الأربعاء، 4 يوليو 2018

هل بدأت معركة التوراة (هرمجدون) ضد الكفار المسلمين ؟..فيديو



كيسنجر: طبول الحرب العالمية الثالثة تدق
 لا يسمعها إلا الأصم
الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران
 ليس سوى ضربة البداية 
سيناريوهات الحرب العالمية الثالثة
... بين روسيا وتركيا وأمريكا ومصر والصين ...
خط سكة حديدية بين الكيان الصهيوني والسعودية 
يُهدد الأمن القومي المصري



ليس قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الدولي مع إيران مجرد قرار جديد من قراراته الهوجاء، بل هو قرار محوري في إطار خطة محكمة مدروسة ومكتوبة من أحد أجنحة النظام الأمريكي، إن هذا القرار هو التفجير النووي الحقيقي، هو إشارة البدء لهجوم كاسح على قلب العروبة والاسلام (المعروف بالشرق الأوسط)، ولا يستبعد اللجوء خلاله إلى أي سلاح، والحرب العالمية الثالثة ليست مستبعدة من حسابات هذه الخطة. وهذا هو السبب الحقيقي للجزع الذي أصاب دوائر سياسية أمريكية وكل دوائر أوروبا.. وقبل أن نضع أمامكم الخطة (وهي مكتوبة بالمناسبة) فإنكم لن تستوعبوا ما بها إلا بالتسلسل في العرض، حول طبيعة النظام الأمريكي وعقيدته الحقيقية، وحقيقة الديمقراطية الأمريكية وانقسام المجتمع الأمريكي المزعوم دائما بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بين الفيل والحمار!!
 خدعة الديمقراطية الأمريكية:
 الديمقراطية الأمريكية أكبر خدعة سياسية في العالم، وربما الديمقراطية الأوروبية أكثر مصداقية في علاقاتها بالنموذج النظري للديمقراطية، أما أمريكا فنحن امام أكبر ملهاة وخديعة في التاريخ يتعرض لها الشعب الأمريكي قبل باقي شعوب الأرض. فالطبقة الحاكمة الأمريكية: المجمع الصناعي- العسكري- المالي هو الذي يتحكم في كل القرارات الرئيسية سواء في وجود الحزب الديمقراطي أو الجمهوري في الحكم، وكل المهرجانات الانتخابية فهي فاعليات تحت السيطرة الكاملة للاعلام الأمريكي الرهيب (الذي يتسيده الآن الفضائيات والانترنت)، وكل مدخلات ومخرجات الانتخابات الرئاسية والتشريعية وحكم الولايات وتعيين القضاة تحت التحكم شبه الكامل. ويتم إيهام الشعب الأمريكي انه هو الذي يختار ثم يغير اختياره في انتخابات تالية. وهذا الموضوع يحتاج لدراسة طويلة، وإن كان السوق الأمريكي نفسه به بعض الكتب التي توضح ذلك.
وهذا الموضوع لم يعد خافيا على معظم الشعب الأمريكي وإن كان سلبياً في مواجهته نظراً لانشغال المواطن الأمريكي بالاستهلاك وتحسين سبل العيش، وهذا أيضا جزء من العملية الاستيعابية. معظم الشعب الأمريكي لم يعد يذهب للانتخابات منذ فترة طويلة وتجاوزت نسبة المقاطعة 50% وتصل أحياناً إلى 65% وربما 70% حيث تصل نسبة الحضور أحيانا إلى 30- 33% من الناخبين. كذلك فإن الناخبين أصلاً أي المسجلين في الجداول لا يزيد بحال عن 50% من الذين لهم حق التصويت!! نحن نتحدث عن نجاح الرئيس أو عضو الكونجرس بحوالي 12% من الجمهور الذي له حق التصويت (التفصيل في دراسة مستقلة قريبا ان شاء الله).
 من يحكم أمريكا إذاً؟!
 كما ذكرنا يحكمها المجمع العسكري- الصناعي- المالي- الأمني ويتصور البعض أن المسألة يالنسبة لهذه الطبقة هو استهداف تحقيق الربح المادي فحسب بدون أي أهداف عقائدية. لذلك يروج التحليل السطحي في موقع المتعالم، إن الصناعة العسكرية الأمريكية لا تستهدف إلا تحقيق الربح وبالتالي فهي تسعى لتأجيج الخلافات والحروب في العالم، لترويج السلاح وبيعه وتحقيق أرباح مالية رهيبة، لا يخلو هذا المعنى من صحة، ولكنه ليس الهدف الأول بل هو تابع لأهداف أكبر. فالسيادة الاقتصادية بما في ذلك تحقيق الأرباح الفاحشة من أهداف الاستكبار الأمريكي الأساسية بلا شك. ولكن لو كان الهدف هو مجرد ترويج السلاح باشعال الحروب، لانقلب السحر على الساحر سريعا فليست كل الحروب هي لمصلحة الولايات المتحدة.
لذلك فإن تشجيع هذه الحرب او تلك يتوقف على السياسة العليا للولايات المتحدة أي الهدف الأول.
وما هو الهدف الأول؟ 
تحقيق الهيمنة والسيطرة وسيادة تحالف اليهود والنصارى على العالم. ولذلك فإن استخدام مصطلح الامبريالية صحيح تماماً لأنه يعني السيطرة. فأنا أريد أن أحكم العالم بأسره بحكومة عالمية واحدة، وهل يوجد هدف أكثر إغراء من ذلك.
 إن التحكم في حياة البشر جميعاً: متعة شريرة لا تدانيها أي متعة وقد استخدم القرآن المصطلح الدقيق لذلك (الاستكبار والمستكبرين)، وهو المصطلح الذي يوازي باللغة الأجنبية المعاصرة (الامبريالية والامبرياليين).
فهل كانت متعة فرعون الأولى أن يتم تحضير عشاء لذيذ له كل ليلة، لا شك أنه يتوقع ذلك ويستمتع به، ولكن متعته الأولى التي لا يدانيها متعة أو نشوة هي التحكم في عباد الله جميعا، وأن يسجدوا له وأن يعبدوه من دون الله (أنا ربكم الأعلى)، وهذه متعة لا تدانيها متعة. كذلك النمرود الذي قال لسيدنا ابراهيم (أنا أحيي وأميت)، متعة أن تتصور انك إله (والعياذ بالله) متعة شريرة لا تضاهيها متعة.
ولكن بالتأكيد فإن الألوهية تستلزم كل مظاهر الأبهة الاقتصادية، وتحقيق كل شروط حياة المترفين، من خلال نهب الشعوب، من أجل تحقيق أعلى مستوى من السفاهة الاستهلاكي (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ). ففي ظل هذا النهب غير العادي يمكن لكبار الدولة الأمريكية أن يمتلكوا جزيرة أو جزر، أما الطائرات فهي مجرد سيارات لكل الأولاد أما الطائرة نفسها فهي قصر متحرك (هل رأيتم صوراً لطائرة الرئاسة الأمريكية؟!).
 هذه الهيمنة العامة تحتاج لسيادة اقتصادية وهي غير مرتبطة فحسب بعملية بيع الأسلحة، بل بالسيطرة على موارد الطبيعة (البترول- الغاز- الذهب- الماس...الخ) وكل المقدرات الاقتصادية للعالم، ومن خلال الفوائد الربوية الفاحشة...الخ، كما تحتاج هذه الهيمنة العامة بالأساس إلى سيطرة عسكرية حول العالم، وتحتاج لهيمنة ثقافية تجعل الثقافة الأمريكية هي المرجعية لثقافة شعوب الأرض. (راجع تقرير اليونسكو!!)
 فرض الهيمنة اليهودية - المسيحية:
 لا يمكن لأي جهة في العالم أن تسيطر بدون تصور فكري أو عقائدي، وليس لمجرد تقديم المبرر لهذه السيطرة، بل لأن هذا من قوانين الاجتماع البشري، فلا يمكن لأي مشروع أن ينجح دون أن يقدم مبررات عقائدية له، تضمن ولاء العاملين في المشروع له، وتقدم للآخرين رسالة إيمان، وانهم يمكن أن يدخلوا في هذا المشروع العظيم ولكن تحت بند (العبيد).
وكان النظام الهليني (اليوناني) يقدم مبررات عقائدية دينية وثنية لهيمنة السادة على العبيد. فلابد من إقرار قانون عام أو دستور لضبط علاقات البشر سواء بالخير أو الشر، سواء بالظلم أو العدل.
 العقيدة التي تحكم المجمع الصناعي- العسكري- الأمني- المالي الأمريكي هي عقيدة هيمنة المسيحية الصهيونية، هيمنة اليهود وبروتستانت أمريكا، والمقصود البروتستانت التابعين للكنيسة المعمدانية الجنوبية، ولهم امتدادات في أوروبا الغربية. فحكام امريكا اليوم هم ورثة فرقة البيوريتان من المهاجرين الأوائل من بريطانيا إلى أمريكا، وهي فرقة مسيحية بروتستانتينية متهودة، تميل إلى التوراة أكثر من الانجيل، وتجعل عودة المسيح إلى الأرض في فلسطينن مرتهنا بتجميع يهود العالم في فلسطين، وسيطرة اليهود على القدس، وتدمير المسجد الأقصى، وبناء هيكل سليمان المزعوم. وهذه عقيدة كل رؤساء أمريكا ولكنهم لا يعلنون جميعا هذا الاعتقاد علناً ولكن بعضهم يفعل ذلك مثل: رونالد ريجان وبوش الصغير وترامب!!
 التعددية الأمريكية:
 ليس معنى ذلك أنه لا توجد تعددية في الولايات المتحدة، وأن ما نشاهده في الاعلام الأمريكي مجرد تمثيليات، كلا، اطلاقا، هي معارك سياسية حقيقية، ولكن الخلاف حول ماذا؟ وما هي حدوده؟
هذه هي القضية. العقيدة العامة المشار إليها هي عقيدة الجميع (المسيحية الصهيونية) ومن يعاديها أو لا يتجاوب معها لن يكون له مكان على المسرح السياسي أو الاعلامي.



العلاقة العضوية بين البروتستانت واليهود هي العمود الفقري للنظام الأمريكي ولذلك قيل أن من يحكم أمريكا لابد أن يكون من الواسب (wasp) أي white anglo saxon- protestant أي أبيض انجلو سكسون بروتستانت. (المقصود بالأنجلو سكسون الأصل الانجليزي)- وقد حدث خروج من هذه القاعدة بتولي جون كنيدي رئاسة أمريكا وهو كاثوليكي في الستينيات من القرن العشرين، وعندما أراد الترشح مرة اخرى تم اغتياله من عناصر من داخل الدولة الأمريكية وتصفية أخوه روبرت كنيدي كمرشح محتمل. وأخيراً كان أوباما محاولة ذكية لتأكيد عدم عنصرية النظام الأبيض، وقد حكم فترتين، ولكن كان ذلك مطلوباً لأخذ هدنة بعد هزيمة أمريكا في أفغانستان والعراق. والان فإن ترامب يريد أن يمسح من الوجود اسم أوباما وكل ما أصدره من قرارات، والأمر ليس بعيداً عن العودة الصارمة إلى قاعدة (الواسب) خاصة أن ترامب من أصل اسكوتلندي (أي بريطاني نوعا ما!!) لأن أوباما كسر قاعدة البيض- وقاعدة الأنجلو سكسون ولكنه كان بروتستانت.
 في أمريكا يوجد خلاف بين موقفين أو تيارين داخل المجرى العام للمسيحية- الصهيونية، هناك تيار أكثر تشدداً يجاهر بأهداف الهيمنة الأمريكية ويعلن وجهها المسيحي البروتستانتي- اليهودي ويتخذ خطوات عملية في اتجاه معركة (هرمجدون) أي مجدو، وهي المعركة التي ستجري في فلسطين بين فريق المؤمنين بقيادة المسيح وفريق الكفار المسلمين وربما الروس معهم. وانهم يهيئون لمجيئ المسيح بتأييد اسرائيل بصورة مطلقة، وبتجميع اليهود في فلسطين والاعلان الرسمي للقدس عاصمة لاسرائيل.
الفريق الاخر لا يختلف في العلاقة العضوية بين البروتستانت واليهود ولا العلاقة العقائدية بين أمريكا واسرائيل ويؤمن بطبيعة الحال بضرورة تعزيز السيادة الأمريكية على العالم ولكنه يرى أن الفريق الأول الذي يسمون أحيانا المحافظون الجدد، تيار متهور يستعجل النتائج، مما يؤدي لاضرار خطيرة لأمريكا ولمشروع الهيمنة المسيحي الصهيوني، ويرى ضرورة السير بالهوينا وعدم إفساد الطبخة بإشعال النار أكثر من اللازم تحتها!



وينبع هذا الخلاف بين الفريقين من مصدرين أساسيين:
 (1) طبيعة الخلاف المعروفة بين البشر عموما بين التطرف والاعتدال، بين الاستعجال والامهال، بين النهم وبين الأكل باعتدال لتأكل أكثر!! وهذا ينعكس في المدارس السياسية المختلفة للأحزاب، كالفرق بين حزب الليكود وحزب العمل في اسرائيل، بين التشدد والاعتدال في إطار نفس التوجه الصهيوني العام.
(2) المصدر الثاني هو مدى عمق الاعتقاد الديني فتيار المحافظين الجدد يؤمن حقاً وصدقاً بمعركة هيرمجدون وأنها آتية لا ريب فيها ويحشد حوله من رجال الدين من يؤكد ذلك ويشرحه أما التيار الأقل تطرفاً فيركز على المفهوم السياسي للتحالف اليهودي
- البروتستانتي وهو غير منشغل أو منغمس في الغيبيات، وهو أقرب إلى العلمانية التي تسعى إلى ايجاد فاصل ما بين الدين والسياسة. 
كذلك فإن بعض البروتستانت واليهود يرون أن عودة المسيح مسألة روحية سماوية بحتة لا دخل للانسان فيها، ولا دور له في التحضير لها عسكرياً. 
* (بالنسبة لليهود المسيح سيأتي لأول مرة لأنهم لا يعترفون بالمسيح الأصلي!!) أما المتطرفون فيسمون بالمدرسة التدبيرية أي أنهم يدبرون لعودة المسيح من خلال الاعداد المباشر بحشد اليهود في فلسطين خاصة في القدس.
وماذا عن الخلاف بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي؟
 الحقيقة أن هذا الخلاف العقائدي يتم تلبيسه في مسألة الحزبين: الديمقراطي والجمهوري فيبدو أن الحزب الجمهوري هو الحزب المتشدد في مشروع إقامة النظام العالمي الجديد الذي يحكمه البروتستانت واليهود، وأن الحزب الديمقراطي هو الذي يمثل التيار الأقل تشدداً. (لاحظ أن كثير من السياسيين الأمريكيين ينتقلون بحرية بين الحزبين!!) وبالفعل فإن الحزب الجمهوري هو الذي خاض أهم الحروب، وهو المجاهر بالمشروع الصهيوني المسيحي في فلسطين والعالم. الحزب الجمهوري هو الذي صعد حرب فيتنام (نيكسون) وقام بغزو العراق وأفغانستان (بوش الأكبر ثم الأصغر)، ورؤساء جمهوريين هم الذين تحدثوا بصراحة عن معركة هرمجدون بقيادة المسيح.. رونالد ريجان- أو بوش الصغير الذي تحدث عن إحياء الحرب الصليبية، والتصدي ليأجوج ومأجوج في العراق، وانه يلتقي بالمسيح في البيت الأبيض. والحزب الجمهوري هو الذي عقد ائتلافاً رسمياً مع الائتلاف المسيحي الذي يوضح الأهداف العقائدية للكنيسة المعمدانية الجنوبية ويشتركان معاً في انتخابات الرئاسة الأمريكية. ولكن الحزب الديمقراطي يسير في نفس الاتجاه.. ولكن باعتدال أكثر، ويتحدث كلينتون رغم علمانيته وعدم تدينه بل وانحلاله أخلاقيا، عن انه عندما كان صغيراً فإن قساً أوصاه خيراً بإسرائيل: كذلك فإن الحزب الديمقراطي لا يكف عن القتال على كل الجبهات:
 فحصار العراق الخانق استمر في عهد كلينتون، وكذلك العدوان على الصومال، وعندما سئلت وزيرة خارجية كلينتون (مادلين اولبرايت) عن تعليقها على مقتل ثلاثة أرباع مليون طفل عراقي بسبب الحصار وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، ردت: أن الأمر يستحق ذلك! (أي أن اسقاط نظام صدام حسين يستحق ذلك!!).
أما أوباما فشارك في قتل أكثر من 50 ألف باكستاني بالطائرات بدون طيار، بالاضافة لما حدث في أفغانستان والصومال واليمن وغيرها. غاية ما هنالك أن الصراع ليس في حقيقة الأمر بين الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. ولكن بين هذين الاتجاهين في المؤسسة الحاكمة أي بين التيار الأكثر تشدداً والأقل تشدداً. ثم يتم استخدام أحد الحزبين في كل مرحلة من المراحل لتحقيق الأهداف التي تم الاتفاق عليها. فإذا أرادت المؤسسة الحاكمة the establishmentأي الطبقة العسكرية الصناعية المالية الأمنية التصعيد في الصراع الدولي تدفع بالحزب الجمهوري لينجح في الرئاسة والكونجرس. وإذا أرادت التهادن أو التراجع دفعت بالحزب الديمقراطي.
... قصــة ترامب ...
 وهنا تتضح القصة الحقيقية لترامب لأن قصته كشفت اللعبة تماماً، لأن المؤسسة الحاكمة دمرت الحزب الجمهوري من أجل تمرير هذا الشخص العجيب، فكان الحزب الجمهوري العتيد مجرد أداة في يد المؤسسة الحاكمة لتمرير ترامب الذي كان مقرراً له هذا الدور الذي يقوم به. وليس معنى هذا أن المؤسسة الحاكمة تكون مجمعة على القرار، ولكن الاتجاه الأكثر تشدداً يتمكن من تمرير قراره استناداً للتطورات والظروف المحيطة. وبذلك يكون ترامب قادراً على الاستمرار في الحكم بقدر ما يقوم به من أدوار أنيطت به بالفعل. وعندما يستنفد الغرض منه أو ربما إذا فشل السيناريو، يتم التسريع بمسألة محاكمة ترامب والاطاحة به أو على الأقل لا يجدد له فترة رئاسية ثانية. قرار المؤسسة الحاكمة يكون عبر عملية تشاور معقدة للغاية بين عدة أجهزة وجهات أمنية وعسكرية ومالية وصناعية، والقرار لا يكون بالاجماع ولكن بالترجيح. لذلك فإن المعارضين لترامب يعارضون بصورة حقيقية ومريرة، حرصاً على المصالح الأمريكية من وجهة نظرهم. إذن ماهو القرار الذي كان خلف الدفع بترامب وانجاحه؟ هذه المؤسسة الحاكمة تدرك أكثر مننا جميعا حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أمريكا، فأمريكا أكبر شحاذ في العالم: الديون في تصاعد، والعجز التجاري في تصاعد.. وعجز الميزانية في تصاعد. 
القوة العسكرية الضخمة للولايات المتحدة هي التي تستر وتتستر على هذا التدهور، فأمريكا تستخدمها كبلطجي- لإرهاب الآخرين لتمرير شروطها الاقتصادية، ولكن القوة العسكرية الضخمة تستنزف الاقتصاد الأمريكي وتزيده ضعفا، والولايات المتحدة أكثر دولة في العالم تطبع عملتها لتغطية موقفها وهذا أخطر ما يهدد هذه العملة بل ويهدد الاقتصاد الأمريكي (القيمة الحقيقية للدولار هي 10 سنتات أي العُشر).
وفي نفس الوقت فإن القوة العسكرية الروسية تصعد، والقوة الصينية تكتسح، والقوة الهندية تصعد، وأوروبا الموحدة تسبق امريكا في بعض المؤشرات الاقتصادية، كالنصيب في التجارة العالمية. وهناك اقتصادات ناشئة في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا، وهناك القوة الألمانية لوحدها كقوة اقتصادية بازغة. وترى أمريكا أنها تهبط من موقع رئيس إدارة العالم إلى مجرد عضو في مجلس إدارة العالم ( وهذا التعبير لهننري كيسنجر اليهودي- المخابراتي الأمريكي وهو من أهم مفكري المخابرات الأمريكية CIA، وكان وزير خارجية في عهد نيكسون، وكان يحكم أمريكا فعلاً في أيام ضعف ريتشارد نيكسون الأخيرة قبل استقالته، وهو وراء محادثات السلام مع فيتنام والتطبيع مع الصين، والسلام بين السادات واسرائيل). وإذا تركت أمريكا نفسها للتطورات الطبيعية فهي في حالة هبوط مستمر لا محالة (راجع دراسات بول كنيدي)، لذلك رأت المؤسسة الحاكمة الأمريكية أنه لابد من استخدام نقطة القوة الأساسية الآن لدى أمريكا وهي القوة المسلحة للحيلولة دون حدوث هذا الهبوط.
وتوجيه ضربة قاصمة لكل القوى الصاعدة التي أصبحت تهدد نفوذ الولايات المتحدة. وكل من يفهم ألف باء الاستراتيجية يعلم أن النفوذ على العالم يُحسم هنا في الشرق الأوسط/ مركز العالم. وصلت التحليلات في بلادنا إلى حالة مروعة من السطحية، فما اكثر خبراء الاستراتيجية ومحللي السياسة الذين قالوا وكتبوا، ان ترامب مجرد تاجر لا يفكر إلا في الربح والخسارة.
وأنه نجح في انتخابات الرئاسة بضربة حظ، وانه أحمق لا يفهم في السياسة، والواقع ان من يقول ذلك هو الذي لا يفهم في السياسة، وإليك أمثلة من قرارات ترامب المدروسة من وجهة نظر أمريكية أصابها الفزع من التراجع الاقتصادي:
 (1) الانسحاب من اتفاقية المناخ ليس إلا هروبا من التكاليف الاقتصادية الرهيبة التي تتحملها امريكا من هذه المعاهدة بلا عائد، خاصة وهي من اكثر الدول المؤثرة على حالة الأوزون بسبب الانبعاث الحراري.
 (2) الحملة على المهاجرين المكسيك وامريكا اللاتينية وأغلب المهاجرين الفقراء، سببها أن امريكا لم تعد تحتمل هذه الملايين الاضافية من الناحية الاقتصادية، وأنها لا تريد الا مهاجرين من نوعية خاصة.
 (3) الانسحاب من اتفاق المحيط الهادي والتهديد بالانسحاب من النافتا أيضا بسبب خسائر أمريكا الاقتصادية في هذه الاتفاقات لأنها هي الطرف الخاسر فيها.
 (4) الحرب التجارية على أوروبا والصين لأن أمريكا هي الطرف الخاسر في المعادلة التجارية، واستمرار كل هذه المؤشرات يعني استمرار سقوط امريكا تدريجيا في القاع.
 (5) اعلان الحرب على المهاجرين المسلمين بشكل خاص ومنع المسلمين من 7 دول اسلامية من دخول الولايات المتحدة، والحرب على المسلمين جوهر مشروع هيمنة أمريكا المسيحية الصهيونية.
 (6) مطالبة الأوروبيين بدفع تكاليف الدفاع أيضا لنفس السبب، فامريكا لا تريد أن تستمر في تحمل أعباء الدفاع عن أوروبا من الناحية المالية، ولم يعد بقدرتها، بل هي تعاني من مشكلات جمة في تجديد حاملات الطائرات مثلا.



وهذه مجرد أمثلة من برنامج ترامب الذي بدأ ينفذه فعلاً. ترامب يمثل دور الرئيس "غير الخبير" في السياسة، ولكن ماذا تصنع أمريكا؟ انتخبه الشعب وهذه هي الديمقراطية!! ان ترامب يمثل دور "العبيط" وهو ليس بالعبيط، دور "الساذج" وهو ليس بساذج، هو يعرف ماذا يعمل من أجل مصالح أمريكا، والمؤسسة الحاكمة- الأمريكية تعلم ماذا يفعل؟ (الشباب لا يعرف أن الرئيس رونالد ريجان كان مجرد ممثل فاشل في هوليود يظهر في أدوار ثانوية في أفلام قليلة. فمن الذي جاء به ولمعه وجعله رئيساً لأمريكا لدورتين. وهو الذي قصف ليبيا وحاول اغتيال القذافي 1980) وهو الذي قال أن السلاح النووي حان وقت استخدامه في معركة هرمجدون بفلسطين.
 (7) الحرب العالمية الثالثة: ومن ضمن خطة الاستعانة بترامب: تعزيز المشروع المسيحي الصهيوني والاعداد لهرمجدون، ونقل السفارة الأمريكية للقدس ليس قراراً عبيطاً أو غير مدروس كما يكتب البعض.
ثم اختار سفير أمريكي يهودي لإسرائيل وأخيراً استلم صورة للقدس من جمعية يهودية لا يوجد بها المسجد الأقصى.. بل يوجد بها هيكل سليمان. ترامب ابنته تهودت، وتزوجت اليهودي كوشنر وهما المساعدان الرئيسيان لترامب خاصة في الشرق الأوسط، لقد حان وقت العمل.. حان وقت الجد.. ونحن نيام.. لقد كان قرار الانسحاب من الاتفاق النووي من ايران ضربة بداية الحرب. 
 والآن اقرأوا ماذا قال هنري كيسنجر (المشار إليه آنفا) في يوليو 2016 لصحيفة "ديلي سكيب" أي قبل تولي ترامب السلطة بشهور؟!
 {ان الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب، وايران ستكون هي ضربة البداية في تلك الحرب.. لقد أبلغنا الجيش الأمريكي أننا مضطرون لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظراً لأهميتها الاستراتيجية لنا، خصوصاً انها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى ولم يبق إلا خطوة واحدة، وهي ضرب ايران} ويضيف كيسنجر: {عندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتهما سيكون الانفجار الكبير والحرب الكبرى قد قامت. ولن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي اسرائيل وأمريكا، وسيكون على اسرائيل خلالها القتال بكل ما أوتيت من قوة ومن سلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط. ان طبول الحرب تدق بالفعل في الشرق الأوسط والأصم هو فقط من لا يسمعها.
وإذا سارت الأمور كما ينبغي فسوف تسيطر اسرائيل على نصف منطقة الشرق الأوسط} ويضيف { لقد تلقى الشباب الأمريكي تدريبات جيدة على القتال خلال السنوات العشر الأخيرة وعندما ستصدر إليهم الأوامر بالخروج إلى الشوارع لمحاربة تلك الذقون المجنونة فسوف يطيعون الأوامر ويحولون المسلمين إلى رماد}.
 ثم ينتهي بهذه القنبلة المدوية ليكشف الغطاء عن الحكومة الخفية.. {سوف تتمكن أمريكا الماسونية - هذا نص تعبيرات كيسنجر - من بناء مجتمع عالمي جديد لن يكون فيه مكان سوى لحكومة واحدة تتمتع بالقوة الخارقة}. الحديث يطول ولكن يحسن أن ننتهي بهذه الجرعة المخيفة من المعلومات، ولكن مع إضافة قنبلة أخيرة..
 ** كيسنجر اليهودي عمره الان 92 عاما، وهو لا يتحدث باسم نفسه ولكن باسم المؤسسة الحاكمة الأمريكية، وهو جمهوري، وهو وثيق الصلة بترامب وكان مستشاراَ له طوال الحملة الانتخابية ولا يزال.
ويوجد رقم هاتف محمول خاص بين دونالد ترامب وكيسنجر ليستطيعا التشاور في أي وقت والالتقاء في أي وقت. 
وكوشنر زوج بنت ترامب اليهودي ومستشاره للشرق الأوسط من تلامذة كيسنجر. 
وهنري كيسنجر له مؤلفات عديدة يمكن الرجوع إليها ومذكرات. وكان مسئولاً عن الأمن القومي الأمريكي في عهد ريتشارد نيكسون وهو أصلا أستاذ جامعي. 
وظل دائما من أعمدة الأمن القومي المخابرات الأمريكي. فهل يفيق الناس ليتصدوا للحملة السعودية على ايران باعتبارها من أدوات الاعداد لهذه الحرب الهوجاء التي تهدد أمة العرب والمسلمين.
خط سكة حديدية بين الكيان الصهيوني والسعودية 
يُهدد الأمن القومي المصري



ليست هناك تعليقات: