون حكومة منتظمة في البلاد وبسطت الأمن , وتم التعامل مع السودان كجزء من مصر وليس كمستعمرة وانشأوا المدن وعلى رأسها الخرطوم وهي مكان مناسب كعاصمة حيث تقع عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ولم تكن سوى محلة صغيرة للصيادين , وسميت الخرطوم لأن ملتقى النيلين يشبه خرطوم الفيل . 
وأقيمت مباني الحكومة بالطوب الأحمر والمساجد وانشئت فيها ثكنة للجنود ومستشفى ومصنع للبارود ثم ترسانة كبيرة تشمل مسبكاً للحديد ومعملاً للنجارة وفيها بنيت السفن النيلية .
وانتشرت المباني السكنية التي أعطت شكلاً جميلاً للمدينة . 
وقام المصريون بتخطيط حدائق واسعة تتسم بالجمال والتنظيم , وهو مالم نعد نقوم به في مصر الآن !! وزرع الخضر والتين والبرتقال والليمون والموز والنخيل والدوم .
وزاد عدد سكان الخرطوم من لا شئ تقريباً الى 30 الف في نهاية عهد محمد علي ثم 55 ألف عام 1883 .
كذلك تم تأسيس مدينة في مكة 1840 في سنار . 
وعلى خلاف السابق أصبح التنقل في ربوع السودان آمناً , مما شجع التجارة والرحالة والكشوف الجغرافية . وكانت تلك من سمات حكم محمد علي في الجزيرة العربية والشام أيضاً .
 وقد أدى الأمن إلى تنظيم البريد عبر السفن والإبل بين مصر وجميع مديريات السودان ويقول جومبار الفرنسي إن البريد كان يصل من النيل الأبيض إلى باريس في 32 يوماً , ومن خط الاستواء إلى باريس في 50 يوماً . وكان هذا امراً غير متصور قبل ذلك . وأدخل المصريون زراعة القمح والخضر , وغرسوا أشجار الفاكهة كالبرتقال والليمون والرمان والعنب ونسقوا الحدائق الغناء .
 وتم تعمير مدينة سنار بالمباني الحكومية وثكنة للجنود ومسجد جامع . وأمر محمد علي بحفر الآبار في طريق صحراوي بالنوبة تسهيلاً للمواصلات بين مصر والسودان . 
وقد أدت هذه الحملة لتعبيد الطريق أمام المكتشفين للوصول إلى منابع النيل في بحيرة فكتوريا وشلالات ريبون .
وكان ابراهيم باشا يحدث زواره عام 1821 بان الهدف من الحملة هو الوصول إلى منابع النيل . ووصل مكتشف مصري ( ابراهيم كاشف ) إلى بلاد الشلك والدنكا قريباً من بحر الغزال وهو البداية الحقيقية لجنوب السودان .
وفي 1839 تحركت حملة عسكرية برئاسة سليم بك قبطان للمزيد من الكشوف الجغرافية ووصلت الي نهر سوباط وعادت البعثة بحقائق جغرافية علمية مهمة . وقام سليمان قبطان بحملة ثانية 1840 وصلت إلى غندكرو على بعد 1080 ميلاً جنوب الخرطوم , على مقربة من منطقة البحيرات . وكررها بجملة أخرى 1841 وصلت إلى نفس النقطة .
ولم يحل دون المزيد من التقدم إلا مرض محمد علي . اكتشفت هذه الحملات بلاداً ومناطق كانت الى ذلك الحين مجهولة , ولم يطرقها من قبل سائح أو مكتشف ودرست جغرافيتها , وعرفت أحوال سكانها ونباتها واشجارها ومناخها وحيوانها , فأفادت الحضارة والعلم فوائد جمة ثم إنها بسطت في طريقها نفوذ مصر , فخفقت الراية المصرية لأول مرة في تلك الأصقاع النائية , وهو ما أكمله الخديو اسماعيل حيث وصل بحدود مصر فعلاً إلى منابع النيل . 
 وكانت حدود مصر قبل الفتح الأول للسودان ( أي قبل محمد علي ) كانت تنتهي إلى جزيرة ساي جنوبي وادي حلفا , فرقعة مصر كانت اذن اوسع مما تقره الحدود الحالية التي وضعها الانجليز شمال وادي حلفا . 
. وهي الحدود التي نتشاجر مع السودان حالياً حول مثلث حلايب داخلها .
والواقع ان حدود مصر كانت قبل الاحتلال البريطاني وقبل محمد علي تصل إلى الشلالين الثاني والثالث , أما حدود مصر الحالية التي رسمها الانجليز فتتوقف جنوب الشلال الأول عند كروسكو والفرق بين النقطتين مسافة كبيرة جداً وهي واضحة على الخريطة (عشرات الكيلومترات طولياً ). وهكذا في نهاية عهد محمد علي وبالدقة حتى عام 1840 فان مصر وحدت ممالك السودان وصنعت خريطته الحديثة كجزء لايتجزأ من مصر .
في الشرق وصلت حدود السودان المصري إلى البحر الأحمر بضم اقليم كسلا بين نهر عطبره والبحر الأحمر وهو السودان الشرقي وكان متصلاً بثغري ( سواكن ) السوداني حالياً و( مصوع ) ارتريا حالياً والى الجنوب من كسلا وصل الجيش المصري إلى ( القضارف ) بالقرب من حدود الحبشة بل الى القلابات على حدود اثيوبيا تماماً . وفيما بعد استأجر محمد علي من سلطان تركيا سواكن ومصوع وأدخلهما في حدود السودان المصري , وكانتا من أملاك السلطنة العثمانية القديمة , ورأى محمد علي أهميتهما كمنفذ على البحر الأحمر ( لاحظ ان ممالك السودان لم تكن مطلة على البحر الأحمر حتى ذلك الوقت !!) . 
استأجر محمد علي من السلطان الميناءين مقابل 5 آلاف كيس ( 25 الف جنيه ) . 
{أي أن مصر دفعت 12 ألف جنيه لاستئجار سواكن في القرن 19 من تركيا .
والآن في القرن 21 تصرخ احتجاجاً على السودان لأنه اجر سواكن لتركيا وهي قصته رمزية تروي تدهور حالة مصر .
}
( الشعب ) ومن جهة الجنوب وصل الجيش المصري في اتجاه أوغندا على النيل الأبيض إلى جزيرة جونكر تجاه ( غوندكرو ) , وقام الخديو اسماعيل ( حفيد محمد علي ) باستكمال الفتح حتى مديرية خط الاستواء واوغنده وهو يشمل منطقة البحيرات .
 ومن جهة الغرب تم ضم كردفان , اما سلطنة دارفور فتم ضمها في عهد اسماعيل ولكن دارفور دخلت رسمياً في املاك مصر ( حتى قبل فتحها ) بمقتضى فرمان 13 فبراير 1841 الذي اسند إليها ولاية أقاليم السودان وهي كما وردت في الفرمان المذكور . 
..( النوبة – دارفور – كردفان – سنار وجميع توابعها وملحقاتها ).. 
وقد صدر هذا الفرمان بتصديق الدول الغربية . ولم تكن الدول الغربية غافلة عن مخاطر دولة مصرية قوية تضم مصر والسودان , ولكنها وافقت مؤقتا في اطار ابعاد اهتمام محمد علي نهائياً عن الشام والأناضول . 
لأن توسع محمد علي في المشرق خطر حال , اما توسعه جنوباً فخطر مؤجل , وكان لايغيب عن عين انجلترا ان تقوض هذا التوسع حتى لايستقر كما ستوضح الأحداث .
الأهمية الاستراتيجية للسودان : كان محمد علي ثاقب الرؤية في المجال الاستراتيجي , وكان اهتمامه بالسودان من أهم معالم هذا الصواب فلم يستقر حكم مصري في السودان ويتوسع إلى هذا المدى منذ عهد المصريين القدماء .
ونحن لم نبعد عن قضية هذه الدراسة . 
المستطيل القرآني / مركز العالم / الشرق الأوسط . 
عندما أبحرنا كل هذا الابحار في عهد محمد علي . 
لانه خلال هذا النصف قرن أو اقل من حكمه انقلبت أحوال المستطيل .
وكان هو محور أهم أحداثه , وبالتالي كان محور أهم أحداث العالم . 
بل سيطر محمد علي على كل المستطيل عدا العراق وبعض نقاط على الخليج العربي . 
وماحدث في مصر من طفرة بالمقارنة لأقرانها العرب يرجع الفضل فيه لهذه النهضة في عهده . 
نعم مصر مهيأه دائماً لأن تتصدر المشهد العربي , ولكن في غياب قيادة قادرة وفاهمة لا يحدث ذلك . هناك طفرة حضارية : علمية - ثقافية – صناعية – اقتصادية – تعليمية – عسكرية حدثت في مصر بالمقارنة مع اقرانها العرب , بسبب هذه النهضة وما يوصف به محمد علي عادة بانه مؤسس دولة مصر الحديثة فهو صحيح وصائب حقاً ,حتى وان تدهورت في عهد ابنائه , حتى وان عادت للتدهور في عهد كامب ديفيد . 
وتظل مصر المسكينة بعد كل ماجرى فيها محط أنظار العرب والمسلمين , وسبب دموع مقائيهم على غياب دورها , وكل من حاول ان يحل محلها من العرب بالادعاء وليس لأنه صنع شيئاً حقيقياً .
فان ادعاءه يذهب أدراج الرياح وآخر هذه المحاولات : محاولة السعودية التي تظن أنها يمكن ان تصنع بأموالها النفطية مجداً غير مستحق . 
تظل مصر المسكينة منتوفة الريش , بعد أن تحولت نهباً لليهود والأمريكان , تظل محط آمال العرب , ينتظرون بعثها من جديد . 
كالمهدي المنتظر , أو الجودو , أو المخلص القادم من السماء .
 كان توجه محمد علي أشبه بالتوجه إلى الذات , إلى وجه مصر الحقيقي الافريقي عند منابع النيل وعلى اقصى ضفاف البحر الأحمر جنوباً حين يلتقي مع المحيط الهندي . أي يمم وجهه حيثما يمم تحتمس الأول وحتشبسوت . 
... إلى منابع النيل وبلاد بونت ( الصومال ) ... 
 تحدثنا مراراً عن المستطيل القرآني ,وهي الخريطة القرآنية أي المواقع الجغرافية المذكورة حصراً في القرآن الكريم وقلنا في بداية الدراسة انها تساوي في خرائط اليوم : الوطن العربي الآسيوي + مصر .
. وتساوي مايسميه الغرب الآن الشرق الأوسط . 
 وقلنا ان تاريخ العالم منذ فجره حتى وصلنا الآن إلى منتصف القرن 19 , يدور محوره وتدور احداثه الكبرى حول وداخل هذا المستطيل القرآني والذي سميناه ايضاً مركز العالم , وهذا مانسميه احد أوجه الاعجاز السياسي للقرآن الكريم أو لنقل تحديداً هنا الاعجاز الجغرافي السياسي أي مايسمى الآن علم الجيوبولتيكس. 
 في عرضنا الأول لم ندخل السودان في المستطيل القرآني لأننا لاندخل إلا من جاء نص صريح بجغرافيته في القرآن الكريم , ولاندخل من نرى وفق أي تحاليل جغرافية أو تاريخية ولكن السودان يدخل في المستطيل القرآني من زاويتين :
 1- باعتباره جزءاً لايتجزأ من مصر أو اقليم مصر خاصة شمال السودان الذي كان عملياً جزءاً من الخريطة السياسية لمصر في اغلب فترات التاريخ , حتى الشلال الرابع على الأقل .
 2- باعتباره – أي السودان – مطلاً على البحر الأحمر , والبحر الأحمر جزء لايتجزأ من المستطيل القرآني وان لم يرد ذكره صراحة إلا أنه واقع بالضرورة داخل المستطيل , كالخليج العربي أو البحر الميت أو بحيرة طبريه أو أو البحيرات المرة أو شرق البحر المتوسط . 
فالبحر الأحمر يقع بين الجزيرة العربية ومصر وكلاهما مذكورين في القرآن الكريم . والمستطيل القرآني مساحته متصلة غير منقطعة . كما أن بعض احداث القرآن الكريم لا تفسر إلا البحر الأحمر .
فقصة موسى والخضر جرت على الأغلب في سيناء ومجمع البحرين والبحر والساحل الواردين في القصة لا يمكن إلا ان يكون في البحر الأحمر وان كان هناك احتمال بأن يكون على ساحل البحر المتوسط حيث الملك الذي يغصب السفن الصالحة , فسيناء تطل على البحرين .
ولكن الاشارة للبحر الأحمر في قصة عبور البحر مؤكدة لأن بني اسرائيل عبروا بحرا بين مصر وسيناء وهو لن يكون إلا البحر الأحمر .
وان وجد المؤرخون احتمالين : احتمال ان تكون معجزة العبور تمت في نقطة ما على خليج السويس وحيث توجد بالفعل عيون موسى على الضفة الأخرى ( في الطريق الحالي لرأس سدر ) أما الاحتمال الآخر الذي يقول به البعض فهو لايخرج ايضاً عن البحر الأحمر , ولكن يقولون إن وقائع التاريخ تؤكد أن البحر الأحمر كان متصلاً بصورة طبيعية بالبحيرات المرة الحالية , وان بني اسرائيل عبروا هذه القناة ( المتصلة بالبحر الأحمر ) في اتجاه سيناء . 
 بل هناك افتراض علمي يقول إن هذا الاتصال بين البحيرات المرة والبحر الأحمر ( القلزم ) كان بسبب أحد فروع النيل ( التي كانت قد وصلت في بعض التقديرات إلى 16 فرعا ) كان قد اتجه شرقا واتصل بالبحيرات المرة ثم اخترقها جنوباً إلى البحر الأحمر عند كليزما (السويس). ويبدو ان هذا الفرع سبق قناة سيزوستريس ونخاو الفرعونية الصناعية إلى البحر الأحمر . ( د. جمال حمدان) . 
 اذاً ضم السودان لمصر وتوحيدهما في دولة واحدة مسألة استراتيجية لحياة ومستقبل وقوة البلدين .
فهما معاً الركيزة الصلبة لبناء الدولة العربية الاسلامية بالاضافة لتكامل العناصر البشرية والطبيعية بين البلدين مع القدرة على التوسع وفرض النفوذ الأدبي والاقتصادي حتى منابع النيل حيث تزايدت في العقود الأخيرة الاختراقات الصهيونية – الأمريكية لبلدان المنبع خاصة اثيوبيا واوغندا . 
.. وبالتالي فان البلدين يواجهان تهديداً مائياً خطيراً وحقيقياً .. 
. ودائماً الأعداء يكونون أكثر ادراكاً من حكامنا للأبعاد الاستراتيجية . 
فنجد أن أمريكا واسرائيل وبعض دول الغرب يعطون السودان اهمية استثنائية غير عادية بهدف التمزيق والتدمير والانقسام لمنع قيام دولة قوية سودانية من المحتمل أن تتوحد مع مصر , فتصبح الدولة الجديدة دولة كبرى اقليمية . 
وحتى إن قامت دولة قوية في السودان بصورة منفصلة عن مصر وقامت على اسس اسلامية استقلالية فإنها تشكل بالنسبة لهم خطراً شديداً على نفوذهم الاستعماري في قلب وشرق افريقيا ( وهي مجموعة دول الصومال – ارتريا – اثيوبيا – كينيا – اوغندا – تنزانيا ) . 
وحيث تكاد تتعادل فيها نسبة السكان بين الاسلام والمسيحية وان غلب الاسلام على الصومال ( 100% ) وارتريا بين 70-80% . 
 رأى الاستعمار البريطاني ومن بعده الأمريكي انه لابد من وقف تقدم وزحف الاسلام في مستنقعات جنوب السودان . 
وذلك من خلال تشجيع التمرد الجنوبي منذ عام 1955 ( أي قبل استقلال السودان بعام واحد ) وحتى الآن حيث أدى في النهاية إلى استقلال جنوب السودان , وتحوله من مستنقعات نيلية إلى مستنقعات دموية بين قبائل الدينكا والشيلك والنوير .
ولكنهم لم يكتفوا بذلك بل عززوا مالياً وعسكرياً واعلامياً وسياسياً حركات منسقة متوالية في غرب السودان بدارفور وكردفان , ومنطقة جبال النوبة وأبييه والنيل الأزرق , مع تشجيع التمردات في شرق السودان ( كسلا ) , وحتى الشمال النوبي !! إن هؤلاء المجرمون في الغرب واسرائيل , لايريدون إلا أن يكون السودان اشلاء حتى يستريحوا ويطمئنوا لتوقف الزحف الاسلامي . 
ولتكون الحدود الجنوبية لمصر مجرد مرجل يغلي لا يصدر لمصر إلا المشكلات , ويجعلها لاتنظر أمامها بل تظل دائماً تلتفت إلى الجنوب مذعورة من عواقب مايجري فيه . ونحن في المقابل فان حكام مصر منذ 40 عاماً تقريباً لا يعطون للسودان الاهتمام الحقيقي الواجب , ولا يفكرون اصلاً بروح التوحيد الاستراتيجي بين البلدين . 
 وقد كرس ذلك عبد الناصر بنفض اليد من السودان – مما سنأتي له ان شاء الله ولكن من جاء بعده تحول إلى معاداة السودان أو التعالي عليه او التعامل معه ببرود وكأنه مجرد ملف من ملفات وزارة الخارجية أو المخابرات . 
 بينما يتعرض نظام البشير الى حالة من فقدان التوازن بعد أن تخلى عن الخيار الاسلامي وعن الاستقلال . وسار في طريق إرضاء أمريكا والغرب , ومن شابه شقيقه الأكبر فما ظلم !! كما أنه يعتمد إلى حد كبير على التسول من السعودية وقطر.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛

بث مباشر من قِبل إذاعة القران الكريم من القاهرة




ليست هناك تعليقات: