الأحد، 16 ديسمبر 2018

الامثال الشعبيه . وراء كل مثل قصة وحكاية..


.. وراء كـل مثل قصــة وحكـــاية ..


تحمل الأمثال الشعبية بين ثناياها أكثر من مجرد حكايات اجتماعية حدثت وانتهت في العصور القديمة، فعلى قدر ما توثقه من قصص يومية لأسلافنا وأجدادنا القدامى، توثق أيضًا قصص تاريخية، طافت وجالت تفاصيلها عبر الزمن، حتي رست في زمننا هذا بـ"حكمة" تداولت على ألسن جميع الشعوب العربية.
"امسك الخشب" 
أو في قول آخر وبلادًا أخرى "تاتش وود".. يعد هذا المصطلح مثل ولكن على عكس جميع الأمثال الشعبية التى تم ذكرها من قبل، حيث أنه لم يختص فقط بالشعوب العربية بل يستخدمه الأجانب أيضًا خلال أحاديثهم، وذلك لما يكمن وراء حكايته.
 والذي تردد على ألسنة الكثيرين خلال أحاديثهم، ولكن قليلون من يعلم في أى مناسبة خلق هذا المثل.
وهذا المثل له قصة خاصة بعض الشئ، ويستخدمه المصريون والأجانب على حد سواء، ويقال عند التعبير عن صفات حميدة لدي شخصًا ما، بهدف الحماية من الحسد أو أن يصيبه أى مكروه، دون دراية لماذا الخشب يدفع الحسد عن الناس، ولكن هذا التعبير لا يعود لمجرد حكاية بين الاهل أو الجيران، بل له حكاية تاريخية من أصل قبطي.
الخشب الوارد بالذكر في هذا المثل الشعبي "الصليب"، وذلك لأن كلمة الصليب باللغة القبطية تعنى "شى اثؤاف"، وهي الخشبة المقدسة، وعادة ما كانوا الأقباط القدامى يدعون إلى التمسك بالخشبة المقدسة، لأنهم كانوا يروا انها دائمًا ما ترعاهم وتحفظهم من كل شئ ليس فيه خير، بجانب أنها وكما نقل عنهم في الكتب القديمة تمثل لهم البركة والحصانة من كل شر، ومن ثم فإن إمساك الشخص بالخشبه يعني إمساكه بالصليب وتبركه به.
ووفقًا للروايات ولما ذكره البطريرك الأرثوذكسي اليونانى "أنستاسيوس زافاليس"، أنه كان من العادة فى عهد الإمبراطور قسطنطين أن المؤمنين بالمسيحية، كانوا يسيرون فى مواكب عامة ويلمسون الصليب الخشبى بهدف الحصول على البركة والشفاء ويلمسونه ثلاث مرات طبقا لعقيدة الثالوث.
وبعد وضع الصليب المركزي الخشبي فى القسطنطينية أصبح من التقاليد لمس أى صليب خشبى للتبرك به، ثم تحولت العادة فى وقت لاحق إلى لمس أى شىء مصنوع من الخشب، لتحصين الشخص من الحسد والضرر والأذى، وتناقل الأقباط العرب والأجانب هذه العادة حتي اصبحت متداولة لدينا جميعًا في وقتنا هذا.
 "آخر خدمة الغز علقة"
نرصد جميع القصص وراء هذه الأمثال الشعبية، وفي السطور التالية نتناول قصة إحداهما الذي حاز على شهرة واسعة، وهو
 "آخر خدمة الغز علقة"
والذي تردد على ألسنة الكثيرون خلال أحاديثهم، ولكن قليلون من يعلم في أى مناسبة خلق هذا المثل.
هذا المثل الشعبي له دلالة وعلامة على "نكران الجميل"، وبالإضافة لذلك سلوك الأناس التي تقابل عمل الخير بـ"الشر"، قصة هذا المثل "تاريخية" أكثر من كونها قصة اجتماعية من قديم الزمن، فكلمة "الغز" هي لفظ عامي مصري اشتقه المصريون من لفظ الغزاة، وهم ما يقصد بهم "المماليك".
تعود قصة هذا المثل إلى عصر المماليك، الذين كانوا لا يستعمرون قرية من قري البلاد إلا وعاثوا فيها فسادًا وحل الخراب والهلاك على أهلها بسبب ما يفعلون، فكانوا يتحاملون بشكل كبير على أهل القرى جميعًا سواء نساء أو رجال او شيوخ كبار السن، ولم يسلم منهم الأطفال صغار السن.
كان "المماليك" إذا دخلوا قرية نهبوها وأخرجوا أهلها للعمل لديهم وخدمتهم بالسخرة دون مقابل، وبجانب كل هذه الأفعال المشينة يسرقوهم وينهبون خيراتهم ويأخذون أموال الغلابة والفلاحين، ويأخذون الغلال عنوة من أصحابها، ويجبرون بقية أهل البلد على العمل لديهم بالقهر ودون أجر ويعاملوهم بشكل سىء للغاية.
عندما يفرغ "المماليك" من أفعالهم والهلاك والخراب، الذين يتسببون به لأهالى القرية بأجمعها، ويصبحوا في حالة تأكد أن لا يوجد هناك شئ أخر لم يستولوا عليه من هذه القرية، وأن لا يوجد أى خير آخر من وراءها يمكن أن ينهبوه، كانوا يهموا بالرحيل منها، ولكن "المماليك" لا تخرج بطريقة عادية أو طبيعية من هؤلاء القرى وإنما يختتمون أفعالهم المشينة، ويقوموا بضرب الرجال العاملين معهم كنوع من التجبر وفرض السطوة، فصار المصريون من يومها يقولون "آخرة خدمة الغُز علقة".



"إن فاتك الميري إتمرغ في ترابه"..
"دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا"..
"بين حانة ومانا ضاعت لحانا"...
"رجعت حليمة لعادتها القديمة"..
"بينهم ما صنع الحداد"..
"اللي اختشوا ماتوا"..

 "المنوفي لا يلوفي ولو أكلته لحم الكتوفي"


"المنوفي لا يلوفي ولو أكلته من لحم كتوفي" والذي يردده الكثيرون فى أحاديثهم، دون علم أو معرفة بالقصة وراءه أو في أى مناسبة أوحدث قيل فيه هذا المثل . المثل يستخدمه البعض للدلالة على عدم الوفاء بالعهد، وخص به شخصية "المنوفي"، حيث كانت هذه القصة تدور بين شخصيتان، إحداهما كان شخص من محافظة المنوفية، والأخرمن المماليك، وتعاهدوا سويًا على وعد بينهم وعند تنفيذه لم يقم المنوفي بدوره المتفق. 
 بدأت قصة هذا المثل الشعبي منذ قديم الأزل في عصر المماليك، حين تعدى مملوك على زميله بالضرب المبرح حتى تسبب ذلك بمقتله في الحال، وعندما رأى ذلك، أقبل على الرحيل مسرعًا قبل ان يراه أحد، وأكتشف أنه لا فائدة من ذلك، حيث كان هناك شخص يقف من بعيد ورأى الحادثة بأكملها. 
 أقترب المملوك من الرجل حتى يتعرف عليه، ويفهم منه نواياه، وحاول أن يصل معه إلى إتفاق، حتي يصمت عما رأه، فكان رجلًا من محافظة المنوفية، وتحديدًا من مدينة منوف، في ذلك الوقت، ولما وجد عدم وجود نية لديه ليصمت، فأراد القاتل المملوكي أن يرشيه حتى لا يكشف سره. وتجاوب معه"المنوفي" في بداية الأمر، وظل"المملوك" يطعمه من لحوم الغنم والإبل الخاص به، واتفق معه على ألا يشهد ضده في جلسة الحكم التي سيقاضى فيها المملوكي القاتل، وعند تنفيذ هذا الوعد، سوف يغدقه بالكثير من الهدايا، بل وبجميع ما يتمني. 
 وجاء اليوم المراد والمتفق عليه بين المملوك والمنوفي، وهو يوم محاكمته أمام القاضي عن قضية مقتل زميله، وعند طلب القاضي من المنوفي أن يحلف اليمين على قول الحق وألا يكذب فيما يقول، بخصوص هذه الواقعة، فأجابة واعترف على المملوكي القاتل وسرد كل ما حدث بالضبط، وهو الأمر الذي جعل الأخر يستعجب من سلوكه وفي الإتفاق الذي حدث بينهم.
 وصاح المملوكي بوجه "المنوفي" قائلًا "ألم نتفق سويًا"، فرد عليه المنوفي: "يارجل أأشهد بقول الزور وأعتق رقبتك من النار وأدخل أنا بشهادة الزور النار"، فأطلق الرجل الجملة في المحكمة"المنوفي لا يلوفي ولو أكل لحم الكتوفي".

لحم الكتوف لا يشترى أصحاب الذمم النظيفة


ليست هناك تعليقات: