الثلاثاء، 8 مايو 2018

لماذا تمتلئ خطب الجنرال بالفوبيا والخوف والتهديدات؟



لمـاذا تمتلئ خطب الجنـرال بالفوبيــا والخـوف والتهـديدات؟


كعادة خطبه باستمرار، تمتلئ أحاديث الجنرال عبدالفتاح السيسي زعيم الانقلاب العسكري، بالفوبيا والخوف أو التهديد والوعيد؛ فالجنرال يريد للشعب أن يظل في دائرة الخوف المستمر والتهديد المتواصل في ظل تلاشي الحديث عن المستقبل الذي بات مجهولا ومفتوحا على كل الاحتمالات السلبية والسيناريوهات الفوضوية . 
 في ظل انعدام حالة اليقين وتسلل الشكوك حول قدرة نظام العسكر على تخطي التحديات، لا يجد الجنرال في سبيله لتكريس حكمه الاستبدادي إلا الحديث عن الخوف والرعب من انهيار الدولة بدلا من الحديث عن المستقبل والتنمية. 
 كل هذه السمات تجلت بوضوح في حديث الجنرال أول أمس السبت 28 أبريل 2018 خلال حضوره في الندة التثقيفية الـ28 للقوات المسلحة، فقد حرص الجنرال على توجيه رسائله للشعب عبر الحديث للجيش وعدم الحديث مباشرة للشعب، وهو ما يعكس ترك الجنرال لوزارة الدفاع شكليا فقط ولا يزال يديرها هو ورئيس مكتبه الحالي والسابق في وزارة الدفاع، وهو ما يظهر في صورة انعدام الكاريزما عند صدقي صبحي الذي يقتصر دوره على التصفيق بحرارة على اي كلام يقوله حتى لو كان غير مفهوم؛ ربما في سبيل دفع شكوك الجنرال ومخاوفه من تورط صبحي في انقلاب محتمل.
 حديث الجنرال أمس حمل رسالة عتاب غير مفهومة بقوله «نأكل بعض ونموت بعض ونكسر بعض»، فالعبارة بهذا الشكل تحمل اتهامات للجميع بما فيه الجنرال نفسه ومؤسسته التي سفكت دماء الآلاف من الأبرياء وتسبب أيضا بقتل الآلاف من أبناء المؤسسة العسكرية والأمنية في معركة تكريس حكمه الاستبدادي، بعد أن مزق النسيج المجتمي وقاد انقلابا دمويا ؛ ستبقى تداعياته الكارثية على مصر لعقود طويلة.
 فالنتائج السلبية لانقلاب السيسي على المسار الديمقراطي أكثر كارثية على الأمة من النتائج المؤلمة التي أفضت إليها هزيمة 5 يونيو 1967م؛ فهزيمة يونيو ترتب عليها احتلال الصهاينة للقدس وسيناء والجولان، وضعف الأمة العربية لكنها بقيت تمتلك مشاعر المواجهة وعدم الاستسلام؛ أما انقلاب السيسي إذا تواصل فإنه سوف يفضي إلى هيمنة وسطوة النفوذ الصهيوني على كل مفاصل الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، واستسلام النظم للمشروع الصيهيو أمريكي وإكراه الشعوب على هذه الهزيمة المرة والتنكيل بكل مواقع المقاومة وروح التحدي بدعم سعودي إماراتي سخي لا يستهدف سوى تكريس نظم الحكم السلطوية في الخليج على حساب الأمة شعبا وأرضا وعقيدة وحضارة.
 السيسي قال في رسالة حادة للمصريين: “إزاي تاكلوا وتكسروا وتموتوا بعضكم؟”، ونسي أنه هو السبب في هذا الانقسام داخل الشعب هو ونظامه وجنرالاته وشرطته وقضائه أصحاب نظرية “احنا شعب وانتوا شعب”.. فهو الذي قتل المتظاهرين ويأمر بالتصفية الجسدية بلا محاكمات، واعلامه حرض علي قتل المصريين المعارضين ويعطي تعليمات بالتليفون لقضاه مرتشين للحكم بإعدام المعارضين.
- الجنرال هو الذي يرفع رواتب الوزراء ويرفض أحكام قضائية بزيادة المعاشات ويفرض الضرائب على الشعب، وينفق أموال الشعب على مشاريع الأثرياء وينهب أراضي الفقراء في ماسبيرو والوراق، وغيرها.
- الجنرال كذلك، قال إن التحدي الذي يواجه المصريين داخليا (وهو الحفاظ على تماسك الدولة) وليس خارجيا، ولم يقل ما هو هذا التحدي الداخلي، بينما العقبة الرئيسيّة الآن أمام تماسك الدولة المصرية هي حكم الفرد الديكتاتور، الذي أهدر تماسك أهم ركائز الدولة؛ وأهدر القانون واستقلال لقضاء، بل والدستور الذي وضعه لنفسه، وأشعل الصراعات داخل وبين الأجهزة الأمنية لصالح حكم الفرد، وقضي علي هامش حرية الاعلام والمجتمع المدني، وألغي عمليا الانتخابات.
ثم لماذا يتحدث الجنرال والحضور يجلسون خلفه لا أمامه؟، ولماذا لا يقف وهو يوجه حديثه للشعب ويخاطبه إلا إذ كان لا يقيم اعتبارا له ويعتبر ان خطبه موجهه للجيش والمنافقين حوله فقط؟ .
 السيسي يقول إن التحدي الذي يواجه مصر “داخلي” لا “خارجي”، فهل يعترف بذلك أن إسطوانة التدخل الخارجي في شئون مصر والتأمر على مصر التي يروجها إعلام المخابرات وبطانته هي أكذوبة كبري؟، ولماذا صفق له من حوله حين قال من قبل انه تحدي خارجي وصفقوا له حين قال أنه تحدي داخلي؟!

 التمهيد لصفقة القرن 
قائد الانقلاب يروج دائما لأن “السلام مع (اسرائيل) في وجدان المصريين”، وهو ما سبق أن قاله خلال حملته الانتخابية الاولى عام 2014 حين قال إن “معاهدة السلام استقرت في وجدان المصريين”، ليرسخ في عقيدة قادة الجيش أن تل ابيب “صديق” ويبرر تامره معها ويحول وظيفة الجيش للدفاع عن النظام وقمع الشعب والعمل ببيزنس الجيش.
 فهل يمهد الجنرال لتنازلات مؤلمة في سيناء في إطار صفقة القرن المشبوهة تحت لافتة “السلام المزعوم”؟!
 فالحقيقة التي يحاول السيسي ليَّ عنقها هي أن الوعي والوجدان الثابت والمستقر لدى الشعب المصري هو انه يكره (اسرائيل) ويعاديها ويرفض السلام والتطبيع معها، ويعشق فلسطين ويفخر بشعبها ويمجد مقاومتها التي لم تتوقف منذ قرن من الزمان، ويترحم على شهدائها، ويشفق على الشعب الفلسطيني لأنه يقف وحيدا، بعد ان تخلت عنه الانظمة العربية السلطوية، في مواجهة ماكينة القتل الصهيونية المدعومة بترسانة السلاح الأمريكي ويشعر بالذنب لأنه يقف عاجزا عن دعم ونصرة فلسطين، ويتمنى ان يشارك بجيشه في تحرير القدس وفلسطين لكن الحكام الظالمين يقفون عقبة كؤودا أمام تطلعات الشعب نحو التحرر والاستقلال.
 فإشادة الجنرال بالرئيس الأسبق أنور السادات ربما تمهد كذلك لمفاجأة سيقوم بإنجازها مع الكيان الصهيوني على غرار معاهدة السادات للسلام مع الصهاينة وزيارته للقدس وفي حالة السيسي ربما تكون المفاجأة هي إنجاز صفقة القرن أو غيرها من الكوارث.




ليست هناك تعليقات: